الموضوع: ركن أكلب
عرض مشاركة واحدة
قديم 06-11-2012, 06:37 PM رقم المشاركة : 32
معلومات العضو
عضو منتديات العبار
إحصائية العضو







ابن بريم الأكلبي غير متواجد حالياً


افتراضي

السلام عليكم ...


ديـــــــــــــار أكــــــــلــــب


تمتاز ديار أكلب بخصوبتها ووفرة المياه فيها، وتمتاز بكثرة مراعيها وواحاتها ، وتكثر فيها المزارع والغابات

وذلك لكثرة سهولها وجبالها والأودية التي تخترقها؛ولاختلاف التضاريس بين أعاليها في سفوح السروات غرباً

وأسافلها في سهول بيشة

لقد جعلت منها هذي الخصائص أرضاً صالحة للبادية والحاضرة على حد سواء فانتشرت عليها البادية

وتناثرت فيها القرى على أطراف الأودية ، قال الهمداني بعد أن ذكر سراة خثعم(وشرقيها ما جاور بيشة

من بلد خثعم وأكلب)

أما اليوم فتمتد بلاد أكلب من بيشة النخل (المدينة)شرقا وجنوبا الى حدود شهران وقحطان

في جنوبي وادي بيشة ناحية تثليث قال البكري: (( نزلت أكلب ناحية تثليث وما والاها)

وتمتد الى حدود بادية قبيلة سبيع في الشمال والشمال الشرقي لوادي بيشة

ثم تمتد جهة الجنوب الغربي الى سفوح سروات خثعم وغامد الشرقية وفي الشمال الشرقي

تخالطها في هذي السفوح قبيلتي ( الفزع) (وبني واس)أختي أكلب في حلف وداعية (خثعم)

قال الهمداني في صفة جزيرة العرب(ان شامي سراة الحجر بلد بني واس والفزع ) وقال: وهم من خثعم

وتحد قبيلة بالحارث قبائل أكلب من ناحية وادي ترج ثم تأخذ ديار أكلب في الاتجاه شملاً الى وادي تبالة

فالى عالية وادي رنية ثم تتجاوز وادي رنية الىحدود بادية غامد (القنازعة)

بالقرب من جرب المورد المعروف في الجاهلية باسم (أجرب)وقد أصبح اليوم قرية عامرة لغامد

قال الشاعر والفارس/محسن المدافع الأكلبي فحدد ديار أكلب في عهده:

ترى حدنا الحمّان حمّان ضلفع ================= وترى الرتاج من السراة حدود
وترى حدنا بسقان من مشرقيّها ================ تأمن بنا حيراهن ارقود
اذا ملت من صافي الماء بطونها ================ راحت مع اقطار الديار تقود
ميعادها الغر غر ابو جعدب ==================== ونريث في عجلاتهن بقيود


وضلفع والرتاج وبسقان وغر ابو جعدب أعلام معروفة لأكلب والقبائل المجاورة

ولها شهرة في شعر العرب في الجاهلية وفيما بعد الجاهلية وكلمت ملت أي :ملأت

ويقول المدافع وذكر مواضعا من ديار أكلب لازالت تعرف بنفس المسميات

يتحسر على بندقيته التي رهنها لتاجر بعد أبيات :

ياما حلى صواتها عند( حسّن ) ============== صبح الى ما انها دوت في الحوايمي
كم بشر الزمّال صبح بالغدا ================ بربد وظلمان غلبهن عايمي
فيا صيد( كتمان) كل العشب واطمئن =========== في القيض واتبع ناعمات النسايمي
على (العقرات الحمر) منا منازل =============== نرد( الجرى) من صوب برق اليتايمي
الا سقا الله دارنا في محيقن =============== مرب الوضيحي والظبا والنعايمي
ويا دارنا بين( العراقيب )و(القري) ============== اقبال الشتاء واقفاء هبوب السمايمي


الظلمان جمع ظليم وهو صغير النعام

لقد كان المؤرخين القداما يدمجون ديار أكلب في بلاد خثعم على اعتبار أن أكلبا دخلوا بحلف مع خثعم

فكونوا قبيلة واحدة درج عليها اسم الحلف (خـثــعم) ؛ فتجد أحدهم اذا أشار الى موقع أوعلم أو واد

في ديار أكلب قال:في ديار خثعم ، ومن ذلك كمثال قول الهمداني عن العبلاء التي في ديار أكلب


انها( قرية لخثعم) ، وهم على حق في ذلك كون ديار أكلب جزء من ديار خثعم الحلف

والتي تمتد من تهامة سراة خثعم وبالجرشي وشمال عالية وادي رنية غربا وشمالاً

الى أحد رفيده جنوبا

وفي ديار أكلب تمر ثلاثة أودية مهمة وهي : وادي بيشة ووادي رنية ووادي تبالة

،قال أنس بن مدرك في الجاهلية:

تبالة والعرضان ترج وبيشة ============== وقومي تيم اللات والاسم خثعم

وفي وادي بيشة يتمركز جل قبائل أكلب وفي قرى الثّنية على ضفتي وادي تبالة الرافد الشهير

لوادي بيشة وكذلك في قراهم على جانبي وادي رنية العملاق المعروفه كبلدة باسم (الجعبة)

نسبة لدحل يصب في وادي رنية عند تلك القرى ،قال عمر البجلي يفخر

بعد حرب جرت بين بني بجيلة و أخوتهم خثعما في السراة فذكر ثنيّة وادي تبالة

التي تتمركز فيها بطون من أكلب من ذلك الوقت الى اليوم :

بقينا كأنا ليث دارة جلجل ==================== مدل على أشباله يتهمهم
فما شعروا بالجمع حتى تبينوا ================ ثنيّة ذات النخل ما يتضرم


لقد كانت قبائل أكلب تعيش في رغد في هذه الأودية وفي بحبوحة من العيش في الوقت الذي كانت

تعاني فيه بعض القبائل في مناطق أخرى من شظف العيش وشح المياه ؛ وقد أشار الى ذلك

الرحالة( الزيه) ، وان احدى نساء أشراف الحجاز تزينت ولبست الحلي ثم خرجت لزوجها فقالت:

انظر ، فقال :كأنك من نساء تبالة، أي منعمة ولديها حلي وزينة دليل على ما يتمتعن به نساء

أكلب والفزع في تبالة من رغد وهذا ينم لنا عن أحوال أهل بيشة عامة المعيشية الطيبة

لأن تبالة جزء من بيشة، كانت المياه قبل ان تصاب هذه الاودية بالقحط في الثلاثين سنة الماضية

تجري في بطون الأودية واذا غارت فلا يكلف البحث عنها كثيرا ؛ فنبث باليد في بطاح الوادي

كاف للوصول الى الماء ؛ اذ يبشبش الماء العذب من الركية ،قال توبة الشاعر:


قالت الماء في الركيّ قليلاً =============== قلت ماء الركيّ لايرويني


وقال شاعر آخر:


وماكان ليث ساكن بطن بيشة ================== لذي غلل يجري ببطحاء في أجم

بأجرأ منه حين تختلف القنا ==================== وتدعى نزال في القمامة البهم


انظر : الليث في بطن بيشة والغلل هو الماء يجري في بطحائها في أجم أي وسط غاباتها فالأجم هي الغابة

ومما يدلل على تفوق بيشة وما يتصل بها من ديار على غيرها من الناحية المعيشية الزراعية والرعوية

ماورد في الحديث الشريف أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سأل جرير بن عبد الله البجلي

أحد بني مالك اخوان خثعم في النسب عن منزله في بيشة ،فقال جرير: (شتاءها ربيع ،وماءها يريع

لايقام ما تحتها، ولا يحسر صابحها ، ولايعزب سارحها)

الله أكبر يابيشة ،يقول جرير الشتاء في بيشة كالربيع ويقول الماء يريع: أي يجري على وجه الأرض

فليس يقام له مائح ثم يعطف القول ولا يحسر صابحها ، أي لايكل ولا يعيا الصابح وهو الذي يسقي

صباحا لانه يورد ابله أو أغنامه ماءاً ظاهرا على وجه الأرض، ويستطرد فيقول :ولا يعزب سارحها

أي لايبعد في طلب الكلأ والمرعى لوجوده بقربه

ومما قيل عن خصب بيشة وما يتصل بها قول لبيد بن ربيعة الشاعر الجاهلي :

فالضيف والجار الجنيب كأنما ============ هبطا تبالة مخصباً أهضامها


وقول بنت ابن الزهراء الأكلبي في عصر لاحق:

ياديرتي ياعذبة الماء نقية ================== مطلية بالنور حتى جبالها

عزاز من الرمضا دماث من الحفا =============== وارق من فرش الزوالي رمالها


ويقال سابقا: لو مع بيشة بيشة سابت العيشة ، كما يقال بيشة أم الرخاء والعيشة

أما قولهم ما وراء بيشة عيشة فمعناه ما وراءها من مكان ولا يعنون بيشة ذاتها ولهذا القول قصة

لامجال لذكرها هنا، وبيشة ذكرها ذائع في شعر العرب وصيتها شاهر من ذو الجاهلية حتى يومنا هذا

في كتب التاريخ والأداب وهذا يدلل على أهميتها الاستراتيجية بالاضافة الى أهميتها المعيشية

وكانت العرب ولا زالت تعد بيشة ومايصاقبها من نجد ، قال طرفه يذكر مواضعا من نجد فذكر تبالة

وهي من بيشة:

رأى منظرا منها بوادي تبالة ============== فكان عليه الزاد كالمقر أو أمر


وعد ترج وبيشة من نجد في قول الشاعر الحزازة العامري يعدد مواضع نجد:


أعشب كـور عامـر تيـم====================== حيـث هرجـاب فـالمـا ذاء
واتلأبت سيول بيشة في أعراضهـا ============== فهـي لجـــة طخيّـــاء
وكأن الخيل من بطن تــرج==================== وهي حـوم حنـادس ظلمـاء


فعد جبل الكورالعلوي كور بني عامر بن تيم بن مبشر بن أكلب وعد وادي ترج وعد بيشة ويدخل فيها

كل مايتصل بها ، وقد أشتاق لبيشة ابنها وشاعرها عبدالله ابن الدمينة الاكلبي الذي عاش زمن بني أمية

وكان طريد دم في تهامة اليمن فقال والشوق يهزه الى بيشة:

سقى الله نجدا والمقيم بأرضها ======================= سحابا غواد خاليات من الرعد
رعى الله من نجد اناساً أحبهم ======================= ولو نقضوا عهدي حفظتوا لهم ودي

وقال:

رمتني بطرف لو كميا رمت به ====================== لبلّ نجيعاً نحره وبنائقه
ولمح بعينيها كأن وميضه ====================== وميض الحيا ، تهدى لنجد شقائقه


كان سكان السروات اذا نزلوا بيشة يقولون: هبطنا نجد، وكان أهل بيشة اذا صعدوا الى السروات قالو:

طلعنا الحجاز ، وهذا الصحيح فالسروات من الحجاز وبيشة من نجد ، ويطلق على بيشة

تمييزا نجد الصغرى ونجد الحديري لهذا يقول الفارس فاضل بن صهيب الاكلبي يصف فرسه:

مقديها على نجد الحديري =================== ربيقيّة لمنظرها شفيق
الاما انها عطت مع جرهدية ================== شلال كنها الذيب المويق


اذا وبعد ماتقدم نخلص الى ان بيشة في التاريخ و الجغرافيا والموقع من نجد

أما في التقسيم الاداري في منظومة حكومتنا الرشيدة حاليا فتتبع منطقة عسير سراة أبها

وتستحق بيشة بجدارة ان تكون امارة لوحدها أسوة بالباحة وغيرها ونأمل أن يكون ذلك قريبا

وحيث كانت بيشة وأرضها خصبة وكانت ذات أهمية معيشية وسياسية ولانها كانت

هي الدوار الذي تتفرع منه الطرق الى نجد والحجاز والجنوب ؛فأنها كانت منطقة حروب ضارية

ومتلاحقة بين أهلها من القبائل التي تقطن بها والقبائل التي تود الزحف اليها

لمشاركة أهلها فيما حباها الله به من عناصر الغذاء وتوفر موارد الماء وجمال وانبساط الطبيعة

وبين الأمارات والحكومات المتصادمة فيما قبل الاستقرار بمجيء الامام/عبد العزيز

آل سعود طيب الله ثراه الذي أوقف رياح التوتر وأخمد نار الفتن، ولكن أهل بيشة عيوا عليها

وأهل بيشة هم أكلب ومحالفها معاوية ومن في ضفهم وبطون من شهران، وبالحارث في وادي ترج

ولأن الحال كان كذلك قال الفارس والشاعر سعيّد بن سحمة الأكلبي قبل قرنين من الزمن :

لو نزل غيرنا في ذا البلاد ======================== كان يعطا العدو شاة تقادي
غير حنا نرد العايلين ============================ مثل ردد المهدد بالقيادي

لقد صور لنا الوضع على جبهة الزمن فجعلنا نرى ما كان هو يراه دون عناء

أشار الراحل حمد الجاسر يرحمه الله أستاذي الذي تشرفت بزيارته عدة مرات في حي الزهور

الى كثرة الحروب والأيام بين القبائل في منطقة بيشة في مجلة العرب التي كان يصدرها وتعجب من ذلك

تعتبر بيشة أول أمارة في المنطقة الجنوبية والغربية لآل سعود أدام الله حكمهم اذ تأسست في

عام (1336 هـ)وكانت أول منطقة في هذي النواحي تؤيد آل سعود واستمرت وحدة ادارية قائمة بذاتها

يطلق عليها اسم ((أمارة بيشة)) وفي عام (1394 هـ) ضمت بمرسوم ملكي من الملك فيصل


الى أمارة عسير فأصبحت أمارة فرعية والآن (محافظة) ،وعلى ضوء ما تقدم نجد أن قبائل أكلب

تتوزع في سكناها على ثلاثة أودية كبار هي بيشة وتبالة ورنية ، فهم أهل الوديان بحق

وكان كثير من أبناء القبائل الأخرى يقيض اليهم في فصل الخريف من كل عام طالبا جيرتهم

وقت الرطب والخرفة فيستضاف منهم ويكرمونه ويقومون بتموينه من التمور بمايسد به حاجته الى السنة القادمة

وكانو يعطون ويتصدقون على من أتى اليهم فيتركوا له لقط النخل الذي يقع بسبب الرياح ويهدونه

ما يسمى (الحوافة) كثّات من التمر لكل من حضر القطيع من سكان السروات وهم كثر

يعطونهم تصدقاً وتكافلاً طواعية عن طيب خاطر فلله الحمد على ما أجاد عليهم من كرم

وقد شاهدت وعايشت أنا هذا الشيء قبل أكثر من ثلاثين سنة من الآن وكل من عمره يناهز الخمسين

اليوم من سكان بيشة شاهد ذلك،

وأخيراً لعل قولي في بيشة يروق لها حيث قلت:

لبيشة من بين الديار معالم ================= ======لها طابع وللديار طوابع

أقوله ولسان حالي هو قول الجد ابن الدمينة :

لقد ثبتت في القلب منك محبة ================= كما ثبتت في الراحتين الأصابع

وادعوا معي لبيشة بالغيث بقول الشاعر:

رويت قيعتا تبالة غيثاً ==================== فذوات الأصاد فالعبلاء

وقد تضمن هذا الدعاء تبالة وبيشة ورنية فالأصاد في بيشة والعبلاء في رنية،

وتوجدوا معي:


الا حبذا الأعلام أعلام بيشة ================= ويا حبذا أخشافها والجوارس



عبدالله بن هادي الهزري الأكلبي







رد مع اقتباس