حيّاك الله يا أخ صفوق لقد عشت في البادية فترة من الزمن ولم أسمع من يطلق على نفسه الوائلي كنسب بل يقال آل فلان من عنزة وكان يرد في الشعر فقط وفي وقتنا الحاضر أصبح وائل له الشهرة أكثر من كلمة عنزة وأكثر ما يرد ذكره في المحتفلات وفي الشعر أما عند الأمور الرسمية فأن الأسم المعروف عنزة فلا يقول الرجل وائلي أو من بني وائل أو من الويلان عند الدوائر ولا في تعريف الشخص عن نفسه وعندما أقول هذا لا أقصد أنكار وائل فهو جد من جدود عنزة كما دافعت عن صحته وأفحمت الذين ينكرون أن عنزة لها جد أسمه وائل وهم يريدون استئجار جد يتسلفونه بالقرضة الحسنة ويضعونه لعنزة ومحدثك يكذّب دائماً وأبداً بهذا القول ويثبت حسب مصادر التاريخ والنسب الصحيح وما تعارفوا عليه أبناء عنزة أن لهم جد عنزي أسمه وائل وليس مستعار ولكن وائل لم يكن عمود نسب كما يتخيّل البعض بل أنه جد ثابت
أما ما يخص هجرة عنزة من عين التمر إلى خيبر فهي كانت قبيلة ونحن نرى أن هذه القبيلة التي طلعنا على هذه الدنيا وهي فرعي بشر ومسلم ونتساءل كما تساءل أين ذهبت تلك القبيلة حيث يجب أن تكون عشرات الفروع وليس بس فرعين ولكن ندرك أن هناك موجات هاجرت من عنزة إلى بلدان كثيرة ولابد أنه مر على الشعوب حروب وأمراض فتاكة وكثيراً ما يذكرون المؤرخين أن البلدة الفلانية خلت من سكّانها بسبب الطاعون أو أمراض أخرى المهم أن الباقي من هذه القبيلة الكبيرة فرعي بشر ومسلم
وهناك سؤال آخر وهو أنه عندما قدمت عنزة إلى خيبر كانوا سكّان خيبر قبيلة من آل جعفر الطيار حيث تحالفوا مع عنزة وهم كثرة ونحن نراهم اليوم باقي منهم بيوت قليلة فأين ذهبت هذه القبيلة ؟ قد يكون الجواب أنهم هاجروا لمصر والمغرب العربي والسودان وبلدان أخرى ولكن بعد أندماجهم مع عنزة لابد أن هاجر معهم قبائل من عنزة لأن صاحب كتاب الروض المعطار في أنساب آل جعفر الطيار ذكر منهم شعوب كثيرة في عدّة أقطار ونلفت نظرك إلى ما كتبه شارح ديوان أبن المقرّب العيوني :
شرح مخطوطة ديوان ابن المقرب العيوني
الشاعر أبو الحسن علي بن المقرّب بن منصور بن المقرب بن الحسن بن عزير بن ضبار بن عبدالله البحراني العيوني الربعي المتوفي سنة 629هـ شاعر له ديوان طبع في مكة المكرمة سنة 1307هـ وطبع بالهند سنة 1311 هـ قال الشارح في تفسير قصيدة ابن المقرب الهمزية
لـلـه قــوم مـن ذوآبــة جــعـــفــــرٍ *** لـم يغمضــوا جفنــاً على الإقـــذاء
لـمـا رأوهــا أنـهـا هـي صـمـمــوا *** تصميــم تغـلــب وائــــل الـغــلبــاء
حتى سقـوا عـللاً صدور سيوفهـم *** عـلـقـــاً يــبــرد غلــــة الشحـنــاء
تـركـوا لـعــيـبـاً فـي مـئـيـن أربـع *** جــزراً قـبـيــل تـنـــور ابــن ذكـــاء
فهـنـاك طـابـت خيـبـراً واستبدلـت *** مـن بـعـــدهــا الـضــراء بالســراء
قال شارح الكتاب ديوان أبن المقّرب العيوني : لعيب رجل من عنزة وابن ذكاء الصبح رجل من عنزة وخيبر بلد يسكنها بنو جعفر الطيار ابن أبي طالب وكان من الحديث في وقتنا هذا أن قوماً من بني أسد بن ربيعة أكثروا الغارات على خيبر وهي أرض ذات أنهار ونخيل وزروع وظهروا عليها لكثرتهم وقوتهم ومل أهلها الحرب ودخل عليهم خراب الثمار فصالحوهم على شطر من ثمار نخلها فصاروا ينزلون عليها مدة القيض وأقاموا ذلك مدة مديدة ثم صاروا كل عام يحولون بينهم وبين الثمار حتى لايزيد لهم شيء فما زال ذلك دأبهم حتى لم يبق لبني جعفر إلا القليل ثم أنهم لم يرضوا منهم بذلك فحاربوهم حرباً حالوا فيه بينهم وبين الثمار وصاروا يصبحونهم الحرب ويراوحونهم فقالوا ياسبحان الله ماذا تطلبونه عندنا فقالوا : نطلب عندكم أن نجعل فيها رجلا يكون معكم من قبلنا فاجتمع بعضهم ببعض وتشاوروا في أمرهم فلم يجدوا من ذلك بداً فبعثوا إليهم أن حباً وكرامة لما دعوتم إليه فولوها رجلا منهم يقال له لعيب وجعلوا معه أربعمائة رجل من مقاتليهم وشجعانهم ورحلوا حتى تباعدوا لطلب المرعى لمواشيهم ثم أن بني جعفر مشى بعضهم إلى بعض وتشاكوا ذلك الأمر فيما بينهم وقال بعضهم لبعض الموت أسهل وألذ مما نحن فيه وهل تطيب حياة لمن يملكه عدوه وضربوا للقيام على لعيب وأصحابه ميعاد في يوم عرفوه فلما طلع فجر ذلك اليوم أحاطوا بلعيب وأصحابه فقبضوا عليهم فلم يفلت منهم إنسان ثم أنهم تشاوروا على قتلهم فقتلوهم أجمع فبلغ الخبر عنزة فأقبلوا حتى دخلوا البلد فتحصنوا عنهم بنو جعفر فمالوا إلى الزروع يخربونها فأرسلوا إليهم أن أردتم خرابها اخرجنا لكم الفئوس لتقطعوا نخلها فصالحوهم ودفنوا ماكان بينهم
وطالما أن شارح الديوان ذكر كثرة عنزة بعد قدومهم من عين التمر فأن هذا يجعلنا لا نستبعد أن يكون بشر ومسلم أقدم من وجود عنزة بخيبر ولكن جميع كبار السن من عنزة ورواتهم الذين طلبت منهم عدد جدودهم لا يتجاوز عددهم خمس وعشرون جد وينتهي عددهم في بشر أو مسلم وهذا العدد من الجدود ولو كان هذا العدد دقيق يكون بشر ومسلم عاشوا في القرن الثامن الهجري ولكن هناك وثائق في خيبر تذكر بطون من ذرية بشر ومسلم في القرن الثامن مما يدل أن العدد غير دقيق وبالنسبة لفترة وجود بشر ومسلم فهو ترجيح وليس جزم