( حوار مع شاب بالهاتف )
كنت عندما أوي إلى فراشي لكي أنام أضع الجوال على الصامت لأن بعض الأحيان يحصل جدال في مجلس سمر على نسب شخص أو فخذ أو رواية عن قصّة أو قصيدة ثم يقول أحدهم أسألوا أبن عبّار فيتصل في وقت متأخر من الليل وعندما أضع الجوال لا أقصد التهّرب من السؤال لأن هذا يشرفني ولكن لأن للنفس حق وفي ليلة الجمعة الثاني والعشرون من شهر ربيع الأول لعام 1432هـ نسيت أن أصمّت الجوال وأثناء نومي سمعت جرس الجوال يرن فتناولته ورديت وإذا المتصل شاب من ضنا عبيد القبيلة التي أنتمي لها وهو يثني علي ويطلب أن يتسع صدري ليوضح لي ما يجول بخاطره ويشرح لي أسباب أتصاله فقلت حيّاك الله
فقال : أنني أطلعت على شجرة عنزة وصدمت وتأثرت وتألمت وحزنت حتى أستهلك كل المفردات
فقلت الله يستر وأنا أتوقع أنني أخطيت على أحد أو هضمت حق أحد وبدأ يتحسّر ويتألم وكنت متشوّق أن أعرف سبب حسرته فقلت : أخبرني عن الخطأ لعل ألتمس لك عذر يخلصك من ألمك وعذر يخلصني من خطأئ ؟
فقال : لا أستطيع أن أصف لك شعوري من الغضب فقلت أنتظر حتى يسكن روعك وتهدأ أعصابك ثم أشرح لي ؟
فقال نعم لقد أطلعت على الشجرة ووجدتك قد عزلت بكر وتغلب عن عنزة وهم قبيلة واحدة ونحن نريد القبائل المشهورة ونريد الفخر ونريد أن ننتسب لهم ونكون منهم
فقلت هل المسألة أرادة ورغبة في الأنتساب لهم أم حقائق مؤكدة وقد فاتني معرفتها فقاطعني قائلاً بل حقائق فأن عنزة هي بكر وتغلب
فطلبت منه أن يستمع لكي أفهمه بالحقائق ولكنه استمر في تماتيكيتة الكلامية فالتزمت الصمت حتى يستهلك كل مافي خاطره من كلام ولكني شعرت بوجع الأذن لأنه أمضى أكثر من ساعة وهو يتحدّث بموضوع واحد ويردده فوضعت الجوال على الصوت العالي لكي أبعده عن أذني وعندما هدأت عاصفته قلت له هل أطلعت على أي مصدر ؟
قال لأ ؟ قلت كيف عرفت أن عنزة هي بكر وتغلب ؟
قال حدثني شايب عمره حول التسعين ؟
قلت أنا يا محدثك سبق وأن حدثني أكثر من الفين شايب أن عنزة هي عنزة وأن بكر وتغلب أبناء عم لعنزة كما تحدثت عن ذلك جميع مصادر الأنساب عن أنساب العرب المهم بدأت معه بالحوار وهو غارق في الجهل لحد أذنيه وقلت له أبي أضرب لك مثل يالبناخي قال تفضّل قلت أنا يا محدثك ليس عندي معرض جدود العرب مثل معرض السيارات لكي أحرك الكابرس وأضع الجمس في مكانها لأن جدود العرب قد سلسل نسبهم المؤرخين والنسابين والدنيا لم تخلق اليوم وبكر وتغلب وعنزة كل قبيلة لها نسب وهم أقرباء ولكن علاقتهم معروفة
قال من يقوله ؟
قلت يقوله الكتّاب والكتب
قال الكتب يؤلفونها مؤلفين يكرهون عنزة ولا يريدون الزير منهم
قلت ليس الكتب التي ألفت في عصرنا بل الكتب التي ألفت قبل مئات السنين
وبعد طول الجدال وهو يكرر كلامه الأول قلت أعطني دليل على أن عنزة هي بكر وتغلب وأذكر المصدر
قال أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال لعنزة ربيعة وهذا دليل أنهم هم بكر وتغلب ؟
قلت نعم عنزة هي من ربيعة وبكر وتغلب من ربيعة ولكن لم ينسب هذا لهذا بل رفع نسبهم إلى الجد الجامع وقد أكون جاهل فزدني من علمك ثم ماذا ؟ قال نعم فأن عنزة حرروا خيبر من اليهود مع الإمام علي وأعطاهم خيبر ؟ قلت وماهو مصدرك في هذا ؟
قال يقوله الشايب الذي حدثني وكذلك قرأته في كتاب ديني ؟
قلت شايبك يمكن أن يكون عامي ويتحدث بعفوية العامي دون خبره والكتاب الذي تشير له أتمنى أن تراجعه وتفيدنا ماذا كتب لأن فتح خيبر مدوّن في كتب الفتوحات الإسلامية وفي وقت علي لم تدخل عنزة خيبر حيث كانت في العراق بل قدمت لخيبر بعد وفاته بأربع قرون
قال أن عنزة قد حاربت مع علي في خيبر وهي التي حررت خيبر
قلت بل شاركت عنزة في معركة صفين وصفين ليس بخيبر وعندما بدأت معركة صفين كانت خيبر محررة واليهود غادروا الحجاز والحرب الذي ناصرت عنزة بها الإمام علي هي الأحداث الذي بينه وبين بني أمية وكانوا اليهود قد جلوا في عهد عمر بن الخطّاب رضي الله عنه وسقوط خيبر بيد المسلمين في عهد رسول الله صلى الله عليّه وسلّم المهم أن هذا الشاب لطيف في حواراته ولكنه داخل في ظلام دامس من الجهل وهو يخم من كلام العوام ومن بعض المجالس وقد ركز على موضوع الحاق نسب عنزة لبكر وتغلب وهذا الأمر غريب وأني كنت أحسب أنه لم يبقى أحد بهذه الصفات من الجهل والله المستعان
المهم أن هذا الشاب بقي يتحدث حتى الساعة الواحدة بعد منتصف الليل وبقيت استمع له وأجاريه رغم أنني أرغب الخلود إلى الراحة وفي الساعة الواحدة بعد منتصف الليل ودعني بقوله أشكرك على وسع صدرك وجوالي يأشر بقضاء الشحن
فقلت استودعك الله والله يحفظك ولسان حالي يقول جزاه الله خير الجوال الذي خلّص شحنه وجعل هذا الشاب يسمح لي أن أنام