قال العلامة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله :
قوله تعالى: { إني جاعل في الأرض خليفة }؛ خليفة يخلف الله؛ أو يخلف من سبقه؛ أو يخلف بعضهم بعضاً يتناسلون . على أقوال:.
أما الأول: فيحتمل أن الله أراد من هذه الخليقة . آدم، وبنيه . أن يجعل منهم الخلفاء يخلفون الله تعالى في عباده بإبلاغ شريعته، والدعوة إليها، والحكم بين عباده؛ لا عن جهل بالله سبحانه وتعالى . وحاشاه من ذلك، ولا عن عجز؛ ولكنه يمنّ على من يشاء من عباده، كما قال تعالى: {يا داوود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس} [ص: 26] : هو خليفة يخلف الله عزّ وجلّ في الحكم بين عباده..
والثاني: أنهم يخلفون من سبقهم؛ لأن الأرض كانت معمورة قبل آدم؛ وعلى هذا الاحتمال تكون { خليفة } هنا بمعنى الفاعل؛ وعلى الأول بمعنى المفعول..
والثالث: أنه يخلف بعضهم بعضاً؛ بمعنى: أنهم يتناسلون: هذا يموت، وهذا يحيى؛ وعلى هذا التفسير تكون { خليفة } صالحة لاسم الفاعل، واسم المفعول..
كل هذا محتمل؛ وكل هذا واقع؛ لكن قول الملائكة: { أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء } يرجح أنهم خليفة لمن سبقهم، وأنه كان على الأرض مخلوقات قبل ذلك تسفك الدماء، وتفسد فيها، فسألت الملائكة ربها عزّ وجلّ: { أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء } كما فعل من قبلهم . واستفهام الملائكة للاستطلاع، والاستعلام، وليس للاعتراض؛ قال تعالى: { إني أعلم ما لا تعلمون } يعني: وستتغير الحال؛ ولا تكون كالتي سبقت..
من تفسير سورة البقرة للشيخ 0
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته .....
الأخ حميد مشاركة مفيدة جداً ...