[size="6"]تابع
181- استعراض كتاب قبائل بدو الفرات الرحالة البريطانية الليدي آن بلنت ترجمه ونشره الأستاذ أسعد الفارس وقد اشترت خيلاً ومشالح وجزمات وتبغ وسكّر وهدايا لشيوخ البدو وقصدت مضارب عنزة بعد أن أرسل لها أبن مرشد شيخ القمصة مرحباً بزيارتها وغامرت كذلك بالتدخّل في نزاعات البدو وفي موضع آخر ذكر أن محمد الطالب مرافق الليدي بلانت وعدهم بإيصالهم للشيخ جدعان شيخ الفدعان . كتاب الرحالة البريطانية الليدي آن بلنت ترجمة أسعد الفارس ونضال خضر معيوف جاء في الفصل الثالث من الكتاب بينما الضفة اليمنى لنهر الفرات قد سيطر على بواديها قبيلة عنزة إذ انتشرت هذه القبيلة من نجد في أقصى الجنوب وحتّى حلب في الشمال وكان القنصل على صلة وثيقة في عنزة وهو الذي قدّم لها خدمات جليله وكثيراً ما يتوسط بينهم وبين الحكومة التركية وقد ادهشنا بقصصه عن الشيخ جدعان أحد شيوخ عنزة الذي وصفه لنا بأنه داهية البادية وتبيّن لنا فيما بعد أن جدعان اكتسب مهارة حربية وشجاعة ومواهب بوأته لأن يصبح القائد الأعلى في قومه وركناً من أركان عنزة ونادراً ما نجد قصّة غير صحيحه تروى عن هذا الرّجل الذي دخل في أحداث مسرح رحلتنا إلى الشّرق وروى لنا القنصل أنه تعرّف على جدعان عام 1857م في الوقت الذي كان فيه عصمت باشا والياً على ولاية حلب وكان رجلاً عسكرياً طموحاً أراد عصمت باشا أن يجرد حملة عسكرية لتأديب الفدعان من عنزة والفدعان بقيادة جدعان كانوا يقيمون في سهل المالحة على الفرات وثقة بالنفس وطمعاً بإظهار المهارة العسكرية طلب عصمت باشا من القنصل الأنقليزي السيّد(سكين) الانضمام إلى الحملة كشاهد أوربي على على ما يفعل كان عصمت باشا يقود الحملة بنفسه وفيها كوكبتان من الخيالة وسرية مشاه تحمل البنادق ترافقهم أربعة مدافع مقطورة بواسطة البغال .كان على الحملة أن تسير ستين ميلاً ، وأن تنام في العراء على هضبة فوق مالحة ( الجبول ) وكانت الليلة مظلمه ، والسماء ملبدة بالغيوم وفي الصباح الباكر اكتشفت الحملة أن البغال المخصصة للمدفعية قد سرقت مما دفع الحملة بأن تقطر المدفعية بواسطة خيول العسكر وفي المسير الثانية وصل الأتراك إلى السّهل وساروا فيه عشرة أميال دون أن يصادفوا العدو وعند المبيت شددت الحراسة على الخيول ولكنها جفلت أكثر من مرّة في الليل وفي الصباح كان عدد منها قد نقص ، مما أغضب عصمت باشا ولكنه تابع المسير حتى وصل الجروف المطلّة على وادي الفرات فبدت مضارب الفدعان التي اسرعت للرحيل محدثة ضوضاء وجلبة عالية أنها تعبر النهر وبأقصى سرعة ، وقد فوجئت بوجود الحملة التي ظنوا أنها عادت من حيث أتت لأنها فقدت خيولها كان عنزة ينسحبون بأقصى سرعة باسثناء قطيع من الأبل يصل تعداد جمالة إلى خمسة آلاف جمل يبدو أنها تركت بدون حمايه فاعتبر الباشا القطيع في حوزته ولذلك زحف إلى أسفل السّهل إلى نقطة على شكل تل صغير اعتبره الباشا (( استراتيجياً )) يصلح لنصب المدافع ثم ارسلت مجموعة من الخيالة لتمنع الجمال من انسحاب محتمل باتجاه الفرات نفذت المناورة بدقّة وحصرت الجمال . وبينما الأنظار تتجه إلى الأبل ظهرت مجموعة من ثمانية خيّاله يعبرون النهّر الذي كان منخفضاً ، وقبل أن ينتبه الملازم المسئول لهذا الخطر أنطلق قائد المجموعة يعدوا على ظهر جواده فطعن الملازم برمحه وتبعثر الجنود من هول المفاجئة ثم أتجه الجمع كلّه – البدو – والجنود باتجاه التّلة حيث المقر الرئيسي للمشاة والمدفعية ، فأمر الباشا رماة المدفعية بأطلاق النار وهو نفسه كان يصّوب مدفعاً ونتيجة للرمي الخاطيء أردى أحد الجنود والأهم من ذلك كلّه هيجان الأبل بسبب قصف المدافع فتدافعت فاقدة الوعي وهي تطأ بقسوة كل من تصادفه بينها وبين النهّر في الوقت الذي افلت فيه البدو ونجحوا في قيادة القطيع كلّه عبر النهّر وهم يهتفون كالمعتاد ها هو كان قائد حملة الانقاذ هو جدعان نفسه الذي بمهارته وشجاعة رجاله أرجع الحملة فاشلة ، بعد أن فقدت اثنين من رجالها وعاد عصمت باشا إلى حلب دون أي تذكار للشجاعة والذي حرص على تحقيقه دون نتيجة أن هذا الحادث أعطى للقنصل فضولاً كبيراً لرؤية هذا البطل المغامر عن كثب ، وقد سمحت له الظروف بتحقيق هذه الرغبة .
ثم تحدّث المؤلف عن ما حصل للشيخ جدعان والقنصل مما يطول شرحه وقال في مناسبة أخرى كانت الفدعان متعبة من الحرب بسبب المؤامرات التي تديرها وتحيكها الحكومة التركية ثم ذكر حادثة تجاوزنا ذكرها وتحدّث عن انتصارات جدعان على القبائل قال : في الخامس عشر تحدّث ( ولفرد ) مع القنصل عن الهجرة السنوية لعنزة باتجاه نجد ، واحتدم النقاش حول مدى تجوالهم في الجنوب، إذ يؤكد السّيد ( سكين ) بأنه قد يصل إلى جبل شمر وإلى نجد ألا انه لم يسمع بأوربي قد رافق عنزة في رحلاتهم ، وهو نفسه لم يزرهم ألا في مضاربهم الصيفية في البادية السورية العليا .
قررنا أن ننطلق فوراً إذا كان البدو قد شرعوا برحلة جدية ، وقررنا أن ننظم لعنزة حيثما يكونون ، لأنهم قد رحلوا عن جوار حلب ويفترض بأنهم الآن في الجنوب الشرقي بين تدمر والفرات .
ارسل القنصل إلى السيّد أحمد شيخ قبيلة صغيره تعيش في اطراف الصحراء للحصول منه على معلومات دقيقه عن قوة عنزة وعدتهم ، قال سيّد أحمد أن قبيلة عنزة تركت جوار حلب منذ عدّة أسابيع .
وفي الفصل الخامس قال : اشترينا الخيل لأننا قررنا اللّحاق بعنزة لنجرب حضنا معهم في الشتاء قال : وفي صباح الثلاثين من كانون الأول دخل الحديقة سيّد أحمد وأبن أخيه جمعه مع بدوي صغير رث الهيئة يرتدي عباءة ويمتطي فرس أنه من عنزة من قبيلة القمصة أرسله شيخهم أبن مرشد مزوداً برسالة وبالتحيات الشفوية ليبلغنا رغبته بأن نشرفه بزيارة جاء الرّجل من البشري مسرعاً بعد أن سمع أننا نعد العدّة لزيارة عنزة ممضياً عشرة أيام في الطريق فبدأ لنا أن البدو يملكون مصادر موثوقة لتلقي الأخبار جاء البدوي بالإضافة إلى الرسالة بأخبار هامة تقول بأن عنزة على أبواب حرب بينهم ، ومضمون الموضوع أن قبيلة السبعة تحاربت مع قبيلة أخرى وكانت القبيلة الأخرى معها جيش من التّرك مما دفع السبعة إلى الاستعانة بالفدعان طالبين النجّدة من الشيخ جدعان بن مهيد فوفرها لهم على جناح السّرعة ، وأنقلب الموقف لصالح السبعة والفدعان ، فدحروا القبيلة التي حاربتهم وفروا من أمامهم واسروا منهم عشرين رجلاً من رجالهم وعاجلهم جدعان بالقتل انتقاماً وثاراً للرجال الخمسة الأسرى الذين قتلوهم من السبعة وعاد إلى قرب الدير مخيماً هناك بينما القبيلة التي حاربتهم فرّت جنوباً باتجاه الحماد .
أن في هذه الأخبار قصّة مفجعة ، ولكنها لم تؤثر على استعداداتنا للسفر لن تنسى تلك القبيلة اساءت أبناء عمومتهم من عنزة وبالتالي فهي لن تذهب معهم إلى جبل شمّر في الجنوب هذا العام . المحتمل أن تعجل عنزة في رحلتها نحو الجنوب ، وجدعان يتلهف لأي مساعدة يمكن أن يقدمها لشخص قوي يحالفه مثل السيد ( سكين ) ثم ذكر أن القبيلة التي هزمها جدعان سابقاً قد استنجدت في شمر وأبن رشيد وزحفوا بقيادة أبن رشيد وأخذوا يزحفون لمهاجمة جدعان وبقية عنزة في الشمال وأنسحب جدعان من البشري واتخذ من عين عيسى موقعاً دفاعياً حصيناً تجاوره وتحالفه قبيلة الولدة في تلك المنطقة مما ساعده على الدفاع عن نفسه ويقول القنصل لعل فرصتنا الوحيدة تكمن بالانضمام إلى جدعان حالاً لنساعده في حربه مع أبن رشيد وإذا ما انتصر فسنذهب معه إلى الجنوب وهو يطارد القوم ألا أن هذا يعتمد على نجاح جدعان في الحرب . فمحمد بن رشيد يملك المدافع بينما لا يملك شيئاً منها جدعان وكان عدد المهاجمين عشرين ألفاً فمن قائل أن جدعان سيهزم لا محاله وقد يجبر على الاستسلام ولكنه يستطيع التراجع بانتظام إلى عين عيسى أو إلى البشري وحتّى في هذه الحالة نجده مهدداً بعبور أبن صفوق للفرات يقود قبيلة شمر لتمزيقه ، وإذا ما نجحوا في ذلك فسيجد نفسه معزولاً عن الموالي وحلفائه الذين لا يزالون في أقصى الشمال .
توقع ولفرد خوف الفدعان وحلفاءهم من المدافع التي يملكها أبن رشيد ولكنه يظن أن تلك المدافع تعتبر من المدافع الباليه وفي حاله يرثى لها ، وقد لا يستعمل منها في الميدان أكثر من اثنين ، وعلى الرّغم من كثرة التوقعات نجد الأكثرية تقول أن جدعان هو الخاسر في هذه الحرب . أنها أكبر حالة حرب تشهدها البوادي العربية منذ أن طردت قبيلة عنزة القبيلة المعادية وإذا استسلم فيها جدعان فستنكب الفدعان والسبعة معاً وهم أكثر القبائل تمدناً على الرّغم من قدراتهم الحربية الكبيرة أن قوانين الحرب ستعطي المنتصر حق امتلاك كل شيء من الأمهار والجمال والأغنام والخيام وحتّى القدور وأدوات الطّبخ ، وسيكون لزاماً على هذه القبائل أن تستجدي الصّدقة من بني صخر ومن روافدهم من القبائل الصغيرة كالولدة والعقيدات وبسبب هذه المعلومات عقدنا مجلس حرب حضره مرافقنا سيد أحمد الذي وافق على اصطحابنا إلى الدير ، وبسط أمامنا خريطة أحداث البادية ، وقال أن الدنيا قائمة قاعدة والأوضاع قلبت رأساً على عقب ومن الأفضل الترّيث حتّى ينجلي الموقف وقال آمل أن يكون جدعان نداً لأعدائه ولكني لا أرغب أن التقي معه في مثل هذه الظروف .
في الخامس من كانون الثاني وصلنا نبأ عاجل جديد عن مسبب الحرب في البادية – تلك الحرب التي شغلتنا كثيراً عن الحرب الدائرة في بلغاريا وأرمينيا – أنه مشهور فتى القمصة من قبيلة السبعة ، وهو الذي ارسل لنا دعوة لزيارته منذ أيام فالنزاع متواصل بين السبعة وغرمائهم وكلهم من عنزة وهناك معلومات تحاشينا ذكرها ويواصل المؤلف حديثه فقال : منذ سنتين دعا حاكم الدير سليمان بن مرشد – شيخ أكبر فرقه من فرق السبعة إلى مأدبة عشاء كبيرة دعي إليها وجهاء المدينة ، فقام الباشا بحسن ضيافة الشيخ وأكرمه وحمّله بالهدايا إلى قومه ، وعندما رجع الشيخ مات فجأة في البادية فصعق أتباعه لهول الصّدمة وحمّلوا الوالي مسئولية موته ، وعزوا ذلك إلى فنجان مسموم من القهوة تناوله الشيخ من يده دون أن ينتبه ، وهو الحادث الذي سبب توتر العلاقات بين السبعة والسلطات التركية وأحدث تعقيدات وجروحاً لا تندمل بسهوله ، غير أن السبعة يملكون حقاً رسمياً للرعي في براري حمص وحماه مثل ما يملك الرولة حقاً للرعي في براري دمشق ثم تحدث عن المعركة وذكر أن أبن رشيد رجع ولم يحارب وأن الشيخ جدعان انتصر على اخصامه وهزمهم ومعه السبعة والفدعان .
وفي الفصل السادس جاء ذكر عنزة في الصفحة 82 وكذلك في الصفحة 89 من الفصل السابع وقد ورد اسم فوزان الخريصي وقد تردد اسم الشيخ جدعان في عدة مواضع من الكتاب قال في الصفحة 113 حافظ عبدالكريم على مودته لجدعان وساعده في بداية حياته العملية وقد اعطاه مالاً وجمالاً واغاثه في اكثر من ضائقة وملمّة فجدعان أصبح من خلال مهارته وشجاعته قائد لقبيلة الفدعان ومن ثم طمع أن يكون شيخاً على كل عنزة ثم تطرّق المؤلف لبعض مصادمات القبائل مما لا نود ذكره وفي الفصل الخامس عشر الصفحة 268 قال : في الاجزاء الأخرى من ديار العرب لن نجد أفضل من خيول عنزة وختم قوله بالاعتراف بجودة خيول السبعة والفدعان وعموم عنزة في الجزيرة العربية .
وفي الفصل السادس عشر الصفحة 292 قال : علي من المهيد من الفدعان وتربطه قرابه بعيده بجدعان بن مهيد نفسه ووافق على اصطحابنا إلى جدعان وعندها سنغيّر مجرى سيرنا وننطلق إلى الحماد مباشرة حيث يقيم جدعان وعنزة في موضع لن يحدده علي ولذلك عزمنا على رؤية عنزة والابتعاد عن الدير وأخبرنا الباشا عن عنزة وقال أنهم بعيداً في الجنوب يقاتلون اخصامهم .
وفي الفصل السابع عشر الصفحة 296 قال : بينما كنا ننصب الخيام ظهر رتل من الجمال قادماً من الجنوب ، وعرفنا بأنهم من عرب ( البو خميس) قدموا من مضاربهم التي تبعد مسيرة يوم وعلى بعد مسيرة يوم يقيم العجاجرة الخط المتقّدم لحماية عنزة بينما يقيم جدعان نفسه مع عموم السبعة بالقرب منهم .
ثم ذكر في الفصل الثامن عشر قال : فالعرب من الرسالين في قبيلة السبعة من قبيلة عنزة كانوا يجمعون الضرائب من تدمر ويفرضونها بأنفسهم ويمارسون حق مرافقة المسافرين هناك .
وفي الفصل التاسع عشر قال : بينما احضر دليلتنا محمد معه أحد رجال عنزة - مديد القامه طويل الأرجل أسمر اللّون زنجي الملامح اسمه جاسر ليكون دليلنا إلى جدعان في يوم غد ولكن هذا الرجل ليس من الزنوج وما لونه الأسمر العاتم ألا لتعرضه طويلاً لضوء الشمس ويقول المؤلف : وفي مسيرهم صادفوا غزو من الفدعان وأخبروهم أن جدعان ومحمد الدوخي وأبن مرشد وأبن هذال جميعهم خلف هذه التلّة تماماً ثم وصف مسيرهم ومشاهدتهم لبيوت عنزة وقال لهم دليلتهم أن هذا بيت جدعان نفسه القائد الكبير لعنزة الذي يجلّونه ويشرفونه ويطلقون عليه لقب أمير العرب .
أن الشيخ جدعان حديث عهد بالنعمة ، ويدين بمركزه إلى كونه رجل حرب وسياسه وهو من عائلة في جماعة المهيد الجماعة غير الكبيرة غير الكبيرة في عنزة ومن ثم جاءت شجاعته الفائقة وفروسيته اللاّمعة لكي تجعل منه رجلاً مشهوراً في قومه المحاربين الأشداء ، ولهذا انتخبوه شيخهم ولا يزال منذ سنوات الشيخ الوحيد للفدعان ولم يمض وقت طويل حتّى اختاره السبعة عقيداً لهم بعد وفاة سليمان بن مرشد ومنذ ذلك الوقت استلم زمام الأمور لهذا التّجمع المتحالف ((الفدعان -السبعة)) من عنزة.
قدّم لنا العشاء في خيمتنا لحم حمل وكمأ ولبن وتمر وفي المساء زارنا على التوالي تركي بن جدعان الولد الوحيد لجدعان والذي والده جدعان وخاله فارس المزيد شيخ مزينة الذي أخبرنا محمد عنه أنه من أنبل الناس في الجزيرة العربية كلها وفي الخامس من نيسان كانت عنزة في طريقها إلى الشمال والشمال الغربي لأنهم لا يبقون أكثر من ليلتين في المكان نفسه ، ولهذا اقتلعت الخيام في هذا الصباح وجدعان ينتظر منا -على سبيل المجاملة أن نفعل مثل ما فعل القوم حتى يرمي خيمته أرضاً . وبعد ساعتين من شروق الشّمس كان كل شخص يسير في مشهد رائع لأن مخيمات المهيد غطّت أميالاً عديده من الأرض حيث تبعثرت على شكل مجموعات في الواحدة منها من عشرة خيام إلى اثنتي عشرة خيمة وسارت على مراحل مقدار كل مرحلة ربع ميل على الأقل ، ولهذا فمن المستحيل تقدير عددها الكلي ، ألا أن رتل الجمال امتد على مدى الرؤية وعلى جانباً 0 ويقال أن تعداد القبيلة يبلغ الف خيمه .
ركب جدعان معنا طبعاً لأنه اليوم الأول لزيارتنا فعزف نشيد البدو على شرفنا كما فعله فارس وقومه من قبل 0 لقد سررت على أية حال عندما رايته راكباً على اعتبار أنه اشهر فارس في البادية ويمتطي ظهر جواده العملاق ، وبالتأكيد سوف الانطباع الرائع عن براعة البدوي وقدراته في الفروسية ثم وصف ركوب جدعان ووصف حصانه بأنه كميت اللّون من سلالة كحيلان الأخرس وقال : انظم للركب تركي بن جدعان . ثم ذكر زواج الشيخ جدعان من ابنة رجل من قبيلة السرحان من عنزة ويعيش مع أسرة أبن قعيشيش شيخ الخرصة .
وفي خبر آخر قال : كانت الخيام تعود إلى الموايجة – أحدى فرق السبعه – وذهبنا لزيارة شيخهم ، فوجدناهم ينصبون الخيام ، ولم تكن خيمة الشيخ قد نصبت فاستقبلنا في خيمة عمّه علي أنه فرحان بن هديب شاب في الثالثة أو الثانية والعشرون من عمره ، صاحب الأخلاق الحميدة الرائعة التي تميزه عن كل البدو الذين قابلناهم قصير القامه يميل إلى النحافة ولكن برشاقة وبيدين وقدمين صغيرتين جداً وبدت على محيّاه النقّاوة مع نظرة كئيبة ومسحة زيتونية غامقة ـ وكان يرتدي ملابس بسيطة على الرّغم شيئاً واضحاً في مظهره الخارجي يخبرنا بأنه من اصل نبيل . وعاداته بالنّسبة لنا تؤكد ذلك ، فمن طبعة الصراحة والهدوء ولا يحب الفضول ويزخر باللّطف فأعتذر ببساطة وعزّة نفس عن الاستقبال غير اللاّئق الذي قابلنا به . ولعل قبيلته هي الوحيدة التي عانت من ويلات الحرب واستطرد المؤلف بالحديث وقال : الموايجة يختلفون جداً عن جماعة جدعان غير المتمدنين الذين يتميزون بالفظاظة أن هؤلاء القوم في منتهى الأدب حتى أن فرحان نفسه يذكرنا بنموذج رائع لأحد أبناء الاسبان العظماء ويعتبر أصله من الأصول المفضّلة بين السبعة أخبرنا محمد بأن عائلته مع عائلة أبن مرشد تأتي في المقام الأول للعائلات الخمس الكبيرة ذات الأصالة المطلقة بين عنزة والعائلات هذه هي : عائلة المزيد من الحسنة وأبن هذال من العمارات وأبن جندل وأبن الطيّار وأبن سمير من ولد علي أخبرنا محمد بهذا عندما كنا نهم بالركوب اليوم وسألت فرحان عن صدق ما قال : فأجاب : بنعم وسألته عن سر هذا النّبل ! فأخبرنا بأنها كذلك وتحدّث عن الخيل وعن الحرب الذي دارت بين اطراف من عنزة ثم عاد إلى الحديث عن الشيخ جدعان فقال : تبرز ملامح جدعان عندم يثأر ويغضب ، ووجدت في عينيه الجميلتين اشعاعاً غريباً مدهشاً ، ولهذا اقترحت أن أرسمه فتشجّع للفكرة بصبر غير عادي لمجة ساعة ، ثم نادى على وكيله ليكتب لنا تحت الرّسم لقب أمير العرب – لقبه الجديد في البادية – يبدو أنه يسر ويفاخر بهذا اللّقب كما تسّر الناس بالألقاب في انكلترا ألا أن اللّوحة لم تنصفه وأوحت بملامحه الخشنه وتحدث بكلام طويل لا داعي لإيراده .
الفصل العشرون قال : يوم الأحد في السابع من نيسان كان اسم البركة التي خيمنا بجانبها خبرا المشقوق التي تقع على مرأى من جبل غراب ، وربما على بعد عشرة أميال إلى الجنوب منه قال وتحدثنا إلى فرحان طوال هذا الصباح ، وأجاب على أسئلتنا الكثيرة المزعجة برحابة صدر . وكان شيئاً جميلاً أن نراه يمارس سلطته على قومه لكي لا يزعجونا ، ولم نرى منهم ما يدل على قلّة التهذيب حيث لا يجرؤون على مخالفة توجيهاته لأن طريقته معهم تشبه معاملة الأخ الأكبر لأخوته لكي يحافظ فيها على النظام في منزل هائج وكنا نرغب مع فرحان أطول وقت ممكن ولأكثر من ليله واحدة ألا أن الوقت قد حان لتنفيذ مهمتنا الدبلوماسية ، وعلينا أن نقوم بزيارة شيخ واحد أو شيخين من الشيوخ المعروفين، ولهذا هدمت الخيام عند الساعة العاشرة عاقدين العزم على التوّجه إلى القمصّة في مكان غريب من هذا المكان فأسف فرحان لفراقنا عند توديعه فأخذنا نعده بطيبة خاطر ونقول سنعتبر خيمته خيمتنا فيما لو أتينا إليه مرّة ثانية .
ومن الصعب علي أن أعرف أهي المحن أم المصائب التي جعلت هؤلاء الناس هكذا ؟ لأن الموايجة وشيخهم كانوا أطرف من قابلناهم على هذا الجانب من الفرات ! ومما لاشك فيه أن المعاناة تعتبر درساً رائعاً لنا جميعاً في بعض الأحيان.
وما أن ابتعدنا حتى مررنا بجماعة من الرجال والجمال تسير نحونا وعند السؤال عنهم علمنا بأنهم من ولد علي – أحدى فروع عنزة – أصدقاء الرولة ولكنهم في صف السبعة في شجارهم الحالي وشيخهم محمد الدوخي أبن سمير له أهمية معتبرة وأعتقد بأنه يتمتع بحماية القنصلية البريطانية في دمشق منذ سنوات ، ومن المميزات التي يملكها ولا تزال سارية المفعول : احتكاره تفويض أيصال قافلة الحج سالمه إلى معان ولهذا لا نود أن نظهر بين قومه بهذه السرعة قبل أن نحصل منه على رسالة مؤدبة ، رجانا فيها أن لا تذهب بعيداً عن خيامه التي سينصبها على مسافة لا تبعد أكثر من ثلاثة أميال عن مكان مخيمنا السابق وحالاً فيما بعد ركب الشيخ بنفسه ليكرر دعوته لنا فقبلنا على الرّغم من أننا قد ارسلنا خبر إلى أبن مرشد شيخ القمصة نخطره بزيارتنا له أننا لا نستطيع رفض مثل هذه الدعوة الجديدة ، لأننا كنا بشوق للتّعرف على محمد الدوخي لذلك نصبنا خيامنا مع خيامه محمد الدوخي بلغ الخمسين من عمره قصير القامة ممتلئ الجسم أشيب اللّحية ، وعيناه سوداوان صغيرتان تلمعان وتعبران عن مزاج خاص ، وعلى كل فهو بالنسبة لنا اليوم من الطراز التركي المتقن أكثر من كونه بدوياً القى محمد الدوخي علينا خطابات مطوله مليئة بالترحيب مبدياً رغبته في خدمتنا والشّيخ الوحيد الذي تركناه ونحن نرغب بزيارته هو بطيّن بن مرشد شيخ القمصة وعلى كل حال تقدّم السيد ( سكين ) شارحاً بعض القضايا عن أبن مرشد قال وقدّمنا للشيخ محمد الدوخي هدية فرضها وجلس معنا محمد الدوخي طوال فترة الظهيرة يروي الحكايات عن مختلف الأوربيين الذين قابلهم لأنه وقومه ولد علي يمضون الصيف قرب دمشق وهم على اتصال دايم مع المدينة ، ولهذا فأني أعتقد أنه يملك الأخلاق الحسنة المهذبة ، أما في شبابه فيروى أنه كان يتمّتع بسمعة المحارب المعتبر ، ولكنه فقد أحدى ذراعيه في الحروب وهو راض الآن بتقديم المشورة العسكرية لقومه فقط اقترحنا واسهب المؤلف في حديث طويل ثم قال : ولكن سرورنا الكبير بوصول بطيّن بن مرشد شيخ القمصة الذي وصل إلى خيمة محمد الدوخي بقصد الزيارة ، جاء بطيّن بن مرشد على فرس عمرها ثلاث سنوات من سلالة عبية شراك جاء بها نصف ملجومة بعد أن اشتراها من عشيرته ، وكان يركبها عائداً إلى بيته من سفر ولكنه قصدنا بعد أن سمع أننا في خيمة محمد الدوخي وباعتبار أن الفرس أكثر شهرة دفع بطيّن أربعة عشر جملاً ثمناً لحصته في الفرس بدأ بطين ّ رجلاً كبيراً جديراً بالاحترام بأنه أبن مرشد ، ومن أصل نبيل ، ولا ينقصه شيء ليتأخر عن سمعة اجداده ضعيف الوجه شاحب اللّون فالشيخ الكبار باستثناء بطيّن قد ماتوا والجيل الشاب بينهم لم تسمح له الظروف لكي يبرز نفسه ويكسب النفوذ اللاّزم لكي يقود القبيلة في الحرب ، لآن رتبة العقيد أو القائد العسكري تعتبر انتخابية ومستقلة عن الاستحقاق الشخصي والنفوذ الموروث ففرحان بن هديب يبدو ساحراً وحساساً ويريد الاندفاع ليحتل مثل هذا المركز ، بينما تحدثوا عن مشهور بن مرشد أبن أخ سليمان بأنه من المحتمل أن يقوم بأعمال عظيمه يوماً ما ، تؤهله لقيادة قومه ألا أنه لا يزال صبياً إذاً بطيّن هو المرشّح الحالي لقيادة القبيلة ألا أن جدعان قائدهم الحقيقي في حالة الضرورة ، ولكن ليس بالاختيار يبدو أن بطيناً جاء إلى محمد الدوخي بشان أتخاذ قرار مهم في قضية جرت وأوكل الأمر إلى محمد الدوخي ليبت فيها سرنا جميعاً اليوم حوالي تسعة أميال بينما ركب محمد الدوخي مع ولده الصغير على ذلول ، واثناء المسير أدركنا القمصة وانضممنا إلى جماعه منهم فيها شاب يمتطي مهراً مبهرجاً من سلالة جلفان سطّام البولاد ، وقدّم نفسه على أنه أبن مجول المصرب المعروف في دمشق بزوج السيدة الأنكيزية كان مؤدباً ودعانا إلى خيمته ، وطلب منا فيما إذا كنا في طريقنا إلى دمشق أن نعرّج إلى منزل والده المصرب جماعة صغيرة تتجوّل مع القمصة ، كان الأخ الكبير لمجول بمظهره المميّز عندما قابلناه أخيراً في خيمة بطيّن .
وكان الشاب يذهب بنفسه كل شتاء إلى الحماد ، ويعود ليقضي الصيف في حمص ودمشق حيث يوجد منزل والده .
ووصلنا حالاً إلى خيمة بطيّن التي نصبت في واد يؤدي إلى هضبة وعرة تقع إلى الشمال من خط سيرنا ، وهناك حططنا الرحال في مكان قريب من مصادر الماء التي كانت على شكل سلسلة من البرك كنت قد تحدثت عنها سابقاً ، حيث أرسلنا الحيوانات كلها لتشرب وكل القرب لكي تملأ وتحدّث المؤلف عن معلومات لا عنينا ثم قال : حضر شاب بمحيا جميل ، وجلس أمامنا بعد أن حيا السيّد ( سكين ) ولم نعرفه في البداية ولكنه قدّم اسمه في الحال قائلاً : أنه مشهور بن مرشد فتعرّف عليه القنصل لأنه أبن مدبغ آل مرشد أحد أصدقائه القدامى ، والأخ الأكبر لسليمان أبن مرشد عندها قربناه لمجلسنا بحفاوة .
أما الشاب نفسه هو الذي ارسل لنا دعوة تلقيناها ونحن في حلب في مستهل رحلتنا وهذه الظروف مكنتنا من رؤيته ، فسألناه عن شعوره نحو الحرب ، وفيما إذا كان يرغب في أن تدور رحاها من جديد ؟ أجاب بالطّبع ( أوف ) يجب أن تستمر فقلنا : ولكن قومك قد عانوا منها من قبل ، ولم يكونوا قد فقدوا كثيراً من الخيل والجمال كما فقد غيرهم فأجاب علينا أن نستعيدها فقلنا : الا تخافون على الأرواح ؟ أخبرنا مشهور بكل هذا بوجه فتى نقي السريرة كان يتنافى بشكل غريب مع الأفعال القاسية التي وصفها قال : كان جدعان بعمري تماماً وكان امهر وكان امهر الفرسان رسمت صوره لمشهور وبينما كنت اقوم بذلك ، ركب إلينا رجل متوسط العمر فحيا القنصل الذي تعرّف عليه على أنه سعيد بن برغش الذي أسدى إليه معروفاً منذ بضع سنوات ، فكان الحادث على الشّكل التالي : أرسل ملك ايطاليا عميلاً إلى حلب لشراء الخيول الأصيلة ، وكان القنصل الايطالي هناك قد التمس نصيحة السيّد ( سكين ) ومساعدته في الحصول على الخيل ، فقاما بتكليف السيد عبدالرحمن بالمفاوضة لشراء حصان معيّن كانوا قد رأوه ووافقوا على شرائه ، فذهب عبدالرحمن بالنقود - مائة جنيه – ليدفعها ثمناً للحصان ، فهاجمه ثلاث وستون رجلاً من القمصة قرب تدمر في غزو ، فتوسل إليهم عبدالرحمن ليدعوه يمر بسلام وعبثاً ما كان يفعل ، على الرغم من أنه قد أخبرهم بأنه رسول القنصل الانكليزي لشراء الحصان . وباعتبار أنهم لا يعرفونه اصروا على سلبه ، ألا أن سعيداً بن برغش الذي كان ضمن الجماعة كان صديقا للسيّد( سكين ) أصر على تركه يذهب إلى حال سبيله دون أن يمسّه أحد بسوء كان بطيّن ومشهور من الناس الذين زاروا منطقة حايل في جبل شمّر ، ولهذا فقد أعطيا الوصف نفسه للخيل النجدية ، مثلما اعطاه الأشخاص الذين قابلناهم من قبل ولسنا بحاجة إلى تكرار ما قيل ألا أنهما بأن أبن رشيد كان يشتري الخيول منهم ، وأفادا عن الهجرة الشتوية لعنزة وقالا : أنه ليس صحيحاً وصولهم جنوباً إلى ابعد من جبل شمر فمن عادتهم أن يتوقفوا شمال بادية النفود وربما على بعد مسيرة ثلاثة أو أربعة ايام من تلك الهضاب ألا انهم قد يذهبون احياناً إلى هناك حالات الغزو أو لقضاء بعض الأعمال في المدينة فعلى كل حال فأن أبن رشيد لا يكن لهم الود كما نتحدّث ونساوم على فرس بطيّن عندما وصله رسول على عجل يطلبه أن يعود حالاً لأنه قد شاهد غزو يقترب منهم ومن المتوقع حدوث الهجوم بين ساعة وأخرى واعتقدنا في البداية أن هذا ربما تكون مناورة(درامية) مكن أن ترتب لمثل هذه المناسبات ، عندما تصل المفاوضات إلى نقطة حسّاسة أما من أجل المجادلة أو لقطع الحديث في اللّحظة المناسبة لم يهتم بطيّن بما قيل له ، إلى أن عدة رجال ركبوا إليه على عجل وترجلوا عند الخيمة وضربوا برماحهم الأرض ، وصاحوا به بعد أن نفذ صبرهم ، وطلبوا منه أن يأتي على عجل ، عندها نهض مسرعاً وهو يتنهّد كما لو كان لا يرغب في مواجهة غير ضرورية في المعركة كان مشهور من طبيعة أخرى ، فعندما سمع أول كلمة تشير إلى القتال وثب على قدميه وهرول راكضاً ، لم نلحق ببطيّن لأننا قد نكون عرضة للهجوم في الطريق، بينما لازلنا نكلك أمور هامة نود مناقشتها هناك وفي هذا الوقت امكننا أن نرى خروج ودخول عدد كبير من الناس إلى خيمة الشيخ ، وفي الحال جاء محمد الدوخي ليودعنا قبل أن ينصرف في شئون قومه ، فألقى خطاباً يعتبر مثالاً للأدب الشرقي ، إذ رجانا أن لا ننساه وطلب من ولفرد أن يكون وكيله أو ممثله معي لكي يذكّرني به وإذا ما احتجت إلى أية مساعدة في أي وقت فعندها ما علي ألا أن اصدر اوامري إلى محمد الدوخي لينفّذ وعلى الرغم من وجود بعض التصّنع في حديثه ، ألا أنه رجل بشخصية ونفوذ والطريقة التي يعامل بها قومه تختلف عن الطريقة التي يتبعها بطيّن ، فولد علي تحت أمرته ويطيعونه بشكل جيّد ، ولا يجرؤ أي شخص منهم على الجلوس في خيمته أن لم يكن من ذوي المراتب العالية . وإذا ما أخذ شخص ما حريته في خيمة الشيخ وهو ليس من ذوي الشأن فنبرة محمد الدوخي حاضرة قم أي ( أنهض ) وتسمع في كل وقت بينما يكون الأمر مختلفاً مع بطيّن فالكل يعمل ما يحلو له وهو لطيف جداً ، ويتحرّج من مواجهة أي شخص بهذه الطريقة .
وقال في موضع آخر : لم تكن قصّة الغزو خدعة هذه المرّة ، لأن الاستطلاع جاء ليعلن عن اقتراب مجموعة كبيرة من الفرسان تقدّر بألف فارس ، تتقدمهم جماعات من الرجال المسلحين على ظهور الأبل ، وبأيديهم المسكّت - بنقية قديمة يستعملها جنود المشاة - وأفاد رجال الاستطلاع بأن جماعة من الغزو تقدّر بخمسين فارساً قريبة جداً من هذا المكان ، إذ شوهدت في الوادي تماماً على بعد ميلين عند حافة الهضبة . وهنا بدأت حاجة القمصة إلى وصول الشيخ جدعان الذي أرسلت له الرسل ورسل أخرى إلى لتحّذر الأقسام المتفرقة من القبيلة لكي تبقى مع الهيكل الأساسي وتبيّن بأن الفتى مشهوراً الصغير هو القائد الحربي ألا أنه لايزال صغير لكي ينحي بطيّنا جانباً ويرأس القبيلة
كان مخيّم الشيخ بطيّن يعج بالناس الداخلين والخارجين ومن كل خيمه كنا نسمع حداء الحرب يغني بنغمات متساوية ثم وصف حداء القمصة وحداء الموايجة وحداء ولد علي ثم هدمت الخيام وسأل محمد عما يجري فكانت الاجابات تأمره أن يلحق يجدعان إلى الشمال من هذا المكان ، كان القمصة في عجله من أمرهم .
ظهر فارس قادماً من الجنوب فظنناه أنه من الأعداء لكن تبيّن لنا أنه مشهور الذي غامر وحده كي يستطلع ولم يكن قد شاهد شيئاً واستطرد في حديث طويل ثم قال : وبعد قليل أدركنا محمد الدوخي .توقف بطيّن على بعد ميل من التّل ، وعلى مرأى من هضاب تدمر وبعد لحظات قامت خيام القمصة بعرض شجاع على السّهل المستوي الذي اختاروه ، بينما ولد علي في مقدمتهم وقبائل أخرى انتشرت إلى الشّرق والجنوب .
جاء مشهور بأنباء تفيد أن القوم تراجعوا على الأقل عن قسم من المنطقة فابتهج كل شخص لهذه الأخبار السّارة واستمر في الحديث ثم قال : وأخيراً من ثلاثين فارساً على رأسهم جدعان بن مهيد يمتطي كحيلان الأخرس وبوجهه تعبير غريب
وتحدّث المؤلف عن معركة لا داعي لذكرها ثم قال : أن الرّجل الوحيد الذي كان محط اعجابنا هو الشاب مشهور الذي كنا نتوقع له أن يكون قائد المستقبل في قبيلته ومنذ ذلك الحين كان مشهور الرجل العظيم الذي نحبّه ، وقد اظهر لنا المشاعر ذاتها .
كان غانم يطوف بالخيول على المخيمات التماساً للماء الذي لم يحصل ألا على القليل منه لأن عنزة كما يبدو لا تهتم كثيراً بحمل الماء معها ، بينما كان الشّخص الوحيد الذي يحمل فائضاً منه هو أبن كردوش شيخ المسكة بينما الآخرون يقدمون اللّبن والحليب إلى الخيل ولكنها تفضّل الماء عليه.
الفصل الحادي والعشرون قال : يوم الأحد الرابع عشر من نيسان شاهدنا اجمل منظر طبيعي يمكن أن يشاهد في البادية أنه مخيّم الرولة الذي وصلنا إليه فجأة ، بعد أن عبرنا سلسلة منخفضه في أرض مرتفعة واشرفنا منها على سهل صيقل المترامي الأطراف والذي انتشرت فيه على مد البصر خيام لا تعد ولا تحصى ، وفيها الرجال والخيول والأبل ، وكان هناك بعد متساو لكل أجزاء المخيّم شرقاً وغرباً عن مكان التجمّع وقد قدرنا عدد الخيام بعشرين ألف خيمة والجمال بمائة وخمسين ألفاً وشعرت برهبة وخوف لهذا البحر الهائج من البشر قال : واستقبلنا رجلاً في الثلاثين من عمره ووجهه يميل إلى اللّون الأسمر نقّط بآثار الجدري ويضع على رأسه منديلاً وردياً وحالما ترجلنا كان من الصّعوبة أن تنعرّف عليه فقد كان سطّام بن شعلان شيخ الرولة أن عائلة أبن شعلان تملك أكبر أرث عائلي في البادية ويحق لسطام أن يتباهى بحكم شعب يبلغ تعداده عشرين الف نسمه على الأقل وبإمكانه أن يقود خمسة آلاف رجل في ساحة المعركة ولا زالت المشيخه متوارثه بينهم ولم نجد مثيلاً لعائلة الشعلان ألا عائلة الجربا في الجزيرة ألا أن الرولة من حيث القوة والثروة تفوق الشمريين كان عقيد الرولة رجلاً من المعجل فرع من القبيلة اسمه حمود
كان استقبالنا في خيمة سطام مؤدباً لطيفاً وعند الظهر جاء الشيخ حمود – عقيد القوم لزيارتنا – وانتهزنا الفرصة في فتح باب المفاوضات معه في موضوع مهمتنا الدبلوماسية التي كلفنا بها جدعان ، وهو ما يهمنا كثيراً ، ولدينا بعض التعليمات والشروط التي حمّلها جدعان لعبدالرحمن الحلبي - دكتور الشريعة - الذي كان يرافقنا ويملك صلاحية مطلقة في القضية على أن ترتّب الأمور على الشّكل التالي :
1-الأسراع بعقد الصّلح 2- كل الخسائر في كل الطرفين تعتبر منتهية .
3- يجب على أبن شعلان أن يسحب ادعاءه بمراعي حمص وحماه .
4- يستقبل السبعة والرولة ضيوفاً في أعالي البادية لأنها تتسّع لهم جميعاً اقترحنا شروطاً لطيفة على سطام وعلى العقيد في ظهر هذا اليوم ودعمناها بمناقشات وشروح مناسبة أخبرت الشيخ سطاماً : أن رجلاً مثله في هذه المكاة العظيمة عليه أن يضرب لقومه مثالاً في الحكمة وألا تجرفه شهوة المجد المجردة التي تجعل كثيراً من الناس العديدين حمقى لا فائدة منهم وعليه أن يعرف أن حرباً كهذه بلا هدف بين قبيلتين من عنزة ستكون ماحقة للطرفين وأنه إذا غنم أبل اليوم فسوف يخسرها غداً لأن الحرب كر وفر ولن ينتفع فهلاً من هذا النزاع سوى الأتراك أعداء الجميع وعليه أن يدرك الأمور بحكمة خيراًله من أن يكون العوبة بيدي الباشوات وافق سطّام في البداية على كل ما قلناه ، معترفاً بأن الحكومة التركية منذ البداية كانت هي الملامة على تفجير هذا النزاع ثم بدأت محاورة بين الشيخ سطام والليدي حول هذا الموضوع مما لا يتسع المجال له .
كل الجلاس اليوم ينتشرون في السّهل ، ولم يحدث مثل هذا منذ عشرين علماً ، كلهم هنا باستثناء خمسمائة خيمة بأمرة طلال أبن عم سطام بن شعلان ومهما قيل يصعب علينا تحديد العدد الحقيقي لخيام الرولة .
الفصل الربع والعشرين تحدّث كثيرا ومن ضمن قوله قال : وحسب اطلاعي تعتبر قبيلة الفدعان والحسنة حتى وقت قريب من اشهر القبائل أن لم تكن اكثرها عدداً وتليها قبيلة العمارات أبن هذال – والسبعة وولد علي جاءوا بعدهم . ثم ظهرت الرولة بعد مدّة طويلة لأول مرّة في منطقة دمشق في نهاية القرن الماضي بينما غادرت نجد جماعة الرفدي في العشرين سنة الماضية .
بينما اخذت عنزة تكتفي بسلب القوافل التي تسير على طول الفرات الأسفل ودون أدنى جهد أخذت تبسط سيطرتها على المدن ثم ذكرت الليدي بعض بطون من عنزة السّجل التالي : هو لقبائل عنزة حسب الأماكن التي تشغلها في نجعتها الصيفية من الشمال إلى الجنوب وعنزة في شمال جزيرة العرب : جميعهم من البدو الأقحاح إذ يملكون الأبل والخيول ويحملون الرماح ، ويفرضون الخوة على القبائل الصغيرة وفي حالة حرب دائمة مع الأخرين ويتوزعون بشكل متدّرج من حلب في الشمّال وحتى جبل شمّر في الجنوب .
1-الفدعان : أكثر القبائل الصحراوية ولعاً بالحرب . وهم قوم يتميزون بالخشونة وينقصهم التمّدن ، أبلهم قليله ويملكون قليلاً من الخيول من أجل التوالد ، ويعتمدون على السّلب والنّهب بشكل أساسي ، ويقسمون إلى الفروع التاليه
-المهيد شيخهم جدعان وعدد خيامهم 100 خيمة .
-الشميلات وعددخيامهم 100 خيمة .
-العجاجرة عدد خيامهم 100 خيمة .
-الخرصة وشيخهم نايف بن قعيشيش وعدد خيامهم 100 خيمة .
2-السبعة : قبيلة غنيه بالأبل والخيول وهم يملكون افضل سلالات الخيل في جزيرة العرب ، ويعتبرون من ذوي الأصول النبيلة ويتميزون باللطف وكرم الضيافة والشّرف ولا يقاتلون ألا دفاعاً عن النّفس ينقسمون إلى الفرق التاليه
-القمصة شيخهم بطيّن بن مرشد وخيامهم 100 خيمة .
-الرسالون خيامهم 500 خيمة .
-المسكة شيخهم أبن كردوش خيامهم 500 خيمة .
-الموايجة شيخهم فرحان بن هديب خيامهم 500 خيمة .
-العمارات خيامهم 500 خيمة .
ومن الجدير بالذّكر أن المصرب مع شيخهم محمد يعتبرون قسماً من الرسالين .
3- ابن هذال : قبيلة قويه كثيرة العدد . ويعتبر شيخهم عبدالمحسن الحميدي هو وقومه من أنبل الأصول البدوية في البادية باستثناء أبن مزيد شيخ الحسنة والهذال أقوياء وأغنياء ويملكون خيولاً كثيرة العدد وخيامهم 4000 خيمة
4- الحسنة : كانت فيما مضى القبيلة التي تقود عنزة ، ألا أنها تراجعت نتيجة تحالف الرولة مع السبعة منذ حوالي ستين عاماً وعائلة شيخهم فارس بن مزيد تعتبر أنبل وأشرف أصل في البادية وتعيش القبيلة اليوم تحت الحماية التركية قرب دمشق وعدد خيامها ربما ( 500) خيمه
5-الرولة : أو الجلاس تعتبر هذه القبيلة أقوى وأغنى قبيلة بين قبائل عنزة ، وعلى الرّغم من أن القبيلة كلها تعرف باسم الرولة ، ألا أن هذا الاسم لا ينطبق ألا على قسم ضئيل مستقل منهم .
تعتبر عائلة الشعلان أهم عائلة بين الرولة ومشيخة الجلاس فيها وراثية تمتلك الجلاس في الوقت الحاضر القليل من الخيول لأنهم تخلّوا جزئياً عن استعمال الرّمح واستبدلوه بالأسلحة النارية .يملك الرولة ( 50000) جمل ويروى أن القبيلة جاءت من نجد منذ سبعين عاماً تقريباً ولا يزالون يحافظون على صلاة حميمة مع جبل شمّر حيث لا يزالون يعودون إليه في الشتاء وهم الآن في حالة حرب وخيامهم تقدّر ب (( 1200 )) خيمة . 6- ولد علي : قبيلة قديمة اشتركت مع قبائل أخرى بالاسم نفسه في وسط الجزيرة العربية ومع ولد علي في مصر الغربية لديهم أبل وخيول كثيرة وحتى وقت قريب كانت قوافل الحج المنطلقة إلى مكّة تذهب بحماية محمد الدوخي أبن سمير الذي يحتل مكانة رفيعة في البادية وخيامهم تقدّر ب (( 3000)) خيمة .
7- الرفدي : شيخهم رجاء شوهدوا فقط في الصحراء الشمالية خلال الأثناء عشر الماضية ويعرفون في البادية .
( تصحيح ما جاء في هذه الرّحلة من أخطاء )
- المصرب ليس تابع للقمصة بل المصاربة قبيلة من البطينات .
- أبن كردوش شيخ العبادات وليس شيخ المسكا كما جاء في هذا الكتاب .
- جميع ما جاء في هذا الكتاب من اسم العنزة صحته ( عنزة ) دون الألف واللاّم
- حمود بن معجل شيخ الأشاجعة من المحلف من الجلاس وليس من الرولة .
- الرسالون خطأ مطبعي وصحته ( الرسالين ) والمصرب من المصاربة وليس من الرسالين .
- اسم الرولة لا ينطبق على قسم ضئيل من الجلاس كما ذكر بل يشمل القسم الأكثر من الجلاس ويضم أكبر قبائله وهم : المرعض – الفرجة – القعاقعة – الدغمان – الكواكبة .
- ما جاء عن تقسيمات قبائل عنزة ذكر قبائل ولم يذكر القبائل الأخرى وصحة تفرعات عنزة كافة في كتابنا (أصدق الدلائل في أنساب بني وائل).
182- كتاب من رحلات الرحالة البريطانية الليدي آن بلنت ترجمة أسعد الفارس ونضال خضر معيوف كتاب عام 8878 م سليلة الشاعر الأنقليزي الشهير اللورد بيرون آتت إلى البلاد عام 1877م وكان معها زوجها ولفريد سكوين بلانت وهو رحاله وشاعر خبير وقد استأجر بيتاً بجوار بيت ليدي دغبي المصرب وكان يرى في سوق الخيل ضخماَ كانت زيارتهما للبادية والبداة لها علاقة لهدفين واضحين منذ البداية استكشاف وادي الفرات أو أكبر شطر منه وعقد صلاة حميمه مع العشائر وخاصة عنزة والفدعان بشكل أخص وعلى رأسهم الشيخ جدعان ثم تستفيض بالحديث عن هجرة عنزة من نجد ووقائعها مع العثمانيين والعشائر الأخرى وقد اشترت خيلاً ومشالح وجزمات وتبغ وسكّر وهدايا لشيوخ البدو وقصدت مضارب عنزة بعد أن أرسل لها أبن مرشد شيخ القمصة مرحباً بزيارتها وغامرت كذلك بالتدخّل في نزاعات البدو .
وفي موضع آخر ذكر أن محمد الطالب مرافق الليدي بلانت وعدهم بإيصالهم للشيخ جدعان شيخ الفدعان .
جاء في الفصل الثالث من الكتاب بينما الضفة اليمنى لنهر الفرات قد سيطر على بواديها قبيلة عنزة إذ انتشرت هذه القبيلة من نجد في أقصى الجنوب وحتّى حلب في الشمال وكان القنصل على صلة وثيقة في عنزة وهو الذي قدّم لها خدمات جليله وكثيراً ما يتوسط بينهم وبين الحكومة التركية وقد ادهشنا بقصصه عن الشيخ جدعان أحد شيوخ عنزة الذي وصفه لنا بأنه داهية البادية وتبيّن لنا فيما بعد أن جدعان اكتسب مهارة حربية وشجاعة ومواهب بوأته لأن يصبح القائد الأعلى في قومه وركناً من أركان عنزة ونادراً ما نجد قصّة غير صحيحه تروى عن هذا الرّجل الذي دخل في أحداث مسرح رحلتنا إلى الشّرق وروى لنا القنصل أنه تعرّف على جدعان عام 1857م في الوقت الذي كان فيه عصمت باشا والياً على ولاية حلب وكان رجلاً عسكرياً طموحاً أراد عصمت باشا أن يجرد حملة عسكرية لتأديب الفدعان من عنزة والفدعان بقيادة جدعان كانوا يقيمون في سهل المالحة على الفرات وثقة بالنفس وطمعاً بإظهار المهارة العسكرية طلب عصمت باشا من القنصل الأنقليزي السيّد ( سكين ) الانضمام إلى الحملة كشاهد أوربي على على ما يفعل كان عصمت باشا يقود الحملة بنفسه وفيها كوكبتان من الخيالة وسرية مشاه تحمل البنادق ترافقهم أربعة مدافع مقطورة بواسطة البغال .
كان على الحملة أن تسير ستين ميلاً ، وأن تنام في العراء على هضبة فوق مالحة ( الجبول ) وكانت الليلة مظلمه ، والسماء ملبدة بالغيوم وفي الصباح الباكر اكتشفت الحملة أن البغال المخصصة للمدفعية قد سرقت مما دفع الحملة بأن تقطر المدفعية بواسطة خيول العسكر وفي المسير الثانية وصل الأتراك إلى السّهل وساروا فيه عشرة أميال دون أن يصادفوا العدو وعند المبيت شددت الحراسة على الخيول ولكنها جفلت أكثر من مرّة في الليل وفي الصباح كان عدد منها قد نقص ، مما أغضب عصمت باشا ولكنه تابع المسير حتى وصل الجروف المطلّة على وادي الفرات فبدت مضارب الفدعان التي اسرعت للرحيل محدثة ضوضاء وجلبة عالية أنها تعبر النهر وبأقصى سرعة ، وقد فوجئت بوجود الحملة التي ظنوا أنها عادت من حيث أتت لأنها فقدت خيولها .
كان عنزة ينسحبون بأقصى سرعة باسثناء قطيع من الأبل يصل تعداد جمالة إلى خمسة آلاف جمل يبدو أنها تركت بدون حمايه فاعتبر الباشا القطيع في حوزته ولذلك زحف إلى أسفل السّهل إلى نقطة على شكل تل صغير اعتبره الباشا (( استراتيجياً )) يصلح لنصب المدافع ثم ارسلت مجموعة من الخيالة لتمنع الجمال من انسحاب محتمل باتجاه الفرات نفذت المناورة بدقّة وحصرت الجمال . وبينما الأنظار تتجه إلى الأبل ظهرت مجموعة من ثمانية خيّاله يعبرون النهّر الذي كان منخفضاً ، وقبل أن ينتبه الملازم المسئول لهذا الخطر أنطلق قائد المجموعة يعدوا على ظهر جواده فطعن الملازم برمحه وتبعثر الجنود من هول المفاجئة ثم أتجه الجمع كلّه – البدو – والجنود باتجاه التّلة حيث المقر الرئيسي للمشاة والمدفعية ، فأمر الباشا رماة المدفعية بأطلاق النار وهو نفسه كان يصّوب مدفعاً ونتيجة للرمي الخاطيء أردى أحد الجنود والأهم من ذلك كلّه هيجان الأبل بسبب قصف المدافع فتدافعت فاقدة الوعي وهي تطأ بقسوة كل من تصادفه بينها وبين النهّر في الوقت الذي افلت فيه البدو ونجحوا في قيادة القطيع كلّه عبر النهّر وهم يهتفون كالمعتاد ها هو.
كان قائد حملة الانقاذ هو جدعان نفسه الذي بمهارته وشجاعة رجاله أرجع الحملة فاشلة ، بعد أن فقدت اثنين من رجالها وعاد عصمت باشا إلى حلب دون أي تذكار للشجاعة والذي حرص على تحقيقه دون نتيجة .
أن هذا الحادث أعطى للقنصل فضولاً كبيراً لرؤية هذا البطل المغامر عن كثب ، وقد سمحت له الظروف بتحقيق هذه الرغبة .
ثم تحدّث المؤلف عن ما حصل للشيخ جدعان والقنصل مما يطول شرحه وقال في مناسبة أخرى كانت الفدعان متعبة من الحرب بسبب المؤامرات التي تديرها وتحيكها الحكومة التركية ثم ذكر حادثة تجاوزنا ذكرها وتحدّث عن انتصارات جدعان على القبائل قال : في الخامس عشر تحدّث ( ولفرد ) مع القنصل عن الهجرة السنوية لعنزة باتجاه نجد ، واحتدم النقاش حول مدى تجوالهم في الجنوب، إذ يؤكد السّيد ( سكين ) بأنه قد يصل إلى جبل شمر وإلى نجد ألا انه لم يسمع بأوربي قد رافق عنزة في رحلاتهم ، وهو نفسه لم يزرهم ألا في مضاربهم الصيفية في البادية السورية العليا .
قررنا أن ننطلق فوراً إذا كان البدو قد شرعوا برحلة جدية ، وقررنا أن ننظم لعنزة حيثما يكونون ، لأنهم قد رحلوا عن جوار حلب ويفترض بأنهم الآن في الجنوب الشرقي بين تدمر والفرات .
ارسل القنصل إلى السيّد أحمد شيخ قبيلة صغيره تعيش في اطراف الصحراء للحصول منه على معلومات دقيقه عن قوة عنزة وعدتهم ، قال سيّد أحمد أن قبيلة عنزة تركت جوار حلب منذ عدّة أسابيع .
وفي الفصل الخامس قال : اشترينا الخيل لأننا قررنا اللّحاق بعنزة لنجرب حضنا معهم في الشتاء قال : وفي صباح الثلاثين من كانون الأول دخل الحديقة سيّد أحمد وأبن أخيه جمعه مع بدوي صغير رث الهيئة يرتدي عباءة ويمتطي فرس أنه من عنزة من قبيلة القمصة أرسله شيخهم أبن مرشد مزوداً برسالة وبالتحيات الشفوية ليبلغنا رغبته بأن نشرفه بزيارة جاء الرّجل من البشري مسرعاً بعد أن سمع أننا نعد العدّة لزيارة عنزة ممضياً عشرة أيام في الطريق فبدأ لنا أن البدو يملكون مصادر موثوقة لتلقي الأخبار جاء البدوي بالإضافة إلى الرسالة بأخبار هامة تقول بأن عنزة على أبواب حرب بينهم ، ومضمون الموضوع أن قبيلة السبعة تحاربت مع قبيلة أخرى وكانت القبيلة الأخرى معها جيش من التّرك مما دفع السبعة إلى الاستعانة بالفدعان طالبين النجّدة من الشيخ جدعان بن مهيد فوفرها لهم على جناح السّرعة ، وأنقلب الموقف لصالح السبعة والفدعان ، فدحروا القبيلة التي حاربتهم وفروا من أمامهم واسروا منهم عشرين رجلاً من رجالهم وعاجلهم جدعان بالقتل انتقاماً وثاراً للرجال الخمسة الأسرى الذين قتلوهم من السبعة وعاد إلى قرب الدير مخيماً هناك بينما القبيلة التي حاربتهم فرّت جنوباً باتجاه الحماد .
أن في هذه الأخبار قصّة مفجعة ، ولكنها لم تؤثر على استعداداتنا للسفر لن تنسى تلك القبيلة اساءت أبناء عمومتهم من عنزة وبالتالي فهي لن تذهب معهم إلى جبل شمّر في الجنوب هذا العام .
المحتمل أن تعجل عنزة في رحلتها نحو الجنوب ، وجدعان يتلهف لأي مساعدة يمكن أن يقدمها لشخص قوي يحالفه مثل السيد ( سكين ) ثم ذكر أن القبيلة التي هزمها جدعان سابقاً قد استنجدت في شمر وأبن رشيد وزحفوا بقيادة أبن رشيد وأخذوا يزحفون لمهاجمة جدعان وبقية عنزة في الشمال وأنسحب جدعان من البشري واتخذ من عين عيسى موقعاً دفاعياً حصيناً تجاوره وتحالفه قبيلة الولدة في تلك المنطقة مما ساعده على الدفاع عن نفسه ويقول القنصل لعل فرصتنا الوحيدة تكمن بالانضمام إلى جدعان حالاً لنساعده في حربه مع أبن رشيد وإذا ما انتصر فسنذهب معه إلى الجنوب وهو يطارد القوم ألا أن هذا يعتمد على نجاح جدعان في الحرب فمحمد بن رشيد يملك المدافع بينما لا يملك شيئاً منها جدعان وكان عدد المهاجمين عشرين ألفاً فمن قائل أن جدعان سيهزم لا محاله وقد يجبر على الاستسلام ولكنه يستطيع التراجع بانتظام إلى عين عيسى أو إلى البشري وحتّى في هذه الحالة نجده مهدداً بعبور أبن صفوق للفرات يقود قبيلة شمر لتمزيقه ، وإذا ما نجحوا في ذلك فسيجد نفسه معزولاً عن الموالي وحلفائه الذين لا يزالون في أقصى الشمال .
توقع ولفرد خوف الفدعان وحلفاءهم من المدافع التي يملكها أبن رشيد ولكنه يظن أن تلك المدافع تعتبر من المدافع الباليه وفي حاله يرثى لها ، وقد لا يستعمل منها في الميدان أكثر من اثنين ، وعلى الرّغم من كثرة التوقعات نجد الأكثرية تقول أن جدعان هو الخاسر في هذه الحرب .
أنها أكبر حالة حرب تشهدها البوادي العربية منذ أن طردت قبيلة عنزة القبيلة المعادية وإذا استسلم فيها جدعان فستنكب الفدعان والسبعة معاً وهم أكثر القبائل تمدناً على الرّغم من قدراتهم الحربية الكبيرة أن قوانين الحرب ستعطي المنتصر حق امتلاك كل شيء من الأمهار والجمال والأغنام والخيام وحتّى القدور وأدوات الطّبخ ، وسيكون لزاماً على هذه القبائل أن تستجدي الصّدقة من بني صخر ومن روافدهم من القبائل الصغيرة كالولدة والعقيدات وبسبب هذه المعلومات عقدنا مجلس حرب حضره مرافقنا سيد أحمد الذي وافق على اصطحابنا إلى الدير ، وبسط أمامنا خريطة أحداث البادية ، وقال أن الدنيا قائمة قاعدة والأوضاع قلبت رأساً على عقب ومن الأفضل الترّيث حتّى ينجلي الموقف وقال آمل أن يكون جدعان نداً لأعدائه ولكني لا أرغب أن التقي معه في مثل هذه الظروف .
في الخامس من كانون الثاني وصلنا نبأ عاجل جديد عن مسبب الحرب في البادية تلك الحرب التي شغلتنا كثيراً عن الحرب الدائرة في بلغاريا وأرمينيا – أنه مشهور فتى القمصة من قبيلة السبعة ، وهو الذي ارسل لنا دعوة لزيارته منذ أيام فالنزاع متواصل بين السبعة وغرمائهم وكلهم من عنزة وهناك معلومات تحاشينا ذكرها ويواصل المؤلف حديثه فقال : منذ سنتين دعا حاكم الدير سليمان بن مرشد – شيخ أكبر فرقه من فرق السبعة إلى مأدبة عشاء كبيرة دعي إليها وجهاء المدينة ، فقام الباشا بحسن ضيافة الشيخ وأكرمه وحمّله بالهدايا إلى قومه ، وعندما رجع الشيخ مات فجأة في البادية فصعق أتباعه لهول الصّدمة وحمّلوا الوالي مسئولية موته ، وعزوا ذلك إلى فنجان مسموم من القهوة تناوله الشيخ من يده دون أن ينتبه ، وهو الحادث الذي سبب توتر العلاقات بين السبعة والسلطات التركية وأحدث تعقيدات وجروحاً لا تندمل بسهوله ، غير أن السبعة يملكون حقاً رسمياً للرعي فيبراري حمص وحماه مثل ما يملك الرولة حقاً للرعي في براري دمشق ثم تحدث عن المعركة وذكر أن أبن رشيد رجع ولم يحارب وأن الشيخ جدعان انتصر على اخصامه وهزمهم ومعه السبعة والفدعان .
وفي الفصل السادس جاء ذكر عنزة في الصفحة 82 وكذلك في الصفحة 89 من الفصل السابع وقد ورد اسم فوزان الخريصي وقد تردد اسم الشيخ جدعان في عدة مواضع من الكتاب قال في الصفحة 113 حافظ عبدالكريم على مودته لجدعان وساعده في بداية حياته العملية وقد اعطاه مالاً وجمالاً واغاثه في اكثر من ضائقة وملمّة فجدعان أصبح من خلال مهارته وشجاعته قائد لقبيلة الفدعان ومن ثم طمع أن يكون شيخاً على كل عنزة ثم تطرّق المؤلف لبعض مصادمات القبائل مما لا نود ذكره وفي الفصل الخامس عشر الصفحة 268 قال : في الاجزاء الأخرى من ديار العرب لن نجد أفضل من خيول عنزة وختم قوله بالاعتراف بجودة خيول السبعة والفدعان وعموم عنزة في الجزيرة العربية .
وفي الفصل السادس عشر الصفحة 292 قال : علي من المهيد من الفدعان وتربطه قرابه بعيده بجدعان بن مهيد نفسه ووافق على اصطحابنا إلى جدعان وعندها سنغيّر مجرى سيرنا وننطلق إلى الحماد مباشرة حيث يقيم جدعان وعنزة في موضع لن يحدده علي ولذلك عزمنا على رؤية عنزة والابتعاد عن الدير وأخبرنا الباشا عن عنزة وقال أنهم بعيداً في الجنوب يقاتلون اخصامهم .
وفي الفصل السابع عشر الصفحة 296 قال : بينما كنا ننصب الخيام ظهر رتل من الجمال قادماً من الجنوب ، وعرفنا بأنهم من عرب ( البو خميس) قدموا من مضاربهم التي تبعد مسيرة يوم وعلى بعد مسيرة يوم يقيم العجاجرة الخط المتقّدم لحماية عنزة بينما يقيم جدعان نفسه مع عموم السبعة بالقرب منهم .
ثم ذكر في الفصل الثامن عشر قال : فالعرب من الرسالين في قبيلة السبعة من قبيلة عنزة كانوا يجمعون الضرائب من تدمر ويفرضونها بأنفسهم ويمارسون حق مرافقة المسافرين هناك .
وفي الفصل التاسع عشر قال : بينما احضر دليلتنا محمد معه أحد رجال عنزة - مديد القامه طويل الأرجل أسمر اللّون زنجي الملامح اسمه جاسر ليكون دليلنا إلى جدعان في يوم غد ولكن هذا الرجل ليس من الزنوج وما لونه الأسمر العاتم ألا لتعرضه طويلاً لضوء الشمس ويقول المؤلف : وفي مسيرهم صادفوا غزو من الفدعان وأخبروهم أن جدعان ومحمد الدوخي وأبن مرشد وأبن هذال جميعهم خلف هذه التلّة تماماً ثم وصف مسيرهم ومشاهدتهم لبيوت عنزة وقال لهم دليلتهم أن هذا بيت جدعان نفسه القائد الكبير لعنزة الذي يجلّونه ويشرفونه ويطلقون عليه لقب أمير العرب .
أن الشيخ جدعان حديث عهد بالنعمة ، ويدين بمركزه إلى كونه رجل حرب وسياسه وهو من عائلة في جماعة المهيد الجماعة غير الكبيرة غير الكبيرة في عنزة ومن ثم جاءت شجاعته الفائقة وفروسيته اللاّمعة لكي تجعل منه رجلاً مشهوراً في قومه المحاربين الأشداء ، ولهذا انتخبوه شيخهم ولا يزال منذ سنوات الشيخ الوحيد للفدعان ولم يمض وقت طويل حتّى اختاره السبعة عقيداً لهم بعد وفاة سليمان بن مرشد ومنذ ذلك الوقت استلم زمام الأمور لهذا التّجمع المتحالف ((الفدعان -السبعة)) من عنزة .
قدّم لنا العشاء في خيمتنا لحم حمل وكمأ ولبن وتمر وفي المساء زارنا على التوالي تركي بن جدعان الولد الوحيد لجدعان والذي والده جدعان وخاله فارس المزيد شيخ مزينة الذي أخبرنا محمد عنه أنه من أنبل الناس في الجزيرة العربية كلها وفي الخامس من نيسان كانت عنزة في طريقها إلى الشمال والشمال الغربي لأنهم لا يبقون أكثر من ليلتين في المكان نفسه ، ولهذا اقتلعت الخيام في هذا الصباح وجدعان ينتظر منا -على سبيل المجاملة أن نفعل مثل ما فعل القوم حتى يرمي خيمته أرضاً وبعد ساعتين من شروق الشّمس كان كل شخص يسير في مشهد رائع لأن مخيمات المهيد غطّت أميالاً عديده من الأرض حيث تبعثرت على شكل مجموعات في الواحدة منها من عشرة خيام إلى اثنتي عشرة خيمة وسارت على مراحل مقدار كل مرحلة ربع ميل على الأقل ، ولهذا فمن المستحيل تقدير عددها الكلي ، ألا أن رتل الجمال امتد على مدى الرؤية وعلى جانباً ويقال أن تعداد القبيلة يبلغ الف خيمه .
ركب جدعان معنا طبعاً لأنه اليوم الأول لزيارتنا فعزف نشيد البدو على شرفنا كما فعله فارس وقومه من قبل لقد سررت على أية حال عندما رايته راكباً إلى اعتبار أنه اشهر فارس في البادية ويمتطي ظهر جواده العملاق ، وبالتأكيد سوف الانطباع الرائع عن براعة البدوي وقدراته في الفروسية ثم وصف ركوب جدعان ووصف حصانه بأنه كميت اللّون من سلالة كحيلان الأخرس وقال : انظم للركب تركي بن جدعان .
ثم ذكر زواج الشيخ جدعان من ابنة رجل من قبيلة السرحان من عنزة ويعيش مع أسرة أبن قعيشيش شيخ الخرصة .
وفي خبر آخر قال : كانت الخيام تعود إلى الموايجة – أحدى فرق السبعه وذهبنا لزيارة شيخهم ، فوجدناهم ينصبون الخيام ، ولم تكن خيمة الشيخ قد نصبت فاستقبلنا في خيمة عمّه علي .
أنه فرحان بن هديب شاب في الثالثة أو الثانية والعشرون من عمره ، صاحب الأخلاق الحميدة الرائعة التي تميزه عن كل البدو الذين قابلناهم قصير القامه يميل إلى النحافة ولكن برشاقة وبيدين وقدمين صغيرتين جداً وبدت على محيّاه النقّاوة مع نظرة كئيبة ومسحة زيتونية غامقة ـ وكان يرتدي ملابس بسيطة على الرّغم شيئاً واضحاً في مظهره الخارجي يخبرنا بأنه من اصل نبيل وعاداته بالنّسبة لنا تؤكد ذلك ، فمن طبعة الصراحة والهدوء ولا يحب الفضول ويزخر باللّطف فأعتذر ببساطة وعزّة نفس عن الاستقبال غير اللاّئق الذي قابلنا به ولعل قبيلته هي الوحيدة التي عانت من ويلات الحرب واستطرد المؤلف بالحديث وقال : الموايجة يختلفون جداً عن جماعة جدعان غير المتمدنين الذين يتميزون بالفظاظة أن هؤلاء القوم في منتهى الأدب حتى أن فرحان نفسه يذكرنا بنموذج رائع لأحد أبناء الاسبان العظماء ويعتبر أصله من الأصول المفضّلة بين السبعة أخبرنا محمد بأن عائلته مع عائلة أبن مرشد تأتي في المقام الأول للعائلات الخمس الكبيرة ذات الأصالة المطلقة بين عنزة والعائلات هذه هي : عائلة المزيد من الحسنة وأبن هذال من العمارات وأبن جندل وأبن الطيّار وأبن سمير من ولد علي أخبرنا محمد بهذا عندما كنا نهم بالركوب اليوم وسألت فرحان عن صدق ما قال : فأجاب : بنعم وسألته عن سر هذا النّبل ! فأخبرنا بأنها كذلك وتحدّث عن الخيل وعن الحرب الذي دارت بين اطراف من عنزة ثم عاد إلى الحديث عن الشيخ جدعان فقال : تبرز ملامح جدعان عندم يثأر ويغضب ، ووجدت في عينيه الجميلتين اشعاعاً غريباً مدهشاً ، ولهذا اقترحت أن أرسمه فتشجّع للفكرة بصبر غير عادي لمجة ساعة ، ثم نادى على وكيله ليكتب لنا تحت الرّسم لقب أمير العرب – لقبه الجديد في البادية – يبدو أنه يسر ويفاخر بهذا اللّقب كما تسّر الناس بالألقاب في انكلترا ألا أن اللّوحة لم تنصفه وأوحت بملامحه الخشنه وتحدث بكلام طويل لا داعي لإيراده .
الفصل العشرون قال : يوم الأحد في السابع من نيسان كان اسم البركة التي خيمنا بجانبها خبرا المشقوق التي تقع على مرأى من جبل غراب ، وربما على بعد عشرة أميال إلى الجنوب منه قال وتحدثنا إلى فرحان طوال هذا الصباح ، وأجاب على أسئلتنا الكثيرة المزعجة برحابة صدر وكان شيئاً جميلاً أن نراه يمارس سلطته على قومه لكي لا يزعجونا ، ولم نرى منهم ما يدل على قلّة التهذيب حيث لا يجرؤون على مخالفة توجيهاته لأن طريقته معهم تشبه معاملة الأخ الأكبر لأخوته لكي يحافظ فيها على النظام في منزل هائج وكنا نرغب مع فرحان أطول وقت ممكن ولأكثر من ليله واحدة ألا أن الوقت قد حان لتنفيذ مهمتنا الدبلوماسية ، وعلينا أن نقوم بزيارة شيخ واحد أو شيخين من الشيوخ المعروفين، ولهذا هدمت الخيام عند الساعة العاشرة عاقدين العزم على التوّجه إلى القمصّة في مكان غريب من هذا المكان فأسف فرحان لفراقنا عند توديعه فأخذنا نعده بطيبة خاطر ونقول سنعتبر خيمته خيمتنا فيما لو أتينا إليه مرّة ثانية .
ومن الصعب علي أن أعرف أهي المحن أم المصائب التي جعلت هؤلاء الناس هكذا ؟ لأن الموايجة وشيخهم كانوا أطرف من قابلناهم على هذا الجانب من الفرات ! ومما لاشك فيه أن المعاناة تعتبر درساً رائعاً لنا جميعاً في بعض الأحيان وما أن ابتعدنا حتى مررنا بجماعة من الرجال والجمال تسير نحونا وعند السؤال عنهم علمنا بأنهم من ولد علي – أحدى فروع عنزة – أصدقاء الرولة ولكنهم في صف السبعة في شجارهم الحالي وشيخهم محمد الدوخي أبن سمير له أهمية معتبرة وأعتقد بأنه يتمتع بحماية القنصلية البريطانية في دمشق منذ سنوات ، ومن المميزات التي يملكها ولا تزال سارية المفعول : احتكاره تفويض أيصال قافلة الحج سالمه إلى معان ولهذا لا نود أن نظهر بين قومه بهذه السرعة قبل أن نحصل منه على رسالة مؤدبة ، رجانا فيها أن لا تذهب بعيداً عن خيامه التي سينصبها على مسافة لا تبعد أكثر من ثلاثة أميال عن مكان مخيمنا السابق وحالاً فيما بعد ركب الشيخ بنفسه ليكرر دعوته لنا فقبلنا على الرّغم من أننا قد ارسلنا خبر إلى أبن مرشد شيخ القمصة نخطره بزيارتنا له أننا لا نستطيع رفض مثل هذه الدعوة الجديدة ، لأننا كنا بشوق للتّعرف على محمد الدوخي لذلك نصبنا خيامنا مع خيامه محمد الدوخي بلغ الخمسين من عمره قصير القامة ممتلئ الجسم أشيب اللّحية ، وعيناه سوداوان صغيرتان تلمعان وتعبران عن مزاج خاص ، وعلى كل فهو بالنسبة لنا اليوم من الطراز التركي المتقن أكثر من كونه بدوياً .
القى محمد الدوخي علينا خطابات مطوله مليئة بالترحيب مبدياً رغبته في خدمتنا والشّيخ الوحيد الذي تركناه ونحن نرغب بزيارته هو بطيّن بن مرشد شيخ القمصة وعلى كل حال تقدّم السيد ( سكين ) شارحاً بعض القضايا عن أبن مرشد قال وقدّمنا للشيخ محمد الدوخي هدية فرضها وجلس معنا محمد الدوخي طوال فترة الظهيرة يروي الحكايات عن مختلف الأوربيين الذين قابلهم لأنه وقومه ولد علي يمضون الصيف قرب دمشق وهم على اتصال دايم مع المدينة ، ولهذا فأني أعتقد أنه يملك الأخلاق الحسنة المهذبة ، أما في شبابه فيروى أنه كان يتمّتع بسمعة المحارب المعتبر ، ولكنه فقد أحدى ذراعيه في الحروب وهو راض الآن بتقديم المشورة العسكرية لقومه فقط اقترحنا واسهب المؤلف في حديث طويل ثم قال : ولكن سرورنا الكبير بوصول بطيّن بن مرشد شيخ القمصة الذي وصل إلى خيمة محمد الدوخي بقصد الزيارة ، جاء بطيّن بن مرشد على فرس عمرها ثلاث سنوات من سلالة عبية شراك جاء بها نصف ملجومة بعد أن اشتراها من عشيرته ، وكان يركبها عائداً إلى بيته من سفر ولكنه قصدنا بعد أن سمع أننا في خيمة محمد الدوخي وباعتبار أن الفرس أكثر شهرة دفع بطيّن أربعة عشر جملاً ثمناً لحصته في الفرس بدأ بطين ّرجلاً كبيراً جديراً بالاحترام بأنه أبن مرشد ، ومن أصل نبيل ،ولا ينقصه شيء ليتأخر عن سمعة اجداده ضعيف الوجه شاحب اللّون فالشيخ الكبار باستثناء بطيّن قد ماتوا والجيل الشاب بينهم لم تسمح له الظروف لكي يبرز نفسه ويكسب النفوذ اللاّزم لكي يقود القبيلة في الحرب ، لآن رتبة العقيد أو القائد العسكري تعتبر انتخابية ومستقلة عن الاستحقاق الشخصي والنفوذ الموروث ففرحان بن هديب يبدو ساحراً وحساساً ويريد الاندفاع ليحتل مثل هذا المركز ، بينما تحدثوا عن مشهور بن مرشد أبن أخ سليمان بأنه من المحتمل أن يقوم بأعمال عظيمه يوماً ما ، تؤهله لقيادة قومه ألا أنه لا يزال صبياً إذاً بطيّن هو المرشّح الحالي لقيادة القبيلة ألا أن جدعان قائدهم الحقيقي في حالة الضرورة ، ولكن ليس بالاختيار يبدو أن بطيناً جاء إلى محمد الدوخي بشان أتخاذ قرار مهم في قضية جرت وأوكل الأمر إلى محمد الدوخي ليبت فيها .
سرنا جميعاً اليوم حوالي تسعة أميال بينما ركب محمد الدوخي مع ولده الصغير على ذلول ، واثناء المسير أدركنا القمصة وانضممنا إلى جماعه منهم فيها شاب يمتطي مهراً مبهرجاً من سلالة جلفان سطّام البولاد ، وقدّم نفسه على أنه أبن مجول المصرب المعروف في دمشق بزوج السيدة الأنكيزية كان مؤدباً ودعانا إلى خيمته ، وطلب منا فيما إذا كنا في طريقنا إلى دمشق أن نعرّج إلى منزل والده . المصرب جماعة صغيرة تتجوّل مع القمصة ، كان الأخ الكبير لمجول بمظهره المميّز عندما قابلناه أخيراً في خيمة بطيّن وكان الشاب يذهب بنفسه كل شتاء إلى الحماد ، ويعود ليقضي الصيف في حمص ودمشق حيث يوجد منزل والده .
ووصلنا حالاً إلى خيمة بطيّن التي نصبت في واد يؤدي إلى هضبة وعرة تقع إلى الشمال من خط سيرنا ، وهناك حططنا الرحال في مكان قريب من مصادر الماء التي كانت على شكل سلسلة من البرك كنت قد تحدثت عنها سابقاً ، حيث أرسلنا الحيوانات كلها لتشرب وكل القرب لكي تملأ وتحدّث المؤلف عن معلومات لا عنينا ثم قال : حضر شاب بمحيا جميل ، وجلس أمامنا بعد أن حيا السيّد ( سكين ) ولم نعرفه في البداية ولكنه قدّم اسمه في الحال قائلاً : أنه مشهور بن مرشد فتعرّف عليه القنصل لأنه أبن مدبغ آل مرشد أحد أصدقائه القدامى ، والأخ الأكبر لسليمان أبن مرشد عندها قربناه لمجلسنا بحفاوة .
أما الشاب نفسه هو الذي ارسل لنا دعوة تلقيناها ونحن في حلب في مستهل رحلتنا وهذه الظروف مكنتنا من رؤيته ، فسألناه عن شعوره نحو الحرب ، وفيما إذا كان يرغب في أن تدور رحاها من جديد ؟ أجاب بالطّبع ( أوف ) يجب أن تستمر فقلنا : ولكن قومك قد عانوا منها من قبل ، ولم يكونوا قد فقدوا كثيراً من الخيل والجمال كما فقد غيرهم فأجاب علينا أن نستعيدها فقلنا : الا تخافون على الأرواح ؟ أخبرنا مشهور بكل هذا بوجه فتى نقي السريرة كان يتنافى بشكل غريب مع الأفعال القاسية التي وصفها قال : كان جدعان بعمري تماماً وكان امهر وكان امهر الفرسان رسمت صوره لمشهور وبينما كنت اقوم بذلك ، ركب إلينا رجل متوسط العمر فحيا القنصل الذي تعرّف عليه على أنه سعيد بن برغش الذي أسدى إليه معروفاً منذ بضع سنوات ، فكان الحادث على الشّكل التالي : أرسل ملك ايطاليا عميلاً إلى حلب لشراء الخيول الأصيلة ، وكان القنصل الايطالي هناك قد التمس نصيحة السيّد ( سكين ) ومساعدته في الحصول على الخيل ، فقاما بتكليف السيد عبدالرحمن بالمفاوضة لشراء حصان معيّن كانوا قد رأوه ووافقوا على شرائه ، فذهب عبدالرحمن بالنقود - مائة جنيه – ليدفعها ثمناً للحصان ، فهاجمه ثلاث وستون رجلاً من القمصة قرب تدمر في غزو ، فتوسل إليهم عبدالرحمن ليدعوه يمر بسلام وعبثاً ما كان يفعل ، على الرغم من أنه قد أخبرهم بأنه رسول القنصل الانكليزي لشراء الحصان وباعتبار أنهم لا يعرفونه اصروا على سلبه ، ألا أن سعيداً بن برغش الذي كان ضمن الجماعة كان صديقا للسيّد ( سكين ) أصر على تركه يذهب إلى حال سبيله دون أن يمسّه أحد بسوء كان بطيّن ومشهور من الناس الذين زاروا منطقة حايل في جبل شمّر ، ولهذا فقد أعطيا الوصف نفسه للخيل النجدية ، مثلما اعطاه الأشخاص الذين قابلناهم من قبل ولسنا بحاجة إلى تكرار ما قيل ألا أنهما بأن أبن رشيد كان يشتري الخيول منهم ، وأفادا عن الهجرة الشتوية لعنزة وقالا : أنه ليس صحيحاً وصولهم جنوباً إلى ابعد من جبل شمر فمن عادتهم أن يتوقفوا شمال بادية النفود وربما على بعد مسيرة ثلاثة أو أربعة ايام من تلك الهضاب ألا انهم قد يذهبون احياناً إلى هناك حالات الغزو أو لقضاء بعض الأعمال في المدينة فعلى كل حال فأن أبن رشيد لا يكن لهم الود كما نتحدّث ونساوم على فرس بطيّن عندما وصله رسول على عجل يطلبه أن يعود حالاً ، لأنه قد شاهد غزو يقترب منهم ومن المتوقع حدوث الهجوم بين ساعة وأخرى واعتقدنا في البداية أن هذا ربما تكون مناورة درامية يمكن أن ترتب لمثل هذه المناسبات ، عندما تصل المفاوضات إلى نقطة حسّاسة أما من أجل المجادلة أو لقطع الحديث في اللّحظة المناسبة لم يهتم بطيّن بما قيل له ، إلى أن عدة رجال ركبوا إليه على عجل وترجلوا عند الخيمة وضربوا برماحهم الأرض ، وصاحوا به بعد أن نفذ صبرهم ، وطلبوا منه أن يأتي على عجل ، عندها نهض مسرعاً وهو يتنهّد كما لو كان لا يرغب في مواجهة غير ضرورية في المعركة كان مشهور من طبيعة أخرى ، فعندما سمع أول كلمة تشير إلى القتال وثب على قدميه وهرول راكضاً ، لم نلحق ببطيّن لأننا قد نكون عرضة للهجوم في الطريق، بينما لازلنا نكلك أمور هامة نود مناقشتها هناك وفي هذا الوقت امكننا أن نرى خروج ودخول عدد كبير من الناس إلى خيمة الشيخ ، وفي الحال جاء محمد الدوخي ليودعنا قبل أن ينصرف في شئون قومه ، فألقى خطاباً يعتبر مثالاً للأدب الشرقي ، إذ رجانا أن لا ننساه وطلب من ولفرد أن يكون وكيله أو ممثله معي لكي يذكّرني به وإذا ما احتجت إلى أية مساعدة في أي وقت فعندها ما علي ألا أن اصدر اوامري إلى محمد الدوخي لينفّذ وعلى الرغم من وجود بعض التصّنع في حديثه ، ألا أنه رجل بشخصية ونفوذ والطريقة التي يعامل بها قومه تختلف عن الطريقة التي يتبعها بطيّن ، فولد علي تحت أمرته ويطيعونه بشكل جيّد ، ولا يجرؤ أي شخص منهم على الجلوس في خيمته أن لم يكن من ذوي المراتب العالية وإذا ما أخذ شخص ما حريته في خيمة الشيخ وهو ليس من ذوي الشأن فنبرة محمد الدوخي حاضرة قم أي ( أنهض ) وتسمع في كل وقت بينما يكون الأمر مختلفاً مع بطيّن فالكل يعمل ما يحلو له وهو لطيف جداً ، ويتحرّج من مواجهة أي شخص بهذه الطريقة .
وقال في موضع آخر : لم تكن قصّة الغزو خدعة هذه المرّة ، لأن الاستطلاع جاء ليعلن عن اقتراب مجموعة كبيرة من الفرسان تقدّر بألف فارس ، تتقدمهم جماعات من الرجال المسلحين على ظهور الأبل ، وبأيديهم المسكّت - بنقية قديمة يستعملها جنود المشاة - وأفاد رجال الاستطلاع بأن جماعة من الغزو تقدّر بخمسين فارساً قريبة جداً من هذا المكان ، إذ شوهدت في الوادي تماماً على بعد ميلين عند حافة الهضبة .
وهنا بدأت حاجة القمصة إلى وصول الشيخ جدعان الذي أرسلت له الرسل ورسل أخرى إلى لتحّذر الأقسام المتفرقة من القبيلة لكي تبقى مع الهيكل الأساسي وتبيّن بأن الفتى مشهوراً الصغير هو القائد الحربي ألا أنه لايزال صغير لكي ينحي بطيّنا جانباً ويرأس القبيلة .
كان مخيّم الشيخ بطيّن يعج بالناس الداخلين والخارجين ومن كل خيمه كنا نسمع حداء الحرب يغني بنغمات متساوية ثم وصف حداء القمصة وحداء الموايجة وحداء ولد علي ثم هدمت الخيام وسأل محمد عما يجري فكانت الاجابات تأمره أن يلحق يجدعان إلى الشمال من هذا المكان ، كان القمصة في عجله من أمرهم .
ظهر فارس قادماً من الجنوب فظنناه أنه من الأعداء لكن تبيّن لنا أنه مشهور الذي غامر وحده كي يستطلع ولم يكن قد شاهد شيئاً واستطرد في حديث طويل ثم قال : وبعد قليل أدركنا محمد الدوخي توقف بطيّن على بعد ميل من التّل ، وعلى مرأى من هضاب تدمر وبعد لحظات قامت خيام القمصة بعرض شجاع على السّهل المستوي الذي اختاروه ، بينما ولد علي في مقدمتهم وقبائل أخرى انتشرت إلى الشّرق والجنوب .
جاء مشهور بأنباء تفيد أن القوم تراجعوا على الأقل عن قسم من المنطقة فابتهج كل شخص لهذه الأخبار السّارة واستمر في الحديث ثم قال : وأخيراً من ثلاثين فارساً على رأسهم جدعان بن مهيد يمتطي كحيلان الأخرس وبوجهه تعبير غريب.وتحدّث المؤلف عن معركة لا داعي لذكرها ثم قال : أن الرّجل الوحيد الذي كان محط اعجابنا هو الشاب مشهور الذي كنا نتوقع له أن يكون قائد المستقبل في قبيلته ومنذ ذلك الحين كان مشهور الرجل العظيم الذي نحبّه ، وقد اظهر لنا المشاعر ذاتها .
كان غانم يطوف بالخيول على المخيمات التماساً للماء الذي لم يحصل ألا على القليل منه لأن عنزة كما يبدو لا تهتم كثيراً بحمل الماء معها ، بينما كان الشّخص الوحيد الذي يحمل فائضاً منه هو أبن كردوش شيخ المسكة بينما الآخرون يقدمون اللّبن أو الحليب إلى الخيل ولكنها تفضّل الماء عليه .
الفصل الحادي والعشرون قال : يوم الأحد الرابع عشر من نيسان شاهدنا اجمل منظر طبيعي يمكن أن يشاهد في البادية أنه مخيّم الرولة الذي وصلنا إليه فجأة ، بعد أن عبرنا سلسلة منخفضه في أرض مرتفعة واشرفنا منها على سهل صيقل المترامي الأطراف والذي انتشرت فيه على مد البصر خيام لا تعد ولا تحصى ، وفيها الرجال والخيول والأبل ، وكان هناك بعد متساو لكل أجزاء المخيّم شرقاً وغرباً عن مكان التجمّع وقد قدرنا عدد الخيام بعشرين ألف خيمة والجمال بمائة وخمسين ألفاً وشعرت برهبة وخوف لهذا البحر الهائج من البشر قال : واستقبلنا رجلاً في الثلاثين من عمره ووجهه يميل إلى اللّون الأسمر نقّط بآثار الجدري ويضع على رأسه منديلاً وردياً وحالما ترجلنا كان من الصّعوبة أن تنعرّف عليه فقد كان سطّام بن شعلان شيخ الرولة أن عائلة أبن شعلان تملك أكبر أرث عائلي في البادية ويحق لسطام أن يتباهى بحكم شعب يبلغ تعداده عشرين الف نسمه على الأقل وبإمكانه أن يقود خمسة آلاف رجل في ساحة المعركة ولا زالت المشيخه متوارثه بينهم ولم نجد مثيلاً لعائلة الشعلان ألا عائلة الجربا في الجزيرة ألا أن الرولة من حيث القوة والثروة تفوق الشمريين كان عقيد الرولة رجلاً من المعجل فرع من القبيلة اسمه حمود
كان استقبالنا في خيمة سطام مؤدباً لطيفاً وعند الظهر جاء الشيخ حمود – عقيد القوم لزيارتنا – وانتهزنا الفرصة في فتح باب المفاوضات معه في موضوع مهمتنا الدبلوماسية التي كلفنا بها جدعان ، وهو ما يهمنا كثيراً ، ولدينا بعض التعليمات والشروط التي حمّلها جدعان لعبدالرحمن الحلبي - دكتور الشريعة - الذي كان يرافقنا ويملك صلاحية مطلقة في القضية على أن ترتّب الأمور على الشّكل التالي :
1-الأسراع بعقد الصّلح 2- كل الخسائر في كل الطرفين تعتبر منتهية
3- يجب على أبن شعلان أن يسحب ادعاءه بمراعي حمص وحماه 4- يستقبل السبعة والرولة ضيوفاً في أعالي البادية لأنها تتسّع لهم جميعاً اقترحنا شروطاً لطيفة على سطام وعلى العقيد في ظهر هذا اليوم ودعمناها بمناقشات وشروح مناسبة أخبرت الشيخ سطاماً : أن رجلاً مثله في هذه المكاة العظيمة عليه أن يضرب لقومه مثالاً في الحكمة وألا تجرفه شهوة المجد المجردة التي تجعل كثيراً من الناس العديدين حمقى لا فائدة منهم وعليه أن يعرف أن حرباً كهذه بلا هدف بين قبيلتين من عنزة ستكون ماحقة للطرفين وأنه إذا غنم أبل اليوم فسوف يخسرها غداً لأن الحرب كر وفر ولن ينتفع فهلاً من هذا النزاع سوى الأتراك أعداء الجميع ، وعليه أن يدرك الأمور بحكمة خيراً له من أن يكون العوبة بأيدي الباشوات .
وافق سطّام في البداية على كل ما قلناه ، معترفاً بأن الحكومة التركية منذ البداية كانت هي الملامة على تفجير هذا النزاع ثم بدأت محاورة بين الشيخ سطام والليدي حول هذا الموضوع مما لا يتسع المجال له . كل الجلاس اليوم ينتشرون في السّهل ، ولم يحدث مثل هذا منذ عشرين علماً ، كلهم هنا باستثناء خمسمائة خيمة بأمرة طلال أبن عم سطام بن شعلان ومهما قيل يصعب علينا تحديد العدد الحقيقي لخيام الرولة .
الفصل الربع والعشرين تحدّث كثيرا ومن ضمن قوله قال : وحسب اطلاعي تعتبر قبيلة الفدعان والحسنة حتى وقت قريب من اشهر القبائل أن لم تكن اكثرها عدداً وتليها قبيلة العمارات أبن هذال – والسبعة وولد علي جاءوا بعدهم ثم ظهرت الرولة بعد مدّة طويلة لأول مرّة في منطقة دمشق في نهاية القرن الماضي بينما غادرت نجد جماعة الرفدي في العشرين سنة الماضية .
بينما اخذت عنزة تكتفي بسلب القوافل التي تسير على طول الفرات الأسفل ودون أدنى جهد أخذت تبسط سيطرتها على المدن ثم ذكرت الليدي بعض بطون من عنزة السّجل التالي : هو لقبائل عنزة حسب الأماكن التي تشغلها في نجعتها الصيفية من الشمال إلى الجنوب وعنزة في شمال جزيرة العرب : جميعهم من البدو الأقحاح إذ يملكون الأبل والخيول ويحملون الرماح ، ويفرضون الخوة على القبائل الصغيرة وفي حالة حرب دائمة مع الأخرين ويتوزعون بشكل متدّرج من حلب في الشمّال وحتى جبل شمّر في الجنوب .
1-الفدعان : أكثر القبائل الصحراوية ولعاً بالحرب وهم قوم يتميزون بالخشونة وينقصهم التمّدن ، أبلهم قليله ويملكون قليلاً من الخيول من أجل التوالد ، ويعتمدون على السّلب والنّهب بشكل أساسي ، ويقسمون إلى الفروع التاليه :-المهيد شيخهم جدعان وعدد خيامهم 100 خيمة -الشميلات وعددخيامهم 100 خيمة -العجاجرة عدد خيامهم 100 خيمة -الخرصة وشيخهم نايف بن قعيشيش وعدد خيامهم 100 خيمة .
2-السبعة : قبيلة غنيه بالأبل والخيول وهم يملكون افضل سلالات الخيل في جزيرة العرب ، ويعتبرون من ذوي الأصول النبيلة ويتميزون باللطف وكرم الضيافة والشّرف ولا يقاتلون ألا دفاعاً عن النّفس ينقسمون إلى الفرق التاليه :-القمصة شيخهم بطيّن بن مرشد وخيامهم 100 خيمة -الرسالون خيامهم 500 خيمة -المسكة شيخهم أبن كردوش خيامهم 500 خيمة -الموايجة شيخهم فرحان بن هديب خيامهم 500 خيمة -العمارات خيامهم 500 خيمة ومن الجدير بالذّكر أن المصرب مع شيخهم محمد يعتبرون قسماً من الرسالين .
3- ابن هذال : قبيلة قويه كثيرة العدد ويعتبر شيخهم عبدالمحسن الحميدي هو وقومه من أنبل الأصول البدوية في البادية باستثناء أبن مزيد شيخ الحسنة والهذال أقوياء وأغنياء ويملكون خيولاً كثيرة العدد وخيامهم 4000 خيمة .
4- الحسنة : كانت فيما مضى القبيلة التي تقود عنزة ، ألا أنها تراجعت نتيجة
تحالف الرولة مع السبعة منذ حوالي ستين عاماً وعائلة شيخهم فارس بن مزيد تعتبر أنبل وأشرف أصل في البادية وتعيش القبيلة اليوم تحت الحماية التركية قرب دمشق وعدد خيامها ربما ( 500) خيمه .
5-الرولة : أو الجلاس تعتبر هذه القبيلة أقوى وأغنى قبيلة بين قبائل عنزة ، وعلى الرّغم من أن القبيلة كلها تعرف باسم الرولة ، ألا أن هذا الاسم لا ينطبق ألا على قسم ضئيل مستقل منهم .
تعتبر عائلة الشعلان أهم عائلة بين الرولة ومشيخة الجلاس فيها وراثية تمتلك الجلاس في الوقت الحاضر القليل من الخيول لأنهم تخلّوا جزئياً عن استعمال الرّمح واستبدلوه بالأسلحة النارية يملك الرولة ( 50000) جمل ويروى أن القبيلة جاءت من نجد منذ سبعين عاماً تقريباً ولا يزالون يحافظون على صلاة حميمة مع جبل شمّر حيث لا يزالون يعودون إليه في الشتاء وهم الآن في حالة حرب وخيامهم تقدّر ب (( 1200 )) خيمة .
6- ولد علي : قبيلة قديمة اشتركت مع قبائل أخرى بالاسم نفسه في وسط الجزيرة العربية ومع ولد علي في مصر الغربية لديهم أبل وخيول كثيرة وحتى وقت قريب كانت قوافل الحج المنطلقة إلى مكّة تذهب بحماية محمد الدوخي أبن سمير الذي يحتل مكانة رفيعة في البادية وخيامهم تقدّر ب (( 3000)) خيمة .
7- الرفدي : شيخهم رجاء شوهدوا فقط في الصحراء الشمالية خلال الأثناء عشر الماضية ويعرفون في البادية.
183- (استعراض كتاب رحلة إلى نجد المجلد الثاني) وتصحيح الأخطاء ( الرحالة الليدي أن بلنت ) سليلة الشاعر الأنقليزي الشهير اللورد بيرون آتت إلى البلاد عام 1877م وكان معها زوجها ولفريد سكوين بلانت وهو رحاله وشاعر خبير وقد استأجر بيتاً بجوار بيت ليدي دغبي المصرب وكان يرى في سوق الخيل ضخماَ كانت زيارتهما للبادية والبداة لها علاقة لهدفين واضحين منذ البداية استكشاف وادي الفرات أو أكبر شطر منه وعقد صلاة حميمه مع العشائر وخاصة عنزة والفدعان بشكل أخص وعلى رأسهم الشيخ جدعان ثم تستفيض بالحديث عن هجرة عنزة من نجد ووقائعها مع العثمانيين والعشائر الأخرى وقد اشترت خيلاً ومشالح وجزمات وتبغ وسكّر وهدايا لشيوخ البدو وقصدت مضارب عنزة بعد أن أرسل لها أبن مرشد شيخ القمصة مرحباً بزيارتها وغامرت كذلك بالتدخّل في نزاعات البدو .
وفي موضع آخر ذكر أن محمد الطالب مرافق الليدي بلانت وعدهم بإيصالهم للشيخ جدعان شيخ الفدعان .
( ملاحظاتي عبدالله بن عبار على المجلد الثاني من هذه الكتاب لقد استعرضت هذا الكتاب على عجل وأعرف عن أخينا المحقق الأستاذ سعود بن غانم الجمران ميوله إلى بعض الأفكار حيث سبق وأن حقق عدّة كتب وتعوّد أن وجد خبر يتسب آل سعود لقبيلة عنزة ينفى بشدّه ويذكر أنهم من بني حنيفة من بكر بن وائل ولا يأخذ بأي قول وكذلك أن وجد أي خبر ينسب آل خليفة والصباح إلى عنزة يعارض بشّده وينسبهم لبني عتبه من بني هلال القبيلة الهوازنية كذلك يرى أنهم قادمين للكويت والبحرين من بندر الديلم حيث قال : ( بندر الديلم هي موطن العتوب والخليفات في القديم ) ثم ذكر اسباب هجرتهم من بلاد فارس إلى البصرة ثم إلى الكويت والبحرين بينما تاريخهم يقول أنهم هاجروا من الهدار وهو من ديار عنزة القديمة ونسبهم يذكر أنهم من السلقا من العمارات من عنزة وأذكر أنني قبل أزمة الكويت حصل بيني وبينه جدال على هذا الموضوع في صحيفة الرأي العام الكويتية ولكني رئيت أنني على خطأ لسبب واحد وهو أن هذه الأسر حكومات وهم أولى أن يمنعونه لا يخوض بنسبهم خطأ وتأكدت أن دفاعي عنهم لا مبرر له بالأخص الصباح فهو رجل من رعاياهم وعندما يخالف نسبهم هم الذين يجب عليهم أن يوجوهنه للصحيح أما آل سعود فأن الملك سلمان حفظه الله عندما كان أمير الرياض يزوره سعود بن جمران ويلقى كل حفاوه وهو مقدّر عنده لأبعد الحدود وهو يعلم أنه نسب الأسرة لبني حنيفة وينفى نفي قاطع مثل تكرار قوله في الصفحة 885 من المجلد الثاني حيث كتب بالهامش ما نصّه : ( آل سعود جدهم الأعلى مانع بن ربيعة المريدي الحنفي البكري وأي زعم غير هذا لا صحة له اطلاقاً وكل قبيلة تتمنّى أن آل سعود منها وذلك طمعاً في الجاه والنفوذ والأفتخار ثم أورد البيت القائل : الصّدق يبقى والتصنّف جهاله *** والـقـد ما لانـت مطاويه بتفال وبذلك فقد تجاوز كل ماقيل عن آل سعود من انتسابهم لعنزة وأظنّه ما علم بقول الشاعر عبدالعزيز العزي الهذلي راعي البرّة الذي أورد في ملحمته في فتوحات الملك عبدالعزيز طيّب الله ثراه وهي قصيدة عصماء تبلغ مائة وثلاثين بيت وقد القاها في حضرة الملك عبدالعزيز منها قوله :
عندي نصيحه دام بالنّصح ثابه *** قبل البلاوي والمحن والزلازيل
كـلـن يـشـرّع للمصالـيخ بـابـه *** كونوا مماليك لمرذي المراميـل
وكذلك ما يعلم بقصيدة الأمير خالد الفيصل الذي منها قوله :
يالسعودي ويالصباحي لا اعتزيت *** عزوتك عنّاز راعي الطايلات
والشواهد كثيرة والغريب أنه ما أخذ بالقول ولكنه قول يكذّبه بشدّه وقول يصدّقه بشدّه وهذا يدل على هوى .
وفي الصفحة 858 ذكر بالهامش أن اسرة السّراح اهل الجوف من تميم وقد وجدت من ذكرهم من السراحين من المواهيب الذين مع بلي وهم جالية من السبعة كما ذكرهم أبو عبدالرحمن الضاهري من الجربان من شمّر وذكروا في بعض الكتب من السرحان وفي نفس الصفحة ذكر أبن مويشير من عشيرة المعاقلة والمعروف أن المويشير عائلة من الأساعدة من عتيبة أما عشيرة المعاقلة فهم عيال معيقل من العياش من الدهامشة ويتفرّع منهم : الكبيدان والسليمان والدغيفق وأطلق على الحي الذي يسكنونه اسم المعاقلة .اسوق هذه الملاحظات للأستاذ سعود بن غانم الجمران العجمي وآمل أن يتسع صدره لتقبلها .
184- الطبعه الثانية من كتاب رحلة إلى بلاد نجد ارسل لي الشيخ الوقور والباحث المعروف جمال بن مشاري بن محمد الرفدي وفقه الله الطبعة الجديدة من كتاب ( رحلة إلى بلاد نجد ) للمستشرقه الرحالة الأميرة آن بلانت حققها وراجعها ونشرها المؤرخ الباحث الكويتي سعود بم غانم بن جمران العجمي وتقع في مجلدين الأول يضم 950 صفحة وعلى الصفحة الأولى أهداء باسمي من المؤلف كتب به ( أهداء إلى الأستاذ عبدالله بن عبار مع شكري وتقديري في 24\ 8 \ 2018 م أشكر الأخوين الكرام الشيخ جمال بن مشاري الرفدي والمؤرخ سعود بن غانم الجمران وقد لفت نظري ما جاء في معرض الحديث عن الشيخ مجول المصرب في الصفحة 53 والصفحة 54 من المجلد الأول قالت الليدي .
ووفقاً لراي مجول عوضاً أن يكون المصرب مجرد فخذ من الرسالين – حسب ما روى لنا – هم في الحقيقة اصل السلالة الذين لم يتفرّع عنهم الرسالين فحسب بل حتّى المواهب والجوموسة انفسهم تفرعّوا عنهم وروى مجول القصّة الغريبة فيما يتعلّق بآخر قبيلة ذكرها : تزوج احد عرب المصرب فتاه من قبيلة السويلمات ولكنه توفي بعد ذلك بفتره وجيزه وخلال بضعة اسابيع تزوجت أرملته ثانية آخذه زوجها الجديد من بين اقربائها المقربين وقبل ولادتها للطفل الأول إذ بنزاع يظهر حول الشخص الذي يمكن أن يكون والد الولد فالأم تؤكد أن زوجها من المصرب هو والده في حين أن السويلمات ينسبونه إليهم ورجعوا من أجل حل هذه المسألة إلى التحكيم على غرار ما يفعلونه في جميع الخلافات في الصحراء فوضعوا ما أكدته الأم قيد الأختبار عن طريق وضع قطعة فحم مصلاّه على لسانها وبالرغم من هذا الأبتلاء اصّرت على تصريحها ، وحصلت على قرارٍ لصالحها لكن يعتقد أن ابنها استاء من القرار فهو من اللّحظة التي ولد فيها التفت إلى أمه ونظر إليها بغضب ونتيجة لهذا الظّرف اطلق عليه اسم ( جاوموسه ) ومنه تحدرت قبيلة الجاوموسه هذه وكان أول ظهور لهم قبل سبعين عام مضت عندما هاجموا قافلة ونهبوها ، والتي صدق أنها تنقل مبلغاً كبيراً من المال ونتيجة لهذه الغنائم المفاجئة اكتسبوا تلك الأهنية الكبيرة واصبحوا منذ ذلك الوقت الفرع القائد في القبيلة ، ولا ريب في أنهم الآن مالكوا افضل الأفراس بين العنوز وبالرّغم من ذلك ، ما يزال شيوخ المصرب يؤكدون على فوقيتهم من ناحية الميلاد ، وما يزال يوجد لأدعاأتهم القديمة بحقهم الشرفي في أتاوة تدمر كما جاء اسم ولد مجول عافت وقد ذكرت الليدي عافت أو جافت .
( تصحيح وأيضاح )
المصرب من قبيلة المصاربة من البطينات من السبعة وليس من الرسالين بل هم والرسالين بطينات أما المواهب فصحة الأسم المواهيب وهم أيضاً قبيلة من البطينات أما ما تكرر من اسم الجوموسة فهذا خطأ من الترجمة بل صحة الأسم ( القمصة ) وليس الجوموسة : أما القصّة التي أوردتها الليدي بلانت عن المرأة التي انجبت طفل بعد وفاة زوجها فهو يشير لقصّة حقيقية تتناقلها الرواة ولكنها ليس بالصيغة التي سردت ومعروف أن السويلمي كانت زوجة حمدان القماصي وتزوجها بعد السولمي وأنجبت طفل واعترفت أنه ولد السبيعي حمدان وحصل التأكيد بموجب القرائن والدلائل واعتراف المرأة وهو سعد المقمّص اطلق عليه هذا اللّقب بسبب رواية المرأة حيث ذكّرت السويلمي بالدليل وثبت أنه ولد السبيعي وعاد للسبعة وقد نحله السويلمي ناقه وكان عليها وسم السويلمات العمود ولا يزال القمصة ياسمون وسم السويلمات لذلك فأن الأسم الصحيح للقبيلة المعنية القمصة وليس كما تكرر في كتاب الليدي الجوموسة كما أن الأسم الصحيح لأبن مجول هو عافت وليس كافت .
184- رحلة إلى بلاد نجد مهد العشائر العربية الرحالة الليدي آن بلنت ترجمة وتعليق أحمد أيبش في الصفحة ( 51) ذكرت الرحالة أنها اشترت فرس من بطيّن المرشد شيخ القمصة وفي نفس الصفحة تحدثت عن الروله وولد علي وأبن شعلان وجدعان بن مهيد وكذلك في الصفحة التي تليها تحدثت عن الرولة وفي الصفحة (55) ذكرت مجول المصرب وزوجته دغبي وقالت مجول رجل راقٍ ومهذب اعطانا الكثير من النصائح المهمة حول رحلتنا الآتية وهما يملكان بيتاً رائعاً خارج المدينة ، محاطاً بالأشجار والحدائق ثم واصلت الحديث عن وصف بيت المصرب ثم قالت وأثناء تبادلنا أطراف الحديث جاء الشيخ ، كما يدعونه بالعادة ، ولو أن ذلك غير مصيب ، على اعتبار أن أخاه الأكبر محمد هو شيخ المصاربة في الواقع ، ثم استمرت في الحديث عن المصرب وقبيلته وعن قصة المقمّص في الصفحات ( 56و57 و58) .
وفي الصفحة (59) جاء ذكر لقبيلة الرولة وولد علي والشيخ محمد الدوخي . وفي صفحة (71) تحدثت عن ولد علي وقالت : يعد محمد بن دوخي بن سمير أعظم شخصية في البادية الشمالية الغربية بعد أبن شعلان ثم قالت : في أثناء الخريف ، قامت مفرزة من العسكر التركي تتألف من 15 جندياً بالأغارة على مضاربه دون أي استفزاز مسبق ، وأطلقوا النار عليها مما أدى إلى مقتل امرأة وطفل . وكانت المضارب تقتصر على بضعة بيوت شعر فقط ، إذ كانت العشيرة آنذاك متفرقة بحثاً عن الكلأ ، وكان الشيخ نفسه غائباً مع أكثر الرجال .على أن الرجال الذين كانوا في المضارب استطاعوا الدفاع عنها ، وحاصروا العساكر ، واسفر القتال عن مصرع أحد هؤلاء العساكر . وكان الولدعلي ينوون قتل البقية ، لكن حربة المزيد زوجة محمد دوخي اندفعت بين المقاتلين ، واستصرخت قومها ألا يزجّوا بأنفسهم بثأر لا نهاية له مع الحكومة . فأنقذت شجاعتها حياة الجنود ، ووضعتهم تحت حمايتها ، وفي صباح اليوم التالي أنفذت بهم مع مرافقه إلى مكان آمن واكملت الحديث في الصفحة ( 72و73 ) . وفي الصفحة (212) ورد ذكر سطام بن شعلان وحمود أبن معجل والسبعة والرولة وولد علي وفي الصفحة التي تليها في معرض حديثها عن والي دمشق قالت : محمد بن سمير ، اعظم شخصية في هذه النواحي . وفي صفحة (142) تحدثت عن غزو من الرولة اغاروا على قافلتها وقالت : أن مرافقها محمد بن عروج من أهل تدمر وقالت : بحسن الحظ كنا قد وقعنا بين يدي اصدقاء . فلقد كان أبن شعلان ، مضيفنا في العام الفائت ، قد تعهد بحمايتنا حتى في قلب اعماق البادية ، ولذا فلم يكن أحد من عشيرته ليجرؤ على التّحرش بنا عندما يعلم ذلك . وفوق ذلك كان محمد تدمرياً ، فلا يحق لأي رويلي أن يغزوه ويسلبه ، لأن تدمر تدفع الجزية لأبن شعلان ، وللتدامرة بذلك الحق في حمايته . ثم ذكرت أن الرولة ردوا ما أخذوه من قافلة الرحالة . وفي الصفحات التي يليها سردت حديث طويل عن وصف رجال من الرولة تعرّضوا للقافلة وعندما علموا أنهم في حماية أبن شعلان اعتذروا منهم وتركوهم وقد ذكرت شيخ رويلي يقال له أبن ضباع . وفي الصفحة (182) قالت قدم بعض القرويين ، فتحدثنا معهم عن قاره وشيخها وأخذت افراسنا لتشرب من بئر قريبة . قالوا أننا سنجد مضارب للرولة لا تبعد كثيراً من هنا إذا أوردوا جمالهم البئر ذاتها . كانت قارة منذ القديم ، وكذلك الجوف وسكاكا من اقطاعات آلشعلان ، ولا يزال أهلها يدفعون اتاوة صغيرة لسطام ثم بالمقابل يجعلون البدو يدفعون ثمن الماء الذي يستعملونه . وفي الصفحة (186) تحدثت عن مسيرها لحايل وذكرت أنها دخلت النفود وقال : لم نشاهد طوال النهار ألا أحد رجال الروله على ذلوله فأخبرنا أن هناك مضارب على يسارنا ، فلما أمعنا النظر هناك لاحظنا بعض الجمال على مسافة بعيدة . وفي الصفحات (188و189و190 ) قالت كان هؤلاء العمارات يضعون آنها خطّة الهجوم على قافلتنا ثم قالت : وصلنا بعد ذلك بقليل إلى مضارب حقيقية للرولة ، وهي مخيّم لعبيدهم وقالوا انهم ينتمون لبنيه بن شعلان ، أبن عم سطام وزعيم القبيلة في النفود حالياً وقالت : كان معهم ابنان لبنيه ، محمد ، واسعد أن بنية أبن حنيفي أبن شعلان شيخ فرع كبير من الرولة . وفي الصفحة (271) اثناء وجودها في حايل قالت أنه جاء خبر أن الحميدي بن مشهور الشعلان وهو من شيوخ الرولة وذكرت سطام بن شعلان ومحمد بن سمير واحداث لا داعي لنقلها وفي الصفحة التالية ذكرت أن أبن رشيد سألها عن بعض شيوخ عنزة فقالت : محمد بن دوخي هو اذكاهم وفرحان بن هديب ارفعهم أخلاقاً فقال : أبن رشيد لم يسمع خيراً أو شراً عن ابن هديب الذي ينتمي لضنا بشر . وهو ليس على وفاق مع أي واحد من ضنا بشر ما عدى أبن مرشد شيخ السبعة الذي كان زاره منذ عامين وأخبرناه أن مشهوراً وفارساً هما صديقان حميمان وأبن رشيد يحب مشهور .
وفي صفحة (273) قالت : سأل بعد ذلك عن جدعان ، وذكر غرور تركي بن جدعان الأبن الوحيد لجدعان وسخر من سمير بن زيدان وقال أنه قدم إلى نجد قبل سنة ونصف ، محاولاً الحصول على مساعدة أبن رشيد لسطام ، وتشكيل حلف ضد جدعان والسبعة ، فعلم أن مهمته قد باءت بالفشل وفي نفس الصفحة قالت : اخبرنا أبن رشيد أنه كان عقد سلماً مع الرولة ومع أبن هذال ، لكن السبعة وبقية عشائر ضنا بشر كانوا بعيدين عنه ، وقال في مرّه من المرات وصل غزو الفدعان إلى القصيم ، فخرج لمحاربتهم ، وأسر فرساً صقلاوية جدران من سلالة أبن سبيني . وقد وعدنا أن نراها . وفي الصفحة (357) قالت أن بحر النجف أو كما يسميه العرب ( شريعة أبن هذال) ويقال أنه من صنيع أحد أجداد أبن هذال من شيوخ العمارات الحاليين ، لكي تشرب منه جماله . كان آل هذال ، حتى وقت قريب نسبياً ، أسياد هذه المنطقة بأكملها ، وكانوا يفرضون الاتاوة على أهل مشهد علي والحسين تصحيح – قال فرس من سلالة أبن سبيني وصحّة الاسم ( ابن زبيني ) وهو من الزبينة من الجذعان من الشميلات من ضنا منيع من الولد من الفدعان والزبينة عندهم مربط للخيل الصقلاويات .
يتبع