موقع قبيلة عنزه الرسمي: الموقع الرسمي لقبائل ربيعه عامه و عنزة خاصه

موقع قبيلة عنزه الرسمي: الموقع الرسمي لقبائل ربيعه عامه و عنزة خاصه (http://www.bnabar.com/vb/index.php)
-   موقع المؤرخ أبو مشاري جمال الرفدي (http://www.bnabar.com/vb/forumdisplay.php?f=114)
-   -   الكولونيل ليشمان والدرب الطويل الى بغداد (http://www.bnabar.com/vb/showthread.php?t=4835)

ابو مشاري الرفدي 04-02-2011 03:41 AM

الكولونيل ليشمان والدرب الطويل الى بغداد
 
الكولونيل ليشمان والدرب الطويل الى بغداد
1880م: 1920م
تأليف: أسعد الفارس 1430هـ 2009م
[الجزء الأول]

يعتبر كتاب الكولونيل ليشمان للمؤلف الباحث أسعد الفارس من الكتب القيمة الثرية بمادتها العلمية والغنية بالأحداث ومجريات الأمور التى كانت سائدة فى تلك الفترة التاريخية الحرجة للوطن العربى وهو بهذا المؤلف لا شك أضاف للمكتبة العربية إحدى حلقات التاريخ العربى المعاصر المفقودة وتحديداَ العقدين الأوليين من القرن العشرين المنصرم 1900م 1920م ويحتوي هذا الكتاب على تسعة عشر فصلاَ وملحقين بعدد 305 صفحة وهو يتحدث إجمالاَ عن الإحتلال البريطانى للعراق والأحداث التى جرت فى سوريا ومارافق ذلك من تطورات سياسية ودولية وإقليمية اَنذاك ودور العشائر العربية فى هذه الأحداث كالعقيدات والدليم والجبور وعنزة وغيرهم وإن كان تركيز المؤلف بشكل أساسي وأكثر تحديداَ على دور قبيلة العقيدات كون الأحداث جلها كانت تجري فى مناطقهم وإن كان هذا لايمنع لو توسع المؤلف قليلاَ لسرد تفاصيل الأحداث وذكر أدوار القبائل الأخرى التى لاشك كان لها مساهمات ودور فعال ومؤثر فى فى صناعة هذه الأحداث خصوصاَ قبيلة عنزة وذلك خلال فترة الأستعمار البريطانى والفرنسي للمنطقة, والحق أقول أنه رغم تحفظي مبدئياَ على أحد مؤلفات الباحث السابقة وعلامات الإستفهام التي شابها وأتمنى ان أكون مخطئاَ!! إلا أن هذا لايسقط مصداقيته كمؤرخ ولامنهجه العلمي كباحث فلقد أثرى المكتبة العربية بمؤلفات وتحقيقاته للكثير من كتب ومذكرات الرحالة والمستشرقين الأجانب وكذلك برع فى تحقيقاته عن أصول الخيول العربية وأشهر سلالاتها ومرابطها وفرسانها والأشعار التى قيلت فيها ككتابه القيم [ الخيل العربية فى مذكرات السياح والرحالة ] 1990م وقد استعرض الإستاذ الباحث أبومشعل بعضاَ من مؤلفات الباحث وكتبه عند الحديث عن الكتب المهداة إليه ومن ضمنها هذا الكتاب والذي حملني شرف نشره واستعراض ماجاء فيه وأرجوا أن أُوفق فى ذلك وعلى قدر المستطاع, ومن الغريب وفى هذا السياق تحديداَ أجد الإستاذ أسعد الفارس وكانه يشير ويلمح الى هذه الجزئية كنوع من التبرير والعتب الضمني حيث يقول فى مقدمة كتابه [ وعلينا نحن أن نستفيد من المعلومة الصحيحة وأن نبحث ونرد على كل المعلومات المغلوطة فى تلك التقارير بكل الوسائل المتاحة وفقاَ للأسلوب العلمي وبعيداَ عن التشنجج والإعتبارات الشخصية ولايسعنى فى هذا المجال إلا الثناء على الأدب الجم الذى قابلنا به أبناء قبيلة عنزة هذه القبيلة العريقة فى التاريخ فترجمتنا لمذكرات الرحالة البريطانية اَن بلنت عن بدو الفرات عام 1878م كانت قد أثارت زوبعة من الحوارات والمناقشات عن تاريخ هذه القبيلة الكبيرة وشيوخها عبر التاريخ , فالمثقفون فى هذه القبيلة واجهوا المعلومات والمستجدات بشجاعة ورحابة صدر وبدرجة عالية من الثقة بالنفس حتى إن بعض الهنات! التى وردت فى المذكرات لم تغضبهم وبحر الطيب لاتكدره الدلاء, فالشيخ ثامر النورى المهيد كان قد شكرنى شخصياَ فى الكويت لأنى قد كشفت لهم عما يُكتب عنهم فى التاريخ ونود من الأخرين بعد مطالعة هذا الكتاب أن يقابلونا بمثل ماقابلنا به الأخوة الكرام الأفاضل من قبيلة عنزة, ويقول معلقاَ أيضاَ فى الهامش [ التقيت بمجموعة من شبابهم المثقف فى الكويت ومعهم الشيخ مثقال الهذال ودكتور من اَل هديب من شيوخ السبعة فى منزل الأخ محمد السبيعى وكان موضوع اللقاء كتب الرحالة التى تُرجمت مؤخراَ وماكُتب عن القبائل العربية فيها وهل من الضرورى نشر كل ماذُكر عنهم فيها خصوصاً وأننا إعتدنا أن نكتب الحلو ونترك المُر وقد خرجنا بنتيجة أن نكتب التاريخ كما ورد فى مصادره على أن نرد على المعلومات غير الصحيحة حينما وُجدت] أقول ماورد على لسان المؤلف فهذا صحيح لاخلاف عليه ولكنى أُنوه فقط أن المشكلة لاتكمن فيما يكتبه الرحالة عن القبائل العربية بقدر ماهي مصداقية فى النقل وأمانة فى الترجمة بالدرجة الأولى! وهذا هو حقيقة مانعانى منه من بعض المحققين والمترجمين ومثقفي القبائل بشكل عام إلا مارحم ربي خصوصاَ عند ترجمة كتب الرحاله والمستشرقين الأجانب؟ فطالما أن المسألة بهذه الحساسية وهذا الحرج الإجتماعي فبالأمكان تلاشياها وتجاوزها إذا أردنا بالفعل أن نتحرى الدقة والحيادية؟ فعلى سبيل المثال لماذا لايكون النص الأصلي للترجمة مرفقاَ مع الكتاب المترجم للعربية على شكل صورة لغلاف الكتاب كنوع من بث الأطمئنان النفسي للقاريء؟ وفى نفس الوقت يوضع تحت النص المترجم ذو الحساسية تحت منه النص الأصلي له مع ذكر رقم الصفحة؟ وبذلك تنتفى الشبهات ويخلي المؤلف مسئوليته الأدبية وهذا بحد ذاته حماية لحيادية المؤلف ومصداقيته إتجاه القارىء؟ كما هو معمول عتد الكثير من مترجمي ومحققي الكتب فى العالم وذلك درءاَ
للشبهات وإبراءَ للذمة, فالمسألة أولاَ وأخيراَ هى مسألة نفوس وليست فى النصوص! فعليه نقول أن الكتاب بشكل عام مدعم بالوثائق والمصادر البريطانية المحفوظة بوزارة الجيش وكذلك التقارير السرية لدائرة الأستخبارات البريطانية عن العشائر والسياسة ومذكرات ويوميات بعض من شاركوا وساهموا فى هذه الأحداث من سياسيين وضباط وقادة عرب وأجانب وكذلك إستشهد المؤلف ببعض المؤلفات التاريخية ومدونات الرحالة التى كتبت عن تلك الفترة وماقبلها, ومن الصعب القول أن نذكر كل ماجاء في هذا الكتاب من معلومات وأحداث عن تلك الفترة التاريخية التى تحدث عنها المؤلف ولكن سوف نختصر منه ماجاء فيه عن قبيلة عنزة تحديداَ ولكن لابد لنا من إستعراض لمقدمة المؤلف والتعريف بالكولونيل ليشمان أو نجيمان كما تسميه العرب .
[ مقدمة المؤلف]
الكولونيل ليشمان الذى نُعرف به ضابط ورحالة من ذوي المهام الخاصة فى الجيش البريطانى فى أواخر القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين فسيرته وما كتب عنه تُعد من أكثر الكتب إثارة وأهمية فى التاريخ المعاصر, لأنه صنع الأحداث ولم تصنعه الدعاية ووسائل الأعلام كما صنعت من (1)لورنس بطلاَ وهمياَ بمجموعة من الصور والأفلام والمسلسلات التلفزيونية وبغض النظر عن مشروعية الغايات والأهداف فنحن أمام رجل عاش للجندية طوال حياته ومات من أجل بريطانيا العظمى التى كانت الشمس لاتغيب عن مستعمراتها فى كثير من بلدان العالم, لم يترك ليتشمان مذكرات مكتوبة يتحدث فيها عن نفسه مباشرة, لكنه ترك الاَلاف من التقارير العسكرية والعديد من الخرائط والرسائل الخاصة, فمن هذه الرسائل والتقارير سطر بعض الكتاب الإنكليز تاريخه ومعالم سيرته كرمز من رموزهم الوطنية هؤلاء كتبوا عن ليتشمان وغيره بعقلية كتاب العهد الفيكتوري عندما كانوا يمجدون البطل ويثنون على البطولة والتحدي المثير, فالبطولة والملك وعظمة الامبراطورية كانت تستأثر فى تلكم الأيام باهتمام الصغير والكبير فى بريطانيا, فهؤلاء صوروا الجندي البريطانى بالسوبرمان الذى لايقهر! بهذه العقلية كتب كتب الميجر ن . براي عن ليشمان كبطل قادم من الجزيرة العربية وونستون كاَمر للصحراء , وباستثناء المبالغات كان ليشمان من الضباط الذين قادوا الحرب العالمية الأولى فى العراق بمهارة فائقة وتصميم منقطع النظير الى اَخر يوم من حياته, منذ عام 1857م أصبحت الهند تابعة للتاج البريطانى فقد أقامت بريطانيا هناك امبراطورية تحكم باسمها وقوة عسكرية جبارة تحكم بحد السيف يقودها نائب عن الملك فى نيودلهى وبومباي وأخذت منها تتوسع فى شرق اَسيا وتتطلع لتستولى على الشرق الأوسط وعلى الوطن العربى بالذات, لأن هذا الوطن أصبح ممراَ حيوياَ الى تلك المنطقة كما تدفق النفط فى عبدان حيث قامت المصافي ومُدت الأنابيب وتحولت الأَلات من مرحلة الوقود الصلب الى مرحلة الوقود السائل, فباتت قطرة البترول تساوي قطرة الدم وفى هذا الوقت ضعفت الدولةالعثمانية وأخذت تتهاوى فسارع الأُوربيون للعمل على تقسيمها, ولهذا كانت بريطانيا بحاجة ماسة للضباط المخبرين وذوي المهام الخاصة للتجسس وجمع المعلومات ومن ثم مرافقة الجيوش التى أخذت تتأهب للحرب والزحف على ولايات الدولة العثمانية فاعدت منهم المئات من المدنيين والعسكريين ذوي المهام الخاصة فهؤلاء كانوا خبراء بالأُمم والبلاد التى يخططون لغزوها.
ومن أشهر هؤلاء 1- بولارد المتخصص باستانبول وبلاد الترك 2- سون الخبير ببلاد الأكراد 3- يونغ الخبير ببلاد البختيار 4- ليشمان الجندي والجاسوس المتهور فى بلاد العرب, وليشمان الأخير هو موضوع كتابنا ولهذا نُعرف به باختصار فهو: جيرارد ايفلين ليشمان إنكليزي من بلدة بيترزفيلد فى جنوب بريطانيا على الرغم من أن بعض المصادر تشير الى أنه بريطاني متجنس من أصل الماني غيرأنه عاش ومات من اجل بريطانيا 1880م1920م تعلم ليشمان فى المدارس البريطانية حتى المرحلة الثانوية حيث كانت العائلة تعده ليكون مهندساَ أو طبيباَ يعمل فى مهنة أبيه, ولكنه خيب اَمالها عندما تحول للدراسة فى إحدى الكليات العسكرية فقد أوصى معلموه بأنه سيفلح فى المجال العسكري أكثر من أي مجال اَخر, ولهذا دخل الكلية العسكرية وتخرج منها برتبة ملازم ثان فى الجيش البريطاني وهولايزال فى التاسعة عشر من عمره وفور تخرجه نقل الى جبهة الحرب فى جنوب أفريقيا لأن الجيش البريطاني هناك كان يخوض معارك عنيفة ويقاتل البوير من المستعمرين الأُوربيين الأوائل 1899م1902م فالحرب هناك كانت تدعى الحرب القذرة بسبب العنف والقسوة والوحشية, ولأنها كانت أشبه بحرب العصابات ومن الصعب على الجيش النظامي مواجهتها, عندما أُرسل ليشمان عام 1900م ليشترك فى تلك الحرب كان صغير السن وحديث عهد بالجندية ولهذا كانت الحرب شديدة الأثر فى نفسه, فقد حولته تلك الحرب الى ضابط حاد الطباع لايعرف الرحمة فعندما حارب كان يحارب باندفاع شديد ومارس الجاسوسية وجمع المعلومات لأول مرة فى حياته وهو الذى كان يجند الأطفال فى هذه المهمة غير الأخلاقية مقابل اللعب والحلوى وعن طريق الرشوة والأبتزاز, فأحب هذه المهمة وتفرع لها بجانب مهامه العسكرية الأخرى طوال حياته, نقل ليشمان من جنوب افريقيا الى الجيش البريطاني المرابط فى الهند فتحول من الشقاء الى النعيم حيث الطبيعة الساحرة والمعسكرات المجهزة بمختلف وسائل الرفاهية, ففي هذا الجيش حشد كتشنر مجموعة من الضباط الماسونيين فاصبح ليشمان واحداَ منهم فبهؤلاء كان كتشنر يشق عصا الطاعة ويتمرد على نائب الملك هناك اللورد كيرزون فكان ليشمان الضابط المدلل لدى القادة البريطانيين فى الهند لقربه من كتشنر, ولهذا كان يجمع بين الجندية والترحال والتجسس فقد إرتحل لجمع المعلومات فى التيبت وفى كشمير وفى البلاد العربية التى كانت خاضعة للسلطان العثماني , واخيراَ رافق ليشمان الجيش البريطاني فى جزء من حملته على العراق فى الحرب العالمية الأولى 1914م 1918م وبقى يعمل هناك يؤدي المهام ذاتها حتى قتل فى خان النقطة قرب الفلوجة فى العراق عام 1920م .
يعود إهتمامي بهذا الرجل الى مطلع الخمسينات من القرن العشرين عندما كانت القصص تروى والأشعار تنشد عن الأنكليزي نجيمان أو ليشمان بين اهلنا من عرب الفرات, ومما يؤسف له جهلنا بتاريخ هذا الرجل الذى فعل الأفاعيل فى المنطقة فقد كان المحارب والعدو اللدود الذى استخدم الطيران البريطاني ليقصف ديار اهل الفرات لأول مرة في تاريخ الجيش البريطاني في المنطقة, فجُلْ ماكُتب عنه لايتعدى كونه المسكين الذى كان يبيع الفرارات للأطفال فى مدينة البوكمال السورية وينام فى المساجد والذي اكتُشف فيما بعد بانه جاسوس بريطاني, ولذا بُذلت جهوداَ كبيرة لجمع كثير من المعلومات عن ليشمان وعن تاريخ الحرب التي خاضها الجيش البريطاني في المنطقة العربية عام 1914م 1920م فكانت حصيلتها هذا المؤلف, انتهت الحرب العالمية الأولى والحروب التي تلتها, ولازلنا بحاجة لمن يكتب عنها بمنهجية علمية تُحلل فيها الأحداث والمواقف السياسية للرجال والشيوخ والشخصيات وصانعي الأحداث وبالمقابل لازلنا نتعثر في أكوام من الكتب التى تعالج موضوع تلك الحرب بالأسلوب الخطابي والمبالغات والحماس المثير, وبالصور الوهمية والحقيقية لكل من هب ودب وبقصائد الشعر الشعبي عن فلان أخوفلانة وفلان أخو علانة , وبالمديح المفرط لذوي الجاه والسلطان لينال بعض الكتاب شيئاَ من عطاياهم حتى أننا لم تعد نفرق بين الغث والسمين من هذه الكتب, ولهذا اَن الأوان لغربلة ماكُتب والعمل لتحقيقه وتصويبه ولنتحول بكتابة التاريخ من مرحلة الفوضى والإنتهازية الى مرحلة التوثيق والعودة للمراجع الأصيلة , فكتابة التاريخ أمانة علمية تهدف للوصول الى الحقيقة وتوثيق ماحدث وليست سلعة تجارية تخضع لقوانين العرض والطلب, وحسابات البيع والشراء وتحقيق المكاسب, وعلينا أن نعترف بأن هناك الكثير من المستجدات والمعلومات الخطيرة التي نشرت مؤخراَ وأُدرجت في مضمون هذا الكتاب بعد أن أفرجت الدول الكبرى عن كثير من (2) المعلومات السرية التي كانت حبيسة الأدراج, ولمواجهتها علينا ان نتحلى بالصبر والشجاعة والثقة بالنفس والتوجه لكتابة التاريخ بحلوه ومره فالنقد الهادف والبناء والتعرف على رأي الطرف الاَخر بات سمة من سمات العصر الثقافي الذي نعيشه, ولاداعي للحساسية الزائدة عن الحد تجاه مايُكتب وتاتي به المصادر الحديثة, فتحليل المواقف السياسية لبعض الرجال والقادة وبعض شيوخ القبائل لايعني النيل من مكانتهم أو التقليل من أهميتهم فمثل هؤلاء كان لهم حضور معروف فى الأحداث وكانت لهم مصالحهم وحساباتهم ومواقفهم الخاصة فى فترة حرجة من الأضطراب السياسي والولاءات المتغيرة والإحتلال الجائر البغيض .
إننا نقدم للقراء في هذا الكتاب تجربة رائدة في متابعة صانعي الأحداث وتحليل المواقف ونقل المعلومات من المصادر العربية والأجنبية والإحاطة بموضوع البحث من مختلف الجوانب, ومن المنطقي أن نسموا بمستوياتنا الثقافية للتعامل مع مختلف الاَراء والمعلومات ولنواكب الثورة المعلوماتية التي وُضعت بين أيدي الناس الكثير من المعلومات التي كان يُمنع نشرها في السابق عن المنطقة العربية وعن كل المناطق التي كانت ساخنه في الماضي, غير أن هذه المعلومات والتقارير يجب أن تخضع للتقييم والتحليل والدراسة , لانها كانت تُعبر عن وجهة نظر الدوائر التي صدرت عنها, يكمل المؤلف مقدمته قائلاَ ماذكرناه بانه قد التقى بالشيخ ثامر المهيد رحمه الله فى الكويت وانه شكره شخصياَ على الجهود التي يقوم بها كما التقى بمجموعة من شباب مثقفي قبيلة عنزة منهم الشيخ مثقال الهذال ودكتور من اَل هديب من شيوخ السبعة لم يذكر إسمه فى منزل محمد السبيعي وكان موضوع اللقاء عن كتب الرحالة التي تُرجمت مؤخراَ وماكتب عن القبائل العربية وما الى ذلك من امور ثم يمضي قائلاَ: أمضى ليشمان الأشهر الأخيرة من عام 1920م يقاتل لقمع الثورة التي قامت في ديار العقيدات في البوكمال وحول دير الزور فطغى وتجبر وأسرف في القتل واستعمال القوة عندما أطلق أسراب الطائرات وحمم الم\فعية لتدك ديارهم وتهدم المنازل فوق رؤوس الأطفال والنساء, ولولا مطالعتي لما كُتب عن ليشمان وعن حرب الإنجليز في هذا اللواء لأكثر من عام ونصف العام, لما عرفت بأن لدير الزور قضية كبرى في تاريخ الحروب التي خاضها الجيش البريطاني, وأن الثورة في لواء دير الزور هي التي مهدت لقيام ثورة العشرين في العراق, لقد كان لقبيلة العقيدات دور كبير في أحداث هذه الثورة وهذه هي الحقيقة المنسية فى التاريخ, قال المستشرق الألماني أُوبنهايم في كتاب البدو [ يمثل العقيدات سكان الفرات الأوسط أكبر قبيلة في بلاد الرافدين وهم الى هذا ميالون جداَ الى الحرب ومحاربون أشداء وسعوا منطقتهم عبر حروب متواصله ودافعوا عن حريتهم ببساله ضد الأتراك أول الأمر ثم الإنكليز والفرنسيين أخيراَ] كنت قد جمعت في هذا المؤلَف الكثير مما كتب عن هذه الثورة فأسعد الفارس هو ابن محافظ دير الزور السورية وابن قبيلة العقيدات في تلك المحافظة, التي كان لها شرف محاربة الإنكليز على ضفاف الفرات مع القبائل الأخرى وطردهم بقوة السلاح فهذه القبيلة قاتلت وأصرت لتبقى ديارها جزءاَ من الوطن الأم سورية الحبيبة في وقت عصيب كان فيه الوطن العربي يُقسم الى دول وإمارات وعلى الرغم من حملات التشكيك والتحريض التي كان ولايزال يمارسها الأجنبي على المنطقة فهذه القبيلة قد لعبت الدور الذي يمليه عليها الواجب الوطني على أكمل وجه, والعقيدات على كغيرهم من القبائل في تاريخهم الحلو والمر ولست بحاجة ممن يعرفني ببني عمي .
كيف نكتب تاريخ الكولونيل ليشمان؟ وكيف نمضي في كتابة سيرته؟ فتاريخه الذي نتابعه يتطاول مابين بريطانيا وجنوب أفريقيا مروراَ بالهند والعراق وشمال الجزيرة العربية, وينتهي بموته واغتياله في الفلوجة عرين الأسد عبر التاريخ فنحن أمام كم هائل من المعلومات الهامة والخطيرة, وأخطر مافيها شبكة التجسس التي أحكم ليشمان بنائها في المنطقة, والماسونية التي جاء بها البريطانيون لتنشر في اَسيا وعموم الشرق الأوسط , ولاأدري فيما إذا كان بعض الكتاب والمترجمين العراقيين على حق عندما نفذُوا الى مذكرات بعض الرحالة والضباط البريطانيين فحرروا مايخص العراق فيها فقط ونشروه في كتب جديدة وتحت عناوين جديدة فكتاب بلاد مابين النهرين لويلسون الحاكم السياسي البريطاني السابق في العراق استخلصوا مايخصهم فيه ونشروه في كتاب جديد تحت عنوان ثورة العراق عام 1920م, وكذلك تعاملوا مع مايريدونه من كتاب بطل من الجزيرة العربية للميجر ن. براي ونشروه بعنوان مغامرات ليشمان في العراق والجزيرة العربية 1908م1920م إنهم بهذه الطريقة يوفرون على القراء العرب عناء البحث في الكتب المطولة, غير اني أشفق على هذه الكتب الثمينة في الحرب وأدب الرحلات من التشويه فالكتب المختصرة لاتعبر عن المضمون الكامل لتلك الكتب ولهذا تعاملت مع المصادر الأجنببية التي تحدثت عن ليشمان ككل لايتجزأ, واَثرت الإختصار في تاريخه وسيرة حياته خارج الوطن العربي, بينما استرسلت معه في أحداث الوطن العربي في العراق وسورية وشمال الجزيرة العربية وخصوصاَ حربه المدمرة في لواء دير الزور في سورية وهي الثورة التي توصف بالثورة المنسية في التاريخ, كان ليشمان القائد الذي جائت به بريطانيا من الموصل لقمع ثورة دير الزور عام 1920م ولهذا تطالعنا في سيرته ثلاثة موضوعات الخدمة العسكرية والحرب والترحال والتجسس والموت في الفلوجة عام 1920م, فمثل هذه الموضوعات يطول شرحها ويقصر مابين المصادر العربية والأجنبية وقد تُكتب فيه المجلدات! ولأهمية هذه الموضوعات في تاريخ المنطقة كنت أبحث لها عن عنوان معبر شامل فاستعرت من بعض المصادر عنوانين جميلين مثيرين كانا في منتهى الأهمية من الناحية الجمالية والدبية المعبرة عن حياة وتاريخ ليشمان وكانت المفاضلة بينهما بالنسبة لي صعبة ومحيرة أولاَ- ليشمان واللعبة التي بدات ولم تنتهي: واللعبة المقصودة هي لعبة تحطيم الدولة العثمانية ومن ثم تقسيم الوطن العربي في دويلات ذات حدود خاصة والسيطرة والإحتلال لإستثمار الثروات والنفط ومن بنود هذه اللعبة إفتراض وجود نظام أو انظمة فاسدة ظالمة وانهم جاؤوا محررين لامحتلين, ومعهم الحكم الديمقراطي والحرية والإخاء والمساواة فكان ليشمان الماسوني من امهر اللاعبين واشدهم حماساَ لتنفيذ هذه اللعبة! لعبوا لعبتهم وأعادوا اللعب فيها في اكثر من مكان في العالم , وأخيراَ لعبوها في العراق عام 2003م ولم تنتهي اللعبة بعد .
ثانياَ- الكولونيل ليشمان والدرب الطويل الى بغداد: وبغداد التي يريدونها هي ليست بغداد العاصمة العربية المعروفة وحدها, فاحتلال بغداد بالنسبة لهم يعني احتلال الموصل وكردستان ودير الزور ووسط وجنوب العراق ومد نفوذهم الى الخليج العربي وشمال الجزيرة العربية , ولم تكن المسافة بين الفاو فى الجنوب وبغداد والموصل في الشمال على نهر دجلة في العراق طويلة بمقاييس الزمن والمسافات لكنها طويلة بأحداثها الخطيرة, ونتائجها الكارثية المدمرة وباَلاف من القتلى والجرحى الذين سقطوا فيها, فالجيش البريطاني إحتل الفاو في تشرين الثاني عام 1914م وأخذ يزحف نحو الشمال ببطء ولم يتمكن قادته من إحتلال بغداد إلا في عام 1917م بعد ان تكبدوا خسائر فادحة, حيث تعرضت فرق الجيش البريطاني في حصار الكوت لأكبر عملية إستسلام في التاريخ, ففي هذا الحصار وحده خسر الجيش البريطاني ثلاثين الف جندي مابين قتيل وجريح والاَلاف المؤلفة من الأسرى, ولهذا كتب الضابط البريطاني كاندلر... كتاباَ مطولأ عن تاريخ تلك الحرب بعنوان الدرب الطويل الى بغداد وقد كان ليشمان واحداَ من القادة الذين مشوا فى هذا الدرب الطويل وهم يتوقعون الموت في أي لحظة واصطلوا بنيران تلك الحرب, لقد رأى ليشمان بام عينه الاَلاف من الجنود الجرحى والمرضى يستسلمون للجيش العثماني في نيسان عام 1916م فبكى بكاء الطفل لأول مرة في حياته, مثلما بكته بريطانيا هو نفسه عندما قُتل في الفلوجة عام 1920م, تابع الجيش البريطاني زحفه نحو الشمال من جديد بعد ان وصلنه الإمدادات والتسليح فاحتل بغداد عام 1917م ثم واصل الزحف نحو الموصل ودير الزور فكان ليشمان في طليعة هذا الجيش يقوم بالتجسس وتنفيذ المهام الخاصة ويقاتل بعناصر الشبانة القبائل العربية الثائرة والموالية للعثمانيين, ومن قبل الحرب كان ليشمان قد قطع في هذا الدرب أكثر من مرة عندما عاد الى بريطانيا من الهند عام 1907م, وفي مغامراته الإستكشافية عام 1909م 1910م وفي مختلف جولاته الإستطلاعية إذ قطع من بغداد وإليها اَلاف الأميال ولهذا يعتبره بعض النقاد من العسكريين الرحالة ومن ذوي المهام الخاصة الذين ساروا في هذا الدرب الطويل, ولقد اخترت الموضوع الثاني عنواناَ للبحث لأنه الأقرب الى المضمون فأصبح العنوان النهائي للكتاب الكولونيل ليشمان والدرب الطويل الى بغداد, على الرغم من ان اللعبة لم تنتهي بعد. ويمكننا بعد هذا التقديم المطول أن نوجز تاريخ ليشمان في المحطات والمواقف الثلاث التالية, أولاَ- الخدمة والحرب : فقد تطوع ليشمتن في الجيش البريطاني عام 1898م وتخرج من الكلية العسكرية برتبة ملازم عام 1899م فخدم في في الهند وفي جنوب أفريقيا أما عن الحرب فقد حارب مع الجيش البريطاني عصابات (12) البوير 1898م- 1902م وارسل ليلتحق بالجيش البريطاني الذي غزا العراق من الجنوب عام 1914م أثناء الحرب العالمية الأولى وكان له دور كبير في مجريات تلك الحرب حتى قُتل في الفلوجة عام 1920م .
ثالثاَ- الترحال والتجسس: مارس ليشمان التجسس وعمل الإستخبارات في الجيش البريطاني منذ أن كان يستخدم الأطفال لجمع المعلومات في جنوب أفريقيا, كما قام بالعديد من الرحلات للغرض ذاته في التبيت وكشمير 1905م 1906م وفي طريق عودته الى بريطانيا قادماَ من الهند عام 1907م عبر الشرق الأوسط , وفي رحلتة الإستكشافية الولى في الوطن العربي 1909م 1910م وفي رحلته التالية الى أواسط الجزيرة العربية عام 1912م ليقابل الملك عبدالعزيز ابن سعود, ثالثاَ- الموت في الفلوجة عام 1920م: كُتب الكثير عن الخلاف بين ليشمان والشيخ الضاري المحمود شيخ قبيلة زوبع في الفلوجة والذي انتهى بمقتل ليشمان, فهذه القضية بتفاصيلها وملابساتها بالإضافة الى المحطات السابقة يجدها القراء في الفصول التالية, وفي ترجمة حياة ليشمان في الملحق(أ) من الكتاب بإذن الله, إن البحث في موضوع ليشمان وفي أحداث ونتائج الحرب العالمية الاولى ذوشجون وأحزان بالنسبة للعرب, فقد غدر بنا الحلفاء كعادتهم وحالوا بيننا وبين الوطن العربي الموحد, وأصبحنا بين ليلة وضحاها تفصل بيننا حواجز وحدود مصطنعة, وتثيرنا النزعات الإقلليمية والقومية كما اغتصبوا فلسطين وقدموها لليهود, فتحول الوطن السليب الى دولة يهودية تتسلح بالسلاح النووي, ويقترف قادتها أبشع جرائم الحرب دون أية مسائلة قانونية, لأن فيتو الدول الكبرى يحميهم ويبرر لهم ذلك, وأقنعونا بسياسة الأمر الواقع وبالحلول الجزئية التي تُفرض بحجة الأمر الواقع والحصول على شيء ما أحسن من ضياع كل شيء, ومن الواضح ان التاريخ يعيد نفسه في القرن الواحد والعشرين, فاللعبة باتت ذاتها ولم تتغير بإستثناء تغير اللاعبين وتغير الشعارات والمصطلحات... فهل يظنون أننا ننسى جرائمهم؟ فذاكرة أُمتنا حية ولن يضيع الحق ووراءه يطالب بإذن الله, إني أُقدم هذا الكتاب هدية للمكتبة العربية وللقراء العرب وللأجيال القادمة, لإستخلاص العبر والدروس وليعلم العالم بأسره بأن دماء الشهداء والتضحيات الجسام وثورات الاَباء والأجداد بوجه الغزاة والمحتلين ليست منسية في التاريخ, بل هي في قلوبنا قبل الكتب والمؤلفات, تتوارثها الأجيال جيلاَ بعد جيل , ولايسعني في نهاية هذا التقديم إلا أن أقدم الشكر والتقدير لدارة الملك عبدالعزيز في المملكة العربية السعودية للدعم والتنسيق وتبادل الخبرات وللزملاء الذين ساعدوا في الترجمة وجمع المعلومات والذين عملوا جاهدين لإنجاح طباعة ونشر هذا الكتاب:الأخ الفاضل المترجم نضال خضر معيوف الذي مابخل يوماَ في تقديم المساعدة, والزميل عدنان الفيصل المدقق اللغوي,والزميل (3)فارس غلوب باشا الذي وضع بين أيدينا المؤلفات الإنجليزية عن ليشمان والذي كانت وفاته لي خسارة ثقافية لاتعوض, والدكتور سعد العتيبي الصقر الكويتي الذي أطلقناه ليأتي لنا بطرائف المعلومات والخبار من مخابئها الأجنبية, فكلنا في هذا العمل نبتغي خدمة أمتنا ونطلب من الله الأجر والمثوبة والله ولي التوفيق.
أسعد الفارس: الكويت 1430هـ2009م
يليه إن شاء الله الجزء الثاني

حميد الرحبي 04-02-2011 09:25 AM

بسم الله الرحمن الرحيم

شكرا للاستاذ اسعد الفارس على سرد هذا البحث الطويل والذي عرفناه من الاجداد بأن هذا القائد كانوا يسمونه ( الاجمن ) قتله الشيخ ضاري في الخان على طريق رمادي بغداد بالقرب من الفلوجه والمنطقه تدعى ( خان ضاري) والخان موجود لحد الان منطقه اثريه متروكه0

أباوائل الوائلي 04-02-2011 05:28 PM

تحية وتقدير لابو مشاري الرفدي على اتحافنا بكل ماهو جديد ومفيد بس عندي سؤال بسيط هل الكولونيل ليشمان هو نفسه لجمن حيث يوجد في مكتبتي الخاصة كتاب للكولونيل : لجمن
وهو رحلة الكولونيل لجمن في الجزيرة العربية , 1909م / 1910م , ط1 , 2006م / 1427هـ , ترجمة : د : خالد عبدالله عمر , الدار العربية للموسوعات .
والذين قتلوه هم الشيخ ضاري وخميس الضاري وسليمان الضاري وعفن بن حرج وصعب المجباس كما في الكتاب ص102

الرجال العنزي 04-02-2011 05:29 PM

الاستاذ ابو مشاري شكرا لك على هذا المجهود الضخم ... تحياتي ..

ابو مشاري الرفدي 04-02-2011 07:05 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أباوائل الوائلي (المشاركة 25528)
تحية وتقدير لابو مشاري الرفدي على اتحافنا بكل ماهو جديد ومفيد بس عندي سؤال بسيط هل الكولونيل ليشمان هو نفسه لجمن حيث يوجد في مكتبتي الخاصة كتاب للكولونيل : لجمن
وهو رحلة الكولونيل لجمن في الجزيرة العربية ,
1909م / 1910م , ط1 , 2006م / 1427هـ , ترجمة : د : خالد عبدالله عمر , الدار العربية للموسوعات .
والذين قتلوه هم الشيخ ضاري وخميس الضاري وسليمان الضاري وعفن بن حرج وصعب المجباس كما في الكتاب ص102

حياك الله أخي أبا وائل الوائلي وأشكرك على هذه المداخلة والمشاركة والحقيقة أن هناك اكثر من كتاب يتحدث عن الكولونيل ليشمان وهو فعلاَ كانت له زيارة إستكشافية للمنطقة كما ذكر المؤلف 1909م 1910م وهو نفسه جيرارد ايفلين ليشمان الذى قتله ضاري المحمود شيخ زوبع بالفلوجة وسوف ناتي على ذكر تلك الاحداث إن شاء الله بالأجزاء القادمة.

وتقبل تحياتي

ابو مشاري الرفدي 04-02-2011 07:13 PM

الرجال العنزي أشكرك اخي على المشاركة والتواصل فبارك الله فيك .

وتقبل تحياتي

محمد بن دوهان 04-03-2011 12:34 AM

كل الشكر وعظيم الإمتنان لك عزيزي أبو مشاري ولكنني سوف أرفع عليك قضية فحواها أنك ما زلت تحاول جاهداً أن تفقدني نظري لتعمدك تصغير حجم الخط مما سيجعلني أعمى عاجلاً غير آجل
:):):)

أما بالنسبة لهذا الكولونيل ومن كان من أبناء جلدته فإن هؤلاء أناسٌ أرسلهم الله سبحانه كي يقوموا بتدوين تواريخ تلك الحقب الزمنية التي أتوا بها ومما يحز في قلب كل عربي أن في ذلك الزمان قد فقدت العرب قدرتها على الكتابة والتدوين إلا من رحم ربي ولولا الله ثم هؤلاء لما وصل إلينا هذا الزخم الكبير والغني بتلك المعلومات التي تخص تقاليدهم وعاداتهم بسلمهم وحربهم وإستقراراهم ونجعتهم ..
وننتظر بشغف لكل ما تجود به علينا من كتابات خلدها لنا التاريخ ..

وبارك الله فيك وفي كل مساعيك الكريمة وأدامنا وإياك وجميع الأحبة بعفوه وستره ورضاه حتى نلقاه عز وجل وهو راضٍ عنا غير ساخطٍ ولا غضبان ..

ابو مشاري الرفدي 04-03-2011 01:51 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد بن دوهان (المشاركة 25540)
كل الشكر وعظيم الإمتنان لك عزيزي أبو مشاري ولكنني سوف أرفع عليك قضية فحواها أنك ما زلت تحاول جاهداً أن تفقدني نظري لتعمدك تصغير حجم الخط مما سيجعلني أعمى عاجلاً غير آجل
:):):)

أما بالنسبة لهذا الكولونيل ومن كان من أبناء جلدته فإن هؤلاء أناسٌ أرسلهم
الله سبحانه كي يقوموا بتدوين تواريخ تلك الحقب الزمنية التي أتوا بها ومما يحز في قلب كل عربي أن في ذلك الزمان قد فقدت العرب قدرتها على الكتابة والتدوين إلا من رحم ربي ولو الله ثم هؤلاء لما وصل إلينا هذا الزخم الكبير والغني بتلك المعلومات التي تخص تقاليدهم وعاداتهم بسلمهم وحربهم وإستقراراهم ونجعتهم ..
وننتظر بشغف لكل ما تجود به علينا من كتابات خلدها لنا التاريخ ..

وبارك الله فيك وفي كل مساعيك الكريمة وأدامنا وإياك وجميع الأحبة بعفوه وستره ورضاه حتى نلقاه عز وجل وهو راضٍ عنا غير ساخطٍ ولا غضبان ..


حياك الله يابوعبدالعزيز وأسعدتني مشاركتك وتعليقاتك والشكر والإمتنان موصول لك على هذه المداخلة وبالنسبة للخط فالقصد منه هو مراعات حجم الصفحة حتى تحتوي كامل الموضوع وإن شاء سوف اَخذ بهذه الملاحظة وسلامة نظرك من العمى ياعزيزي أجل وش خليت للشيبان:):):)
أما بالنسبة لما تفظلت به من أن هؤلاء قد حفظوا لنا التاريخ
وبغض النظر عن طبيعة مهامهم التي جاءوا من أجلها! وهي قطعاَ لاتخفى على صناع القرار السياسي فى تلك الفترة؟ ولكنك أثرت نقطة موضوعية وعلى جانب كبير من الأهمية؟ وهو لماذا لم يقم المؤرخين العرب تحديداَ وكتاب السيروالمهتمين بالمدونات التاريخية كمؤرخي نجد خصوصاَ بهذه المهمة وهذا الدور؟ وهوالقيام بتدوين تاريخ وموروث قبائل الجزيرة العربية عن طريق المعايشة والاخذ منهم والنقل عنهم مباشرة كما فعل هؤلاء الرحالة والمستشرقين الأجانب!! فبارك الله فيك ياعزيزي وأشكر ذوقك الرفيع وكلماتك المعتبرة.

وتقبل تحياتي

عبدالله بن عبار 04-03-2011 11:16 AM

على ذكر الكولونيل لشمان المعروف في لهجة البادية (ب نجيمان ) والذي قتله الفارس الشجاع الشيخ ضاري بن محمد شيخ زوبع من شمّر وهو من الشمروخ من سنجارة عندما أهان العرب بصفته قائد جيش الأستعمار ومن أحفادضاري في هذا العصر البطل الشجاع الورع التقي الشيخ الدكتور حارث بن سليمان بن ضاري المحمود رئيس علماء السنة بالعراق الذي بدورة قاوم الأحتلال الأمريكي وأصبح منبوذ من قبل الذين رسخوا الأحتلال وهذا الرجل خواله الغبين من الفدعان من عنزة وقد أقيمت له وليمة من قبل خواله وحصل لي شرف ألقاء هذه القصيدة في ذلك الحفل وذلك قبل خمسة سنين :

قال عبدالله بن عبار هذه القصيدة بمناسبة زيارة الشيخ حارث بن سليمان بن ضاري الزوبعي للشيخ نايف بن فواز بن غبين الفدعاني :
يا مرحبـا اعداد الحصى مع رمالـه *** واعداد ما تجـري كواكب نجـومـه
حـيـيـت يـا شـيـخ يـشـرّف قـبـالــه *** الزوبعي حـارث فـرحـنا بـقـدومـه
يـا مـرحـبـابـه يـوم شـرّف خـوالـه *** الـلي فخـرهم مـا تلاشت رسومـه
تـرثـت غبيـن الـلي قـديـمه فـعـالـه *** أحـفـاد شيـخ وحـافـظيـن سلـومـه
أهـل العـطيـه والـفـخـر والـشكـالـه *** مضرب مثـل عند القبايل عمـومـه
وأنـت الزعيم اللي إلى جاء مجالـه *** كل العـرب تفخـر بطـاري علـومـه
وأنـت الـذي تـتعب لكسب الجمالـه *** اليا بـاد حيل الـلي ترخت عـزومـه
وأنـت الذي تنجب عـلى حـل قـالــه *** وأن جالـك العـاني تخلّص لـزومه
بعـيـد عـن درب الـغـوا والضـلالـه *** عـويـن من حافظ صلاته وصومـه
فـعـلـك مـشّـرف كـل مسـلـم درالـه *** برج العـلا تصعـد شوامخ حـزومه
دار العـروبـه مـا رضيـت احتـلاله *** تجزع إلى شفت الحقوق مهضومه
مـا غـيـروك أهـل الخـزا والنـذالـه *** حيث الوطـن تحمل عظايم همومـه
أبـوك مـن مـسـه زمـانـه عـنـالــه *** ومن لاذ به مظيوم ما أحدٍ يهـومـه
نـال الـفـخـر والمـجـد والعـز نـالـه *** شيخ وزعيم وبـه شهامه وشومـه
وجـدك تـصـدى للمـعـادي لـحـالـه *** ومـن ذاد عن حد الحمى من يلومه
ضاري سجل المجـد سجـّل نضالـه *** ركـّز عـلى جمع المعـادي هجومـه
ضـاري ضرى للمرجلـه والبسالـه *** وتراجعـت عـنـه الغـزاه مهـزومـه
نصره مـن المولى عـزيـز الجلالـه *** بالسيـف والـبـارود ذلـل خصومـه
لشمـن عـبـاريـد المشّـوك عـبـالـه *** شرّه عـلى العايـل اليـا كبـر زومـه
راس المعـادي عـن عـلابيـه شالـه *** خلا الحمر بـالخان يصبغ هـدومـه
يـا مـا ويـا مـا حـاولـوا باغـتيـالـه *** وعيوبه الشجعان وشخوص قومه
لاشـك جـولـه بـالـخـدع والحـيـالـه *** غـدربـه الـلـي سـلـمـه لـلـحكـومـه
من ظاهـر المحمود يحمـل رسالـه *** بالـعـز الأقـعـس وثـقـّت ومختـومه
مـوروث من شمروخ وأنتم عيالـه *** منشاه مـن عـذفـا مشاريـق دومـه
مـن عـزوةٍ رجـالـهــم حـي فـالـــه *** يحجي ويـذري عـن لوافح سمومه
شـمـر هـل الـردات يـوم الـصيالـه *** يـوم العـمر يجلب لمن هـو يسومه
عـربـانـهـم بـديـار نـجـد وشـمـالـه *** يرعون قـفـر الـلي تهاشل غيومـه
قصيرهـم لـو عـال يـرفـى خـمـالـه *** يـرفـل ويـنعـم فـي حـيـاة النعـومـه
دخـيـلـهـم يـدلـه ويـنـسـاح بـالـــه *** وجاراتهم عـن كل عـيب محشومه
قـلـتـه ولا ودي أزيـد الـمـقـالـــــه *** بـه اكتـفي والهـرج يعـرف يمومـه

ابو مشاري الرفدي 04-03-2011 04:09 PM

صح لسانك يابومشعل على هذه القصيدة الجزله ويستاهل الشيخ حارث الضاري رئيس تجمع أهل السنة بالعراق وانعم وأكرم بأخواله الغبين فهو لاشك من المجاهدين الذين وقفوا بوجه الإحتلال وأعوانهم من الصفويين!

تحياتي لك


حميد الرحبي 04-03-2011 06:44 PM

بسم الله الرحمن الرحيم

الاخ ابو مشاري الرفدي اولا شكرا على البحث الذي طرح عن الاجمن الذي قتله الشيخ ضاري قرب الفلوجه 0
وثانيا اعتذر عن الرد السابق لاني كتبت الشكر للاستاذ المؤلف والعتب علىالنظر000 تحياتي 0

ابو مشاري الرفدي 04-04-2011 06:40 PM

حياك الله أخي حميد ولاداعي للإعتذار فالخطأ مشترك فقد كنت انوي الرد على مداخلتك ولكني كنت أقرأ رد أبو مشعل وقصيدته
ونسيت الرد على من قبله وشكراَ لك.

ابو مشاري الرفدي 04-04-2011 11:08 PM

الجزء الثاني

[ ليشمان والمهمات الخاصة ]

كانت الملفات السرية في سيملا قد جمعت بواسطة الرحالة والصيادين والجنود والتجار والجواسيس بالإضافة الى موروث شركة الهند الشرقية التي هيمنت بجيشها الخاص على قسم كبير من اَسيا, فهذا الركام من الوثائق لايمكن الإحاطة به بسهولة وبالإضافة الى تعلم استخدام التلغراف كوسيلة لنقل البرقيات من مكان لاَخر, والتميز بأشياء محددة مثل معرفة جغرافية المنطقة العربية ونظام وحدات الجيش العثماني واتقان وسائل الإعلام والإشاعات, الحرب النفسية! واستطلاع أماكن إنتشار القبائل العربية في البادية, وتحديد المواقع التي ينصب فيها شيوخ القبائل خيامهم ورصد التحركات الأجنبية في المنطقة, وأن يميز بين الصديق والعدو وبين العربي واليهودي واليوناني والاَشوري والأرميني والتركي والكلداني, لم تكن المهمات سهلة لأن المخابرات البريطانية كانت تواجه المخابرات الألمانية في المنطقة التي كانت مدربة جيداَ, خصوصاَ وان ملك المانيا كان يهتم بكتائب المخابرات ويدرب عناصرها في مدارس محترفة ذات مهنية عالية كالمكتب الشرقي لوزارة الخارجية في برلين, حتى أصبح رجال المخابرات الألمان يتمتعون بسمعة أكاديمية عالية ولعل من أشهرهم الألماني اليهودي البارون(14) فون أوبنهايم (15) ولويس موزيل التشكوسلوفاكي(16) البوهيمي النمساوي عندما كانت بلاده جزءاَ من النمسا, فالأول كان عالماَ بالاَثار ويمتهن الجاسوسية في القاهرة حتى مسقط ! والثاني كان علماَ أكاديمياَ وخبيراَ في المخابرات الألمانية! وهو الملقب بموسى الرويلي عند بدو عنزة! والرحالة المعروف في البوادي العربية كانت بريطانيا ترسل الجواسيس لجمع المعلومات مثل مارك سايكس الذي ارتحل مع والده في سوريا والأناضول وكردستان عام 1880م .
وتبعته(17) جيرترد بل, وأبري هربرت الملحق الفخري الشاب في سفارة بريطانيا في استانبول, كان الرحالة الجواسيس يرسلون مايرونه ويستكشفونه الى الملحقين العسكريين والسكرتارية في سفارات بريطانيا في القاهرة واستانبول ومن هؤلاء 1- الكولونيل ماسي في الأناضول وباك ومتيلاند ونيوكوم في سورية فكل هؤلاء كانوا يعملون لصالح الكونت غليشن من المكتب الثاني العسكري 2- لي ستارك مدير الإستخبارات البريطانية في القاهرة ومونسيل وخلفه سوريتز في استانبول كانوا يعملون تحت غطاء صندوق اكتشاف فلسطين ومسح مصر وتحت ذرائع أخرى لامجال لذكرها, كل هذا الحشد من ضباط الإستخبارات والرحالة المخبرين وكتاب القنصليات, لأن عام 1907م كان عام الإعداد للخطط الحربية, فهناك صراعات ونزاعات حقيقية كانت تدور في سيناء وشمال افريقيا وفي البلقان وبلاد الفرس, وهناك انتفاضة يُخطط لها في الجزيرة العربية ومنطقة الخليج, كما أن عبدالعزيز ابن سعود استعاد الرياض عاصمة اَبائه وأجداده وكان في صراع مع اَل رشيد من شمر في حائل, فبعد هذا التدريب المطول والفترة المرحلية والمعلومات والخبرات التي اكتسبها ليشمان, تحول هذا الرجل الى ضابط متخصص جاهز لتنفيذ المهمات الخاصة الخطيرة وكل مايطلب منه, فسنتان من التدريب المكثف فترة طويلة غير أن المغامرة الكبرى كانت تحتاج الى لخطة محكمة وتدريب جيد والإنكليز من طبعهم طول النفس والتخطيط الطويل الامد, وفيما يلي تلخيص لخطوات هذه الرحلة الكبرى الخطيرة.
[ من كراتشي الى بغداد ]
في الثالث عشر من تشرين الثاني عام 1909م استقل ليشمان الباخرة كولا في كراتشي وابحر باتجاه الخليج العربي, وفي الطريق التقى في مسقط بالملازم تي سي فاول, الخبير بالشئون العربية وبعد عواصف ومتاعب وصل ليشمان في السادس عشر من تشرين ثاني الى بوشهر, وبعد يومين وصل الى المحمرة فاستقبله المقيم البريطاني هناك أرنولد ويلسون استقبالاَ حاراَ فهذا الرجل كان من رفاقه المقربين عندما كانا يخدمان في الهند, فعَرفه ويلسون عل شخصية بريطانية كانت في غاية الخبرة والأهمية هو إيلي بانسترسون, مدير بنك فرع شيراز الفارسي والذي استقال مؤخراَ ليجوب منطقة كردستان, فاعجب ليشمات بالرجلين معاَ وقال: سون عظيم الأهمية وويلسون يفوقه في العظمة عندما تقاس عظمة الرجال الخطيرة التي يقومون بها! وهكذا جمعت المصادفة ثلاثة رجال خدموا المخابرات البريطانية بصمت ومن دون ضجة اعلامية كالهالة التي أحاطت بلورنس في وسائل الإعلام, ذهب ليشمان مع ويلسون ليقابل الشيخ(18) خزعل أمير المحمرة فقد كان خزعل يحكم إمارة عربية على ضفاف شط العرب بين بلاد الفرس وديار العرب, فهذه البلاد كانت عريقة بالماسونية وأميرها خزعل كان الأستاذ الأعظم لكل المحافل الماسونية في شبه الجزيرة العربية؟ سُر ليشمان باللقاء لأنه هو نفسه من أنصار الماسونية, وقد دُهش عندما وجد أن خزعل يهتم(18) بمعرفة الأسرار الدقيقة للقادة السياسيين في تركيا وبلاد الفرس, وخصوصاَ التجار وضباط الجيش الذين كانوا ساخطين على الدولة العثمانية فهؤلاء كانوا يتلقون العون والمساعدة من المحافل الماسونية في طهران واستانبول وسالونيك, كما أن خزعل صديقاَ للشيخ(19) مبارك الصباح وكلاهما كان على صلة بالملك عبدالعزيز اَل سعود الذي استعاد الرياض في أواسط نجد, ولهذا عقد ليشمان العزم للوصول الى الرياض مهما كان الثمن, ولكنه توجه الى البصرة أرض الأهوار والمستنقعات وبساتين النخيل والتي يعتبرها بمثابة مرسيليا الشرق حيث يتوافر فيها الخمر والنساء والمراقص والغناء ويختلط فيها الناس وتحاك فيها المؤامرات .
في البصرة كان ليشمان يجتمع سراَ بضباط المخابرات من جميع بلدان العالم, كما استضافه هناك تاجر فرنسي برفقة ثلاث نساء مشبوهات فرقص معهم حتى ساعة متأخرة من الليل, كما استضافه ممثل شركة ستريك, فعن طريق التجار عقد الصداقات مع بعض الألمان كما وأقبل على تعلم اللغة العربية تحت اشراف أحد البغداديين فبقى في البصرة حتى السادس والعشرين من تشرين الثاني عام 1909م, واصل ليشمان سفره الى بغداد على متن زورق تجاري أبحر في نهر دجلة فوصلها في اليوم الثاني من شهر كانون الأول فحل ضيفاَ عند المندوب السامي البريطاني(20) جون لوريمير صاحب الهمة العالمية والذكاء المتميز, فشعر في ضيافته بقدر كبير من السعادة , وفي بغداد التقى بـ وليم ويلكوكس مهندس الري الكبير, الذي استدعته الحكومة العثمانية لإنجاز مشروع ري كبير في العراق, كان الرجلان في قلق من نشاط الألمان في العراق ولهذا أمر بأن تبقى العيون مفتوحة لرصد مايحدث بدقة متناهية, كان ليشمان في بغداد صديقاَ لعائلة عزو المسيحية فتعلم على يد (21) عزيز عزو اللغة العربية كما زوده الأخير بخادم فارسي لايعرف التحدث باللغة العربية, ترك ليشمان الجالية البريطانية المتحضرة وعيشها الهادىء المريح في بغداد, والتحق بمجوعة من الزوار الشيعة في رحالة الى كربلاء على الفرات وعندما وصل حلَ ضيفاَ عند أمير هندي من أصل فارسي هو النواب ماجد خان من عائلة أُود, ومن هناك أخذ يستعد للقيام بأولى جولاته في قلب الجزيرة العربية, في كربلاء استقبله القنصل البريطاني هناك محمد حسن وقدمه الى المتصرف العثماني جلال بك مدعياَ بانه من الأثرياء الأنجليز الذين يحبون الترحال والسياحة! فاخذ طريقة لورنس يقيم الولائم ويحيط نفسه بهالة من التقدير والإحترام والأهمية, وهذه واحدة من أدوات التجسس عند البريطانيين فعن طريق المال والخمر والنساء ينفذون الى الجبهات المنيعة, ومن كربلاء ذهب في رحلة صيد فقطع مسافة عشرة أميال خارج المدينة فى الطريق المؤدية الى النجف.
فشاهد مضارب(22) بني حسن, وعندما وصل الى النجف تعرف على بعض الملالي وعلى ثري يهودي بغدادي هو مناحيم دانيال! كان معروفاَ لدى كل الموظفين البريطانيين أيام الإحتلال, وبعد عدة رحلات صيد في المنطقة عاد الى بغداد وفي جعبته الكثير من المعلومات التي يحتاجها للشروع في انطلاقاته القادمة, في كربلاء أرسل ليشمان رسولاَ الى مضارب(23) البوعقاب من عبدة من شمر في ضواحي(24) الشويب, ومعة عباءة وهدية للشيخ عبدالله وقد طلب مقابلة الشيخ وزيارته في خيمته بين القبيلة, وبقى ينتظر الرد في بغداد, وفي هذا الوقت كان يشارك الجالية الأوروبية الإحتفلات بعيد الميلاد, وقدوم السنة الميلادية الجديدة 1910م, ويتدرب على إرتداء اللباس العربي وأساليب التنكر بمساعدة بمساعدة صديقه داوود بك الداغستاني ابن حاكم الموصل العثماني , كان يريد الإتصال ببعض فروع قبيلة شمر, لإنه كان يريد الوصول الى منطقة حائل ليتعرف على الأمير الشاب (25) سعود بن عبدالعزيز اَل رشيد وخاله (26) زامل بن سبهان, ورجال شمر أفضل من يوصله الى هناك, في الكاظمية في بغداد اختفى لعدة أيام لأنه كان مع الدليل خضر عباس يسرعون ليلاَ في طريقهم الى مضارب البوعقاب من شمر فاستقبله الشيخ عبدالله فعلم أن شمر عبدة كانوا على وشك الرحيل الى حائل يقودهم ماجد بن عجل, كما اتصل بالشيخ ماجد فتعهد الأخير بان يشتري الإبل ويوفر الأدلاء على أن يكون ليشمان ممن يرحل ضمن القبيلة, غير أن ليشمان ورفاقه من بدو شمر كانت تراقبهم السلطات التركية بشدة, التي أخذت ترتاب من تحركات ليشمان فلم تكن القضية قضية سياحة بل هو أمر خطير دُبر بليل في بلاد الرافدين! فالبريطانيون كانوا يودون استمالة القبائل العربية الى صفوفهم عندما تحين الفرصة لتحطيم الدولة العثمانية, ولهذا نصحه ماجد بن عجل بالرجوع الى بغداد وأمره أن يبقى هادئاَ حتى حين وقت الرحيل, وعليه أن ينتظر التعليمات والفرصة المناسبة .

ابو مشاري الرفدي 04-05-2011 01:29 AM

[ من بغداد الى حائل ]
لاأريد أن أتعاطف مع وينستون وبراي في النصوص التي وصفت ليشمان بالرجل الداهية الذي خدع الأتراك وهرب من بغداد الى حائل عاصمة جبل شمر, فالأمر كان في غاية البساطة فقد كان للقنصليات البريطانية في الدولة العثمانية نفوذ كبير وتبادل المصالح بين الدول كان يملي على الدولة العثمانية أن تُسهل مرور التجار والسياح الغربيين في أراضيها, ولم تكن لتضيق الخناق عليهم لولا انهم كانوا يتاَمرون في وضح النهار على الدولة العثمانية, كما أن الواقع الإجتماعي وانتشار القبائل في البوادي والتحالفات السياسية كانت وراء نجاح ليشمان في مهمته, فشمر حائل بقيادة ابن رشيد كانت في حلف مميز مع الأتراك, وقد انظم اليهم مؤخراَ(27) ابن سعدون شيخ المنتفق في مواجهة مبارك الصباح وعبدالعزيز ابن سعود, ولهذا كانت التجمعات القبيلة تحتشد ومن المتوقع أن تتصادم في معركة كبيرة فاصلة, وقد تعزز حلف عبالعزيز ابن سعود ومبارك الصباح باستيلاء ابن شعلان أمير الرولة من عنزة على الجوف في شمال الجزيرة العربية, فعنزة في الشمال كانت تزحف وتقترب من شمال الجزيرة ومعها موزيل الذي كان يرصد تحركات الإنجليز في المنطقة لصالح المانيا والعثمانيين! ويتعرف على طبيعة الصراع الذي كان يدور في نجد وشمال الجزيرة العربية, ولدعم حلفاء الإنجليز أرسلت بريطانيا ليشمان الى اَل رشيد في حائل ليثنيهم عن التحالف مع العثمانيين والمانيا, كما أرسلت(28) الكابتن شكسبير المقيم السياسي في الكويت الى ابن سعود لتدعيم تحالفه مع الإنجليز, كان هذان الضابطان وراء الحرب التي دارت في (29) معركة هدية الدامية, وبهذا التقديم نكون قد رسمنا معالم الخارطة السياسية التي سبقت رحلة ليشمان الى منطقة حائل .
كما أن شمر كانت في حرج شديد في ظهور رجل إنجليزي في مضاربها لأنها كانت من حلفاء العثمانيين, ولهذا كتمت أسرار تحركاته حتى يصل اليهم في ضواحي حائل, لم يكن الهروب معجزة طالما أن المال يُصرف للعملاء والهبات والعطايا تُقدم لهم بمناسبة وغير مناسبة, تسلل ليشمان الى منزل المسيحي عزيز عزو في بستان للنخيل في أطراف بغداد وكان البستان يجاور الطريق التي تاخذه الى البادية, بينما كان أصحابه من شمر يأخذون أسلحتهم في الظلام خارج بغداد ومعهم الخيل والإبل ينتظرون قدوم ليشمان اليهم, وفي السادس والعشرين من كانون الثاني عام 1910م دخل ليشمان كزائر وقد تبعته الجندرمة العثمانية وحاصرته في هذا المنزل, وبعد مضي أربع ساعات من الحصار داهمت المنزل فوجدته فارغاَ, لأن ليشمان تسلق واحدة من الأشجار المطلة على الطريق وهبط منها الى خارج البستان, فوصل الى الجماعة التي كانت تنتظر ومعها الخيل فانطلقوا بسرعة الى الصحراء دون أن ينتبه اليهم أحد, تعقبت العساكر العثمانية اَثار ليشمان حتر وصلت الى مضارب شمر في البادية وهي تبحث عنه, فنفى ماجد بن عجل وجماعته من شمر وجوده بينهم؟ وفي فجر اليوم التالي رحلت خيام شمر وتحركت باتجاه الجنوب الغربي وبطبيعة الحال كان ليشمان يرتحل معهم في قافلة من الإبل خاصة به ومعه بعض الحراس والمرافقين, وهكذا بدأت رحلته الإستطلاعية الأولى في شمال الجزيرة العربية, تناولت المصادر الإنكليزية هذه الرحلة باعجاب لامبرر له إلا من باب تمجيد البطل الذي كانوا يبحثون عنه, فالمنطقة لم تكن مجهولة للعام والرحلة بالأساس كانت بغرض التجسس وليس للإستطلاع .
في الثاث من شباط عام 1910م قطع ليشمان 170ميلاَ في البادية فوصل الى وادي(30) الجراثيم ومنه الى وادي الخر الذي يبدا بالقرب من الجوف وينتهي عند شط العرب, وفي الطريق الى درب زبيدة علم رجال قافلة ليشمان من بعض أعراب البادية بان ابن رشيد قد أغار على قبيلة عنزة مؤخراَ, فقتل بعض الشيوخ وساق بعض الغنائم من الخيل, وهكذا وجد ليشمان نفسه يعيش بين القبائل في البادية فيحاول التعرف على قوانين وعادات الحروب بين القبائل في البادية العربية, أما رفاق ليشمان من شمر فقد دبَ بينهم الخوف لأنهم أصبحوا هدفاَ مشروعاَ للرولة من عنزة الذين كانوا يحتلون الجوف, ولإبن هذال شيخ العمارات من عنزة, الذي كان يخيم مع قومه عند الليغية في الزاوية الجنوبية الغربية من البادية, وعلم أنهم سيرحلون الى جميمة؟ على درب زبيدة, ولهذا أرسل ماجد بن عجل بعض الرجال ومعهم هدية من الخيول الى(31) فهد الهذال شيخ العمارات يطلب حمايته, والسماح له بالرعي في مرابعه في البادية, فعادوا ومعهم تطمينات ابن هذال الذي وعدهم بالجوار والحماية, إلا أن ذلك لم يعد كافياَ لحمايتهم, وحدث مالم يكن بالحسبان! ففي الثاني عشر من شباط كانت الروله من عنزة تتاهب للهجوم على جماعة ابن عجل من شمر بينما كان ليشمان يرافقهم ولم تكن تعرف جوار ابن هذال لهم,وبعد مطاردات ومناوشات امتدت لعدة أميال أطبق الرولة على شمر ولم يحل الظلام حتى استولوا على كل شيء يعود الى شمر الإبل والخيام وكل الممتلكات,كان ليشمان مع ماجد في طليعة شمر ولما احتدمت المعركة نادى على رفيقيه خضر وزواد وطلب منهم الهرب بالقافلة من ساحة المعركة بسرعة ولحق بهم ليشمان الى أحد الوديان وشقوا طريقهم فيما بعد الى مضارب العمارات على بعد عدة أميال وعندما وصلوا اَمنين استقبلهم الشيخ فهد الهذال نفسه .
فعاملهم بكرم بالغ فلما علم أن الضيف الإنكليزي كان قد فقد البعير الذي كان يحمل بندقيته ومؤنته من الرز والدقيق واوعية الطبخ أخلف عليه بجمل اَخر وحمله بمختلف المؤن , وجد ليشمان في مضافة ابن هذال رجلاَ من الفدعان من عنزة كان يدعي بأنه من رفاق الرحالة الأوروبي موزيل الملقب بموسى الرويلي الذي يُتهم بانه كان عميلاَ للأتراك والألمان لأكثر من عشرين سنة؟ كما وجد رفاقه من شمر جاؤوا يطالبون ابن هذال الوفاء بالوعد واستعادة ممتلكاتهم وابلهم وخيامهم من الرولة, فقام ابن هذال باستعادة اكثر الغنائم من الرولة وفاءَ لعهده فعجب ليشمان من هذا الحشد الكبير من الناس في خيمة ابن هذال, والفوضى العارمة والصخب فتعرف هناك على قوانين الحرب وعرف البادية في معاملة الضيف فلذلك جاء وصف الأحداث وافياَ في تقاريره ورسائله عن عنزة وشيخهم ابن هذال وعن طبيعة الحرب والغزوات في البادية, وعن محاولات الأتراك والألمان استمالة شيوخ البادية الى جانبهم وقد جاء هو نفسه لهذه الغاية! فحرص على كل شادرة وواردة في المنطقة التي جاء لأستطلاعها, فوصف ابن هذال الذي قابله بانه كان(33 ) طاعناَ في السن ضعيف البصر ثقيل المشية يتكلم بهدوء إنما بصوت جهوري ويبتسم بابتسامة عريضة سرعان ماتتلاشى عندما يثور أويغضب, ولكنه فارس على ظهر جواده, كان ابن هذال قلقاَ من وصول مبعوث انكليزي الى بيته وظهوره فجاة بين عنزة؟ فقد كان لايود إثارة الأتراك في بغداد ولهذا كان استقباله فاتراَ في البداية ولكنه حظى بإهتمام الشيخ فيما بعد .
كان ليشمان يعتبر عنزة أكبر قبيلة في الجزيرة العربية , ففي يوم الرابع عشر من شباط كان يرتحل معهم الى جميمة فدهش لهذا العدد الكبير من الناس يتدفقون الى الصحراء وعندما نصبت الخيام في السهول المحيطة بالبركة أحصى ليشمان قرابة 3500خيمة سوداء على مد البصر, وازدادت الأعداد بوصول جماعة من المعدان؟ يحملون المسدسات والبنادق(34) المارتيني فأقاموا عرضة أو مايعرف برقصة الحرب عند بيت الشيخ وهم يطلقون النار في الهواء ويحدون ويهزجون, كان ليشمان يجلس في مضافة الشيخ فهد الهذال يستمع الى القصص والروايات عن الحرب وتاريخ البادية, بينما كان الشيخ يتكيء على سرج جمل الشداد ويتمنطق بخنجر معقوف يتدلى على جنبه وحوله الناس يجلسون على شكل دائرة يرتشفون القهوة العربية ويستمعون الى أحاديثه باهتمام كبير, لم يدم استماع ليشمان بأحاديث ابن هذال طويلاَ , ففي السادس من شباط سُمع إطلاق نار حول مخيم ابن هذال فظن أنهم المعدان جاؤوا لتعزيز جيش ابن هذال, غير أن ذلك كان طلائع جيش ابن رشيد جاؤوا يغزون العمارات في مئات من الإبل التي تحمل المحاربين المراديف, يدعهم فرسان شمر وهم يركبون شاربات الريح من الخيول الأصيلة يقودهم ابن سبهان أقوى رجل في قبيلة شمر, فقام الغزاة بهجوم كاسح أخذ عنزة على حين غِرة! لكن عنزة مضت بكثير من الإبل وجموع النساء والأطفال الى جانب بعيد عن المعسكر وساحة المعركة ولم يتعقبهم ابن سبهان لأن الظلام قد حلَ في هذا الوقت, جمع ليشمان رفاقه استعداداَ للهرب الى خيام ماجد ابن عجل من جديد, فربما يكونون في مكان اَمن فدهش وأخذ(36) يلتقط الصور للجموع المذعورة التي اندفعت لتحتمي بالأودية والشعاب والمخابىء الصحراوية وببيت ابن هذال نفسه.
ويليه الجزء الثالث إن شاء الله
[ استدراك وتعقيب ]
1- لورنس: هو الضابط الشهير والسياسي الماكر وعميل الإستخبارات البريطانية توماس ادوارد لورنس 1888م 1935م المحرك الرئيسي للثورة العربية الكبرى التي أعلنها الشريف الحسين بن علي ضد الإمبراطورية العثمانية عام 1916م يقول هشام محمد صاحب كتاب لورنس ملك الجواسيس : توماس إدوارد لورنس ضابط بريطاني اشتهر بدوره في مساعدة القوات العربية خلال الثورة العربية 1916م ضد الإمبراطورية العثمانية عن طريق انخراطه في حياة العرب الثوار وعرف وقتها بلورنس العرب، وقد صُور عن حياته فيلم شهير حمل اسم لورنس العرب لاحقا كتب لورنس سيرته الذاتية في كتاب حمل اسم اعمدة الحكمة السبعة، قال عنه ونستون تشرشل"لن يظهر له مثيل مهما كانت الحاجه ماسه له"انهى كتابه الشهير "أعمدة الحكمة السبعة عام 1925. التحق لورنس بعد ذلك تحت اسم مستعار بسلاح الجو الملكي. والواقع أنه عانى كثيرا من الضغط العصبي جراء الحياه الصعبه التي عاشها وخصوصا بعد أن أصبح مطلوبا من العرب المعارضين لثورة الشريف حسين وانكشاف أنه عميل للمخابرات البريطانية.في عام 1934م تلقى إنذار بقرب اعفاؤه من سلاح الجو الملكي مما أصابه بانهيار عصبي قضي لورنس بقية حياته في كوخ في شمال "بوفينجتون". في عام 1935 توفي عن ستة واربعين عاما بعد سقوطه من دراجته النارية التي كان يقودها بسرعة كبيرة في محيط مدينة اكسفورد وهو عائد إلى البيت من مكتب البريد بحادث قيل أنه كان مفتعلا ودفن في مقبرة موريتون بعد تشييعه في جنازه مهيبه حضرها شخصيات سياسية وعسكرية مهمة ورموز للمجتمع البريطاني الأرستقراطي مثل ونستون شرشل، لورد لويد, ليدي استور،الجنرال وفل,اغسطس جون وغيرهم، إضافة إلى حلقة من اصدقائه الذين يدعونه باسم تي.اي.شو.وقد تم تشييد تمثال نصفي له أمام كاتدرائية القديس بول في لندن.
2- تقوم بريطانيا بالكشف عن تلك القارير السرية وحسب درجة سريتها كل 30 سنة وذلك لإنتفاء أسباب سريتها؟ وهناك الكثير من هذه التقاريرالمصنفة تحت سري للغاية لم يُكشف عنها حتى اليوم رغم مرور المئتين عام تقريباَ على وقوع أحداثها .
3- فارس غلوب باشا: هو ابن السياسي والعسكري الشهير بابو حنيك رئيس أركان الجيش الأردني سابقاَ والخبير بشئون البادية واخبار القبائل له عدة مؤلفات وكتب عن العرب والشرق الوسط توفى عام 1986م فى بريطانيا أما ابنه فارس فهو من مواليد القدس ويجيد اللغة العربية بطلاقة على اللهجة الأردنية ويعمل محررأ بالقسم الإنجليزي بوكالة الأنباء الكويتية كونا له الكثير من المقابلات الصحفية والتراجم وكذلك أجرت معه قناة الجزيرة مقابلة قبيل وفاته روى لي أحد العاملين معه بأنه مسلم ومتزوج من أردنية وقد توفى بحادث سير أثناء عبوره للشارع عام 2004م.
4-البارون ماكس فون أوبنهايم 1860م 1946م مستشرق وخبير بالاَثار كان ينقب عن الاَثار في تل حلف على الخابور في سورية له مؤلفات عن القبائل والاَثار وأضاف صاحب المصدر مهام استخباراتية المؤلف: أوبنهايم هو صاحب الموسوعة الضخمة عن القبائل العربية [ البدو]
5- لويس موزل 1868م1944م أكاديمي تشكوسلوفاكي من جامعة براغ يتهمه الإنجليزهو وعالم الاَثار الألماني اليهودي فون أوبنهايم بأنهما كانا يعملان لصالح الألمان والعثمانيين قبيل الحرب العالمية الأولى ويعتبرانهما من أخطر الأعداء والجواسيس فى البلاد العربية نشرت مؤلفاته عن الجزيرة العربية الجمعية الجغرافية الأمريكية في ستة مجلدات. المؤلف
6- مس جيرترد بل بريطانية الجنسية رحالة وكاتبة وسياسية أطلق عليها القاب كثيرة كملكة العراق الغير متوجة وملكة الصحراء والخاتون ولدت بل في واشنطون هول في بريطانيا في عام 1868م من عائلة ثرية مرموقة تتسم شخصيتها بالجسارة والجراة والتهور كانت شغوفة فى علم الاَثار واللغات الأجنبية وخصوصاَ العربية سافرت بعد تخرجها من جامعة أكسفورد الى تركيا وايران وفلسطين وسوريا وتنكرت بزي رجل بدوي لزيارة جبل الدروز وعاشت بينهم وبين قبيلة بني صخر وقابلت العديد من زعماء العرب ومشائخ القبائل واكتشفت اَثار قصر الأخيضر فى العراق مع لورنس العرب اتصلت بالتاجر النجدي محمد البسام من أهل عنيزة عام 1914م لدخول حائل وهي ثاني إمراة تدخلها اتصلت بالحاكم البريطاني للعراق بيرسي كوكس وأصبحت المسئول السياسي في القوات البريطانية ثم سكرتيرة الحاكم لشئون الشرق الوسط اقدمت على الإنتحار عام 1926م ودفنت في بغداد خلفت مس بل ورائها إرشيفاَ ضخماَ من الرسائل والصور الفوتغرافية بلغت حوالي 7000صورة أغلبها لشعوب منطقة الشرق الأوسط نشر لها حديثاَ كتاب باسم أوراق منسية .
7- خزعل بن جابر بن مرداو 1862م1936 من عشائر بني كعب أمير عربستان لم يشفع له ولاؤه للإنكليز ولاللماسونية التي انتمى لها فقد باعته بريطانيا عندما سمحت لشاه ايران باحتلال الأحواز والمحمرة عام 1925م والقبض عليه وسجنه في طهران حتى مات عام 1936م المؤلف. والشيخ خزعل بن جابر بن مرداو بن علي الكعبي حاكم إمارة المحمرة من البوكاسب من بني كعب بن قيس عيلان العربية مات بسجنه مسموماَ وهو اَخر حكام هذه الإمارة العربية, يذكر أن المحمرة هي من أغنى مناطق إيران اليوم بما لها من خصائص جيولوجية وطوبوغرافية ففيها الكثير من الأنهار والأهوار والروافد المائية الشهيرة وأشهرها نهر كارون وهور الحويزة وتحتوي أيضاَ على الكثير من اَبار البترول وحقول الغاز .
8- الشيخ مبارك الصباح 1836م 1915م هو الحاكم السابع للكويت ويعتبر مؤسس الكويت الحديثة شجاع وقائد محنك وسياسي من الطراز الأول خاض الكثير من الحروب والصراعات الإقليمية والدولية ويعتبر من ألد أعداء الدولة العثمانية اَنذاك بسبب معاهدته الشهيرة مع بريطانيا عام1899م وذلك بعد سيطرته على الحكم عام 1896م وتحالفاته مع الزعماء والقبائل المعادية للدولة العثمانية في تلك الفترة .
9-جون لوريمر: كان مقيما لبريطانيا في الخليج العربي لعدة سنوات والمقيم البريطاني في بغداد فيما بعد وضع كتاب دليل الخليج في أربعة مجلدات فتُرجم في قطر الى اللغة العربية . المؤلف
10- عائلة عزو من الإسر المسيحية في الموصل فنزحت الى بغداد وفؤاد عزو منهم كان يقيم في كلكتا وهو الذي علم ليشمان هناك المبادىء الأولى للغة العربية . المؤلف
11- بني حسن:تقطن عشيرة بني حسن ضفتي نهر الفرات بين مدينة الكفل وجسر العباسيات . المؤلف
11- البوعقاب: لااعلم بطناَ بهذا الإسم في عبدة من شمر؟ فهناك عقاب بن عجل فهو من شيوخ عبدة المشهورين فلعله هو المقصود!
12- الشويب: سهل يمتد من أبو غريب من ضواحي بغداد الى الفلوجة . المؤلف
13- سعود بن عبدالعزيز: هو سعود بن عبدالعزيز المتعب الرشيد حكم حائل عام 1908م وهو ابن عشر سنوات تحت إشراف أخواله السبهان وتحديداَ خاله زامل بن سالم السبهان إغتاله ابن عمه عبالله بن طلال الرشيد عام 1920م وكان بالثانية والعشرين من عمره .
14-زامل بن سبهان احد أركان النظام في إمارة حائل قبل سقوطها على يد الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه وقد كان وصياَ على ابن اخته سعود بن عبدالعزيز الرشيد الذي كان صغيرا في السن حينها ولكن ما إن كبر الصغير واشتد عوده حتى قتل خاله زامل بن سبهان! وزامل هو من يعنيه الشيخ خلف الإذن الشعلان بقوله:
زامل ينشدني وانا وين وينـي = هبيـــت ياهرجِ بلــيا لباقــــة
أقهرك بالله كيـف ماتدانيــنـي = عــدو جـد ولابقلبــك صداقــة
فنجال طين مانت فنجال صيني= تبرك مباريك الجمل وانت ناقة .
15- ابن سعدون: هو الشيخ عجمي باشا السعدون شيخ قبيلة المنتفق المشهور .
16- الكابتن شكسبير: هو ثاني مقيم سياسي لبريطانيا في الكويت 1909م 1915م قتل فى معركة جراب الشهيرة بين جيش الملك عبدالعزيز ابن سعود وقوات وسعود ابن رشيد وكان قد رافق جيش الملك عبدالعزيز لغرض التوثيق التاريخي وتصوير أحداث المعركة فوتغرافياَ واكثر صور الملك عبدالعزيز الأولى من حياته كانت بعدسة شكسبير نفسه .
17- هدية: هي من أشهر معارك الشيخ مبارك الصباح في أواخر حياته بعد معركة الصريف الشهيرة والتي حصلت في الجريبيعيات شمال الكويت على الحدود العراقية وتسمى أيضاَ بمعركة ام العيش وكانت بين جيش الشيخ مبارك الصباح وأتباعه وكانوا بقيادة ابنه الشيخ جابر وبمعيته الملك عبدالعزيز واتباعه وبين الشيخ عجمي باشا السعدون شيخ المنتفق وأتباعه ورغم محاولات الملك عبالعزيز ثني الشيخ مبارك عن هذه المعركة ومحاولته التوسط بين الطرفين إلا أن الشيخ مبارك كان مصراَ على تنفيذ ماعزم عليه ولكن المعركة حسمت اخيراً لصالح المنتفق وأتباعهم وكانت في 16مارس 1910م .
18- وادي الجراثيم: هكذا ورد الإسم في المصدر؟ وربما المقصود وادي جريهم عند وادي مدخل الخر في جنوب شرق البادية .
19-هوالشيخ فهد البيك بن عبدالمحسن بن الحميدي بن عبدالله الهذال شيخ مشائخ قبيلة عنزة 1840م 1927م.
20-كان الشيخ فهد الهذال عام 1910م بحدود السبعين من عمره ولم يكن طاعناَ كثيراَ في السن كما يزعم ليشمان .
21-المارتيني: بنادق ايطالية كانت شائعة الإستعمال في العراق والجزيرة العربية قبيل الحرب العالمية الأولى . المؤلف
22-المعدان: لاأعلم قبيلة بهذا الإسم إلا إن كان المقصود هم بالمعدان عرب الأهوار سكان جنوب العراق؟ فهولاء لهم نمط معيشي خاص بهم كصيد السمك وتربية الجواميس إلا انهم دون شك من العرب ويقال أن أكثر سكان منطقة الأهوار هم من بني أسد وطي وبنولام والله اعلم .
23-أين هذه الصور التي التقطها ليشمان!

ابو مشاري الرفدي 04-06-2011 10:49 PM

الجزء الثالث الأخير [ من حائل الى بغداد ]

وصل ليشمان الى مضارب شمر في السابع عشر من شباط عند هبوط الظلام فوجد نيران المعسكر تُضىء وادي زبالة, فعد من الخيام حوالي الف خيمة وربما كانت اكثر من ذلك ويدَعي ليشمان بانه امضى الليل وهويضمد ويداوي جراح الذين أُصيبوا في المعركة وأن الناس الذين عالجهم كانوا لايملكون شيئاَ إلا القليل من حطام الدنيا ومع ذلك كانوا يحمدون الله ويشكرونه عل نعمته! دُعيَ ليشمان الى خيمة الأمير في صباح اليوم التالي للسلام على الأمير الشاب سعود بن عبدالعزيز المتعب وخاله زامل ابن سبهان, فاستقبله هناك حامل راية ابن رشيد عبدالله مبارك الفريخ حيث ادخله عل الأمير الشاب, فسلم عليه وعلى خاله بن سبهان فجلس يستمع الى شرح بن سبهان عن تاريخ القبائل والصراعات التي كانت تدور في البادية وعن الصراع الدموي الذي حدث بين أسرة اَل رشيد من أجل السلطة, فإمارة حائل كانت منذ أمد قريب تشهد إنقلاباَ دموياَ فعندما قُتل(1)عبدالعزيز بن متعب الرشيد عام 1906م تولى إبنه متعب الحكم في حائل يدعمه أخواه مشعل ومحمد, أما أخوهم سعود فقد كان صغيراَ غير أن هذا التولي لم يعجب أولاد عمهم حمود بن عبيد الرشيد سلطان وفيصل وسعود, فقام أولاد حمود بغدر أولاد عبدالعزيز بما فيهم الأمير متعب, فاستلم حكم الإمارة أخوهم سلطان بن حمود, ولم يُعمر سلطان طويلاَ في الحكم عندما قتله أخوه سعود! وأخيراَ قام اَل سبهان بقتل سعود بن حمود وجاؤوا بالأمير الصغير سعود بن عبدالعزيز المتعب ليحكم حائل تحت وصايتهم, كما كانت أختهم فاطمة السبهان جدة الأمير الجديد تساعد في تدبير شؤون الإمارة وقد كانت فصيحة اللسان قوية الشخصية , كان الأمير الشاب بهي الطلعة جميل المظهر مولعاَ بالخيل واستعمال السلاح عل الرغم من صغر سنه, أما الوصي زامل بن سبهان فيروي ليشمان بأنه كان في الرابعة والثلاثين من عمره وأنه(3) أقوى رجل في شمر! كان شمر حائل يلبسون الثياب الفاخرة الموشاة بالذهب خلافاَ لتعاليم الدعوة السلفية, كما أن علاقاتهم مع الدولة العثمانية كانت علاقات كجاملة .
يكمل المؤلف سرده للأحداث قائلاَ: وهناك صراع اَخر كان يدور في شمال الجزيرة العربية عندما حشد عبدالعزيز ابن سعود والشيخ مبارك الصباح حاكم الكويت جيشاَ كبيراَ فيه أكث من ثمانية اَلاف مقاتل من الكويت من بدو العجمان ومطير والقبائل المحيطة التي تحالف ابن سعود, وذلك لتاديب قبائل الظفير وابن سعدون شيخ المنتفق, لأنهم كانوا يغزون القبائل المحيطة بالكويت ويهددون شمال نجد كله, ولكن يبدوا أن هذه التحركات كانت جزءاَ من اتفاق مسبق وجهد منظم كان يديره ابن سعود الذي حشد الرولة والعمارات من عنزة في الشمال, وجيش مبارك الصباح بقيادة ولده (4) الشيخ جابر المبارك في الجنوب وذلك للإنقضاض على شمر حائل عندما تحين الفرصة المناسبة, فهذا الهاجس قد نبَه الحكومة العثمانية وبريطانيا الى حقيقة مايحدث, وان انتصار أحد الطرفين سوف يقلب موازين القوى في المنطقة ولهذا كانوا يرسلون الرسل سراَ وعلانية لكسب ود الطرف المنتصر؟ فمنذ عام 1910م أصبح عبالعزيز ابن سعود مثار اهتمام كل القوى في المنطقة, كانت بريطانيا في قلق من اصدقائها في من جهة لاتريد إثارة تركيا ومن جهة أخرى لاتريد انتصار اَل رشيد حلفاء العثمانيين! ولهذا أرسلت شكسبير المقيم البريطاني في الكويت للإتصال بابن سعود ورصد كل التحركات القبيلة في المنطقة, كما كان ليشمان بين شمر في حائل وينوي زيارة الظفير وابن سعدون لتقييم الموقف, وعندما انطلق شكسبير في شهر شباط 1910م الى وادي الباطن كان ينوي استطلاع تحركات ابن رشيد وحلفائه من اَل سعدون والظفير , وقد تبادل الرسائل والمعلومات مع ليشمان في مضارب شمر سراَ؟ فالأحداث كانت تتسارع والمعركة بين الطرفين كانت ستقع لامحالة .
في الإسبوع الثاني من اَذار عام 1910م انطلق جيش عبالعزيز ومبارك الصباح للإغارة على ابن سعدون والظفير في(5) الجريبعيات في البادية فدارت رحى معركة رهيبة قتل فيها عدد كبير من المحاربين من الطرفين, وكان النصر حليف ابن سعدون شيخ المنتفق وحلفائه, ويبدوا أن لشكسبير وليشمان دوراَ استخباراتياَ في فهم وتقييم نتائج المعركة التي عُرفت في ادبيات الحرب بمعركة هدية, طالت مدة بقاء ليشمان بين شمر حائل ولهذا امره ابن سبهان بالرحيل لأن وجودة بينهم لايرضي الحكومة العثمانية, فزامل بن سبهان كان يلم بالخفايا السياسية ويعرف(6) كل مايدور حوله؟ وعندما أمر ليشمان بالرحيل غضب الأخير بشدة وطلب أن يغدر للكويت ليذهب من هناك الى ابن سعود في الرياض, فرفض بن سبهان ذلك وامره أن يلتحق بقافلة من الإبل كانت متجهة الى(7) الخميسية الى ديار الظفير, ومنها الى ابن سعدون ومن ثم الى بغداد, انطلق ليشمان في الخامس والعشرين من اَذار مع القافلة فقطع في أربعة أيام 144ميلاَ فوصل الى مكان قريب من اَبار الجريبيعيات حيث درات المعركة الرهيبة بين جيش عبالعزيز ابن سعود ومبارك الصباح وجيش ابن سعدون, فادعىَ انه شاهد الأرض وهي مازالت مفروشة بجثث القتلى التي كانت تنهشها الذئاب وتحوم فوقها النسور والعقبان, كما أدعى انه التقى (8) بفيصل الدويش من شيوخ قبيلة مطير الذي فاوضه ليوصله الى أي مكان يريده لقاء مكافاة مالية مجزية, وعلى الرغم من عناء السفر يقول ليشمان بانه لقي معاملة طيبة من(9) كريم بن فايد رئيس القافلة.
[ الرحلة الفاشلة ومتاعب السفر الى الكويت عام 1911م ]
حظيت دعوة ليشمان لزيارة الجزيرة العربية للمرة الثانية بموافقة وزارة الحرب إلا أن وزارة الخارجية كانت ترفض ذلك بشدة, لأنها لاتريد تعكير صفو العلاقات مع الدولة العثمانية, ولكن الأحداث أخذت تتسارع بشدة فمنذ كان ليشمان في دمشق في عام 1910م علمت بريطانيا بحرب تدور بين شريف مكة وابن سعود وعل الرغم من تصدي عبدالعزيز للجيش المهاجم فقد تعرض للمساومة بسبب أسر(10) أخيه سعد في المعركة, وفي عام 1911م التقى الكابتن شكسبير بابن سعود عند أطراف الكويت فادعَى شكسبير علمه بوجود مراسلات بين الزعماء العرب شريف مكة وزامل بن سبهان وابن سعود, بشأن انتفاضة يخطط لها الزعماء العرب ضد الحكم العثماني! لم يكن ليشمان يتحدث عن نفسه إلا نادراَ وإذا ماتحدث فانه يتحدث باعتدال, فقد كان يتوقع بان الاتراك كانوا يراقبونه باستمرار ولهذ انطلق متنكراَ مع مجموعة من الرعاع والدراويش في السادس عشر من تشرين الثاني عام 1911م الى داخل الأراضي الكويتية, وقد اخفى هويته وتنكر في شخصية تاجر متجول يبيع الحلى الشرقية الرخيصة, كانت الجماعة وكأنها من الدراويش الذين كانوا يلتفون حول (11) سيد طالب النقيب في البصرة, وعندما اقتربوا من المدينة كان فداوية الشيخ مبارك بانتظارهم, فالقوا القبض عليهم وجمعوهم في الواجهة البحرية أمام القصر وهناك ضربوا وسحلوا على الرمال فنال ليشمان نصيبه معهم من التوبيخ والجلد بالسياط , فالشيخ مبارك الصباح كان لايتسامح مع من يتسلل الى بلاده دون إذن رسمي, قال ليشمان: تم احتجازي وتوبيخي أمام الشيخ مبارك الصباح الذي كان عنيفاَ فامر باعادتي الى البصرة .
عاد ليشمان الى البصرة مذلولاَ مخذولاَ وهويظن بان(12) سيد طالب النقيب قد وشى به عند الشيخ مبارك الصباح, وإن الشيخ مبارك كان يعرفه تمام المعرفة وتجاهل معرفته عندما كان يضرب أمام القصر, وحتى رجال المقيمية البريطانية في الكويت يبدوا أنهم تجاهلوا ماحدث له, لان ليشمان أخذ يتمرد على القيادة ويسافر دون علم ولاتنسيق مع القيادات العليا ومن يفعل ذلك فهذا جزاءه, سافر ليشمان الى الهند بدون ضجة إعلامية لأنه كان يتستر على ماحصل له , عاد ليخدم في كتيبته التي كانت ترابط على الحدود الشمالية الغربية من الهند وليحضر أيام عيد الميلاد لعام 1912م هناك لينسيَ مصابه في الكويت فبقى هناك ثلاثة أشهر, من العام الجديد في دورة تدريبية ليرتقي الى رتبة نقيب في الجيش البريطاني ولما نجح في الإمتحان رقي في تلك الرتبة وعمره لايتجاوز الثانية والثلاثين, وبعد الدورة والترقية مُنح اجازة طويلة قرر أن يقضيها في بريطانيا, فابحر في نيسان في طريقه الى بلاده ليقضي خمسة أو ستة أشهر من الإجازة في وطنه والتي كانت كافيه لينعم بالراحة وليبتل من أثر السياط على جلده في الكويت, فالضرب الذي تعرض له عل أيدي فداوية الشيخ مبارك الصباح لم يكن ليُنسى بسهولة, روى ليشمان بعد تلك الحادثة أن الشيخ مبارك الصباح رحمه الله كان يتقن فن السياسة, ويملك مهارة في التعامل مع الأعداء والأصدقاء في اَن واحد, وأنه كان على دراية بكل مايدور حوله قي المنطقة .
[ مصرع الكلونيل ليشمان ]
عاد ليشمان الى عانة والرمادي بعد جلاء الجيش البريطاني عن لواء دير الزور في اَيار 1920م وهناك في العراق وجد أوار ثورة العشرين يشتد ضراوة, فعمل كل مافي مافي وسعه لإخماد الثورة فلم يفلح, وهويدرك بان حياته أصبحت في خطر وأن الموت كان يحيط به في كل مكان , ولجرائمه وعنفه بات مطلوباَ في المنطقة الممتدة من الموصل حتى دير الزور, ومن دير الزور الى الرمادي حتى أن المس بل كانت على يقين من انه سوف يُقتل , كما أن بعض القيادات العليا كانت على يقين من ذلك وكانت تُحمله وتُحمل أرنولد ويلسون وويلي حاكم الديوانية مسئولية اثارة القلائل والثورة في المنطقة, وقد قلت من قبل بأنه كان يرى الذبح والإبادة الجماعية هي أفضل طريقة يمكن استخدامها في التعامل مع العرب, وكما كان متوقعاَ قتل ليشمان في الثاني عشر من اَب عام 1920م بيد الشيخ ضاري بن محمود ورجاله من عشيرة زوبع الشمرية, وقد تباينت المصادر في تحليل أسباب الحادثة وخطواتها, وذلك بسبب التحقيقات ومجريات محاكمة الشيخ ضاري , فما جاء في دفاع المحامين العرب عن الضاري أثناء محاكمته لايعني الحقيقة كلها فقد جائت أخبار قُصد منها تخفيف الحكم عن الضاري أما التفاصيل وسبب قتله من قبل الزوبع فيروى عن الوردي : أن الشيخ ضاري الظاهر كان مقرباَ من الإنكليز في البداية, فهم الذين اعتمدوه شيخاَ عاماَ للزوبع, وخصصوا له مرتباَ شهرياَ أولياَ وقدره 750ربية شهرياَ, لكنهم منعوا عنه الراتب لأسباب مجهولة, ثم عادوا وقلصوه الى 500ربية, وعندما جاء ليشمان من الموصل الى لواء الدليم في 29شباط 1920م وجد نفسه في مواجهة الشيخ ضاري وغيره.
كانت بداية الخلافات على مايبدوا شخصية, فليشمان كان فظاَ سريع التوتر والغضب لايحترم أحداَ, وربما كان يتصرف بطريقة غير لائقة مع شيوخ القبائل,إذ يروي المصدر ذاته أن ليشمان كان يوجه للضاري اهانات لاتحتمل؟ ففي احد الأيام منعه من الجلوس في صدر المجلس وقال له قم هذا ليس مكانك وانت الضارط وليس الضاري! وفي الوقت الذي كان فيه الإنجليز يقدمون قروضاَ لمزارعي العراق لمواصلة زراعة المحاصيل قام ليشمان بحجب السلفة عن الضاري, فأيقن الضاري بان ليشمان يقصده ويتحين الفرصة ليفتك به, فبادر بأخذ الحيطة والحذر وقرر ان يبدأ به قبل ان يقتله, ومن جهة أخرى سمح للزوبع بقطع الطريق ونهب المسافرين مابين بغداد وخان النقطة, ركب ليشمان السيارة الى بغداد ليناقش بعض التدابير لموجهة الثورة, ومن هناك أرسل يطلب مقابلة الضاري في 12من اَب في مخفر أبي منيصير بالقرب من خان النقطة, فلما وصل ليشمان الى المكان المحدد وجد الضاري ومعه ولداه خميس وسليمان وبعض رجاله, جلس الرجلان على دكة في مدخل المخفر يتحدثان عن الثورة في كربلاء, ومحاولة القاء القبض عل يوسف السويدي وأصحابه, في هذا الوقت جاء تاجر يشكوا من رجال كانوا يسلبون الناس غير بعيد من مكان الإجتماع, فالتفت ليشمان الى الضاري وقال هذه كلها حركاتك وانت تعمل تشويشاَ في المنطقة؟ فكان الضاري يعتذر وليشمان يشتد, فامر قائد الشبانة عبدالجبار الجسام أن ياخذ معه أفراد الشبانة وخميس الضاري لتعقب الفاعلين, وبقى سليمان الضاري وبعض الرجال ولم يبقى سوى القليل من الحراس, عاد الرجلان ليشمان والضاري للنقاش فوجه ليشمان الى الضاري إهانة بالغة لايمكن للعربي أن يسكت عنها .
فالتفت الضاري الى ولده سليمان وقال له دكوه؟ فاطلق سليمان ومعه رجل اَخر النار فسقط ليشمان يترنح فاستل الضاري السيف وضربه على رأسه وصدره وهو يصرخ كافي ضاري كافي ولما عاد أفراد الشبانة جُرِدوا من سلاحهم وعمت الثورة ديار زوبع كجزء من ثورة العشرين في العراق, قامت ثورة الزوبع فادمى الثوار انف القوات البريطانية وكبدوها خسائر فادحة لكن ساعد الثورة بدأ يضعف فجمع الضاري عائلته وبعض افراد عشيرته وأرسل ولده خميس مع عدد كبير من عشيرته الى نصيبين في الشمال داخل الحدود التركية, أما هو فقد توجه الى كربلاء والنجف, ثم رحلت زوبع الى مناطق شمر حول جبل سنجار, فبقى سليمان هناك أما الضاري وابنه خميس فقد حلا في ماردين, قال خميس الضاري يصف نشاط والده في ماردين: قام(13) عجمي السعدون وضاري المحمود وعبدالرزاق منير(14) وحميدي الفرحان بالإتصال بوالي ديار بكر نهاد باشا للإتفاق معه عل القيام بحركات ضد الإنكليز في العراق, إلا ان ضعف القوات التركية واهتمامها بصد الجيوش الأجنبية حال دون ذلك, بقى الشيخ الضاري في الشمال بعيداَ عن الإنجليز في العراق فهؤلاء اعلنوا عفواَ عاماَ عن المجرمين السياسيين يعمل به من 30اَيار عام 1921م ويشمل جميع الذين اشتركوا في الثورة عدا الشيخ ضاري وولديه خميس وسليمان؟ وصلبي وصعب المجباس ودحام الفرحان المتهمين بقتل الكلونيل ليشمان, تجاوز الشيخ ضاري السبعين من العمر وهو لايزال في المنفى, ففي تشرين الاول عام 1927م أرهقته العلل والأمراض فاصبح واهن الجسم ولهذا طلب الطب في حلب واستانبول, فوصل الى ديار شمر في سوريا وهويبحث عن ولده سليمان, ليكون رفيقه الى حلب, فوجدوا سائقاَ أرمنياَ يدعى ميكائيل كريم وعندما انطلق السائف في البادية توقف واستاذن الشيخ ليلتقط رجلاَ كان منقطعاَ في الطريق, كان السائق وصاحبه يديران يدبران مكيدة للضاري ويبدوا انهما من رجال المخابرات البريطانية التي كانت تبحث عن الضاري وتراقبه, ولهذا مرا به على مخفر للشرطة العراقية في سنجار وهكذا وقع الضاري في الأسر, مكث الضاري عدة ايام في سنجار يخضع للتحقيق على الرغم من كبر سنه, وسيق بعدها الى الموصل لمتابعة التحقيق قبل نقله الى بغداد, فاجريت له محاكمة طويلة وقبيل الحكم عليه توفى رحمه الله في فجر اليوم الأول من شباط عام 1928م فجرت له جنازة مهيبة في بغداد لم يعرف لها مثيل فقد اندفع مئات الاَلاف من العراقيين يحملون نعش الضاري وهم يهتفون:
رحمت روح الكاتل ليشمان= هز لندن ضاري وبكاها
[انتهى]
[ استدراك وتعقيب ]
1-هو عبدالعزيز بن متعب بن عبدالله الرشيد الحاكم السادس من أسرة اَل رشيد تولى حكم إمارة حائل عام 1897م بعد وفاة عمه محمد العبالله الرشيد وقد قُتل في روضة مهنا عام 1906م بين قواته وقوات جيش الملك عبدالعزيز ابن سعود وقد تعددت الروايات في كيفية طريقة مقتله .
2-الحقيقة أن مسلسل الإغتيالات في أسرة اَل رشيد ليس بجديد! فاول إغتيال قام به بندر بن طلال الرشيد عام 1869م عندما أطلق النار على عمه متعب العبدلله الحاكم الثالث لحائل فأرداه قتيلاَ وتشير بعض المصادر أن هذا الإغتيال كان بتدبير وايعاز من عبيد الرشيد رأس الأسرة فى ذلك الوقت! وفي ذلك يقول بندر بن طلال فيما بعد:
ياللي تكزون المراسيل يمي = قولوا تراني بين حـذوة ومسمـار
طعـت حكـي المقعديـة بعـمي = جعل عبيد وشيبته باسفل هل النار
ويقول احد شعراء شمر في قصيدة طويلة يمدح بندر الرشيد ويثني على فعله:
يامن يبشـر شمـر شاخ بــندر = كـل القبايل مـن غـلا أبوه تغلـيه
الشيخ عقب الحكم قام يتصندر= من كف ممرورِ من العام مطنيه
وفي عام 1872م قام محمد العبدالله الرشيد بقتل بندر بن طلال الرشيد واخوته نايف وبدر وكذلك قام بتصفية أبناء عمومته الجبر وكان عبيد الرشيد أثناء هذه التصفيات في زيارة للرياض وقد رفض العودة الى حائل خوفاَ من قتل إلا بعد تعهدات من ابن اخيه بعدم التعرض له؟ وفي ذلك يقول حمود العبيد الرشيد في قصيدة طويلة بعد ان قام أبنائه بقتل أبناء أختهم متعب ومحمد وطلال ومشعل أمام عين أمهم التي دفق عقلها وهم أبناء بنته وكان طاعناَ بالسن:
هيضت ماكنيت وابديت مااخفيــت = وليانمـت انـا سايـلت حالـي بحالـي
ولانمت انا عقب الهرم ثم سجيـت = الا اربـعـــة بالـحـلـم كــلـن لـفـانــي
يالـيتنـي قيــَلت معــهم ولاجيــــت = ولاشــفـت تقطيــعـة محمــد قبـالـي
متعب ولد بنتـي لشـوفته تشافــيت = وليا ابطيت ماجيته هـو اللي عنالي
ومشعل يداوي الجرح لوماتداويت = ولاشــفـت زولــه ورد المـا حـبـالـي
وطــلال ناجانـي وانـا لـه تناجـــيت = عــزالـله انـه مـن نضايض حـلالي
وعــزالله انــي بالعــهـد مـاترديــت = مــار بـــواق العــهـد مــن عـيـالــي
وعــزاللـه انــي للمراجــل تقصيــت = مــن نســل عبدالله مـن اول وتالـي
وقد توفى حمود العبيد بعد هذه الحادثة بقليل في المدينة المنورة كمداَ على مقتل أبناء ابنته؟ ويقول المؤلف: أن عبدالعزيز المتعب وأولاده من بعده كانوا لايفضلون الإقامة في حائل خشية الغدر والخيانة ولهذا كانوا يمضون جل وقتهم يخيمون في البادية!
3-هذا رأي ليشمان ولكن الحقيقة خلاف ذلك؟ فلربما كان المقصود بانه أقوى رجل في الإمارة من الناحية السياسية فهذا صحيح!
4- هو الشيخ جابر المبارك الإبن البكر للشيخ مبارك الصباح تولى حكم الكويت بعد وفاة والده عام 1915م ولم يدم طويلاَ فتوفى عام1917م .
5- الجريبيعيات تقع شمال غرب الكويت على الحدود العراقية وفيها جرت معركة هدية .
6- لو كان ابن سبهان ملم بالخفايا السياسية ويعرف كل مايدور من حوله لما اغتاله ابن اخته سعود المتعب في حائل؟ فيذكر المؤلف أن للسفير الفرنسي دوراَ في تحريض بعض أفراد عائلة الرشيد لإغتيال ابن سبهان!
7- الخميسية منطقة تجارية بالقرب من سوق الشيوخ جنوب الناصرية في العراق . المؤلف
8- فيصل الدويش كان من زعماء الحركة السلفية المتشددين, فبتقديري انه لو وجد ليشمان لقتله على الفور . المؤلف
9- كريم ابن فايد من كبار الأسلم من شمر .
10- سعد هو شقيق الملك عبالعزيز قتل في معركة جراب 1915م .
11- سيد طالب النقيب من زعماء البصرة ومن السياسيين المعروفين في العراق في ذلك الوقت . المؤلف
12- لاأستبعد رواية ليشمان فسيد طالب النقيب هو عين الشيخ مبارك في البصرة وعموم ولايات العراق؟
13- هو عجمي بن سعدون السعدون شيخ المنتفق .
14-هو الشيخ الحميدي باشا بن فرحان الجربا .

ابن قبلان 07-01-2011 01:05 AM

الف شكر يبو مشاري .... بس حبيت اقول لك شي ....

اسم الكتاب \\ الطريق الطويل الى بغداد

تاليف \\\ ادموند كالندر

وهو مدير المخابرات البريطانية تلك الفترة

ونشر باللغة الانكليزية ثم عرب الى العربية

واشكرك على هذا النقل الجبار ... انت موسوعة يبو مشاري عسى لا عدمناك يبن العم

ابن قبلان العنزي

أباوائل الوائلي 07-02-2011 09:12 AM

تحياتي للباحث أبومشاري الرفدي على مايقوم به من أتحافنا وتزويدنا بكل ماهو جديد ...

ملاحظة بسيطه وهي أن سعد بن عبدالرحمن شقيق الملك عبدالعزيز قتل في معركة كنزان وليس جراب ...

تقبل مروري ...

متعب الفققي 07-03-2011 12:22 AM

الف شكر اخي ابو مشاري الرفدي. على ماتبذله من جهد في جمع ونقل تاريخ يهم المجتمع اطال الله في عمرك ويوفقك

ابو مشاري الرفدي 07-03-2011 05:25 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابن قبلان (المشاركة 28215)
الف شكر يبو مشاري .... بس حبيت اقول لك شي ....

اسم الكتاب \\ الطريق الطويل الى بغداد

تاليف \\\ ادموند كالندر

وهو مدير المخابرات البريطانية تلك الفترة

ونشر باللغة الانكليزية ثم عرب الى العربية

واشكرك على هذا النقل الجبار ... انت موسوعة يبو مشاري عسى لا عدمناك يبن العم

ابن قبلان العنزي

الاخ ابن قبلان حياك الله واشكرك على شعورك الطيب وكلماتك الجياشة ولاشك عزيزي بأن هناك كتب ومؤلفات كثيرة ذكرت سيرة ليشمان وكتبت عنه وهي كثيرة لم تترجم كالكتاب الذي ذكرته وإن كنت لم أطلع عليه!
وشكراَ لك

ابو مشاري الرفدي 07-03-2011 05:33 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أباوائل الوائلي (المشاركة 28241)
تحياتي للباحث أبومشاري الرفدي على مايقوم به من أتحافنا وتزويدنا بكل ماهو جديد ...

ملاحظة بسيطه وهي أن سعد بن عبدالرحمن شقيق الملك عبدالعزيز قتل في معركة كنزان وليس جراب ...

تقبل مروري ...

حياك الله عزيزي أبا وائل الوائلي وأشكرك على هذا التنويه والإستدراك وبالفعل أن الأمير سعد بن عبدالرحمن قتل بكنزان
في 15شعبان 1333هـ وهي بعد جراب التي وقعت فى 17يناير1915م بعدة أشهر...

وشكراَ لك

ابو مشاري الرفدي 07-03-2011 05:41 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة متعب الفققي (المشاركة 28254)
الف شكر اخي ابو مشاري الرفدي. على ماتبذله من جهد في جمع ونقل تاريخ يهم المجتمع اطال الله في عمرك ويوفقك

الشكر موصول لك أخي أبو عبدالهادي على المتابعة والمشاركة
ولاشك أن الجهد مشترك فبارك الله فيك وأمدك بالصحة والعافية والتوفيق وتقبل تحياتي .


الساعة الآن 10:20 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd 

vEhdaa 1.1 by NLP ©2009