عرض مشاركة واحدة
قديم 08-18-2009, 01:00 AM رقم المشاركة : 109
معلومات العضو
باحث في التوثيق العثماني ومؤلف
إحصائية العضو







د. سهيل صابان غير متواجد حالياً


افتراضي

((2))
خواتيم الوثائق :
1 - تنتهي الوثيقة - على الأغلب – بعبارة: امر وفرمان حضرة من لـه الامرندر([1]) (أي الأمر والفرمان لحضرة من لـه اللطف والإحسان). وهو أسلوب مؤدب جداً في تقدير الجهة المرفوع إليها الخطاب، أو من جهة أدنى إلى جهة أعلى.. كما أنه يعكس في الوقت ذاته الاهتمام الذي يحظى به السلطان العثماني في المراسلات الرسمية أو حتى من المواطنين. فهذا هو الاستخدام الأغلب في كل المراسلات الرسمية؛ إلا إذا كان هناك عبارة زائدة عليها قليلاً. مثل قاطبة وفي كل الأحوال، وهذا أقل استخداماً من الأول ([2]). ومما يجدر ذكره هنا أن الصدر الأعظم إذا أرسل مراسلة إلى أمير مكة المكرمة، فإنه يختمها في الغالب الأعم بتلك العبارة " امر وفرمان حضرة من لـه الامرندر"؛ بخالف مخاطباته لولاية الحجاز، التي تخلو في العادة من تلك العبارة. وهذا يدل على المكانة التي حظي بها أشراف مكة المكرمة لدى الباب العالي، تفوق مكانة والي الحجاز. على الرغم من أن الوالي في الأصل أعلى منصباً إدارياً من شريف مكة.
أما إذا كان المخاطَب في الخطاب هو السلطانَ نفسَه – وتدل الوثائق على أن الصدر الأعظم هو الشخص الوحيد تقريباً الذي كان يخاطب السلطان، وكل الخطابات المرفوعة إلى السلطان ترفع عن طريقه وبمذكرة منه، ملخصة بالموضوع المعروض على السلطان -، فلا تستخدم فيها هذه العبارة. وبدلاً منها تستخدم عبارة "..ترقيم قلندي (أي تم تسجيلها، بمعنى: أن الموضوع المعروض، عبارة عما تم تقديمه إلى جنابكم) ([3]).
2 – التاريخ : ويأتي بعد العبارة السابقة مباشرة، دون أي فاصل. وهناك أربع طرق في استخدام التاريخ:
أ – استخدام التاريخ الهجري وحده. وهو الغالب على وثائق الفترة الأولى من العهد العثماني، وقسم لا بأس به من وثائق الفترة الأخيرة. وكل الدفاتر (دفاتر المهمة، ودفاتر العينيات، ودفاتر الصادر والوارد للولايات... إلخ) يعتمد على هذا التاريخ الهجري وحده ([4]). إلا أن قسماً من دفاتر العينيات وفي الفترة الأخيرة من الحكم العثماني اشتمل على التاريخ الرومي بجانب التاريخ الهجري.
ب – استخدام التاريخ الهجري مع التاريخ الرومي ([5]) . وهو الأغلب استخدامًا في مراسلات الفترة الأخيرة من تاريخ الدولة العثمانية. ومما يجدر ذكره هنا أن جميع المراسلات الصادرة من الصدارة العظمى، أو المرفوعة منها إلى السلطان العثماني – على الأغلب – تحوي التاريخين الهجري والرومي في ديباجته ([6]) .
ج – استخدام التاريخ الرومي وحده. ولا سيما في الفترة الأخيرة من عهد الدولة العثمانية . حيث توجد هناك مراسلات، دوّن فيها التاريخ الرومي وحده. وقد لاحظ الباحث هذا التوجه: استخدام التاريخ الرومي وحده لدى مسؤولين في الدولة العثمانية، عُرفوا فيما بعد بالمسلك التغريبي ([7]).
ولابد من الإشارة هنا إلى طريقة في تحويل التاريخ الرومي إلى التاريخ الميلادي. وذلك بإضافة 13 يوماً على الشهر و584 سنة على السنة فتظهر النتيجة صحيحة. مثل: 13 شباط/فبراير + 13 يوماً = 26 يوماً. 1325 + 584 = 1909. وبما أن الشهر هو شباط/فبراير فإن العام في هذه الحالة يصبح 1910م، وليس 1909م؛ لأن بداية شهر السنة الرومية هي شهر مارس.
د – استخدام التاريخ الميلادي وحده. وذلك في أواخر عهد الدولة العثمانية. وهو قليل جداً. وذلك مثل المراسلات الواردة من سفارات الدولة العثمانية في الخارج. منها على سبيل التمثيل: مراسلات سفير الدولة العثمانية في لندن "حقي باشا" ([8]).
وفيما يخص التاريخ الهجري فالمتبع أن يذكر اليوم برقمه مثل 9، والشهر باستخدام الحرف الأول، أو الأول والثاني منه، فالسنة بذكر ثلاثة أرقام في معظم الأحيان، ورقمين في بعضها. مثل 331، بدون ذكر الألف. أي أن السنة هي 1331هـ. وهذه القاعدة ليست مطردة؛ وإنما عامة. إذ إن هناك بعض الوثائق استخدم فيها تاريخ السنة كاملاً: 1333.([9]) وهي قليلة جداً.
أما الشهر، فيذكر الحرف الأول من الشهور العربية في الغالب، إن لم يكن هناك شهر قبل ذلك استخدم فيه هذا الحرف. وهي:
م: المحرم ص: صفر را: ربيع الأول ر: ربيع الثاني جا: جمادى الأولى
ج: جمادى الآخرة ب: رجب ش: شعبان ن: رمضان
ل: شوال ذا: ذو القعدة ذ: ذو الحجة.
ومما يجدر ذكره هنا أنه يصادف في بعض الوثائق الخاصة بدفع رواتب أفراد الجيش المعروفة بـ المواجب، يعني الرواتب، ذكر شهور ثلاثة متتالية معاً في كلمة واحدة اختصاراً. وهي: مصر: محرم، صفر، ربيع الأول. رجج: ربيع الثاني، جمادى الأولى، جمادى الآخرة. بشن: رجب، شعبان، رمضان. لذذ: شوال، ذو القعدة، ذو الحجة. وأصبحت هذه الاختصارات الدالة على ثلاثة أشهر، شائعة؛ بناءً على أن رواتب أفراد الجيش - في العادة - كانت تصرف لهم مرة في كل ثلاثة أشهر..
ولا بد من الإشارة هنا أيضاً إلى أن اليوم الأول من الشهر يذكر "غرة" كذا. وإذا كان آخر يوم في الشهر يذكر "سلخ" كذا، كما هو الأصل في التواريخ العربية القديمة. ويذكر أحياناً صفة لبعض الشهور العربية. مثل: محرم الحرام، وصفر الخير، ورجب المرجب، ورمضان المبارك... إلخ.
وهناك بعض الوثائق، وخاصة البرقيات المشفرة تهتم بإيراد الساعة أيضاً. وهذا يدل على الاهتمام البالغ بتدوين الوقت. كما في برقية مشفرة وردت إلى إستانبول من البصرة. حيث أشير فيها إلى أنها أرسلت في الساعة الثالثة وخمس عشرة دقيقة ليلاً من يوم 25 نيسان من عام 1330. ووصلت في الساعة العاشرة والربع من اليوم الثاني ([10]).
3 - لقب الشخص المصدِّر للخطاب أي منصبه، أو اسمه أو توقيعه أو ختمه :
فلقب الشخص يذكر في أسفل الجانب الأيسر من الوثيقة. مثل: والي ولاية بغداد، واسمه على شكل توقيع، أو توقيعه الحقيقي، أو اسمه في داخل ختم ([11]).
وقد يذكر اسم الشخص دون اللقب، إذا كان مشهوراً. مثل مدحت، وذلك بعد ذكر: والي ولاية بغداد.
كما أنه يذكر في معظم المراسلات الموجهة من أمراء الجزيرة العربية الذين كانت لهم صلات مباشرة مع الدولة العثمانية، عبارات تلطيفية تقديرية: مثل: المخلص([12])، محبك، خادم الخلافة الإسلامية، الداعي..([13]) .
4 - الختم المستخدم في آخر الوثيقة، بعد اسم صاحب الخطاب مباشرة ([14]) .
فقد يأتي الختم بعد الاسم مباشرة، وخاصة إذا كان المخاطِب والياً أو متصرفاً أو أميراً. مثل عبد العزيز بن سعود، ثم الختم.
وإذا كان الخطاب أو التقرير مرسلاً من شخصين أو أكثر فيوجد ختم كل واحد بعد اسمه مباشرة([15]). وهنا لابد من الإشارة إلى وجود المحاضر الكثيرة التي أرسلت من المدينة المنورة والأحساء وغيرهما من المناطق إلى الباب العالي، وقد ضمت عشرات الأختام مع أسماء أصحابها. وهي في العادة ترفع الشكوى ضد أحد الإداريين، أو طلب في تأسيس أو إنشاء مشروع تعليمي..إلخ
كما أن هناك بعض الأشخاص استخدموا الطابع بدلاً من الختم الرسمي للدولة ([16]) .
وهناك بعض الأختام التي وجدتُها على بعض الخطابات العربية في الأرشيف العثماني. ومن الأمور الطريفة التي يجدر ذكرها في هذا الصدد أنواع الأختام المستخدمة في مثل هذه الخطابات العربية. فعلى الرغم من أن معظم الأختام الموجودة على تلك الخطابات تحوي فقط اسم صاحب الخطاب، مجرداً من الأوصاف والألقاب، إلا أن هناك العديد من الأختام التي تحوي آيات قرآنية كريمة، فيها اسم صاحب الخطاب. من ذلك:
- قـولـه تعالى: ] قال إني عبد الله[[سورة مريم:30] استخدمه الشريف عبدالله ابن محمد بن عون، أمير مكة المكرمة ([17]) .
- قولـه تعالـى: ] سلام على إبراهيم[[سورة الصافات: 109] استخدمه إبراهيم بن محمد علي باشا ([18]) .
- قولـه تعالى: ] قلنا يا نار كوني برداً وسلاماً على إبراهيم [ [سورة الأنبياء: 69] استخدمه إمام وخطيب الحرم المكي الشريف.
ومنها الدعاء المسجوع : "ربِّ ساعد الشريف غالب بن مساعد". استخدمه أمير مكة المكرمة الشريف غالب بن مساعد.
ومنها الدعاء المسجوع أيضاً: "الراجي عفو ربه الغفور يحيى بن سرور"([19]) ، استخدمه أمير مكة المكرمة الشريف يحيى بن سرور عام 1230هـ.
ومن هذا النمط أيضاً : "فليوفَّق لعمل الخير". استخدمه داود باشا [شيخ الحرم ومحافظ المدينة المنورة]([20]).
ومنه أيضاً : "ربِّ وفق عبدك محمد بن الحسن". استخدمه شيخ خطباء الحرم المدني محمد بن الحسن([21]).
ومنه كذلك "ربنا الله المعين، عبده محمد أمين" المستخدم من لدن صاحبه محمد أمين في عام 1285هـ ([22]).
ومنه أيضاً "عبد الله بن أحمد، الواثق بالصمد" ([23]).
ومنه ختم محافظ مكة المكرمة حسن باشا عام 1231هـ "ما رآه المؤمنون حسناً فهو عند الله حسن".([24]).
ومنه أيضاً "المحب الودود عبد الله بن فيصل آل سعود" ([25]).
- ومنه كذلك "يا غافر الذنب سرعة، اغفر لعبدك جمعة"([26]).
- ومنه دعاء باللغة التركية "خَيرْ لَه ختم أولـه، محمد أمين"([27])، أي اختم بالخير لمحمد أمين. ويبدو أنه كان مدير أعمال والي الشام في إستانبول.
وأعرض الآن نموذجاً من الخطابات العربية المحفوظة بالأرشيف العثماني، وهو الخطاب الذي بعث به الملك عبد العزيز إلى والي ولاية البصرة سليمان شفيق باشا.([28]).
ويلاحظ فيه عدة أمور:
1 - أن الخطاب وعلى الرغم من أنه أرسل بالشفرة إلى إستانبول، فقد دوّن كما هو باللغة العربية. وهذا يدل على أن الترجمة لتلك المراسلات العربية كانت تتم في إستانبول.
2 - أن البدء ببسم الله. ويلاحظ هنا أن الكاتب الذي نقل الشفرة على الورق كتب الحرف الأول بدلاً من لفظ الجلالة. وقد تكرر ذلك في السطر الأخير أيضاً.
3 - أنه ختم الخطاب بالسلام مع لفظ "أمير نجد"، بدلاً من ألفاظ التمجيد والتبجيل.

وإذا كان الخطاب المرفوع من مجلس الوكلاء (الوزراء) إلى الصدر الأعظم محضراً مخصوصاً، يوجد تحت كل اسم من الأسماء الحاضرة للمجلس ختم صاحبه. وهذا الأمر ينطبق على مجالس إدارات الولايات والمتصرفيات والأقضية. كما هو متبع كذلك في المعروضات المرفوعة من شخصيات كثيرة في منطقة معينة؛ ليكون أقوى في الاستجابة للطلب المرفوع بشأنه الخطاب، كما سبق أن أتينا بنماذج من ذلك قبل قليل.
وهناك وثائق كثيرة تحوي هوامش مائلة في الأسفل. وهذه الوثائق هي المذكرات المرفوعة من الصدر الأعظم إلى السلطان العثماني؛ لعرض مسألة معينة في أمر ما بشكل مختصر جداً. ويذكر فيه أن المذكرة قد أرفقت بها أوراق، فيها معلومات تفصيلية عن المسألة. فيأتي الخط المائل رداً على مذكرة الصدر الأعظم من السلطان. يكتبه المستشار الخاص به. ويكون رأي السلطان في الأغلب الأعم موافقاً لرأي الصدر الأعظم. ويشار فيه إلى أنه صدرت موافقة السلطان على الموضوع المعروض عليه من طرف الصدر الأعظم، مختوماً بجملة "الأمر والفرمان لحضرة من لـه اللطف والإحسان". ثم التاريخ. كما يذكر قبل ذلك أن الأوراق أعيدت إليه بطيه.([29])

(19) الأرشيف العثماني، تصنيف A.MKT.MHM. 589/6

(20) الأرشيف العثماني، تصنيفY.A.RES. 60/17

(21) الأرشيف العثماني، تصنيف DH.SYS. 66/6-15

(22) الأرشيف العثماني، تصنيف HH. 19604

(23) السنة الرومية أو المالية: اسم للتاريخ المستخدم عند العثمانيين منذ عام 1205هـ/1790م. ويذكر في الوثائق الرسمية بالسنة المالية. ونظراً لتقيده بالشهور الشمسية، واعتبار بداية السنة فيه "شهر مارس" فيطلق عليه أيضاً التاريخ الرومي. والفرق بينه وبين التاريخ الميلادي 584 سنة. فإذا أضيف لـه 584 سنة كان التاريخ الميلادي؛ وإذا طرحت تلك السنوات من التاريخ الميلادي كان التاريخ الرومي. ولم ينته العمل بالتاريخ الهجري بعد قبول التاريخ الرومي؛ بل استخدم التاريخان في الأوراق الرسمية. المعجم الموسوعي للمصطلحات العثمانية التاريخية. مرجع سابق. ص 135-136.

(24) الأرشيف العثماني، تصنيف A.MKT.MHM. 582/11

(25) الأرشيف العثماني، تصنيف A.MKT.MHM. 582/14

(26) الأرشيف العثماني، تصنيفDH.KMS. 2-2/2

(27) الأرشيف العثماني، تصنيف DH.I.UM. 78-2/40

(28) الأرشيف العثماني، تصنيف DH.KMS. 2-2/2

(29) الأرشيف العثماني، تصنيفI.DAH. 44930

(30) الأرشيف العثماني، تصنيفY.MTV. 286/62

(31) الأرشيف العثماني، تصنيف I.DAH. 49694

(32) الأرشيف العثماني، تصنيفMVL. 253/49

(33) الأرشيف العثماني، تصنيف I.DAH. 100105

(34) الأرشيف العثماني، تصنيف I.DAH. 86351

(35) الأرشيف العثماني، تصنيف A.MKT.UM.426/63, I.MEC.MAH. 594, 744, 1213

(36) الأرشيف العثماني، تصنيف HH. 19604

(37) الأرشيف العثماني، تصنيف HH. 19648-C

(38) في 19 شوال 1264هـ. الأرشيف العثماني،تصنيفIrade, mutenevvi 3762

(39) في عام 1272هـ. الأرشيف العثماني،تصنيفIrade-Dahiliye. 23321

([22]) الأرشيف العثماني، تصنيفI.Dah. 41055

([23]) الأرشيف العثماني، تصنيفY.PRK.AZJ.47/80

([24]) الأرشيف العثماني، تصنيفH.H.36070-A

(43) الأرشيف العثماني، تصنيف I.MEC.MAH. 1381

(44) الأرشيف العثماني، تصنيفH.H.36070-F

(45) الأرشيف العثماني، تصنيفH.H.35906

(46) الأرشيف العثماني، تصنيف DH.KMS.2-2/2

(47) الأرشيف العثماني، تصنيف I.DAH. 29620