موقع قبيلة عنزه الرسمي: الموقع الرسمي لقبائل ربيعه عامه و عنزة خاصه

موقع قبيلة عنزه الرسمي: الموقع الرسمي لقبائل ربيعه عامه و عنزة خاصه (http://www.bnabar.com/vb/index.php)
-   النقاش العلمي (http://www.bnabar.com/vb/forumdisplay.php?f=70)
-   -   نقد تحليلي:النقد التحليلي لكتاب (بنو وائل في التاريخ) (http://www.bnabar.com/vb/showthread.php?t=1875)

ابن شمسي 06-11-2009 12:08 PM

نقد تحليلي:النقد التحليلي لكتاب (بنو وائل في التاريخ)
 
أخي أبو مشعل أرجو التعليق على هذا المبحث


باسمك اللهم خيرِ مفتتح، ثم الصلاة والسلام على عبدك ونبيك وخيرتك من خلقك...

قرأتُ منذ أشهُرٍ قلائل كتاب (بنو وائل في التاريخ)، فلم أر فيما قرأتُ فكرةً أشد اضطراباً ولا منهجاً مشعَّثاً ولا دليلاً أوهى من هذا الكتاب! ووَجَدْتُ الكاتبَ قد أخلَّ إخلالاً بالمنهج العلميّ، وعاثَ في تاريخِ العربِ وأنسابِهم عَيْثاً ليُلَفِّقَ الأدلَّةَ والشَّواهدَ على دَعْوَى رسخَتْ بالهَوَى الجامحِ في قلبِه قبل أنْ يَنْتصِبَ دليلُها الصَّريحُ في عقلِه!

وتذكَّرْتُ مقالةَ أبي عثمانَ ابنِ جِنِّي حين علَّقَ على (الجمهرة في اللغة) لأبي بكرٍ ابنِ دُرَيْدٍ فقال: [ أمَّا كتاب (الجمهرة) ففيه أيضاً من اضطراب التصنيف وفساد التصريف ما أعذر واضعه فيه؛ لبعده عن معرفة هذا الأمر. ولَمَّا كتَبْتُه وَقَّعْتُ في متونِه وحواشيهِ جميعاً من التنبيه على هذه المواضع ما استحيَيْتُ من كثرتِه! ثم لَمَّا طال عَلَيَّ أومَأْتُ إلى بعضِه وأضرَبْتُ البتة عن بعضِه! ].

فشَرَعْتُ ـ أداءً للأمانة ومحميةً لتراث الأمة ـ في كتابةِ مذكَّرةٍ وجيزة في (النقد التحليلي لكتاب: بنو وائل في التاريخ)، بَلَغْتُ فيها إلى أكثر من نِصْفِ الكتابِ. ثم رأيتُ ـ إتماماً للفائدةِ وتَعْجيلاً للمنفعةِ ـ أنْ أُلَخِّصَ منها أشياء فأطرحَها في شبكة الانترنت.

التعريف بالكتاب:

الكتاب: بنو وائل في التاريخ (دراسة تاريخية شاملة في نسب عنزة الحالية وعلاقتها بوائل ربيعة الشهير).
الكاتب: محمد بن عبد الله الرويلي.
عدد الصفحات: 183 صفحة.
الناشر: مكتبة التوبة ـ الرياض.
تاريخ النشر: الطبعة الأولى ـ 1428 هـ / 2007 م

المآخذ العامة على الكتاب:

1 ـ ضعف هيكل البحث: بناءً وانسجاماً.

فالمقدمة ذهبَتْ ـ في أربع صفحات ـ إلى هجرات عنزة في العصور الحديثة، وهذا ليس له علاقة بموضوع الكتاب! ثم يُشير الكاتب في الصفحة الأخيرة من المقدمة وبعجلٍ إلى تساؤلات البحث، وهذا من أركان المقدمة بالتأكيد. غير أنَّنا لا نَجِد شيئاً عن المنهج الذي سيسلكه الكاتب!!

وحين يَمْضِي الكاتب في كتابه تراه يتجاوز حدود المبحث الذي هو فيه ليَقْتحِم ـ غير مُنْتبهٍ ـ إلى المباحث الأخرى؛ فالمبحث الثاني عن (حلف اللهازم) تجاوز فيه الكاتب إلى العصر العباسي!! ثم عاد في المبحث الذي يليه مباشرةً إلى (قبائل ربيعة بعد الإسلام) وتحدَّث فيه الكاتب عن الأحداث في عصر الخلافة الراشدة ثم تجاوز إلى الأحداث في العصر الأموي!! وأدّى هذا إلى ضمور المبحث الثالث (قبائل ربيعة في العهد الأموي) فجاء في صفحتين فقط!! وهذا يعود إلى أمرين:

أ ـ ضعف بناء البحث وافتقاره للتسلسل المنطقي الذي يبني المباحث اللاحقة على ما قُرِّر في المباحث السابقة، مما سمح بتداخل المباحث.

ب ـ انفلات قلم الكاتب في أكثر من موضع لأدنى مناسبة فيستطرد ليُبْعِد عن حدود المباحث!

أمَّا بناء البحث على التسلسل التاريخي للعصور (الجاهلية فصدر الإسلام فالعصر الأموي فالعصر العباسي) فليس له ما يُبرّره، بل لعلّه من أسباب ضعف الانسجام الظاهر بين مباحث الكتاب! وإنَّما كان ينبغي على الكاتب أنْ يبني مباحثه بحسب التطورات التي ذكرها في كتابه للقبائل الربعية، وهذه التطورات غير مرتبطة بلحظة قيام دولة وسقوط أخرى، فمثلاً: نفهم من الكاتب أنّ وضع القبائل الربعية لم يتغيّر عمّا هو عليه في العصر الأموي إلا بعد قرنين من قيام الدولة العباسية! فهل يصح أنْ نجعل قيام الدولة العباسية بداية مرحلة جديدة (أي: مبحث جديد) مع أنّها لم تُغيّر شيئاً؟!
ومن قصور البناء المنهجي للكتاب أنّ الكاتب ختم كتابه بمبحثين: الأول بعنوان (وائل في الموروث الشعري) والآخر بعنوان (أقوال المؤرخين في نسب عنزة). أمَّا الأول فجاء في 26 صفحة (أي: 15% من البحث) وما هو إلا سَرْد للأشعار التي ورد فيها نسبة عنزة الحالية إلى وائل، وليست هذه النقطة من مشكلات البحث أصلاً! ولا يُعارض فيها معارضٌ! فهي من تحصيل الحاصل!!

وكلُّ هذه الأشعار لا تتقدّم بالبحث خطوةً واحدةً نحو (الحقيقة العلمية) التي قال الكاتب في مقدمته: (إنها أسئلة لا تجد جواباً وإنّ كتابه سيُوجد أجوبتها!!)؛ لأنّ هذه الأشعار كلّها ـ عدا بيتاً واحداً ـ لا تكشف حقيقة وائل هذا: أهو الشهير الذي يبحث عنه الكاتب أم آخر غيره أم هي عزوة لا نسب؟!

أمَّا المبحث الآخر فجاء في 39 صفحة (أي: 23% من البحث) وما هو إلا نَقْل مطوّل (خالطه كثيراً نقل أشياء لا تتعلّق بمشكلات البحث الأساسية!)، وليس للكاتب عملٌ في نَقْدِ النُّقول ولا التعليق عليها! وهذا يدلّ على غياب الشخصية العلمية الناقدة للكاتب وعشوائية المنهج. وكان الكاتب قادراً على التخفيف من هذه النقول المركومة بالاقتصار على المهمّ منها، وتَفْريقِها في مباحث الكتاب فيضع كلَّ نصٍّ في الموضع المناسب له في المباحث المتقدّمة، لا أنْ يأتي بفكرته في المباحث المتقدّمة ويأتي في المبحث الأخير بنصوص الدّارسين الموافقة له؛ فهذا تمزيق لأوصال الفكرة والمنهج والبحث!

2 ـ قصور التعامل مع النصوص: نَقْلاً وتوثيقاً وإحالةً.

يُعاب على الكاتب أنَّه يُسْهب في نَقْلِ النصوص فيُثْقل الكتاب بالنُّقول التي لا تَخْدم البحث، كما تراه في ص 22 ـ 36، و 60 ـ 65.

وخلا الكتاب كلُّه من أيّ توثيق للنُّقول، فلا يذكر الكاتب إلا اسم الكتاب ولا يُشير أبداً إلى رقم الجزء والصفحة! ـ إلا في هامش واحد منقول عن غيره ـ وهذا نقص كبير وخلل منهجي فاضح! وزاد الكاتب على هذا فلم يضع قائمةً يُوضح فيها بيانات المصادر والمراجع التي استفاد منها!

وهذا النقص يجعل الكتاب أولى بأنْ يُعدَّ من كتابات الهواة وليس من المؤلَّفات الجادة التي تحترم قواعد البحث العلمي المقرّرة.

3 ـ القصور الواضح في نقد النصوص: سلباً وإيجاباًً.

لا أكاد ألمس أثراً للكاتب في نقد النصوص، فهو يأتي بالنصوص ويُثبتها في كتابه من غير أنْ يُنقّحها أو أنْ يُناقشها مع أنّ كثيراً من هذه النصوص ينطوي على أخطاءٍ واضحةٍ وأحكامٍ غير مستقيمةٍ.

وفي مقابل هذا كان الكاتب يعمد إلى كثير من النصوص فيخلع عليها من تصوّره معانياً فضفاضةً ليست هي المعاني الحقيقة للنصوص.

ولا ريب عندي أنّ جميع الأخطاء العلمية التي وقع فيها الكاتب ـ غير المغالطات المقصودة! ـ مردُّها إلى قصوره في نقد النصوص.

4 ـ ركاكة الأسلوب وشيوع التصحيف.

أمَّا الأخطاء النَّحوية والإملائية فكثيرةٌ جداً!! وعلامات الترقيم لا تكاد تجد فيها واحدةً في مكانٍ صحيحٍ!! وأمَّا الأسلوب فمبتذلٌ ركيكٌ ينحو إلى أسلوب التقارير الصَّحفية، وفيه ضعفٌ ظاهر في الاستخدام الدقيق للدلالات الوضعية للألفاظ؛ كقوله (عند حلول القرن الخامس)! فما المعنى الدقيق لحلوله؟! هل هو السنة الأولى منه أم مطالعه أم ربعه الأول؟؟!! والكتابات التاريخية العلمية يجب أنْ تلتزم بالتحديد الدقيق للألفاظ. ولا يُمكن تفسير هذا التقصير إلا بضعف الملكة عند الكاتب أو تعمُّده الإبهام للتغطية على الثغرات المكشوفة في (نظريته)!!

ـ الخلل في بناء (النظرية):

للكاتب نظرية بسطها في كتابه حول دخول قبائل ربيعة كلّها في حلف اللهازم ثم تحوّل هذا الحلف إلى اسم "عنزة الوائلية" وهجرتها من العراق إلى خيبر في القرن الخامس الهجري.

فإذا أرجأنا بيان الأخطاء العلمية التي تُبطِل هذه (النظرية) من أسِّها والتناقضات التي يدفع بعضها بعضاً مع تحدّر سطور الكتاب... فإنّ الكاتب قد أغفل ـ أو تعمّد إغفال! ـ جوانب تاريخية حول القبائل الربعية لا يُمكن أنْ تكون (نظريته) متماسكةً ـ فضلاً عن أنْ تكون صحيحةً!! ـ إلا بها:

1 ـ فهو يُغفِل إغفالاً تاماً ذِكْر تاريخ (عبد القيس) في بلادها البحرين! فهذه القبيلة الربعية الضخمة التي تجاوزت القرن الثامن وهي محتفظة بكيانها القبلي وعصبيتها لا نجِد لها أثراً في (نظرية) الكاتب عن تحوّل ربيعة في القرن الخامس!! ومع أنّه ـ بإشارةٍ خاطفة مُضلِّلة ـ قد أدخل عبد القيس في حلف اللهازم إلا أنّه اكتفى بهذا ولم يتحدّث بكلمة واحدة إطلاقاً عن هذا الوجود الضخم لربيعة خارج حدود (نظريته)!!

2 ـ وكذلك فهو يُغفل الوجود الرَّبَعي في بلاد اليمامة؛ فهو منذ العصر الأموي يُهمل هذه البلاد إهمالاً كأنّها خلت من ربيعة فليس لها فيها موطئ قدم!!

3 ـ وأعرض عن ذِكْرِ ربيعة في الحجاز قبل القرن الخامس؛ فلم يذكره لا مُثْبِتاً ولا نافياً! مع أنّه نقل في ص 83 نصاً أشار إلى هذا الوجود! لكنّ الكاتب آثر السكوت والسلامة!!

فإنْ تركنا هذا كلّه وأخذنا (النظرية) لتحليلها نَجِد أنَّها ابتدأت بالحديث عن عنزة بن أسد ثم دخولها في حلف اللهازم ثم تضخّم هذا الحلف ليبتلع كل القبائل الربعية ثم دخول هذه القبائل كلّها تحت اسم عنزة. لكنّ القارئ يُفاجأ في آخر الأمر بأنّ عنزة التي خُتِمت بها (النظرية) اسمٌ مخترعٌ فقط؛ فالقبيلة التي كان اسمها عنزة بن أسد قد اندثرت كما قال الكاتب منذ القرن الخامس!! فما دام الأمر كذلك... فما التَّعليل لانطلاق (نظرية) الكاتب من عنزة بن أسد؟! لِمَ لَمْ يبدأ الكاتب ببني ضبيعة أو بالنمر بن قاسط ـ مثلاً ـ؟! لأنَّ النتيجة التي سينتهي إليها ستكون واحدة مهما اختلفت القبيلة الربعية التي انطلق منها!!

وأنا لن أناقش هنا (نظرية) الكاتب فلذلك موضعه اللاحق، وإنّما أردتُ الإشارة إلى أنّ البناء العلمي (للنظرية) كان متصدّعاً منذ البداية! وأنّ البناء النظري لمقدماتها ونتائجها كان غير منطقي! و:


إذا أفْسَدْتَ أوَّلَ كلِّ أمْرٍ = أَبَتْ أعجازُه إلا التواءَ!!



ـ وسيكون نشر الموضوع منجَّماً على مشاركات تُنشر تباعاً إنْ يسَّر الله ـ

ابن شمسي 06-11-2009 12:08 PM

ـ 1 ـ

1ـ قال الكاتبُ: [بداية تكون هذه القبيلة العظيمة بفروعها الحديثة المعروفة اليوم في الحجاز في حرة خيبر تحديداً في القرن السادس الهجري] ص6

لكنَّه قال في ص 67: [في نهاية القرن السادس الهجري في الحجاز وفي حرة خيبر تحديداً]! ثم قال في ص 71: [في خيبر في نهاية القرن الخامس الهجري]! فهذه ثلاثةُ أقوالٍ!! اثنانِ منها خطأ مَحْضٌ؛ فقولُه: [نهاية القرن السادس] خطأ لأنَّ عنزة مذكورةٌ في خيبر عند الاسكندري المتوفى قبل سنة 560 هـ. وقولُه: [نهاية القرن الخامس] خطأ يَنْقض نظريةَ الكاتبِ كلَّها؛ فربيعة في نهاية القرن الخامس وأوَّلِ القرن السادس لا تزال مذكورةً في العراق!

2 ـ قال الكاتبُ: [كانت قبل ذلك في عين التمر في برية العراق... وهي ديارها المعروفة منذ الجاهلية والتي كانت تعرف بديار ربيعة] ص6

ليسَتْ عين التمر من ديار ربيعة ـ وإنْ كانت من منازلِها ـ؛ فـ(ديارُ ربيعة) إقليمٌ جغرافيٌّ محدَّدٌ، يقولُ ياقوتُ: "ديار ربيعة: بين الموصل إلى رأس عين نحو بقعاء الموصل ونصيبين ورأس عين ودنيسر والخابور جميعه وما بين ذلك من القرى والمدن".

وقولُه: منذ الجاهليَّةِ... صحيحٌ، ولكنَّه قال في ص 41: [لما فتحت العراق امتلأت حواضره... بالربعيين خصوصاً بكر بن وائل، وانتشروا ناحية الموصل حتى صارت تعرف تلك الأنحاء بديار ربيعة]، فجَعَل دخول ربيعة إلى (ديار ربيعة) في الإسلام! فجَمَع بين تناقضٍ وخطأ!! وسيأتي تصويبُ خطئه في موضعِه.

ـ يتبع إن شاء الله ـ

ابن شمسي 06-11-2009 12:09 PM

ـ 2 ـ



3 ـ قال الكاتبُ: [بمرور الوقت عظم شأنها ونمت فروعها فكان من الطبيعي أن تنساح فروعها التي استقلت عنها إلى أطراف الحجاز وسواد نجد] ص 6

أ ـ إذا كانتِ الهجرةُ من العراقِ إلى الحجازِ طبيعيَّةً كما قال فما بالُه يقولُ بعدُ في ص 9: [إنَّ الكثير من الأسئلة لا تجد جواباً لدى المحققين فيما يتعلق بأسباب هجرة عنزة أو بني وائل من ديارهم في عين التمر إلى الحجاز]؟! فهل هي هجرةٌ طبيعيَّةٌ لا ينبغي تفسيرُها أم هي هجرةٌ حارَ فيها المحقِّقُون؟!

على أنَّ الكاتبَ عادَ فنقَلَ في ص 50 وما بعدها صفحاتٍ طوالاً من كتاب (عشائر الشام) تتحدَّثُ عن استبدادِ الأعاجمِ بالخلافةِ والمُلْكِ واندراسِ أمرِ القبائلِ العربيةِ، ثم علَّقَ الكاتبُ في ص 53 قائلاً: [كل هذه العوامل كان لها أبلغ الأثر في انكفاء القبائل العربية على نفسها وعودة الكثير منها إلى الجزيرة العربية]. فإذا بَلَغْنا ص 69 نَجِدُ الكاتبَ يقولُ: إنَّ كتبَ التاريخِ والأنسابِ [لم تزودنا بإجابات شافية وتسلسل منطقي للأحداث وتلك التحولات والهجرات] ويُعِيدُ السَّبَبَ إلى أمرَيْن: ضياعِ المصادرِ، واكتفاءِ المؤرخين بالنَّقْلِ عن المتقدِّمين.

فهذه أربعةُ مواضعٍ في الكتابِ يُناقِضُ بعضُها بعضاً! فلا تدري: أهي هجرةٌ طبيعيَّةٌ ولها عِلَلٌ تاريخيةٌ أَثْبَتَها المؤرخون ودَرَسَها المحقِّقون أم هي أحداثٌ لَمْ تَجِدْ إجاباتٍ شافيةً وتسلسلاً منطقيَّاً؟!

ب ـ قولُه: إنَّ هجرةَ ربيعة كانت بعد (عِظَم شأنها)! و(نُمُوِّ فروعِها)! وهذا مِن العَجَبِ؛ فقبائلُ ربيعةَ كانت منذ قبل الإسلامِ (عظيمةَ الشَّأنِ كبيرةَ الفروعِ)، فما الذي اسْتَجَدَّ في القرن السادس؟! فهذا التَّعليلُ للهِجْرةِ (الطَّبيعيَّةِ) ـ كما قال الكاتبُ ـ تعليلٌ باطلٌ لا يُوافق التاريخ.

ج ـ قولُه: قبائل ربيعة التي استقلت عنها... قولٌ لا يُفْهَمُ منه إلا أنَّ ربيعةَ قد انقسمَتْ في القرن السادس إلى قسمين: قسمٍ بَقِيَ في العراق وقسمٍ نَزَحَ إلى الحجاز. وهذا هو المعنى الصَّريحُ لكلمة (استقلَّتْ). على أنَّ الكاتبَ بحسَبِ (نظريته) يُنْهِي كلَّ وجودٍ لربيعة في العراق بحلول القرن الخامس ـ كما قال في ص 65 ـ، فكيف نَفْهَم كلمةَ (استقلَّتْ)؟! كيف ستكون القبائل الربعية المهاجرة إلى الحجاز قد (استقلَّتْ) عن ربيعة إذا كانت ربيعة كلُّها مهاجرةً إلى الحجاز؟؟!!

د ـ يقولُ الكاتبُ هنا: إنَّ القبائل الربعية قد استقلَّتْ عن ربيعة فنَتَجَ عن ذلك هجرتُها إلى الحجاز...، لكنَّه قال في ص 74: [القرن السادس الهجري وفي حرة خيبر تحديداً كانت البداية لظهور تحالف قبائل بني وائل أو عنزة... (و) هي اسم يشمل كل بطون ربيعة القديمة، حيث انصهرت في بعضها كحلف ربعي قوي]!! فما الذي حَدَثَ لربيعة في القرن السادس: هل هو استقلالٌ أم تحالفٌ وانصهارٌ؟؟!! وكيف يُجْمَع بين: استقلال القبائل الربعية وتحالف كلِّ البطون الربعية؟؟!!

هـ ـ أمَّا قولُه: سواد نجد... فمِن مُخْتَرَعاتِه! فنَجْدٌ لا تُسَمَّى سواداً لا بالمعنى اللُّغَوِيِّ ولا بالوَصْفِ الجغرافيِّ!!

ـ يتبع إن شاء الله ـ

ابن شمسي 06-11-2009 12:09 PM

ـ 3 ـ


4 ـ قال الكاتبُ: [ويعيد التاريخ نفسه... وتتجه أنظار قبيلة عنزة إلى الشمال وتبدأ هجرتها العظيمة من نجد إلى شمال الجزيرة العربية وبلاد الشام والعراق... وقد سبقتها قبائل نجدية أخرى في هذه الهجرة... وهذا ليس بمستغرب فهجرات القبائل العربية من الجنوب إلى الشمال سنة ماضية منذ فجر التاريخ] ص 6 ـ 7

وقد تقدَّمَ قبل هذا الكلامِ بيسيرٍ قولُ الكاتبِ: إنَّ الهجرةَ إلى داخل جزيرةِ العربِ هي (أمرٌ طبيعيٌّ)، وهنا يقولُ: إنَّ الهجرةَ إلى خارجِ الجزيرةِ (سُنَّةٌ ماضيةٌ)، فلا يدري القارئُ: أيُّهما الطَّبيعيُّ الذي تَشْهَدُ عليه أحداثُ التاريخِ؟!

5 ـ قال الكاتبُ: [اصطدمت قبيلة عنزة بقبائل تلك البلاد بداية من شمر... وانتهاء بحلف الشمال...] ص8

بجَرَّةِ قلمٍ ساهٍ قليلِ التَّحصيلِ يُقْلَب تاريخ عنزة رأساً على عقبٍ! والصَّحيح: أنَّ حروب عنزة مع أهلِ الشمال كانت قبل حروبها مع شمر.

6 ـ ثم يذكر الكاتبُ أمثلةً على هجراتِ القبائلِ العربيةِ من الجنوبِ إلى الشَّمالِ فيقولُ: [وكانت أول هجرة وصلت إلينا أخبارها تلك التي قامت بها قبائل سبأ اليمانية بعد سيل العرم الشهير ثم قبائل ربيعة وتميم قبيل الإسلام ثم قبائل قيس واليمن ومضر بعد الإسلام] ص 7

أ ـ ليست هجرة قبائل سبأ بعد انهيارِ سَدِّ مأرب بأوَّلِ الهجراتِ، بل لعلَّها آخرُها!! فهي كانت بعد الميلادِ قُبَيْل الإسلامِ. وقبل الميلادِ كانت الهجرات العُظْمى للشُّعوبِ العربيَّةِ (المسمَّاة بالسَّاميَّةِ) وتَفْصيلُ هجراتِها موجودٌ في مصادرِ تاريخِ العرب قبل الإسلامِ وتاريخِ الشُّعوبِ السَّاميَّةِ.

ب ـ أمَّا هجرةُ تميمٍ قبيل الإسلامِ فهذه من مُخترَعاتِ الكاتبِ!! فبنو تميم لَمْ يُهاجِرُوا إلى خارج الجزيرة قبل الإسلامِ ولا قُبَيْله ولا بُعَيْدَ الإسلامِ ولا بعده! وخروجُ بني تميم في الفتوحاتِ الإسلاميةِ في صَدْرِ الإسلامِ لم يكُن هجرةً قَبَلِيَّةً؛ لأنَّهم نَزَلُوا الأمصارَ وتحضَّرُوا، لذاك لا تَجِدُ لهم دياراً في باديةِ العراقِ أو الشَّامِ اختصُّوا بها كما تَجِدُ لربيعةَ أو لقيسٍ أو لليمنِ.

ج ـ وقولُه: قيس واليمن ومضر... قصورٌ في العبارةِ؛ لأنَّ قيساً من مضر فما وَجْهُ تَكْرارِها؟!

7 ـ قال الكاتبُ ـ نَقْلاً عن منديل الفهيد ـ: [حصل جدب فنزحت عنزة من نجد بقيادة ابن ملحم إلى سوريا فتغلبوا على برها بالقوة بعد معارك دامية... فقال الشيخ الفارس محمد بن دوخي بن سمير بهذه المناسبة...] ص 8

قد يُغْفَر خطأ ابنِ فهيد، لكن الفاجِعَ أنْ يُتابعَه على خطئِه كاتبٌ من عنزة يَفْترِضُ في كتابِه أنَّه سيُجِيبُ على كثيرٍ من الأسئلةِ التي لا يُوجَد جوابُها عند المحقِّقين!!

أيُّ صلةٍ بين محمد بن دوخي وهجرةِ المنابهة؟! هجرةُ ابنِ ملحم وعشيرتِه المنابهة كانت في منتصف القرن الثَّاني عشر الهجري، ومحمد بن دوخي عاشَ في النِّصْفِ الثَّاني من القرن الثَّالث عشر الهجري وكانت وفاته سنة 1312 هـ/ 1895 م. هذا مع أنَّ هجرةَ عشيرةِ ولد علي كانت بعد هجرةِ المنابهة، وإنْ كانا جميعاً من طلائعِ العشائرِ العنزية التي وَصَلَتْ إلى الشَّامِ.


ـ يتبع إن شاء الله ـ

ابن شمسي 06-11-2009 12:10 PM

ـ 4 ـ


8 ـ قال الكاتبُ: [هي من أكبر القبائل العربية في الحاضر والماضي ولها تاريخ حافل في الجاهلية وصدر الإسلام وفي القرون المتأخرة وفيها ملوك وأمراء وفرسان وشجعان وأدباء وشعراء أفذاذ وقضاة وعلماء] ص 11

وهذا كلامٌ إنشائيٌّ باردٌ، ساقَهُ الكاتبُ كأنَّه من سِنِّ قلمِه، وما هو إلا مَسْروقٌ من كتاب (كنز الأنساب): زادَ كلمةً وحَذَفَ كلمةً!! ولَمْ يُشِر إلى صاحبِه!!

9 ـ قال الكاتبُ:[من قبائل بكر بن وائل: ... بنو عجيل بن لجيم... قيس بن ثعلبة... وضبيعة بن قيس بن ثعلبة] ص 17

أ ـ "بنو عجيل" تصحيفٌ، صوابُه: بنو عِجْلٍ!

ب ـ وذِكْرُه بني ضُبَيْعةَ بعد ذِكْرِ قيسِ بنِ ثَعْلبةَ لا يُفِيد شيئاً؛ لأنَّ ضُبَيْعةَ هذا ابنُ قيسٍ!

10 ـ قال الكاتبُ: [ومن تغلب بن وائل: بنو جشم والأراقم] ص 17

ذِكْرُه بني جُشَمٍ مع ذِكْرِ الأراقم لا يُفِيد شيئاً؛ لأنَّ بني جُشَم هم الأراقمُ مع إخوتِهم الخمسة: مالكٍ وعَمْرو والحارثِ وثَعْلبةَ ومعاويةَ!!

11 ـ قال الكاتب: [استوطنت حنيفة أرض اليمامة واستقلت عن بكر بن وائل وسائر ربيعة وجاورها بنو هزان من عنزة] ص 19

هذا خطأ ظاهرٌ؛ فحنيفةُ لَمْ تنفرد باليمامةِ عن ربيعةَ، كان يُجاورُهم إخوتُهم: بنو عِجْلٍ وتيمُ اللاتِ بن ثَعْلبةَ وبنو يَشْكُر، ولهم منازلُ في اليمامةِ منذ الجاهليَّةِ، وأيَّامُهم في الجاهليَّةِ تَشْهَدُ على وجودِهم في اليمامةِ: كيوم مُبايض لبني يَشْكُر على بني تميمٍ، ويوم الأراكةِ للرِّبابِ على بني عِجْلٍ وحنيفةَ، ويوم السُّلَيِّ لتميمٍ على يَشْكُر، ويوم الحاجر ليَشْكُر على تميمٍ، وهذه المواضعُ كلُّها في اليمامةِ.

ـ يتبع إن شاء الله ـ

ابن شمسي 06-11-2009 12:11 PM

ـ 5 ـ


12 ـ قال الكاتبُ: [وقعت الحرب الثانية (حرب البسوس)... وانقسمت ربيعة في هذه الحرب كما أوضح البكري في النص السابق إلى قسمين متحاربين: القسم الأول بقيادة بكر بن وائل وانضمت إليها ضبيعة بن ربيعة وعبد القيس وعنزة] ص 19

اشتراكُ عبد القيس في حربِ البسوسِ من مُخترَعاتِ الكاتبِ!! وجميلٌ أنَّه أعادَ إلى نَصِّ البكريِّ الذي أورَدَهُ في ص 17 وفيه: "لَحِقَتْ عنزة وضبيعة ببكر بن وائل". هذا هو نَصُّ البكريِّ الذي استنَدَ إليه الكاتبُ: فأين ذِكْرُ عبد القيس فيه؟!!

13 ـ قال الكاتبُ: [اعتزلت حنيفة ويشكر من بني بكر بن وائل هذه الحرب] ص 20

هذا صحيحٌ، وكان الأجودُ أنْ يقولَ: اعتزلَتْ بنو لُجَيْمٍ ـ وهم حنيفةُ وعِجْلٌ ـ. فيكون الذين اشتركُوا في الحربِ من بكرٍ هم بني ثَعْلَبةَ وحدهم ـ وهم بنو شيبان وبنو قيسٍ وبنو تيم الله ـ، واعتزلهم من بني ثَعْلَبةَ: بنو ذُهْلٍ وبنو عُبَادٍ من قيسِ بن ثَعْلَبةَ، واشترك في آخرِ الحربِ أُناسٌ من المعتزِلين. وهذه نصوصٌ قاطعةٌ في تَسْميةِ مَن قاتَلَ من البكريين:

1 ـ قال مُقاتِلٌ المِسْمَعِيُّ: "لَمْ يُقاتِلْ معنا من بني يَشْكُر ولا من بني لُجَيْمٍ ولا ذُهْل بن ثَعْلبةَ غيرُ ناسٍ من بني يَشْكُر وذُهْلٍ قاتلَتْ بأَخَرَةٍ، ثم جاء ناسٌ من بني لُجِيْمٍ يومَ قضةَ مع الفِنْدِ"( الأغاني 5/38 ).

2 ـ قال ابنُ عبد ربه: "اعتزلَتْ قبائلُ بكرِ بنِ وائلٍ وكَرِهوا مُجامعةَ بني شيبان ومساعدتَهم على قتالِ إخوتِهم، وأَعْظَمُوا قَتْلَ جَسَّاسٍ كُلَيْباً بنابٍ من الإبلِ، فظَعَنَتْ لُجَيْمٌ عنهم، وكَفَّتْ يَشْكُرُ عن نُصْرتِهم، وانقبَضَ الحارثُ بنُ عُبَادٍ في أهْلِ بيتِه"( العقد 5/216). ولو قال ابنُ عبد ربه "كرِهُوا مساعدةَ بني ثَعْلبةَ" لكان أَجْوَدَ.

3 ـ جاء عند ابنِ الأثيرِ الشَّيْبانيِّ: "واعتزلَتْ قبائلُ بكرٍ الحربَ وكرِهُوا مساعدةَ بني شيبانَ على القتالِ، وأَعْظَمُوا قَتْلَ كُلَيْبٍ؛ فتحوَّلَتْ لُجَيْمٌ ويَشْكُرُ وكَفَّ الحارثُ بنُ عُبَادٍ عن نَصْرِهم ومعهُ أهلُ بيتِه"( الكامل في التاريخ 1/416). وهو قريبٌ من كلامِ ابنِ عبد ربه، ولعلَّ مَصْدرَهما واحدٌ.

14 ـ قال الكاتبُ: [واستمرَّت قبائل ربيعة بهذه الثنائية في جاهليتها إلى صدر الإسلام والقرون الأولى من الهجرة] ص 20

صَنَعَ الكاتبُ بناءً مُخْترَعاً للقبائلِ الرَّبَعِيَّةِ وِفْقَ طَرَفَيْ حربِ البسوسِ! ولا أدري: أين رأى (ثنائيةً) في حين أنَّ أكثرَ من نِصْفِ بني بكرٍ لَمْ يَدْخُلُوا فيها! وأنَّ بني عبد القيس ـ وهي من أرْحاءِ ربيعةَ ـ لَمْ تَشْهَدْ من المشاهدِ مَشْهداً!

15 ـ قال الكاتبُ عن قصيدةِ الأخْنَسِ التَّغلبيِّ: [لم يشر إلى عنزة وضبيعة لأنهما داخلتين (كذا!) في بكر] ص 20

هذا من أعْجَبِ الاستنتاجاتِ! فالشَّاعرُ لَمْ يَذْكُر إلا القبائلَ التي تُحادَّ بني تغلب وتُغاوِرُها، أمَّا عنزة وضُبَيْعةَ فليس لهم بلادٌ يَسْتَقِلُّونَ بها ليَذْكُرَهم الشَّاعرُ!


ـ يتبع إن شاء الله ـ

ابن شمسي 06-11-2009 12:11 PM

ـ 6 ـ


16 ـ قال الكاتبُ: [أما الذهلين (كذا) فهم شيبان بن ثعلبة وذهل بن ثعلبة وحلفاءهم (كذا) يشكر بن وائل (كذا!!) وضبيعة أضجم وعبد القيس] ص 21

أَدْخَلَ عبدَ القيس في الذُّهْلَيْنِ! وأحالَ في هامشِه إلى تاريخِ الطَّبَرِيِّ، ولو عُدْتَ إلى تاريخِ الطَّبَرِيِّ فلَنْ تَجِدَ اسمَ "عبد القيس" في الذُّهْلَيْنِ! فما الذي حَمَلَ الكاتبَ على دَسِّ هذا الاسمِ هنا؟!! ومن العَجَبِ الذي لا يَنْقضِي: أنَّ الكاتبَ نَقَلَ نَصَّ الطَّبَرِيِّ في ص 44 وليس فيه (إضافتُه) هذه!!

والصَّحيحُ الذي لا مَعْدَى عنه: أنَّ الذُّهْلَيْنِ هما بنو شيبان بن ثَعْلَبةَ وبنو ذُهْلٍ بن ثَعْلَبةَ، وتَثْنِيةُ الاسمِ تدِلُّ على أنَّهما اثنانِ ليس غيرُ، يقولُ أبو عبيدةَ: "الذُّهْلانِ: شيبانُ وذُهْلُ بنُ ثَعْلَبةَ"(الديباج 123)، وحَلِيفا الذُّهْلَيْنِ: بنو يَشْكُر وبنو ضبيعة بن ربيعة، يقولُ شارحُ النَّقائضِ: "الذُّهْلانِ: شيبانُ بن ثَعْلَبةَ وذُهْلُ بن ثَعْلَبةَ. قال: وإليهم تَحَلَّفَتِ الذُّهْلانِ. قال: وبهم سُمُّوا، وهم: شيبانُ وذُهْلٌ ويَشْكُرُ وضُبَيْعةُ بنُ ربيعةَ، هذه الأربعُ القبائل الذُّهْلانِ"(النقائض 3/885)، ويقولُ أبو جِلْدَةَ اليَشْكُرِيُّ لمالكِ بنِ مِسْمعٍ رأسِ اللَّهازمِ في عَصْرِ بني أميَّةَ:
عَسَى دَوْلَةُ الذُّهْلَيْنِ يَوْماً ويَشْكُرٍ = تَكُرُّ علَيْنا سَبْغةً من عَطائِكا
ويقولُ جريرٌ:
وراضٍ بحُكْمِ الحَيِّ بَكْرِ بنِ وائلٍ = إذا كان في الذُّهْلَيْنِ أو في اللَّهازِمِ
فإنْ شِئْتَ كان اليَشْكُرِيُّونَ بيننا = بحُكْمِ كريمٍ بالفَرِيضةِ عالِمِ
ففرَّقا بين الذُّهْلَيْنِ ويَشْكُرَ.

17 ـ قال الكاتبُ: [في كتاب أنساب الأشراف للبلاذري قال: تجمعت اللهازم وهم قيس وتيم الله ابنا ثعلبة... وعجل ولجيم ابنا صعب... وعنزة بن أسد] ص22

وفي نَقْلِه تََصْحيفٌ؛ وصوابُه: عِجْلُ بنُ لُجَيْمٍ بنِ صَعْبٍ.

18 ـ قال الكاتب: [وفي مخطوطة الشنقيطي، وهي مخطوطة محفوظة بدار الكتب المصرية، نقل صاحبها من مخطوطة قديمة كانت محفوظة في المدينة كتبت عام 598 هـ...] ص 23

ويَعْجَبُ القارئُ من (مخطوطة الشنقيطي) هذه: ما هي؟! وما اسْمُها؟! ومَن المؤلِّفُ؟! ولَنْ يُجْدِيَه شيئاً سؤالُ الكاتبِ؛ لأنَّ الكاتبَ نَفْسَه لا يَعْرِف عنها شيئاً!! إنَّما اسْتَمَدَّها الكاتبُ من موضوعٍ مَطْروحٍ في شبكةِ الانترنت، وقد صَرَّحَ الكاتبُ في هذا الموضوعِ بأنَّه (سيَأْخذُ) منه بعضَ النُّصوصِ لأنَّ المصادرَ الأصليَّةَ (ليسَتْ متوفِّرةً)! وقد وَفَى الكاتبُ بوَعْدِه في ص 22 ـ 23؛ فأخذَ نصوصَ القلقشندي والبلاذري والحميري و(مخطوطة الشنقيطي) هذه! ولأنَّه (ناقلٌ) فحَسْبُ فقد نَقَلَهُنَّ بأخطائِهِنَّ!!

19 ـ قال الكاتبُ: [يوم السلي وهو يوم انتصرت فيه تميم أيضاً على بكر ومنها اللهازم وفيه كانت الغارة على بني يشكر خاصة] ص 27

ما شأنُ اللَّهازمِ بهذا اليومِ إذا كانتِ الغارةُ فيه على بني يَشْكُرَ؟!

20 ـ قال الكاتبُ: [الشاعر الجاهلي رشيد بن رميض العنزي من اللهازم شاعر بكر الأبرز في وقته] ص 27

أمَّا إنَّه من بكرٍ فسيأتي نقاشُه لاحقاً، أمَّا إنَّه أبرَزُ شاعرٍ فيها: فأينَ الأعشى؟! وأشْهَرُ من رُشَيْدٍ شُهْرةً وأبْعَدُ صَوْتاً وأشْعَرُ: مَقَّاسُ العائِذِيُّ حليفُ بني شيبانَ.

21 ـ قال الكاتبُ: [أجابه محرز بن المكعبر الضبي التميمي] ص 28

جَعَلَهُ ضَبِّياً تميميَّاً!! كيف يجتمعانِ؟!

وأبياتُ رُشَيْدٍ ومُحْرِزٍ التي أورَدَها في هذه الصَّفْحةِ فيها تَصْحيفٌ؛ فكَتَبَ "الوديقة" وصوابُها: الوَرِيعَة. وكَتَبَ "اللوم" وصوابُها: اللُّؤْم. وكَتَبَ "تطلع" وصوابُها: تَظْلع.

22 ـ قال الكاتبُ: [قال أبو الحسناء العنبري... فوفد بني تميم (كذا!)] ص 28
وهو تَصْحيفٌ؛ صوابُه: أبو الخنساءِ.


ـ يتبع إن شاء الله ـ

ابن شمسي 06-11-2009 12:12 PM

ـ 7 ـ



23 ـ قال الكاتبُ: [أغار حاتم... على بكر بن وائل... فكان في الأسرى حاتم بن عبد الله الطائي أسرته عنزة بن أسد فبقي عندها موثقاً] ص30

حَرَّفَ الكاتبُ ما جاء في المصدرِ؛ والذي في المصدرِ: "فكان في الأسرى حاتمُ بن عبد الله الطائي فبَقِيَ مُوثَقاً عند رجلٍ من عنزةَ". فليس في عبارةِ الأصْلِ ما يَدِلُّ على أنَّ آسِرَهُ من عنزة؛ لاحتمالِ أنْ يكونَ آسِرُهُ من بكرٍ وجَعَلَهُ في بيتِ العنزيِّ. وأبياتُ العنزيِّ ليسَتْ بشاهدٍ على أَسْرِه من قِبَلِ عنزةَ في القتالِ؛ لأنَّه يَفْتَخِرُ فيها أيضاً بأَسْرِ الحارثِ بنِ ظالمٍ المُرِّيِّ، وهذا أُخِذَ أَخْذاً وهو طَرِيدٌ ولَمْ يُؤْسَر في قتالٍ.

على أنَّ قصَّةَ أَسْرِ حاتمٍ تُرْوَى على غيرِ هذا؛ فقد قيل: إنَّهُ مَرَّ ببلادِ عنزة فناداهُ أسيرٌ عندهم، فاشتَرَى منهم الأسيرَ وأقامَ في قِدِّهِ حتى وَصَلَ فِداؤُه.

24 ـ قال الكاتبُ: [فبلغ المكشر (كذا) بن حنظلة العجلي أحد بني سنان(كذا)] ص31

هذا تَصْحيفٌ في الأصْلِ نَقَلَهُ الكاتبُ على عِلاتِه! وصوابُه: المكسِّر... أحدُ بني سَيَّارٍ.

25 ـ قال الكاتبُ عن الحُطَمِ القَيْسِيِّ: [خرج في عبد قيس بن ثعلبة... واستغوى من كان بها من الزط والسنابجة وبعث بعثاً إلى دارين وأبالة ليجعل عبد القيس بينه وبينهم] ص33

وهي جُمَلٌ شُحِنَتْ بالتَّصْحيفاتِ: فـ"عبد قيس بن ثعلبة" صوابُها: بني قيس بن ثعلبة، و"السنابجة" صوابُها: السَّيابجة، و"أبالة" صوابُها: أقاموا له!

ـ يتبع إن شاء الله ـ

ابن شمسي 06-11-2009 12:12 PM

ـ 8 ـ


26 ـ قال الكاتبُ: [إن شهرة هذه البطون وبكر عموماً جعلت قبائل ربعية كبيرة تنتسب لها كضبيعة وعبد القيس. يقول ابن عبد ربه: "والرجل من عبد القيس ينسب شيبانياً وجَرْمِياً وبَكْرياً"] ص34

هذا الموضعُ أشدُّ مواضعِ الكتابِ سواداً: لقُصُورِ الفهمِ وسوءِ القراءةِ والعَبَثِ بالنُّصوصِ ومُجَانبةِ الأمانةِ العلميةِ:

1 ـ فأبدأ بعَرْضِ نَصِّ ابنِ عبدِ رَبِّه كاملاً. يقولُ في تَفْسيرِ مَعْنَى (الجُمْجُمَة) في الأنسابِ:

"قيل للجماجم: جماجم لأنها يَتفرع من كلِّ واحدةٍ منها قبائلُ اكتفَتْ بأسمائِها دون الانتسابِ إليها، فصارَتْ كأنها جسدٌ قائمٌ وكلُّ عُضْوٍ منها مُكْتَفٍ باسمه مَعْروفٌ بمَوْضعه.
والجماجمُ ثمانٍ‏:‏ فاثنتان منها في اليَمن واثنتان في رَبيعة وَأَرْبع في مُضرَ‏.‏..
واللتان في رَبيعة‏:‏ بكر بن وائل وعبدُ القَيْس بن أَفْصَى...
أَلا تَرَى أَنَّ بكراً وتَغْلِب ابني وائل قبيلتان مُتكافِئتان في القَدْر والعَدَد، فلم يَكُنْ في تَغْلِب رجالٌ شُهِرَت أسماؤُهم حتى انتُسِب إليهم واستجزئ بهم عن تَغْلِب؛ فإذا سألْتَ الرَّجلَ من بني تَغْلب لَمْ يَسْتَجْزِئ حتى يقول: تَغْلَبي‏.‏ ولبكرٍ رجالٌ قد اشتَهرتْ أسماؤُهم حتى كانت مثلَ بكرٍ؛ فمنها: شيبانُ، وعِجْلٌ، ويشْكُرُ، وقَيْسٌ، وحنيفةُ، وذُهْلٌ.
ومثلُ ذلك: عبدُ القَيْس؛ ألا ترى أنَّ عَنَزةَ فوقها في النَّسَبِ ـ ليس بينها وبين رَبيعة إلا أَبٌ واحد عَنَزةُ بنُ أسد بن ربيعة ـ فلا يَسْتَجْزِئُ الرَّجلُ منهم إذا سُئِلَ أنْ يقولَ: عَنَزِيّ، والرَّجلُ من عبدِ القَيْس يُنْسَب: شيبانياً، وجَرْمِيَّاً، وبَكْريَّاً‏".

2 ـ فالذي في نَصِّ ابنِ عبدِ رَبِّه أنَّ في ربيعةَ جُمْجُمتين: بكرَ بن وائلٍ وعبدَ القيس بن أفصى، وأنَّ هاتينِ القبيلتينِ ـ مِن كَثْرةِ عَدِيدِها وتَشَعُّبِ بطونِها وشُهْرةِ رجالِها ـ يُنْسَبُ الرَّجلُ من إحداهما إلى اسمِها الأكبرِ فيُعْرَفَ ويُنْسَبُ إلى بطونِها الأدنى فيُعْرَفَ. والنَّصُّ بعدُ واضحٌ جَلِيٌّ.

3 ـ فما الذي صَنَعَ الكاتبُ؟! جاء إلى النَّصِّ فرَمَاهُ كلَّه دَبْرَ أُذْنِه واقتطَعَ منه جُمْلةً في آخرِه بَنَى عليها صَرْحاً من أوهامٍ! فأصبَحَتْ عبدُ القيس ـ الجُمْجُمةُ ذاتُ البطونِ الشَّهيرةِ ـ تابعاً صغيراً يَنْتسبُ لبكرِ بنِ وائلٍ!!

4 ـ وهذه الجُمْلةُ التي اقتطَعَها الكاتبُ وقع فيها تَصْحيفٌ شنيعٌ، ولا يُعْذَرُ الكاتبُ على هذا؛ لأنَّ سياقَ النَّصِّ من أوَّلِه إلى آخرِه شاهدٌ على تَصْحيفِه. وهذا بيانُ ذلك:

يقولُ ابنُ عبدِ رَبِّه: بكرُ بنُ وائلٍ يُنْسبُ إليها فيُقالُ: البكريّ، ويُنْسَبُ إلى بطونِها فيُقالُ: الشَّيبانيّ والعِجْليّ واليَشْكُريّ والقَيْسيّ والحَنَفِيّ والذُّهْلِيّ. فهذا كلامٌ صحيحٌ مُسْتقيمٌ على مَعْنى الجُمْجُمة.

وأمَّا عبدُ القيس فيُنْسَبُ إليها فيُقالُ: العَبْدِيّ أو العَبْقَسِيّ، ويُنْسَبُ إلى بطونِها فيُقالُ: الشَّيبانيّ والجَرْمِيّ والبَكْرِيّ. فهل هذا كلامٌ يَسْتقيمُ على مَعْنى الجُمْجُمة؟! هل في بطونِ عبدِ القيس: شيبان وجرم وبكر؟! هل يَصِحُّ أنْ تكونَ (البكري) نسبةً إلى بكر بن وائلٍ في حين أنَّ النَّصَّ يقولُ: إنَّ عبد القيس جُمْجُمةٌ كبكر بن وائلٍ؟!

5 ـ والقراءةُ الصَّحيحةُ للنَّصِّ تكونُ هكذا: (والرَّجلُ من عبدِ القيس يُنْسَبُ: شَنِّياً وجُذَمِيَّاً ونُكْرِيَّاً)، شَنِّياً: نسبةً إلى شَنِّ بنِ أفصى بنِ عبدِ القيسِ كالأعْوَرِ الشَّنِّيِّ، وجُذَمِيَّاً: نسبةً إلى جَذِيمةَ بنِ عوف بنِ أنمارِ بنِ عمرو بنِ وديعة بنِ لُكَيْز بنِ أفصى بنِ عبد القيس كالمنذرِ بنِ الجارودِ الجُذَمِيِّ، ونُكْرِيَّاً: نسبةً إلى نُكْرةَ بنِ لُكَيْز بن أفصى بنِ عبد القيس كالمُفَضَّلِ النُّكْرِيِّ الشَّاعرِ.

وعلى هذه القراءةِ تكونُ هذه الجُمْلةُ مُتَساوِقةً مع مَعْنى النَّصِّ ومع تَفْسيرِ الجُمْجُمةِ؛ فالشَّنِّيُّ والجُذَمِيُّ والنُّكْرِيُّ يَجْتَزِئُ بنِسْبتِه إلى بَطْنِه هذا عن الانتسابِ إلى القبيلةِ الكبرى: عبدِ القيس.

6 ـ وأجْزِمُ أنَّ مُنَّةَ الكاتبِ هي أضْعَفُ من أنْ تَحْمِلَهُ على تَصْحيحِ تَصْحيفٍ! غيرَ أنَّ اقتطاعَ النُّصوصِ من سياقاتِها للاستدلالِ بها على ما يُناقِضُ سياقَ النَّصِّ نَفْسِه لَدليلٌ على هَوَى متحِّكمٍ وفكرةٍ مُسْبقةٍ يَحْشُدُ لها الكاتبُ أضْغاثَ الأدلَّةِ!

ـ يتبع إن شاء الله ـ

ابن شمسي 06-11-2009 12:13 PM

ـ 9 ـ

27 ـ قال الكاتبُ: [ويقول أحد الشعراء يمدح الحارث بن أضجم سيد ضبيعة بن ربيعة ويصفه بأنه أحد سادات وائل في زمانه...] ص 34

1 ـ قولُه: الحارث بن أضجم... خطأ؛ وصوابُه: الحارثُ الأضْجَمُ بن عبدِ الله، فالأضْجَمُ لَقَبُه وليس اسمَ أبيه.

2 ـ ما قالَهُ الكاتبُ هنا خطأ ظاهرٌ وفهمٌ قاصرٌ؛ فالحارثُ الأضْجَمُ قديمٌ جِدَّاً؛ معاصرٌ لبكرٍ ولتغلبَ ابنَيْ وائلٍ. فهو: الحارثُ بنُ عبدِ اللهِ بنِ ربيعةَ بنِ دَوْفَنِ بنِ حَرْبِ بنِ وَهْبِ بنِ جُلَيِّ بنِ أَحْمَسَ بنِ ضُبَيْعةَ بنِ ربيعةَ بنِ نزارٍ، وبَكْرٌ هو: ابنُ وائلِ بنِ قاسطِ بنِ هِنْبِ بنِ أَفْصَى بنِ دُعْمِيِّ بنِ جَدِيلةَ بنِ أسدِ بنِ ربيعةَ بنِ نزارٍ. والحارثُ الأَضْجَمُ سَيِّدُ ربيعةَ كلِّها في زَمَنِه، وكانت ربيعةُ على زَمَنِه قبيلةً واحدةً لَمْ تتفرَّقْ، وما تَفَرَّقَتْ ربيعةُ إلا بعد قَتْلِ الحارثِ الأضْجَمِ، فوَقَعَتْ بسببِه أوَّلُ الحروبِ بين بني ربيعةَ فتفرَّقُوا.

فكيفَ يَصِحُّ أنْ يقولَ الكاتبُ إنَّ الحارثَ الأضْجَمَ من ساداتِ وائلٍ، وإنَّه دَخَلَ في بني وائلٍ، ووائلُ بنُ قاسطٍ في زَمَنِ الحارثِ لا يَزِيدُون على خَمْسةِ رجالٍ أو أقلَّ!!

3 ـ ولا أدري كيف فَهِمَ الكاتبُ هذا البيتَ ليقولَ إنَّ الشَّاعرَ يَصِفُ الحارثَ بأنَّه من ساداتِ وائلٍ؟!! فالشَّاعرُ يقولُ:
قَلُوصُ الظُّلامةِ من وائلٍ = تُرَدُّ إلى الحارثِ الأضْجَمِ
فمهما تَشَأ تَأْتِ منه السَّدادَ = ومهما تَشْأ منهم تَهْضِمِ

أيْ أنَّ الحارثَ الأضْجَمَ يأخُذُ من مالِ وائلٍ ما شاءَ بحَقٍّ أو بظُلْمٍ ـ وكانت إتاواتُ ربيعةَ كلِّها تُجْبَى إلى الحارثِ الأضْجَمِ(انظر: الاشتقاق 317) ـ. فالشَّاعرُ يقولُ إنَّ الحارثَ مُهْتضِمٌ لوائلٍ مستبِدٌّ لا تَقْدِرُ على الانتصافِ منه لِعُتُوِّهِ، أمَّا الكاتبُ فجَعَلَ مُرادَ الشَّاعرِ أنَّ الحارثَ مُنْتَسِبٌ إلى وائلٍ!!

4 ـ ثمَّ إنَّ الكاتبَ يَزِلُّ إلى خطأ أكبرَ من هذا؛ فهو يُقَرِّرُ في حديثِه أنَّ بكراً عَظُمَ عَدَدُها حتى كانت القبائلُ من ربيعةَ ـ كبني ضُبَيْعةَ رَهْطِ الحارثِ الأضْجَمِ ـ يَنْتسِبُون إلى بني وائلٍ لشُهْرتِهم وكثرتِهم. وهذا قولٌ ذاهبٌ لا خيرَ فيه؛ لأنَّ بني وائلٍ لَمْ يَكْثُرُوا إلا بعد الحارثِ الأضْجَمِ بدَهْرٍ طويلٍ!


ـ يتبع إن شاء الله ـ

ابن شمسي 06-11-2009 12:13 PM

ـ 10 ـ


28 ـ قال الكاتبُ: [وقد دخلت عنزة بن أسد في أخوتهم بكر بن وائل وصارت من اللهازم وأصبحت قبيلة بكرية بالحلف] ص35

الحديثُ عن الأحلافِ بين القبائلِ طويلٌ له فروعٌ وذيولٌ، ويكفينا هنا إشاراتٌ تَكْشف خَطَلَ هذا الرأي.

فالكاتبُ يُريد من قارئِه أنْ يُسَلِّمَ بأنَّ كلَّ حِلْفٍ في العربِ هو ـ بالضَّرورةِ ـ سقوطٌ لنسبِ إحدى القبيلتين ودخولِها في نسبِ القبيلةِ الأخرى، فيُخْبِرنا هنا أنَّ عنزة وبكراً تحالفتا فسَقَطَ نسبُ عنزة وصارَتْ بَكْريَّةً!

وليس لنا حاجةٌ في التَّطويلِ وجَرِّ الحديثِ المفصَّلِ عن الأحلافِ... ولكنَّنا نَنْقُضُ هذه الدَّعوى من قريبٍ بحُجَّتين:

1 ـ ليس كلُّ حِلْفٍ بين العربِ يَنْتَهِي بسقوطِ نسبِ أحد الحليفين ودخولِه في نسبِ الآخرِ، وأسُوقُ للمتابعِ هذه الأحلافَ الجاهليَّةَ بين القبائلِ، ومن هذه الأحلافِ ما تطاوَلَ حتى دَخَلَ العربُ في الإسلامِ، فمِن ذلك: حِلْفُ غطفانَ وأسدٍ ـ وكانا يُسَمَّيان: الحليفين ـ ودَخَلَ معهما فيه طَيِّئٌ، وحِلْفُ ربيعةَ واليمنِ؛ وهذا حِلْفٌ جاهلِيٌّ جُدِّدَ في صَدْرِ الإسلامِ في العراقِ، وما زال قويَّاً إلى ما بعد مُنْتَصَفِ القَرْنِ الثَّاني حتى قَطَعَهُ مَعْنُ بنُ زائدةَ الشَّيْبانيُّ حين وَلِيَ اليمنَ، وحِلْفُ تميمٍ وكَلْبٍ، وحِلْفُ الأوسِ ومُزَيْنةَ. فهذا طَرَفٌ من الأحلافِ الجاهليَّةِ ـ وغيرُها كثيرٌ ـ فهل سَقَطَ نسبُ إحدى هذه القبائلِ العِظامِ إلى نسبِ الأخرى؟!

ودونَ هذه الأحلافِ العظيمةِ أحلافٌ أخرى كانت تَقَعُ بين العشائرِ والبطونِ في القبيلةِ الواحدةِ، كما وقع في قريشٍ في حِلْفَي المُطَيِّبين ولَعَقَةِ الدَّمِ، وفي غطفانَ في حِلْفِ المِحاشِ، وفي تميمٍ في حِلْفِ البراجمِ أو حِلْفِ بني حَنْظَلَةَ وبني عَمْرو، وفي مَذْحِجٍ في حِلْفِ جَنْبٍ.

فهذه أحلافٌ وَقَعَتْ في الجاهليَّةٌ وظَلَّتْ قروناً في الإسلامِ فما وَجَدْنا قبيلةً منها تُسْقِطُ نسبَها الأوَّلَ وتَنْدَرِجُ في نسبٍ آخرَ. ولا يُنْكَرُ أنَّ من الحُلَفاءِ مَن يَسْقُطُ نسبُه إلى حلِيفِه، فهذا واقعٌ وشواهدُه معروفةٌ، ولكنَّ هذا أكثرُ ما يَقَعُ في عشيرةٍ صغيرةٍ أو أهلِ بيتٍ واحدٍ.

فإنْ صَحَّ هذا ـ وهو صحيحٌ مستقيمٌ وللهِ الحمدُ ـ فتكونُ دَعْوَى الكاتبِ المجرَّدَةُ باطلةً إلا إنْ أقامَ دليلاً صريحاً عليها.

2 ـ والكاتبُ يَعْتَصِرُ الأخبارَ ليَسْتَقْطِرَ الوَهْمَ!! والأمرُ أهْوَنُ شُقَّةً عليه مِمَّا كَلَّفَ نَفْسَه وعنَّاها!! فإنَّنا نَعْرفُ أنَّ الحليفَ حين يَسْقطُ نسبُه الأوَّلُ يُنْسَبُ إلى القبيلةِ التي دَخَلَ فيها، كما نُسِبَ "عَرْفَجَةُ بنُ هَرْثَمَةَ" إلى بَجِيلةَ وهو من الأزْدِ.

فهلَ يَعْرِفُ الكاتبُ رجلاً من عنزة بنِ أسدٍ نُسِبَ إلى بكرِ بنِ وائلٍ في خبرٍ صحيحٍ صريحٍ فيُقالُ: فلانٌ البَكْرِيُّ؟؟!!

أمَّا أنا فأعْرِفُ في الجاهليَّةِ: رُشَيْدَ بنَ رُمَيْضٍ العَنَزِيَّ ولَمْ يُنْسَبْ إلى غيرِ عنزة بنِ أسدٍ. وأعْرِفُ في القَرْنِ الأوَّلِ: عمرانَ بنَ عصامٍ العَنَزِيَّ ولَمْ يُنْسَبْ إلى غيرِ عنزة بنِ أسدٍ، وأعْرِفُ في القَرْنِ الثَّاني: مندل بن عليٍّ العَنَزِيَّ ولَمْ يُنْسَبْ إلى غيرِ عنزة بنِ أسدٍ، وأعْرِفُ في القَرْنِ الثَّالثِ: الحسَنَ بنَ عُلَيْلٍ العَنَزِيَّ ولَمْ يُنْسَبْ إلى غيرِ عنزة بنِ أسدٍ. فهذه أربعةُ قرونٍ أو أكثرُ، فمتى كانَ سُقُوطُ نسبِ العنزيِّين إلى بكرِ بنِ وائلٍ؟!

وهذا شاهدٌ من أشعارِ أهلِ الجاهليَّةِ على إبطالِ دَعْوَى الكاتبِ؛ فحين افتَخَر رُشَيْدُ بنُ رُمَيْضٍ العَنَزِيُّ بيومِ الشَّيِّطَيْنِ ـ حين أوْقَعَتْ بكرٌ بتميمٍ والرِّبابِ ـ أجابَهُ مُحْرِزٌ الضَّبِّيُّ فقال:
فَخَرْتُمْ بيَوْمِ الشَّيِّطَيْنِ! وغَيْرُكُمْ = يَضُرُّ بيَوْمِ الشَّيِّطَيْنِ ويَنْفَعُ
وجِئْتُمْ بها مَذْمُومةً عَنَزِيَّةً = تكادُ من اللُّؤْمِ المُبَيِّنِ تَظْلَعُ!

فالضَّبِّيُّ يقولُ: لا تَفْخَرَنَّ أيُّها العَنَزِيُّ بهذا اليومِ؛ فليس لكم فيه ذِكْرٌ، وإنَّما الذِّكْرُ فيه لغيرِكُم ( فمَنْ هؤلاءِ؟! أليسُوا بكرَ بنَ وائلٍ؟! )، وما افتخارُكَ به أيُّها العَنَزِيُّ إلا كِذْبةٌ مَذْمومةٌ!!

فلَوْ كانَ العَنَزِيُّ من بكرٍ هل يَكُونُ لكلامِ الضَّبِّيِّ وَجْهٌ؟؟!!

ولتُوقِعَ أبياتَ الضَّبِّيِّ في حاقِّ مَوْضِعِها اقْرُنْها بقَوْلِ الأخطلِ في هجاءِ جريرٍ حين يقول:
أجريرٌ إنَّكَ والذي تَسْمُو لَهُ = كعَسِيفةٍ فَخَرَتْ بحِدْجِ حَصَانِ
أتَعُدُّ مَأثُرةً لغَيْرِكَ فَخْرُها = وسَناؤُها في سالفِ الأزمانِ؟!

أي: أتَفْتَخِرُ بمآثرَ ليْسَتْ لقومِك!! فإنَّكَ إذْ تفعَلُ ذلك كالعسِيفةِ (الجارية) التي تَفْخَرُ بمَرْكَبِ سَيِّدتِها ( الحَصَان) فلَيْسَ لَهَا من فَخْرِها إلا الادِّعاءُ!!


ـ يتبع إن شاء الله ـ

ابن شمسي 06-11-2009 12:14 PM

ـ 11 ـ


29 ـ ثم يأتي الكاتبُ بشواهدَ يرى أنَّها تدُلُّ على دخولِ عنزة بن أسد في بكرِ بنِ وائلٍ، فمن ذلك استشهادُه بقولِ أبناءِ مَعْنِ بنِ زائدةَ الشَّيبانيِّ لموالي أبي العتاهيةَ الشَّاعرِ العنزييِّن: نحن بيتٌ واحدٌ وأهلٌ. ص 35

ولا أدري: أين الشَّاهدُ في هذا؟! لأنَّك إنْ عَرَضْتَ هذا النَّصَّ على مَنْ لَهُ أدنى مَعْرفةٍ لأجابَك: إنَّما قالُوا لهم (نحن بيتٌ واحدٌ) لأنَّهم كلَّهم من ربيعةَ. وهذا تَفْسيرٌ صحيحٌ، ولا يَسْتطيع الكاتبُ أنْ يُنْكِرَه!

30 ـ ويستشهدُ الكاتبُ بطَلَبِ بكرِ بنِ وائلٍ ثأرَ العنزيِّ حين قَتَلَهُ هلالُ بنُ أسْعَرَ التَّمِيميُّ. ص36

وليس في هذا دليلٌ؛ وما الغريبُ في أنْ تطلبَ بكرٌ من تميمٍ ثأرَ رجلٍ من ربيعةَ؟! ألَمْ يطلب عبدُ اللهِ بنِ مَسْعَدَةَ الفَزَارِيُّ ثأرَ بني سُلَيْمٍ وبني عامرٍ حين قتلَتْهم كَلْبٌ عند عبدِ الملكِ بنِ مروان حتى قال الكَلْبِيُّ: "واللهِ لأُشْغِلَنَّه بمَنْ هو أقرَبُ إليه مِن سُلَيْمٍ وعامرٍ" فأغارَ على بني فَزارَةَ.

فالأمْرُ الذي جَعَلَ الفَزَارِيَّ يطلب ثأرَ بني سُلَيْمٍ وعامرٍ ـ وكلُّهم من قيسِ عَيْلانَ ـ هو الذي جَعَلَ بكرَ بنَ وائلٍ تطلب ثأرَ العنزي ـ وكلُّهم من ربيعةَ ـ.

31 ـ ويستشهدُ الكاتبُ بوقوفِ بني شيبان مع عنزة في خبر قتل والي الموصل سنة 193 هـ. ص 37

وهل في قتالِ قبيلةٍ رَبَعِيَّةٍ مع قبيلةٍ رَبَعِيَّةٍ ضد قبيلةٍ أَزْدِيَّةٍ ما يدلُّ على أنَّ إحدى القبيلتين الرَّبَعِيَّتين قد سَقَطَ نَسَبُها وصارَتْ تُنْسَبُ إلى القبيلةِ الرَّبَعِيَّةِ الأخرى؟!!

ـ يتبع إن شاء الله ـ

ابن شمسي 06-11-2009 12:14 PM

ـ 12 ـ


32 ـ قال الكاتبُ: [ومن ذلك أن أصنام بكر في الجاهلية هي أصنام لعنزة أيضاً. يقول البكري: (وكان لبكر بن وائل صنم يقال له عوض، ويقال: بل عوض الدهر، وقد جاء فيه شعر، قال رجل من عنزة قديم يخبر أن عوضاً صنم لبكر كلها:
حلفت بمائرات حول عوض= وأنصاب تركن لدى السعير
...) والقائل هو الشاعر الجاهلي رشيد بن رميض العنزي ] ص 37 ـ 38

1 ـ كان يَنْبغي على الكاتبِ أنَّ يُشيرَ إلى أنَّ "السُّعَيْر" ـ الواردَ في البيتِ ـ صنمٌ لعنزة خاصَّةً. وهي إشارةٌ سيتعلَّقُ بها أشياءُ أخرى في هذه المسألةِ.

2 ـ على أنَّ اختصاصَ بعضِ القبائلِ بأصنامٍ زادُوا في تَعْظيمِها لا يَعْنِي أنَّ غيرَهم لا يَرَى لها قداسةً؛ فالوَثَنيَّةُ واحدةٌ، ولَوْ كان كلُّ صنمٍ له دينٌ مُسْتقلٌّ لَمَا جاز ـ كما ترى هنا ـ أنْ يكونَ لعنزة صنمٌ تختصُّ به في الوقتِ الذي تَشْتركُ فيه مع بكرٍ في صنمٍ آخرَ.

وفي الآثارِ الواردةِ عن العربِ تَجِدُ ما يُثْبِتُ أنَّ الشَّاعرَ الجاهليَّ يَذْكُرُ أصناماً ويُقْسِمُ بها وهي لا تُعَدُّ من أصنامِ قومِه خاصَّةً، فمِن ذلك: الشَّنْفَرَى الأَسْدِيُّ حين أقْسَمَ بالأُقَيْصِرِ وهو صنمٌ في مشارفِ الشَّامِ لقُضاعةَ ولَخْمٍ وجُذامٍ وعاملةَ وغطفانَ، وزيدُ الخيرِ الطَّائيُّ يُقْسِمُ بعائمٍ وهو صنمٌ لأزْدِ السَّراةِ. فلا يَبْعُدُ من هذا أنْ يكون قولُ رُشَيْدٍ العنزيِّ من هذا.

3 ـ أمَّا إذا كانتِ الأصنامُ تدلُّ على اشتراكٍ في النَّسَبِ ـ كما يَسْتدلُّ الكاتبُ هنا بهذا ـ فما بالُ عنزة تَسْتقلُّ بصنمِها "السُّعَيْر" ولا تَشْتركُ معها بكرٌ فيه؟! أكانَ هذا لأنَّ عنزة لا تَشْتركُ بنسَبٍ مع بكرٍ؟! أم لأنَّ الأصنامَ لا تدلُّ ـ أصْلاً ـ على الأنسابِ؟!

4 ـ أمَّا عبارةُ أبي عُبَيْدٍ البكريِّ التي نَقَلها الكاتبُ ففيها قُصُورٌ واضحٌ؛ فمُحَصَّلُ عبارتِه هو: ("عَوْضٌ" صنمٌ لبكرٍ، وقولُ الشَّاعرِ العنزيِّ دليلٌ على أنَّ هذا الصَّنَمَ لبكرٍ كلِّها)، فما الذي أضافَتْهُ الجملةُ الأخرى إلى الجملةِ الأولى؟! لا شَيْءَ!! فإذا كانت عنزة من بكر ـ كما يقولُ الكاتبُ ـ فعلى أيِّ شَيْءٍ دَلَّ شِعْرُ العنزيِّ؟ هل يدلُّ على أنَّ الصَّنَمَ لبكرٍ؟! ألَمْ يَقُلْ أبو عُبَيْدٍ هذا في جُمْلتِه الأولى؟! فما حاجتُه إلى الاستدلالِ بشِعْرِ العنزيِّ؟!!

والقراءةُ الصَّحيحةُ التي أراها هي: "وكان لبكرِ بنِ وائلٍ صنمٌ يُقالُ له: عَوْضٌ...، وقد جاء فيه شِعْرٌ؛ قال رجلٌ من عنزةَ قديمٌ يُخْبر أنَّ عوضاً صنمٌ لـ(ربيعة) كلِّها"، فما مُحَصَّلُ هذه القراءةِ؟ سيكونُ: ( "عَوْضٌ" صنمٌ لبكرٍ، غيرَ أنَّ شعرَ الشَّاعرِ العنزيِّ يدلُّ على أنَّ الصَّنَمَ لم يكُنْ خاصَّاً ببكرٍ ولكنَّه لربيعةَ كلِّها)، فالجملةُ الأولى هي القولُ المشهورُ في نِسْبةِ الصَّنَمِ، لكنَّ أبا عُبَيْدٍ خَطَّأ هذا القولَ حين استدلَّ بشِعْرِ العنزيِّ.

5 ـ وحتى لا يُقال: يَرْمِي بالقولِ على عواهنِه! فهذا تَحْقيقُ أمرِ صنمٍ آخرَ؛ فقد جاء في (تاج العروس): أنَّ "ذا الكَعَباتِ" بيتٌ لربيعةَ كانوا يطوفون فيه. والذي في (الأغاني): أنَّ هذا البيتَ لبكرِ بن وائلٍ. فالقولُ بأنَّ ذا الكَعَباتِ لبكرٍ وَحْدَها مُعارَضٌ بالنَّصِّ الذي يقولُ إنَّه لربيعةَ كلِّها. وكذلك "السُّعَيْر"؛ فالنَّصُّ الذي يقولُ إنَّه لبكرٍ وَحْدَها مُعارَضٌ بشِعْرِ العنزي الذي يُثْبِتُ أنَّه لربيعةَ كلِّها.

6 ـ فغايةُ الأمرِ في حديثِ الأصنامِ هذا هو: إنْ كان "عَوْضٌ" صنماً لبكرٍ وَحْدَها فقَوْلُ الشَّاعرِ العنزيِّ كقَوْلِ غيرِه من الشُّعراءِ حين يَذْكرون أصناماً ليسَتْ لأقوامِهم خاصَّةً، وإنْ كان "عَوْضٌ" صنماً لربيعةَ كلِّها فالأمرُ واضحٌ حينذاك.

33 ـ قال الكاتبُ: [ويقول ابن حبيب صاحب المحبر: (وكان المحرق بسلمان لبكر بن وائل وسائر ربيعة...)] ص 38

إذا كان هذا الصَّنَمُ لربيعةَ كلِّها فكيف يكونُ فيه دليلٌ على دخولِ عنزةَ في بكرٍ؟!!

ـ يتبع إن شاء الله ـ

ابن شمسي 06-11-2009 12:15 PM

ـ 13 ـ


34 ـ قال الكاتبُ: [التداخل بين بكر وعنزة لم يكن في العراق فحسب بل حصل في بقيتهما في نجد في بني هزان وحنيفة قبل الإسلام، ومن ذلك دخول سعدانة... الهزاني العنزي في حنيفة حيث أدركه عبيد بن يربوع بن ثعلبة الحنفي... ] ص 38

1 ـ قولُه: عبيد بن يربوع بن ثعلبة... خطأ؛ وصوابُه: عُبَيْدُ بنُ ثَعْلَبةَ بنِ يربوعٍ.

2 ـ قولُه: في بقيتهما في نجد... خطأ غليظٌ؛ لأنَّ خبرَ عُبَيْدٍ الحَنَفِيِّ وسعدانة الهزَّانيِّ كان قبل أنْ تَنْحَدِرَ ربيعةُ إلى العراقِ بدَهْرٍ!! بل أَبْعَدُ من هذا... إذْ كان خبرُهما قبل أنْ يَنْحدِرَ أكثرُ ربيعةَ من تهامةَ إلى نجدٍ!!

35 ـ قال الكاتبُ: [التداخل بين تغلب والنمر بن قاسط وغفيلة كبير جداً خصوصاً بعد الإسلام، وقد اشتركت النمر بن قاسط مع تغلب في أيامها مع قيس... ] ص 39

وهل مقاتلةُ النَّمِرِ بنِ قاسطٍ إلى جانبِ تغلب تَعْني أنَّ النَّمِرَ دخلُوا في عِدادِ تغلب وصارُوا يُنْسَبُونَ إليهم؟! ألَمْ يكُنِ القَيْسِيُّونَ الذين قاتلُوا ربيعةَ من كلِّ قبائلِ قيسٍ: من هوازنَ وسُلَيْمٍ وغطفانَ ومُحاربٍ وغَنِيٍّ... فهل يَرَى الكاتبُ أنَّ هؤلاءِ القَيْسِيِّينَ صارُوا جميعُهم سُلَمِيِّين أو عامرِيِّين أو غَطَفانِيِّين؟!! أيَرَى الكاتبُ أنَّ كلَّ قبيلةٍ رَبَعِيَّةٍ تَفْزَعُ إلى أختِها الرَّبَعِيَّةِ تكونُ قد دَخَلَتْ في نَسَبِها لذلك؟!

ومع هذا... فقد قاتلَتْ طوائفُ من بكرِ بنِ وائلٍ مع تَغْلِب، فهل هذا يَعْنِي أنَّ هؤلاءِ البَكْرِيِّين قد (دَخَلُوا) في تَغْلِب؟! ـ في حين أنَّ الكاتبَ سيقولُ لاحقاً: إنَّ تَغْلِب هي التي دَخَلَتْ في بكرِ بنِ وائلٍ!! ـ. لا أدري... ولكنَّ هذا الاستدلالَ هو إلى الهذيانِ أدْنَى!!

ـ يتبع إن شاء الله ـ

ابن شمسي 06-11-2009 12:16 PM

ـ 14 ـ

36 ـ قال الكاتبُ: [يقولُ القطامي الشاعر التغلبي في النمر بن قاسط وقد أصبحوا جزءاً من تغلب... ] ص 40

1 ـ لا أدري: من أين جاء الكاتبُ بـ[أصبحوا جزءاً من تغلب]؟! هل يَلْزَمُ من مَدْحِ القُطامِيُّ لهم أنْ يكونوا قد دَخَلُوا في تغلبَ؟!

2 ـ على أنَّ الكاتبَ أَسْقَطَ أبياتاً من القصيدةِ ما كان يَنْبَغِي له إسْقاطُها!! فهذه القصيدةُ قالَها القُطامِيُّ يَمْدَحُ بها تغلبَ قومَه والنَّمِرَ بنَ قاسطٍ وبكرَ بن وائلٍ، يقولُ:
ولَوْ ثَوَّبَ الدَّاعِي بشَيْبانَ زُعْزِعَتْ = رِمَاحٌ، وجَاشَتْ مِن جَوَانِبِها القِدْرُ
لُجَيْمِيَّةٌ خَرْسَاءُ أو ثَعْلَبِيَّةٌ = يَحُشُّ حُمَيَّاها المَسَاعِرَةُ الزُّهْرُ
هُمُ يَوْمَ ذِي قارٍ أَنَاخُوا فَجَالَدُوا = كَتَائِبَ كِسْرَى بَعْدَما وَقَدَ الجَمْرُ

فهذا ما أَسْقَطَ الكاتبُ، فهل يَرَى ـ أيضاً ـ أنَّ بني ثَعْلَبةَ بنِ عُكَابةَ وبني لُجَيْمٍ (أي: بكرَ بنَ وائلٍ كلَّها عدا يَشْكُرَ!) قد أصْبَحُوا ـ في زَمَنِ القُطامِيِّ ـ جُزْءاً من تغلبَ؟!

3 ـ وبنو النَّمِرِ بنِ قاسطٍ الذين عَثَى الكاتبُ في تاريخِهم وأنسابِهم لَمْ يَسْقُط نَسَبُهم ولَمْ يَدْرُج اسْمُهم، بل ظَلَّ كيانُهم القَبَلِيُّ مُتَماسِكاً إلى القَرْنِ الرَّابعِ؛ يقولُ ابنُ حَزْمٍ: "وكان فيهم عَدَدٌ وشَرَفٌ، ثم قَتَلَتْهُم القرامطةُ بعد الثلاثِ مئةِ؛ فافترَقُوا في قبائلِ العربِ، ولَمْ تَجْتَمِع لهم حِلَّةٌ بعدها".

4 ـ أمَّا صِلَتُهم ببني تَغْلِب... ففَضْلاً عن أنَّ النَّمِرَ عَمُّ بكرٍ وتَغْلب فقد كانت النَّمِرُ حُلَفاءَ لتَغْلِب منذ حَرْبِ البسوس، وفي حروبِ قيسٍ وتَغْلِب في صَدْرِ الإسلامِ ـ التي عاشَها الأخطلُ والقُطامِيُّ ـ فقد جاءَ النَّصُّ صريحاً في صِلَتِهم فقال شارحُ شعرِ الأخطلِ: "إنَّ جُشَمَ بنَ بكرٍ لَمْ تَجْتَمِع أحلافُهم من النَّمِرِ". ( وقع في هذا الموضع من شرح شعر الأخطل: "بكر بن جشم"، وهو تحريفٌ ).

ـ يتبع إن شاء الله ـ

ابن شمسي 06-11-2009 12:16 PM

ـ 15 ـ


37 ـ قال الكاتب: [من القادة العظام من بكر بن وائل... ربعي بن الأفكل العنزي فاتح الموصل والجارود العبدي] ص 41

1 ـ ربعيٌّ من عنزةَ بنِ أسدٍ، والجارود من عبد القيس، فهما ليسا من بكرِ بنِ وائلٍ!

2 ـ لَمْ يكُن ربعيٌّ فاتحَ الموصل، إنَّما كان مُقَدَّمَ الجيشِ الذي فَتَحَها.

38 ـ قال الكاتبُ: [لما فتحت العراق امتلأت حواضره... بالربعيين خصوصاً بكر بن وائل، وانتشروا ناحية الموصل حتى صارت تعرف تلك الأنحاء بديار ربيعة] ص 41

دخولُ الرَّبَعِيِّين إلى العراقِ كان في الجاهليَّةِ، وتَسْميةُ شمالِ العراقِ باسْمِ "ديار ربيعة" تَسْميةٌ جاهليَّةٌ قبل الإسلام.

39 ـ قال الكاتب: [ربيعة كلها مع الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه في وقعتي الجمل وصفين] ص 42

1 ـ أمَّا يَوْمُ الجملِ فكان مع عَلِيٍّ من ربيعةَ: عبدُ القيسِ وبكرٌ من أهل الكوفةِ، وكانت بكرُ البَصْرةِ ـ ورأسُهم مالكُ بنُ مِسْمَعٍ ـ مع الفريقِ الآخرِ، في حين كان بنو تغلبَ والنَّمِرُ بنُ قاسطٍ بعيدين عن هذه الأحداثِ كلِّها. فأين اجتماعُ ربيعةَ المزعومُ فيها؟!

2 ـ أمَّا يَوْمُ صِفِّينَ فكانت عبدُ القيسِ وبكرٌ مع عَلِيٍّ، في حين كانت تغلبُ والنَّمِرُ بنُ قاسطٍ مع معاويةَ. فأين اجتماعُ ربيعةَ المزعومُ فيها؟!

40 ـ قال الكاتبُ: [وكان شيخ اللهازم في هذه المعركة ـ أعني الجمل ـ مسلم بن عبد الله العجلي الذي أبلى بلاء حسناً وقتل فيها ] ص 42

وسَمَّاهُ الكاتبُ في ص 91 بـ[شيخ اللهازم المتوج]!! وما كان هذا "الشَّيْخُ المتوَّجُ" غير شابٍّ من أصحابِ عليٍّ رضي اللهُ عنه أَخَذَ المصحفَ فعَرَضَهُ على أصحابِ عائشةَ رضي اللهُ عنها فقَتَلُوه. وليس لمسلمٍ هذا ذِكْرٌ فيما نَظَرْتُ فيه من كتبِ التَّاريخِ والأنسابِ والرِّجالِ والأدبِ في غيرِ هذا الموقفِ! فما الذي حَمَلَ الكاتبَ على هذه المبالغاتِ السَّمِجَةِ؟!

أمَّا رايةُ ربيعةَ كلِّها يومَ الجملِ من أنصارِ عليٍّ فقد كانَتْ بيدِ حَسَّانَ بنِ مَحْدوجِ بنِ بشرِ بن خوطٍ الذُّهْلِيِّ، وليسَتْ إلى مُسْلِمٍ (شيخ اللهازم المتوَّج)!!


ـ يتبع إن شاء الله ـ

ابن شمسي 06-11-2009 12:17 PM

ـ 16 ـ



41 ـ قال الكاتبُ: [كان لهذه الأحداث وتأثير الإسلام أغلب الأثر في زيادة لحمة الربعيين واندماجهم حتى أصبح مسمى (كذا) ربيعة هو الغالب على بكر بن وائل وحلفاءها (كذا)] ص43

يريدُ الكاتبُ أنْ يتعجَّلَ فيَقْطِفَ النَّتيجةَ التي طالَتْ مراوغتُه حولَها!

1 ـ اسْمُ ربيعةَ يُطْلَقُ على هذه القبائلِ الرَّبَعِيَّةِ كلِّها منذ الجاهليَّةِ، وظهورُ الإسلامِ وأحداثُ الفتنةِ لَمْ تَزِدْ شيئاً؛ فقد ظَلَّ الاسْمُ هذا بعيْنِه يُطْلَقُ على تلك القبائلِ بعيْنِها: لَمْ تَزِدْ ولَمْ تَنْقُصْ.

2 ـ وحَصْرُ الكاتبِ اسْمَ ربيعةَ في (بكر بن وائل وحلفائِها) تَوْطِئةٌ لأفكارِه القادمةِ! وهو حَصْرٌ خاطئٌ منذ البدايةِ؛ فأينَ تَغْلب؟! وأين النَّمِرُ بنُ قاسطٍ؟! وأين عبدُ القيسِ؟ وهؤلاءِ أكثَرُ من نِصْفِ ربيعةَ: ليسُوا في بكرٍ ولا من حلفائِها!

42 ـ قال الكاتبُ: [ويقابل ربيعة أيضاً مضر التي أصبحت هي الأخرى لحمة واحدة، ودرجت مصطلحات أخرى كالقيسية واليمانية في التاريخ لهذه القبائل في صدر الإسلام] ص 43



تذَكَّرْتُ قولَ ابنِ أبي عُيَيْنةَ المُهَلَّبِي:
لَقَدْ شَقِيَتْ قَحْطانُ طُرَّاً بِخالدٍ = فهَلْ لَكِ فيهِ يُخْزِكِ اللهُ يا مُضَرْ!!


فهذا الكاتبُ الذي طالَ عَيْثُه في تاريخِ ربيعةَ امْتَدَّ عَيْثُه وجَهْلُه إلى مُضَرَ فجاءَ بالعجائبِ!

1 ـ لا أدري ـ في البدءِ ـ ما مَعْنى قولِه: [درجت مصطلحات أخرى كالقيسية واليمانية] أيَعْنِي أنَّها (دَرَجَتْ) بمعنى: ماتَتْ وانْقَرَضَتْ، أم بمعنى: أصْبَحَتْ دارجةً مُسْتَعْملةً؟! فعبارةُ الكاتبِ القاصرةُ تُؤَدِّي كلا المعنيَيْنِ الخاطئَيْن!!

2 ـ وسواءٌ أأرادَ أنَّ اسْمَي (القَيْسِيَّة) و(اليمانِيَّة) ماتَ في صَدْرِ الإسلامِ أو اشْتُهِرَ وذاعَ في صَدْرِ الإسلامِ فكِلا الأمْرَيْنِ خطأ شنيعٌ؛ لأنَّ هذين الاسْمَيْنِ مَعْروفانِ في الجاهليَّةِ واسْتَمَرَّا في الإسلامِ قروناً طوالاً إلى قريبٍ من عَصْرِنا هذا: لَمْ يَمُوتا في صَدْرِ الإسلامِ ولَمْ يُولَدا فيه!

3 ـ وقولُه: إنَّ [مضر التي أصبحت هي الأخرى لحمة واحدة]...، فما مَعْنى هذا؟! أيَعْنِي أنَّ القبائلَ المُضَرِيَّةَ أصْبَحَتْ في صَدْرِ الإسلامِ قبيلةً واحدةً ودَخَلَ نَسَبُ بعضِها في بعضٍ؟! وما القبيلةُ التي دَخَلَتْ في أخواتِها المُضَرِيَّةِ: هل دَخَلَتْ قُرَيْشٌ في تميمٍ؟! أم انْضَوَتْ غَطَفانُ في هوازِنَ؟! أم ابْتَلَعَتْ أسَدٌ سُلَيْماً؟! أم التَحَمَتْ باهلةُ بالرِّبابِ؟! أم انْجَذَبَتْ مُحاربٌ إلى كنانةَ؟!

4 ـ وقولُه: [القيسية واليمانية في التاريخ لهذه القبائل] تَعْبيرٌ خاطئٌ وقاصرٌ قُصُوراً واضحاً؛ فالقبائلُ المُضَرِيَّةُ لا تُسَمَّى كلَّها بالقَيْسِيَّة في الجاهلِيَّةِ ولا في الإسلامِ، ولا تُسَمَّى باليمانِيَّةِ عند العاقلين ولا عند غيرِهم!

ـ يتبع إن شاء الله ـ

ابن شمسي 06-11-2009 12:17 PM

ـ 17 ـ



43 ـ قال الكاتبُ: [ربيعة التي تلهزم معظم بطونها بعد الإسلام ودخلوا في اللهازم بما في ذلك بني (كذا) حنيفة التي أنهكتهم حروب الردة فهاجروا إلى العراق فيما بعد] ص 43

1 ـ قولُه: إنَّ معظم بطونِ ربيعةَ دَخَلُوا في اللَّهازمِ... قَوْلٌ بلا زِمَامٍ ولا خِطَامٍ؛ ففي الصَّفْحةِ التي تَلِي صَفْحتِه هذه يَسْتَشْهِدُ الكاتبُ بنَصٍّ من تاريخِ الطَّبَرِيِّ فيه: أنَّ قبائلَ بكرٍ تنازَعَتِ الرِّئاسةَ فكان اللَّهازمُ أربعَ قبائلَ كلُّها من بكرٍ إلا عنزة، والذُّهْلانِ أربعَ قبائلَ كلُّها من بكرٍ إلا ضُبَيْعةَ.

فهل دَخَلَ مُعْظَمُ ربيعةَ في اللَّهازمِ؟! أينَ تَغْلب والنَّمِرُ بنُ قاسطٍ وعبدُ القيسِ؟! بل أين الذُّهْلانِ وهم أَكْثَرُ بطونِ بكرٍ عَدَداً؟!

2 ـ أمَّا قولُه: إنَّ بني حنيفةَ هاجرُوا إلى العراقِ بعد حروبِ الرِّدَةِ... فلا أدري ما الذي أَوْقَعَ الكاتبُ في هذا الخطأ الشَّنيعِ: أهو الجَهْلُ أم التَّوْطِئةُ لأفكارِه القادمةِ؟!

وهذا مُوجَزُ تاريخِ بني حنيفةَ في بلادِها اليمامةِ من بعد حروبِ الرِّدَةِ إلى مطالعِ التَّاريخِ النَّجْدِيِّ الحديثِ: قام في اليمامةِ سنةَ 65 هـ نَجْدَةُ بنُ عامرٍ الحَنَفِيُّ الخارِجِيُّ وامْتَدَّ سُلْطانُه فشَمِلَ اليمامةَ والبحرين وعُمَانَ واليمنَ والطائفَ حتى قُتِلَ سنة 73 هـ. وبعد قَتْلِ الوليدِ بنِ يزيدَ بنِ عبدِ الملكِ سنة 126 هـ قام بنو حنيفةَ في اليمامةِ فطَرَدُوا واليَها من قِبَلِ الأموِيِّين ووقعَتْ بينهم وبين القبائلَ المُضَرِيَّةِ وقائعُ مَشْهورةٌ ولَمْ تَسْتقِرَّ البلادُ حتى استولى العَبَّاسِيُّون على اليمامةِ سنة 131 هـ. وفي القَرْنَينِ الثَّالثِ والرَّابعِ يَسْتطيعُ الباحثُ أنْ يُجَرِّدَ أسْماءَ العَشَراتِ من القُرَى الحَنَفِيَّةِ في اليمامةِ إنْ نَظَرَ في كتبِ البُلْدانِ كـ(بلاد العرب) و(صفة جزيرة العرب) وغيرِهما. وفي القَرْنِ السَّادسِ يَفْتَخِرُ الشَّاعرُ الرَّبَعِيُّ عليُّ بنُ المُقَرِّبِ العُيُونِيُّ بأنَّ أمَّه من بني حنيفةَ ويَذْكُرُ أنَّه نَشَأ في كَنَفِ أخوالِه في بلادِهم حَجْرِ اليمامةِ. وفي سنة 732 هـ يَمُرُّ الرَّحالةُ ابنُ بطوطةَ بحَجْرِ اليمامةِ فيقولَ: "يَسْكنُها طوائفُ من العربِ، وأكثرُهم من بني حنيفة، وهي بَلَدُهم قديماً". وفي سنة 850 هـ تَجِدُ ذِكْرَ الدُّروع وآل يزيد والمردة ـ وكلُّهم من بني حنيفةَ ـ في بلادِهم اليمامةِ.

فهذه ثمانيةُ قرونٍ متعاقبةٍ متَّصلةٍ، لَمْ يَغِبْ فيها اسْمُ بني حنيفةَ عن بلادِهم اليمامةِ، فمِن أيِّ كيسٍ أَخْرَجَ الكاتبُ (هجرة بني حنيفة إلى العراق)؟!!

44 ـ قال الكاتبُ: [من الشواهد على هذه الاندماجات ما ذكره الطبري وغيره حول تنازع الرئاسة على بكر بن وائل بين مالك بن مسمع وأشيم بن شقيق... (ثم أوْرَدَ نَصَّ الطَّبَرِيِّ) (و) نلحظ دور اللهازم وعنزة على وجه الخصوص في ترجيح كفة أشيم كرئيس على بكر كلها بما فيها اللهازم] ص 44

أقولُ قبل مناقشةِ كلامِه: أَشْيَمُ من بني سَدُوسٍ من ذُهْلِ بنِ ثَعْلَبةَ وهو شيخُ الذُّهْلَيْنِ، ومالكٌ من بني قيسِ بنِ ثَعْلَبةَ وهو شيخُ اللَّهازمِ.

1 ـ لا أدري: كيف يكون هذا الخبرُ شاهداً على (الاندماجات)؟! فالخبرُ فيه أنَّ اللَّهازمَ أَبَوا رئاسَةَ أَشْيَمَ حتى تواقَفُوا للقتالِ، والكاتبُ يقول: انْدَمَجُوا!

وحين جَمَعَهُم يزيدُ بنُ معاويةَ على رئاسةِ أَشْيَمَ لَمْ يَطُلْ هذا الاجتماعُ؛ فبعد مَوْتِ يزيدَ واضْطرابِ أمْرِ العراقِ تَرَكَ بنو بكرٍ أَشْيَمَ ورَأَّسُوا عليهم مالكَ بنَ مِسْمَعٍ.

2 ـ ولَوْ جارَيْنا الكاتبَ فقُلْنا كقَوْلِه: انْدَمَجُوا...، فأيُّ البَطْنَيْنِ سيَغْلِبُ: اللَّهازمِ أم الذُّهْلَيْنِ؟ قال الكاتبُ: إنَّهم اللَّهازمُ. وهذا من أَعْجَبِ ما يُقالُ!! لأنَّ الذي سادَ على بكرٍ وحلفائِها بعد هذا النِّزاعِ هو أَشْيَمُ، وهو من الذُّهْلَيْنِ!!

3 ـ ويقولُ الكاتبُ: [نلحظ دور اللهازم... في ترجيح كفة أشيم]، وهذا عَجَبٌ من العَجَبِ!! فلماذا تُرَجِّحُ اللَّهازمُ أَشْيَمَ الذُّهْلِيَّ على شَيْخِ اللَّهازمِ مالكِ بنِ مِسْمَعٍ؟!

4 ـ أمَّا دَوْرُ عنزة الذي أشارَ إليه الكاتبُ...؛ فليس لعنزةَ أيُّ دَوْرٍ! لأنَّهم اختارُوا عِمْرانَ بنَ عصامٍ العنزيَّ لفَضْلِه وشَرَفِه ورجاحةِ عَقْلِه، ولَمْ يَخْتارُوه لأجْلِ قبيلتِه.

45 ـ قال الكاتبُ: [وقد وصف الفرزدق بني حنيفة بالعبودية بعد دخولهم في أخوتهم عجل بن لجيم في اللهازم، يقول:
عجبت لعجل إذ تهاجي عبيدها= كما آل يربوع هجوا آل دارم
قال أبو الفرج الأصفهاني: (يعني بعبيد بني عجل قبيلة بني حنيفة)] ص 45

1 ـ ما صِلَةُ الأبياتِ بحِلْفِ اللَّهازمِ؟! هل إذا هَجَا شاعرٌ قبيلةً فقال: (هؤلاءِ عبيدٌ لإخوتِهم) يكونُ مُرادُه: إنَّهم دَخَلُوا في نَسَبِهم؟! يقولُ عمارةُ بنُ عقيلِ بنِ بلالِ بنِ جريرٍ التَّميميُّ في هجاءِ بني عَمْرو بنِ تميمٍ:
وشَرُّ جَزَاءِ ذِي نُعْمَى جَزَتْنَا = بَنُو عَمْرو، إذا اُحْتُمِلَ الجَزَاءُ
مَنَعْنَاهُمْ بَنِي سَعْدٍ، وعَمْرو = عَبِيدُ عَصًا لِسَعْدٍ أو إمَاءُ

فجَعَلَ بني عمرو عبيداً لبني سعدِ بنِ زيدِ مناةَ، ولَمْ يَكُن بينهما حِلْفٌ، إنَّما الحِلْفُ بين بني عمرو وبني مالكِ بنِ زيدِ مَنَاةَ.

2 ـ وبيتُ الفرزدقِ أسهلُ من أنْ يتيهَ فيه فَهْمٌ؛ فهو يقولُ: حنيفةُ عبيدٌ لإخوتِهم عِجْلٍ كما أنَّ يربوعاً عبيدٌ لإخوتِهم بني دارمٍ. فليس في البيتِ دخولٌ في نَسَبٍ ولا خروجٌ من نَسَبٍ!

ـ يتبع إن شاء الله ـ

ابن شمسي 06-11-2009 12:18 PM

ـ 18 ـ



46 ـ قال الكاتبُ: [بعد ذلك دخلت كل بطون بكر بن وائل في حلف اللهازم بما فيهم الذهلين وحلفاءهم] ص 45

قولُه: [بعد ذلك]، لا يدري القارئُ: بعد ماذا؟! لأنَّ الكاتبَ كان يتحدَّثُ عن وقعة الجملِ ثم وقعةِ صِفِّين ثم أحداثِ سنة 64 هـ ثم جاء بهذه الكلمةِ. فهل يَعْنِي الكاتبُ: بعد أحداثِ سنة 64 هـ؟ إنْ كان أرادَ هذا فقد أخطأ؛ لأنَّه اسْتَشهَدَ بعد كلمتِه هذه بنَصِّ أبي الفَرَجِ يَذْكُرُ فيه دخولَ بني حنيفةَ في اللَّهازمِ. والكاتبُ يقولُ في ص 43: [اشتركت حنيفة مع اللهازم في وقعة صفين]! فدخولُ حنيفةَ في اللَّهازمِ كان (قبل ذلك) وليس (بعد ذلك)!!

أمَّا إنْ أرادَ الكاتبُ لـ[بعد ذلك] أنْ تكونَ مُمْتدَّةً من سنة 64 هـ إلى القرنِ الخامسِ ـ كما سيأتي ـ فهو: عِلْمٌ أَشْبَهُ بالجَهْلِ! وتَحْديدٌ كأنَّه لا تَحْديدَ! وتَسَلْسلٌ تاريخيٌّ مُعَلَّقٌ بين الدَّعاوَى والجَهْلِ!

47 ـ ثم يَسْتشهِدُ الكاتبُ بنَصِّ أبي الفرجِ: عن تلَهْزُمِ حنيفةَ... ص 45ـ 46

1 ـ هذا النَّصُّ ليس فيه ما يَدُلُّ على دخولِ (الذهلين وحلفاءهم) ـ كما قال الكاتبُ قبل سَطْرٍ واحدٍ من استشهادِه ـ!! فكلُّ ما في النَّصِّ: أنَّ بني حنيفةَ دَخَلُوا في اللَّهازمِ، ودَخَلَ مَعَهُم: بنو مازنِ بنِ جُدَيِّ بنِ مالكِ بنِ صَعْبِ بنِ عَلِيِّ بنِ بكرِ بنِ وائلٍ وبنو قيسِ بنُ عُكابَةَ بنِ صَعْبِ بنِ عَلِيِّ بنِ بكرٍ، وهؤلاءِ لَيْسُوا من الذُّهْلَيْنِ ولا مِن حُلَفائِهم!!

2 ـ وفي نَصِّ أبي الفرجِ الذي استشْهَدَ به الكاتبُ عددٌ من الأخطاءِ مَرَّتْ سلاماً على الكاتبِ! وهذا بيانُها:

أ ـ قولُه: (بنو مازنِ بنِ جُدَيِّ بنِ مالكِ بنِ صَعْبِ بنِ عَلِيِّ)...؛ وهذا وَهْمٌ، وصوابُه: بنو زِمَّانَ بنِ مالكِ بنِ صَعْبِ بنِ عَلِيِّ. وبنو زِمَّانَ هؤلاءِ من اللَّهازِمِ.

ب ـ قولُه: (قال موسى بن جابر الحَنَفِيُّ السُّحَيْمِيُّ بعد ذلك في الإسلامِ)...؛ فموسى ليس من بني سُحَيْمٍ، وإنَّما هو من بني عُبَيْدِ. وهو شاعرٌ نَصْرانيٌّ مُخَضْرمٌ.

ج ـ أبياتُ موسى بنِ جابرٍ لا تدلُّ على دخولِ حنيفةَ في اللَّهازِمِ، وإنَّما هي بضِدِّ ذلك؛ إذ تُؤكِّدُ أنَّ حنيفةَ منعزلونَ عن بكرٍ لَمْ يُحالِفُوا غيرَ سيوفِهم! فهي تدُلُّ على أَمْرِهم في الجاهليَّةِ لا في الإسلامِ.

3 ـ ويَبْقَى من أخطاءِ هذا النَّصِّ خطأُ الكاتبِ في بيتِ الحَنَفِيِّ: أَسْقَطَ منه كلمةً! وصوابُه: "سُوَى بين قَيْسٍ قَيْسِ عَيْلانَ والفِزْرِ". أَسْقَطَ (قَيْساً) الأولى.

ـ يتبع إن شاء الله ـ

ابن شمسي 06-11-2009 12:18 PM

ـ 19 ـ



48 ـ قال الكاتبُ: [يقول البري... (واللهازم: عنزة بن أسد بن ربيعة، وعجل بن لجيم، وتيم الله، وقيس، وذهل بنو ثعلبة بن عكابة، ثم تلهزمت حنيفة بن لجيم، فصارت معهم. والذهلان: شيبان وذهل ابنا ثعلبة بن عكابة) ] ص 46

وهذا من عجائبِ الكاتبِ!! فالذي في النَّصِّ ذِكْرُ اللَّهازمِ ثم أَتْبَعَهُ بذِكْرِ الذُّهْلَيْنِ. إلا إنْ تَعَثَّرَ فَهْمُ الكاتبِ فظَنَّ قولَ البري: (والذُّهْلانِ...) مَعْطوفاً على قولِه: (عنزة...)!!

أمَّا الذي وَقَعَ فيه البري حين جَعَلَ بني ذُهْلِ بنِ ثَعْلَبةَ من اللَّهازمِ فخطأٌ مَحْضٌ لا يُعَوَّلُ عليه. ولا أظُنُّ الكاتبَ غافلاً عن كثيرٍ من النُّصوصِ التي أخطأَتْ في ذِكْرِ اللَّهازمِ: فبعضُها قَصَرَ اللَّهازمَ على بني تَيْمِ اللاتِ بنِ ثَعْلَبةَ، وبعضُها أَدْخَلَ مع تَيْمِ اللاتِ حُلَفاءَهم عِجْلَ بنَ لُجَيْمٍ، وبعضُها أَسْقَطَ عِجْلاً وجَعَلَ اللَّهازمَ: قيساً وتَيْمَ اللاتِ ابنَيْ ثَعْلَبةَ، وهذه النُّصوصُ وغيرُها أَخْرَجَتْ عنزةَ من اللَّهازمِ! فهذه نصوصٌ متضاربةٌ، فيها زيادةٌ ونَقْصٌ، فعلى الباحثِ المحقِّقِ أنْ يَسْلُكَ المنهَجَ العِلْمِيَّ لتَحْقيقِ هذا التَّداخلِ والاضطرابِ.

فالذي لا مَعْدَى عنه هو أنَّ اللَّهازمَ أربعُ قبائلَ: تَيْم اللاتِ وقَيْسِ ابنا ثَعْلَبة وعَجْلُ بنُ لُجَيْمِ وعنزةُ ـ كلُّها من بكر إلا عنزةَ ـ، والذُّهْلان: ذُهْلٌ وشَيْبانُ ابنا ثَعْلَبَة ويَشْكُرُ وضُبَيْعةُ ـ كلُّها من بكر إلا ضُبَيْعةَ ـ.

وما كان يَنْبغي للكاتبِ أنْ يتتبَّعَ أوهامَ المؤلِّفينَ ليَصْطَنِعَ منها تاريخاً وأنساباً: أصْلُها خَطَأٌ وفَرْعُها تَزَيُّدٌ وتَلْفيقٌ! ومَن كان هذا صُنْعُه فهو أحَدُ اثنين: إمَّا فاقدٌ للمنهَجِ العِلْمِيِّ وإمَّا غاشٌّ مُدَلِّسٌ!

49 ـ قال الكاتبُ: [يتضح لنا من خلال النصوص السابقة أن بطون بكر كلها دخلت في اللهازم] ص 46

ليسَتْ نصوصاً؛ إنَّما هي نَصَّانِ! وليس فيهما دليلٌ على ما ذَهَبَ إليه: فأوَّلُهما خارجٌ بالكُلِّيَّةِ عن المسألةِ، والآخرُ خطأٌ مَحْضٌ.

ـ يتبع إن شاء الله ـ

ابن شمسي 06-11-2009 12:19 PM

ـ 20 ـ



50 ـ قال الكاتبُ: [وممن دخل في هذا الحلف بعض بطون تغلب بسبب ما جرى لهم في وقعة البشر سنة 70 هـ من استنزاف وقتل. وقد أشار إلى ذلك شاعر تغلب الأخطل في أبيات له حيث يقول:
يا كعب لا تهجون العام معترضا = فإن شعرك إن لاقيتني غرر
إني أنا الليث في عريسة أشب = فورع السرح حتى يفسح البصر
إن اللهازم لن تنفك تابعة = هم الذنابى وشرب التابع الكدر
قبيلة كشراك النعل دارجة = إن يهبطوا العفو لا يوجد لهم أثر
محلهم من بني تيم وإخوتهم = حيث يكون من الحمارة الثفر
ويعني باللهازم: لهازم تغلب الذين دخلوا مع اللهازم البكريين] ص 46 ـ 47

زَلَّ الكاتبُ هنا إلى كثيرٍ من الأخطاءِ والتَّناقضاتِ:

1 ـ فـ"لهازمُ" تغلبَ قبائلُ معروفةٌ منذ الجاهليَّةِ، قال عمرو بن كلثوم:
أَلا يا مُرَّ ، والأنباءُ تَنْمِي ، = عَلامَ تَرَى صنائِعَنا تَصِيرُ
ألَمْ تَشْكُرْ لنا أبناءُ تَيْمٍ = وإِخْوتُها اللَّهازمُ والقُعُورُ
فاللَّهازمُ من تغلبَ هم: عَوْفٌ وسَعْدٌ ابنا مالكِ بنِ بكرِ بنِ حُبَيْبِ بنِ عَمْرو بنِ غَنْمِ بنِ تغلبَ، والقُعُورُ هم: الحارثُ ومالكُ ابنا مالكِ بنِ بكرِ بنِ حُبَيْبٍ.

2 ـ وخَلَّطَ الكاتبُ ولَفَّقَ بين الأحداثِ والأخبارِ والأشعارِ!! فجَعَلَ لهازمَ تغلب يَدْخُلُونَ في لهازمَ بكرٍ بعد وقعة البِشْرِ سنة 70 هـ، ثم استشهد لهذا الزَّعْمِ بأبياتٍ للأخطل في هَجْوِ كعبِ بن جُعَيْلٍ!! وهذا كلُّه خَلْطٌ كبيرٌ وتَلْفيقٌ؛ فالمُهاجاةُ بين الأخطلِ وكعبٍ وَقَعَتْ في أوائلِ خلافةِ معاويةَ أو قبل ذلك ـ وكان الأخطلُ صغيرَ السِّنِّ حين تفلَّتَ إلى كعبٍ ـ، فهذه الأبياتُ قِيلَتْ قبلَ وقعةِ البِشْرِ بنَحْوِ ثلاثين عاماً أو أكثرَ! فكيف جَمَعَ الكاتبُ بينها وبين الوَقْعةِ؟!

3 ـ والذين قُتِلُوا في يوم البِشْرِ هم بنو جُشَمَ بنِ بكرٍ، وهم قومُ الأخطلِ، وقال الجحَّافُ بن حكيمٍ السُّلَمِيُّ الذي استباحَهُم:
أبا مالكٍ هَلْ لُمْتَنِي أو حَضَضْتَنِي = على القَتْلِ أم هل لامَنِي كلُّ لائمِ؟!
فإنْ تَطْردوني تَطْرُدُونِي وقد جَرَى = بِيَ الوَرْدُ يَوْماً في دِمَاءِ "الأراقمِ"
نَكحْتُ بسَيْفِي في زُهَيْرٍ ومالكٍ = نِكَاحَ اغْتِصَابٍ لا نِكَاحَ دَرَاهِمِ
زُهَيْرٌ هم: بنو زُهَيْرِ بنِ جُشَمَ بنِ بكرٍ، ومالكٌ هم: بنو مالكِ بنِ جُشَمَ بنِ بكرٍ رَهْطُ الأخطلِ، وهما أَعَزُّ الأراقمِ، يُقَالُ لهما: الرَّوْقَانِ. فأولى النَّاسِ أنْ يَدْخلُوا في الأحلافِ بعد هذه المقتلةِ هم قَوْمُ الأخطل!!

4 ـ ومِن عَجَبٍ أنْ يُقْحِمَ الكاتبُ (بكرَ بنَ وائلٍ) في هذه الأبياتِ!! ويَزْعُمُ أنَّ لهازِمَ تغلبَ تابعون لهم!! ألا يكونُونَ تابعين إلا لبكرٍ؟! والأبياتُ سافرةُ المعنى لا يُخْطِئُه أدنى قارئٌ؛ فالأخطلُ يقولُ: إنَّ هؤلاءِ اللَّهازِمَ تابعونَ لبني تَيْمٍ وإخوتِهم. وتَيْمٌ هم: بنو أسامةَ بنِ مالكِ بنِ بكرِ بنِ حُبَيْبٍ، وإخوتُهم: القُعُورُ وريشُ الحبارى والأبناءُ، وهذه الفُرُوعُ جميعُها تَلْتَقِي مع اللَّهازمِ في مالكِ بنِ بكرِ بنِ حُبَيْبٍ. فمَحَلُّ اللَّهازمِ من هذه الفُرُوعِ ذلك الموضعُ الوضيعُ.

5 ـ ويبقى ـ أخيراً ـ خَطَأُ الكاتبِ في تَحْديدِ وَقْعةِ البِشْرِ؛ فهي لَمْ تَقَعْ سنة 70 هـ كما قال، فالذي وَقَعَ في هذه السَّنَةِ مَقْتَلُ عُمَيْرِ بنِ الحُبابِ السُّلَمِيِّ في وَقْعةِ الحَشَّاكِ. أمَّا يَوْمُ البِشْرِ فكان بعد أن "اسْتَقَرَّ الأمْرُ لعبدِ الملكِ واجْتَمَعَ المسلمون عليه" وذلك بعد سنة 73 هـ.

ـ يتبع إن شاء الله ـ

ابن شمسي 06-11-2009 12:19 PM

ـ 21 ـ


51 ـ قال الكاتبُ: [الدولة الأموية تتسم بالقوة والاستقرار طوال تاريخها... (و) استمرار النظرة العدائية للربعيين على وجه الخصوص من خلفاء بني أمية، وهذا يعود لأسباب عديدة منها: موقف ربيعة في الفتنة، وبروز حركة الخوارج التي كان لربيعة منها نصيب الأسد] ص 48

1 ـ زَعْمُه أنَّ دولةَ بني أميَّةَ كانت مُسْتقِرَّةً قَوْلُ مَنْ لَمْ يَقْرأ التاريخَ!

2 ـ ولَمْ تَكُ ربيعةُ ذاتَ مَوْقفٍ واحدٍ أمامَ بني أميَّةَ؛ فعبدُ القيسِ وبكرٌ كانتا مع عَلِيٍّ، في حين كانت تغلبُ والنَّمِرُ بنُ قاسطٍ مع معاويةَ، وكان كَعْبُ بنُ جُعَيْلٍ التَّغلَبيُّ شاعرَ الأُمَوِيِّينَ، وله أشعارٌ كثيرةٌ فَضَّلَ بها معاويةَ على عَلِيٍّ. ثم جاءَ بعده الأخطلُ فصارَ شاعرَهم منذ زَمَنِ يزيدَ بنِ معاويةَ حتى هَلَكَ. والحربُ التي وَقَعَتْ بين قيسِ عَيْلانَ وربيعةَ كان سَبَبُها أنَّ قيساً كانت مواليةً لعبدِ اللهِ بنِ الزُّبَيْرِ، وربيعةُ مواليةٌ للأُمَوِيِّينَ. وحين أرادَ عبدُ الملكِ انتزاعَ العراقِ من مُصْعَبِ بنِ الزُّبَيْرِ أَيَّدَه مالكُ بنُ مِسْمَعٍ ومَن معه من ربيعةَ. وكان بنو مَرْوانَ يَحْفَظون لمالكِ بنِ مِسْمَعٍ إجارَتَه لمروانَ بنِ الحكمِ بعد وَقْعةِ الجملِ وشَرَّفُوه لذلك.

3 ـ أمَّا الخوارجُ فهم أهلُ مَذْهبٍ، وليس للقَبَلِيَّةِ أثرٌ في خروجِهم، وكانُوا يَسْتعرضونَ النَّاسَ بالسَّيْفِ، وكثيراً ما بَدَؤُوا بعشائرِهم وقبائلِهم؛ كما فَعَلَ نَجْدةُ الحَنَفِيُّ الخارجيُّ في قَتْلِ عبدِ القيسِ، وكما فَعَلَ شَبِيبٌ الشَّيْبانيُّ الخارجيُّ في قَتْلِ بني شَيْبانَ عشيرتِه. وكانت القبائلُ تُقاتلُ الخوارجَ إذا دَهَمُوهم؛ كما فَعَلَتْ عنزة حين قَتَلَت فضالةَ الشَّيْبانيَّ الخارجيَّ وأصحابَه وحَمَلَتْ رؤوسَهم إلى عبدِ الملكِ بنِ مَرْوانَ تتقرَّبُ إليه بها.

ـ يتبع إن شاء الله ـ

ابن شمسي 06-11-2009 12:20 PM

ـ 22 ـ



52 ـ قال الكاتبُ: [إن الجيش العباسي في عهد المأمون لم يكن فيه جندي عربي واحد، ولما قدم المأمون دمشق كانوا يستعطفونه بأن ينظر في عرب الشام كما نظر في عجم خراسان فيرفض ويحتج بأن العرب أهل سخط وخيانة، ولما بويع المعتصم بعث إلى عماله في الأمصار أن يسقطوا من دواوينهم من العرب (كذا!)] ص 51

1 ـ عَقَدَ الكاتبُ مَبْحثاً جديداً بعنوان (قبائل ربيعة في العهد العباسي)، وأوَّلُ ثماني صفحاتٍ من هذا المبحثِ ـ ص 50، 51، ومن ص 54 إلى ص 58 ـ ما هي إلا سَرْدٌ من كتاب (عشائر الشام)! ويُؤخذُ عليه في هذا:

أ ـ أنَّه حاوَلَ أنْ يُخَفِّفَ من هذا السَّرْدِ الطَّويلِ جِداً فـ(أقحَمَ) بين نصوصِ (عشائر الشام) المترابطةِ نصوصاً جاءَ مَوْقِعُها قَلِقاً لانعدامِ الانسجامِ بينها وبين سابقِها ولاحقِها! ومثالُه: إقحامُه نَصَّاً من (نهاية الأرب) في ص 56، مع أنَّ النَّصَّ الذي نَقَلَه عن (عشائر الشام) ص 85 لا يَسْتدعي هذا النَّصَّ المُقْحمَ القَلِقَ!

ب ـ أنَّه نَقَلَ الأخطاءَ الغليظةَ التي وَقَعَتْ في (عشائر الشام) ولَمْ يُغَيِّر فيها شيئاً!!

2 ـ فالقولُ بأنَّ جيشَ المأمونِ [لم يكن فيه جندي عربي واحد] قَوْلٌ ساقطٌ، وهذه أسماءُ أُسَرٍ عربيَّةٍ تعاقَبَ أبناؤُها على قيادةِ الجيوشِ منذ أوَّلِ دَوْلةِ بني العبَّاسِ وفي زَمَنِ المأمونِ: القَحَاطِبَةُ من طَيِّئ، وأبناءُ عَمِّهم بنو حُمَيْدٍ، وبنو خازمٍ التَّمِيميُّونَ، والمَهَالِبَةُ الأزْدِيُّونَ، ومِن أَشْهَرِ قادةِ جيوشِ المأمونِ: أبو سَعِيدٍ الثَّغْرِيُّ الطَّائيُّ.

ولَوْ خَصَّصْتَ الحديثَ عن ربيعةَ (موضوع الكتاب) لوَجَدْتَ من قادةِ جيوشِ الخلافةِ في عَهْدِ المأمونِ الذين تَقَلَّدُوا الولاياتِ الجليلةِ: أبا دُلَفٍ العِجْلِيَّ، وخالدَ بنَ يزيدَ بنَ مَزْيَدٍ الشَّيْبانِيَّ. فهل إغفالُ الكاتبِ لهذَيْنِ العَلَمَيْنِ لنَقْصِ استقرائِه وجَهْلِه بهما أم أرادَ أنْ يُتابِعَ صاحب (عشائر الشام) على خَطَئِه لأنَّ هذا الخطأَ يَقُودُه إلى نتائجِه اللاحقةِ؟! وأيَّاً يَكُنْ... فهو شَيْءٌ مَعِيبٌ!!

3 ـ وخَبَرُ المأمونِ وعربِ الشَّامِ أخطأ صاحب (عشائر الشام) في فَهْمِه من مَصْدرِه، ثم جاءَ الكاتبُ فأخطأ في فَهْمِ ما كُتِبَ في (عشائر الشام)؛ فزادَ الوَهْيَ وَهْياً!!

والخبرُ عند الطَّبَرِيِّ: "تَعَرَّضَ رجلٌ للمأمونِ بالشَّأمِ مراراً، فقال له: يا أميرَ المؤمنين، انْظُر لعربِ الشَّأمِ كما نَظَرْتَ لعَجَمِ أهلِ خراسانَ. فقال: أكْثَرْتَ عَلَيَّ يا أخا أهلِ الشَّأمِ! واللهِ ما أنْزَلْتُ قيساً عن ظهورِ الخيلِ إلا وأنا أرى أنَّه لَمْ يَبْقَ في بَيْتِ مالي دِرْهَمٌ واحدٌ! وأمَّا اليَمَنُ فواللهِ ما أحْبَبْتُها ولا أحبَّتني قَطُّ! وأمَّا قُضَاعَةُ فسادتُها تَنْتظِرُ السُّفْيانيَّ وخروجَه فتكونَ من أشياعِه! وأمَّا ربيعةُ فساخِطَةٌ على اللهِ منذ بَعَثَ نَبِيَّه من مُضَرَ! ولَمْ يَخْرُجِ اثنانِ إلا خَرَجَ أحدُهما شارِياً! اعزُب فَعَلَ اللهُ بك".

فهذه ـ كما تَرَى ـ عِدَّةُ أسبابٍ جَعَلَتِ المأمونَ يُبْعِدُ عنه عربَ الشَّامِ. فجاءَ صاحبُ (عشائر الشام) فاختصَرَ الخبرَ وعَمَّمَ سبباً واحداً منها فقال: إنَّ المأمونَ بعد أنْ سَمِعَ كلامَ الشَّامِيِّ "يرفض بحَنَقٍ ويَحْتَجُّ بسخط العرب ومناوأتِهم له واستعدادهم للوثوب عليه". وهذا فَهْمٌ غيرُ دقيقٍ للخبرِ.

فجاءَ الكاتبُ وزادَ الأمرَ تَعْمِيةً فقال: [فيرفض ويحتج بأن العرب أهل سخط وخيانة]! وليس للخيانةِ ذِكْرٌ لا في نَصِّ الطَّبَرِيِّ ولا عند صاحب (عشائر الشام)!!

4 ـ أمَّا إسقاطُ العربِ من الدِّيوانِ على عَهْدِ المعتصمِ... فقد أخطأ فيه صاحب (عشائر الشام)؛ إنَّما أُسْقِطَ العربُ من ديوانِ مِصْرَ وَحْدَها. والمعتصمُ كان قد أنْشَأ في جيشِه فِرْقةً من عربِ الحوفِ من مِصْرَ سَمَّاهم المغاربةَ، نَقَلَهم إلى سامرَّاءَ وكانت لهم فيها قطائعُ خاصَّةٌ، ولهم دَوْرٌ كبيرٌ في الدَّوْلةِ العبَّاسيَّةِ فيما بعدُ.

ـ يتبع إن شاء الله ـ

ابن شمسي 06-11-2009 12:20 PM

ـ 23 ـ



53 ـ قال الكاتبُ: [ولا شك أن هذه الظروف وما أعقبها بعد ذلك من ... الحملات الصليبية... (و) اجتياح التتار... (و) الأطماع الفارسية زمن الدولة الصفوية. كل هذه العوامل كان لها أبلغ الأثر في انكفاء القبائل العربية على نفسها، وعودة الكثير منها للجزيرة العربية وممارستها لحياة البادية مرة أخرى] ص 53

1 ـ جميعُ ما ساقَهُ الكاتبُ هنا خارجٌ بالكُلِّيَّةِ عن سياقِ أهدافِه؛ لأنَّ الكاتبَ سيقولُ في ص 71: إنَّ عنزة ظهرَتْ [في خيبر في نهاية القرن الخامس الهجري]. فما شأنُ الحَمْلاتِ الصَّلِيبيَّةِ بهجرتِها؟! إذ الحَمْلاتُ الصَّلِيبيَّةُ ابتدأتْ في آخرِ القَرْنِ الخامسِ ولَمْ تَصِلْ قَطُّ إلى (عين التمر) وباديةِ العراقِ!! واجتياحُ التَّتَارِ كان في القَرْنِ السَّابعِ!! والدَّوْلةُ الصَّفَوِيَّةُ ظَهَرَتْ في القَرْنِ العاشرِ!!

2 ـ أمَّا إنْ كان يُرِيدُ بسياقِ هذه الأحداثِ القولَ: بأنَّ لها تأثيراً في رجوعِ قبائلَ إلى جزيرةِ العربِ... ؛ فهو ـ أيضاً ـ قولٌ خاطِئٌ؛ فالكاتبُ لَمْ يَسْتشهِد بحالةٍ واحدةٍ تُؤَكِّدُ تأثيرَ هذه الأحداثِ على قبائلِ العربِ!

وزيادةً على ذلك؛ فالكاتبُ يأتي بِما يَنْقُضُ هذا؛ فيقولُ في ص 54: [مع ذلك فقد برزت بعض القبائل العربية التي استطاعت أن تضع لها قدماً وسط هذه الظروف وتفرض نفسها على المسرح السياسي... كالحمدانيين]!! ويقولُ أيضاً في الصفحة عَيْنِها: إنَّ قبيلةَ طَيِّئ كان لها أَثَرٌ كبيرٌ في صَدِّ الصَّلِيبيِّن والتَّتَارِ!! ويَسْتشهِدُ في ص 56: بخروجِ بني عُقَيْلٍ إلى العراقِ واستيلائِهم عليها، وذلك في آخرِ القَرْنِ الرَّابعِ!! فأين تأثير [هذه الظروف وما أعقبها] ـ كما قال الكاتبُ ـ في القبائلِ العربيَّةِ ونُزُوحِها إلى جزيرةِ العربِ؟! فهذه الأمثلةُ الثَّلاثةُ تَنْقضُ عليه بناءَه من أساسِه!!

3 ـ وقولُه: [ممارستها لحياة البادية مرة أخرى]... لا أدري ما معناه؟! هل يَعْني أنَّ هذه القبائلَ لَمْ تَكُ (تُمارسُ!) حياةَ البادية في العراقِ؟! أمَّا إنْ كانت هذه القبائلُ في العراقِ والشَّامِ بَدَوِيَّةً أصلاً فما الذي عادَتْ إليه (مرة أخرى) في جزيرةِ العربِ؟! فالعبارةُ ـ على كلِّ حالٍ ـ بين خطأ وركاكةٍ!!

ـ يتبع إن شاء الله ـ

ابن شمسي 06-11-2009 12:21 PM

ـ 24 ـ



54 ـ قال الكاتبُ عن الحَمْدانِيِّين: [ربما كان لمذهبهم المتشيع دور في تخفيف الوطئة (كذا!) عليهم من قبل البويهيين تحديدا] ص 54

1 ـ يُحاوِلُ الكاتبُ أنْ يُوَفِّقَ بين ظهورِ إمارةٍ عربيَّةٍ في هذا العَصْرِ ـ القَرْنِ الثَّالثِ ـ و(الظروف) التي تَحَدَّثَ عنها في الفِقَرِ السَّابقةِ! ولا مِرْيَةَ في أنَّ مثلَ هذا التَّوفيقِ سَيَسْقطُ ما دامَ في أساسِه قائماً على نَقْصِ كبيرٍ في استقراءِ التَّاريخِ وقُصُورٍ شديدٍ في فَهْمِ عِلَلِه، ومِن وراءِ ذلك كلِّه هَوَى جامحٌ يَرْمِي بصاحبِه في دَوَّامةٍ!!

وعِلَّةُ (التَّشَيُّعِ) التي تَفَتَّقَ عنها خيالُ الكاتبِ لا يُمْكِنُ أنْ تكونَ (تعليلاً) صحيحاً لظهورِ هذه الإمارةِ العربيَّةِ في هذه (الظروف) التي أَطْنَبَ الكاتبُ في بيانِها، والسَّبَبُ يسيرٌ جِدَّاً؛ ذلك أنَّ إمارةَ الحَمْدانِيِّين قامَتْ سنة 293 هـ، قبل أربعين عاماً من دخولِ البُوَيْهِيِّين إلى بغدادَ سنة 334 هـ!!

2 ـ أمَّا علاقةُ الحَمْدانِيِّين بالبُوَيْهِيِّين فكانت عداءً دائماً؛ فمنذ أنْ دَخَل مُعِزُّ الدَّوْلةِ البُوَيْهِيُّ بغدادَ سنة 334 هـ وَقَعَتِ الحربُ بينه وبين ناصرِ الدَّوْلةِ الحَمْدانيِّ، ثم قاد مُعِزُّ الدَّوْلةِ ثلاثَ حَمْلاتٍ على الحَمْدانِيِّين في سنوات 337 هـ و347 هـ و353 هـ عجز فيهِنَّ جميعاً عن القضاءِ على ناصرِ الدَّوْلةِ فاكْتَفَى بأَخْذِ الضَّرِيبةِ منه. ثم قام عِزُّ الدَّوْلةِ بختيار بن مُعِزِّ الدَّوْلةِ بحَمْلةٍ على أبي تغلبَ بنِ ناصرِ الدَّوْلةِ سنة 363 هـ فرَضِيَ بما رَضِيَ به أبوه من قبلِه. حتى إذا جاء عَضُدُ الدَّوْلةِ البُوَيْهِيُّ اسْتَطاعَ في سنة 367 هـ أنْ يُنْهِيَ حُكْمَ الحَمْدانِيِّين في الجزيرةِ. وظَلَّ للحَمْدانِيِّين بعضُ التَّحَرُّكاتِ في بلادِهم حتى قُضِيَ عليهم سنة 380 هـ وانْدَثَرَتْ دولتُهم.

فهل كان البُوَيْهِيُّونَ خَفِيفي الوَطْأَةِ على الحَمْدانِيِّين؟!

ـ يتبع إن شاء الله ـ

ابن شمسي 06-11-2009 12:22 PM

ـ 25 ـ



55 ـ قال الكاتبُ: [لاشك أن الأوضاع السياسية في العالم الإسلامي شغلت المؤرخين عن تدوين أنساب وتاريخ القبائل العربية وتنقلاتها وتحالفاتها كما يجب. ولذلك شحت المصادر التي تفصل لنا أخبار تلك القبائل وما حل بها من مستجدات...] ص 59

كذا قال الكاتبُ، ولكنَّه عادَ فقال في ص 69: إنَّ سببَ الجَهْلِ بهذه الأوضاعِ يعودُ إلى أمْرَيْنِ؛ أولُهما [أنَّ كثيراً من هذه الكتب والمدونات قد فقدت ولم تصل إلينا وهي بالمئات...]، فلا نَدْرِي: هل شُغِلَ المؤرِّخونَ عن تاريخِ القبائلِ ـ كما قال في ص 59 ـ أم أنَّهم كَتَبُوا وفُقِدَتْ مؤلَّفاتِهم ـ كما قال في ص 69 ـ؟!!

أمَّا السَّبَبُ الآخرُ فقد قال الكاتبُ: [كتبوا وألفوا كتبهم (كذا! بالتكرار!) على الطريقة التقليدية وهي النقل عمن سبقوهم. وقليل منهم من أشار إلى أخبار عصره وواقع القبائل فيه]، فالسَّبَبُ الآخرُ مناقضٌ للسَّبَبِ الأوَّلِ؛ ويَبْقَى الأمْرُ مُبْهَماً: هل كَتَبَ المؤرِّخون ـ كما قال في السَّبَبِ الأوَّلِ ـ أم لَمْ يَكْتُبُوا ـ كما قال في السَّبَبِ الآخرِ ـ؟!

56 ـ قال الكاتبُ تعليقاً على خبر إيقاعِ عَضُدِ الدَّوْلةِ ببني شَيْبانَ سنة 369 هـ: [أن هذه الوقعة أثرت فيهم وأضعفتهم فلم تقم لهم قائمة بعد ذلك واختفى ذكرهم حتى جاءت سنة 450 هـ...] ص 65

وهذا واللهِ من العَجَبِ!! حاول الكاتبُ بكلِّ ما يستطيع أنْ يَكْتبَ نهايةَ بني شَيْبانَ من هذه الوقعةِ؛ فجاءت عباراتُه (أضعفتهم)!! (لم تقم لهم قائمة)!! (اختفى ذكرهم)!! ثم يَدْمغُ تَهْوِيلَه هذا بذِكْرِ بني شَيْبانَ بعد هذه الوقعةِ بقَرْنِ كاملٍ.

ولَوْ كان الكاتبُ مُمْسِكاً بخيوطِ أفكارِه لَمَا وَقَعَ ها هنا في نقيضِ ما حاوَلَ كثيراً أنْ يُثْبِتَه في الصَّفَحاتِ السَّابقةِ لهذا الموضعِ! فهل نَسِيَ الكاتبُ أنَّه كان يَشْتَكِي من انصرافِ المؤرخين عن تَدْوِينِ أحداثِ الباديةِ في هذا العَصْرِ؟! لِمَ لَمْ يَحْمِل الكاتبُ غيابَ ذِكْرِ بني شَيْبانَ في مصادرِ التَّاريخِ بين الحادثتين (369 هـ ـ 450 هـ) على أنَّه من إهمالِ المؤرخين؟! أليس هذا أسْلَمُ من تناقضِه في كلامَيْنِ ليس بينهما إلا كلمة (حتى)؟!

ـ يتبع إن شاء الله ـ

ابن شمسي 06-11-2009 12:22 PM

ـ 26 ـ



57 ـ قال الكاتبُ: [يتضح لنا... أن الدور السياسي لربيعة كان غائباً تماماً، ولم تضع لها قدماً في البلاط العباسي أو الملكي... باستثناء دولة بني حمدان] ص 65 ـ 66

وهذا نَقْصُ استقراءٍ فاضحٌ...

فهل غَبِيَ على الكاتبِ (بنو مطرٍ) الشَّيْبانِيُّون الذين كانت لهم منزلِةٌ مُقَدَّمةٌ عند خلفاءِ بني العبَّاسِ إلى آخرِ القَرْنِ الثَّالثِ فكان منهم الوُلاةُ والقادَةُ؟!

وهل جَهِل الكاتبُ (بني وَرْقاءَ) الشَّيْبانِيِّين في البصرة؟! وقد كان المقتدر بالله (295 ـ 320 هـ) يُجْرِيهم مجرى بني حَمْدان.

وهل جَهِل بيت (عيسى بن الشَّيْخ) الشَّيْبانيِّ وقد استقلُّوا ببلادٍ واسعةٍ من بلادِ الشَّام في منتصف القَرْنِ الثَّالثِ؟!

وهل جَهِل إمارةَ آلِ أبي دُلَفٍ العِجْلِيِّين في بلاد الكَرَجِ وفارس في القَرْنين الثَّاني والثَّالثِ؟!

وهل جَهِلَ بيت (ابنِ ماكولا) العِجْلِيِّيين ـ من أعقابِ أبي دُلَفٍ ـ الذين تَقَلَّدَ ثلاثةٌ منهم الوزارةَ أكثرَ مِن مرَّةٍ لملكِ العراقِ جلال الدَّولة البُوَيْهِيِّ منذ سنة 403 هـ إلى سنة 426 هـ؟!

وهل جَهِلَ الوزيرَ الكبيرَ عون الدِّين ابنَ هُبَيْرةَ الشَّيْبانِيَّ وزيرَ الخليفةِ المقتفي وابنِه المستنجد منذ سنة 544 هـ حتى وفاته سنة 560 هـ؟!

فبَطُلَ (الغياب التامّ)!! و(موطِئ القدم)!! و(الاستثناء)!!

ـ يتبع إن شاء الله ـ

ابن شمسي 06-11-2009 12:23 PM

ـ 27 ـ



58 ـ قال الكاتبُ: [من سياق الأخبار رغم قلتها يتضح لنا أن القسم الأكبر من عشائر ربيعة بقي على بداوته وعصبيته، والأخبار التي أوردناها عن بني شيبان خصوصاً تؤكد ذلك. ولا يمنع هذا من تحضر بعض فروعها] ص66

يُرِيد الكاتبُ أنْ يُبْقِي القبائلَ الرَّبَعِيَّةَ في حياةِ الباديةِ، لأنَّه سيَعُود فيَنْقلها من العراقِ إلى خيبر، ولا تَصحُّ له هذه (الهجرةُ الرَّبَعِيَّةُ) إذا كانت ربيعةُ قد "تَفَرَّقَتْ قبائلُها وبُطُونُها في الحواضر والقرارات... ودَخَلَوا في الفلاحين، وامَّحَى عنهم اسْمُ العربِ" كما قال ابنُ سعيدٍ (ت685 هـ) الذي دَوَّخَ بلادَهم بالجزيرةِ الفراتيَّةِ بَحْثاً عنهم!!

ولَمْ يَكُ الكاتبُ غافلاً عن نَصِّ ابنِ سعيدٍ؛ فقد أوْرَده في ص 81، غير أنَّه حاوَلَ في الصَّفْحة التالية أنْ يَسْتَلَّ منه شيئاً يسيراً ويُفَرَّغَ باقيهِ من مَعْناه من دون تَشْكيكٍ في الخبرِ، فقال: [ولا يمكن لهذه القبائل الربعية العظيمة أن تفقد أو تضمحل أو تترك صفاتها العربية الأصيلة كالفروسية واللسان العربي (كذا!!) كما يتكهن البعض، حتى وإن حدث ذلك فقد يحدث مع أفراد قلائل أو بعض البطون. ولكن الغالبية منهم اندمجوا مع أخوتهم في البادية وانتسبوا لهم كما هي عادة العرب]، لا أدري ما يُرِيد بالتَّكَهُّنِ؟! فابنُ سعيدٍ رأى هذا الأمْرَ بعَيْنِه، وقد قال مثلَ هذا الكلامِ في بني تميمٍ فقال: "تَفَرَّقَتْ تميمٌ في حواضرِ البلادِ وقُرَاها، فلا يُوجَد منها قبيلةٌ في شَرْقٍ ولا غَرْبٍ جاريةٌ على ما هي عليه قبائلُ العربِ من الحلِّ والترحالِ". ويقولُ ابنُ خَلْدون: "اندرج العربُ أهلُ الحمايةِ في القَهْرِ واختلَطُوا بالهَمَجِ ولَمْ يُراجِعُوا أحوالَ البداوةِ لبُعْدِها ولا تَذَكَّرُوا عَهْدَ الأنسابِ لدُرُوسِها فدثروا وتلاشوا"، وهذا طَوْرٌ طبيعيٌّ من أطوارِ المجتمعاتِ البَشَرِيَّةِ.

وليس الأمْرُ (تكهُّناً) كما قال الكاتبُ؛ فإنَّ قبائل ربيعةَ قد غُلِبَتْ على أكثرِ بلادِها "ديارِ ربيعةَ" منذ القرن الرَّابعِ ـ قبل ابنِ سعيدٍ بثلاثةِ قُرُونٍ ـ فقد قال ابنُ حوقل عن الجزيرةِ وديارِ ربيعةَ: "كان يَسْكنُها قبائلُ من ربيعةَ ومُضَرَ أهلُ خيلٍ وغَنَمٍ وإبلٍ قليلةٍ، وأكثرُهم متَّصِلون بالقُرَى وأهلِها، فهم باديةٌ حاضرةٌ، فدَخَلَ عليهم في هذا الوَقْتِ من بطونِ قيسِ عَيْلانَ الكثيرُ من بني قُشَيْرٍ وعُقَيْلٍ وبني نُمَيْرٍ وبني كِلابٍ فأزاحُوهم عن بعضِ ديارِهم بل جُلّها ومَلَكُوا غيرَ بَلَدٍ وإقليمٍ منها... يتحَكَّمُونَ في خفائرِها ومرافقِها"، فثَبَتَ بهذا النَّصِّ التَّاريخيِّ أمران:

1 ـ غَلَبَةُ القَيْسِيَّةِ على ديارِ ربيعةَ.

2 ـ دخولُ ربيعةَ في القُرَى والفلاحين منذ القرن الرَّابعِ الهجريِّ.

فبَطُلَ جميعُ كلامِ الكاتبِ و(تكَهُّنِه)!!

ـ يتبع إن شاء الله ـ

ابن شمسي 06-11-2009 12:23 PM

ـ 28 ـ



59 ـ قال الكاتبُ: [أن الأسماء الربعية التي اعتدنا عليها في الجاهلية وصدر الإسلام كبكر وتغلب واللهازم وعجل ولجيم وقيس بن ثعلبة وذهل وحنيفة اختفت تماماً، باستثناء بني شيبان... إلا أنه اختفى أيضاً بعد ذلك. ونجد أن اسم ربيعة طغا على هذه القبائل في القرون الهجرية الأولى واختفى هو الآخر بحلول القرن الخامس الهجري] ص66

هذا رأيٌ سيَبْنِي عليه الكاتبُ آراءَهُ اللاحقةَ، بل هو حَجَرُ الزَّاويةِ في (نظريته) التي أخذ يُغِذُّ إليها الخُطَى فزَلَّ في تناقضاتٍ وأخطاءٍ كثيرةٍ:

1 ـ لَمْ يُحَدِّد الكاتبُ متى (اختفت) هذه الأسماء؟ إلا أنَّه جَعَلَ بدايةَ القَرْنِ الخامس هي (الوفاةُ الرَّسْمِيَّة) ـ بإمضائِه!ـ لاسْمِ ربيعةَ وعشائرِها القديمةِ.

وأقولُ: بنو عِجْلٍ وبنو تَيْمِ اللهِ وبنو ذُهْلٍ وبنو يَشْكُرَ مَذْكُورونَ في أخبارِ القرامطةِ في آخرِ القَرْنِ الثَّالثِ في سَوَادِ الكوفة، ولا يزال اسْمُها في ذلك الوَقْتِ في ذلك المكانِ: بني بكرِ بنِ وائلٍ. وذُكِرَ معهم في هذه الأحداثِ: عنزة وبنو ضُبَيْعةَ، وذُكِرَ في أوَّلِ القَرْنِ الرَّابعِ في مثلِ هذه الأحداثِ بنو النَّمِرِ بنِ قاسطٍ. فلَمْ يَبْقَ من فُسْحةٍ للكاتبِ إلا الثُّلُثانِ الأخيرانِ من القَرْنِ الرَّابعِ (330 ـ400 هـ) ليَضْغَطَ القبائلَ الرَّبَعِيَّةَ فيهما فيَسْحَقَها سَحْقاً في جيلَيْنِ اثنَيْنِ فقط!!

أمَّا تغلبُ فلا أدري كيف غفل الكاتبُ عن دَوْلةِ بني حَمْدانَ التي بَقِيَتْ إلى آخرِ القَرْنِ الرَّابعِ؟! إلا إنْ كان يَرَى الكاتبُ أنْ سقوطَ هذه الدَّوْلةِ يَعْني اختفاءً (اتوماتيكيَّاً) لبني تغلب القبيلة!!

2 ـ ولا يُمْكِنُ فَهْمُ هذه السِّلْسلة من الاختفاءات التي صَنَعَها الكاتبُ؛ فهو يقول: اختفت أسماءُ القبائلِ الرَّبَعِيَّةِ فلَمْ يَبْقَ إلا اسمان هما بنو شَيْبانَ وربيعةُ، ثم اختفى اسْمُ شَيْبانَ وبَقِيَ ربيعةُ، ثم اختفى ربيعةُ. وسِيَاقُ الكاتبِ يَدُلُّ على تَرْتيبٍ تاريخيٍّ يَقْصدُه قَصْداً.

فلنُجارِه في هذا ونقول: حين اختفى اسْمُ بني يَشْكُرَ أو بني ذُهْلٍ ـ مَثَلاً ـ ماذا صارَ يُطْلَقُ على هؤلاءِ أو على أولئك ـ قبل اختفاء اسْمِ ربيعةَ في القَرْنِ الخامسِ كما قُلْتَ ـ؟! سيَقُول: ربيعةُ. حَسَناً... ما يُطْلَقُ على ما تحت ربيعةَ من العمائرِ والبطونِ والأفخاذِ والفصائلِ؟! فإنْ قال: الأسماءُ القديمةُ نَفْسُها فقد ناقَضَ نَفْسَه وهَدَمَ بناءَه! وإنْ قال: أسماءٌ مُسْتَحْدثةٌ طالَبْناه بها وبدليلِه عليها.

3 ـ وكيف يقولُ الكاتبُ: إنَّ اسْمَ شَيْبانَ اختفى قبل اختفاءِ اسْمِ ربيعةَ (الذي اختفى عند حلول القَرْنِ الخامسِ) مع أنَّ الكاتبَ نَفْسَه يُورِد في ص 65 خبراً لبني شَيْبانَ في سنة 501 هـ؟!!

وليس للكاتبِ خلاصٌ من هذه التَّناقضاتِ المُفْجِعةِ إلا أنْ يقولَ: إنِّني لَمْ أَقْصِد التَّرتيبَ في اختفاءِ الأسماءِ الرَّبَعِيَّةِ. فيَسْلم من التَّناقضِ غير أنَّه يُجَرِّدَ حديثَه في هذه الصَّفحاتِ من كلِّ قيمةٍ عِلْمِيَّةٍ لأنَّه حديثٌ قائمٌ على نَقْصِ استقراءٍ ومعلوماتٍ مفكَّكةٍ، وسيُلْغِي كلَّ النَّتائجِ اللاحقةِ التي بَنَاها على هذه المقدِّماتِ المغلوطةِ!

4 ـ أمَّا اختفاءُ اسْمِ ربيعةَ عند (حلول) القَرْنِ الخامسِ فجَمْحَةٌ من جَمَحَاتِ الكاتبِ!! ألَمْ تَكُن دَوْلةُ بني حَمْدانَ الرَّبَعِيَّةُ في الجزيرةِ الفراتِيَّةِ والشَّامِ إلى آخرِ القَرْنِ الرَّابعِ؟! ألَمْ يَرْثِ الشَّريفُ الرَّضي أبا طاهرٍ بنِ ناصرِ الدَّوْلةِ الحَمْدانيَّ المقتولَ سنة 382 هـ فيقول:
أَلْقِي الرِّماحَ ربيعةَ بنَ نزارِ = أوْدَى الرَّدَى بقَرِيعِكِ المِغْوارِ
ألَمْ يَقْرأ في مصادرِه ذِكْرَ ربيعةَ في العراقِ سنة 495 هـ و 496 هـ و499 هـ؟؟!! ألَمْ يَنْقُل هو خبراً لبني شَيْبانَ سنة 501 هـ؟؟!! ها هي ربيعةُ في العراقِ إلى أوَّلِ القَرْنِ السَّادسِ!!

وقد يَعْتذِرُ الكاتبُ فيقول: إنَّ قولي هنا (عند حلول القَرْنِ الخامسِ) سَبْقُ قلمٍ، وإنَّما أنا أَقْصِدُ (عند حلول القَرْنِ السَّادس). وسأقْبَلُ منه هذا العُذْرَ تَنَزُّلاً، إلا أنَّه سيَضْطَرُّ إلى سَحْقِ قبائلِ ربيعةَ ودَمْجِها في اسْمٍ جديدٍ (هو عنزة) وانتزاعِها من العراقِ وقَذْفِها في الحجازِ في جيلٍ واحدٍ فقط!! ذلك لأنَّ عنزة مذكورةٌ في خيبر قبل سنة 560 هـ (السَّنة التَّقريبيَّة لوفاة الاسكندري الذي أشار إلى وجودهم هناك وقد نَقَلَ الكاتب هذا في ص 71)، فهل تَكْفِي هذه السَّنوات (من 501 هـ إلى 550 هـ) لكلِّ هذا ؟؟!!

ليس ذلك فحَسْبُ؛ بل سنَعُود إلى الفقرة 2 السابقة وسنسأل الكاتبَ: ها قد زادَتِ المدَّةُ عليكَ قَرْناً كاملاً فماذا أنت صانعٌ بالعمائرِ والبطونِ والأفخاذِ والفصائلِ الرَّبَعِيَّةِ ـ غير بني شَيْبانَ ـ هل ستجعلُها محتفِظةً بأسمائِها القديمةِ ـ فتُناقِضُ نَفْسَك! ـ أم ستَنْزِعُ عنها أسماءَها القديمةَ وتَذَرُها معلَّقةً هكذا بلا أسماءٍ قَرْنَيْن أو أكثرَ حتى يأذَنَ اللهُ لبني شَيْبانَ أنْ تَزَولَ ولربيعةَ أنْ تنْدَمِجَ ولاسْمِ (عنزة الوائلية) أنْ يَشِيعَ؟؟!!

(وكل أولئك مقصورٌ على شمالِ العراق... ولقد جارَيْنا الكاتبَ فتجاهلنا ـ كما تجاهَلَ!! ـ القبائلَ الرَّبَعِيَّةَ في جزيرةِ العربِ: كعبد القيس في البحرين، وذِكْرُهم وأمر مُلْكِهم بعد انقراض أمر القرامطة في القرن الخامس لا يخفى على أحدٍ يَكْتب في التاريخ والأنساب! وسنتجاهل ـ كما تجاهَلَ!! ـ بني بكر في اليمامة ومَن نزل معهم من قبائل ربيعة الأخرى، وقد فَصَّل الهَمْداني في (صفة جزيرة العرب) بلادَهم وقُراهم ومنازلَهم في اليمامة ـ وذلك في القرن الرابع ـ).

ـ يتبع إن شاء الله ـ

ابن شمسي 06-11-2009 12:24 PM

ـ 29 ـ



60 ـ قال الكاتبُ عن قبائلِ ربيعةَ: [لا شك أنها بقيت متحالفة في ديارها التي تعرف بديار ربيعة وما حولها إلى الموصل، لأن حاجتها للتماسك والحلف أصبحت أقوى] ص66

1 ـ إذا كانت قبائلُ ربيعةَ قويَّةً متماسكةً في ديارِها في العراقِ فما العِلَّةُ التَّاريخيةُ في (اختفاءِ) أسمائِها القديمةِ؟!

2 ـ إذا كانت قبائلُ ربيعةَ قويَّةً متماسكةً في ديارِها في العراقِ فما العِلَّةُ التَّاريخيةُ لهِجْرَتِها من العراقِ إلى الحجازِ؟! هل هي الحملاتُ الصَّلِيبيَّةُ وغَزْو التَّتارِ والأطماعُ الصَّفَوِيَّةُ (كما قال في ص 51 ـ 53)؟؟!!

3 ـ وقد نَفَى الكاتبُ أنْ تكونَ القبائلُ الرَّبَعِيَّةُ قد طُرِدَتْ من ديارِها بسببِ ضَغْطِ القبائلِ القَيْسِيَّةِ أو طَيِّئٌ (كما قال في ص 68)، فما العِلَّةُ التَّاريخيةُ التي تَجْعل ربيعةَ تتركُ دياراً أقامَتْ فيها منذ قبل الإسلامِ ونُسِبَتْ إليها؟؟!!

ـ يتبع إن شاء الله ـ

ابن شمسي 06-11-2009 12:24 PM

ـ 30 ـ



61 ـ قال الكاتبُ عن حِلْف اللَّهازمِ: [برز مرة أخرى تحت اسم جديد هو عرب عنزة أو بني (كذا!) وائل في نهاية القرن السادس الهجري في الحجاز وفي حرة خيبر تحديداً] ص 67

ويقولُ الكاتبُ في ص 71: [ظهر هذا المسمى (كذا!!) الجديد في خيبر في نهاية القرن الخامس الهجري]!! وليس بين القَوْلين إلا ثلاثُ صَفَحاتٍ!!

ثم يعود فيقول في ص 74: [نستطيع القول أن (كذا!) القرن السادس الهجري وحرة خيبر تحديداً كانت البداية لظهور تحالف قبائل بني وائل أو عنزة]!! وليس بين هذا وسابقِه إلا ثلاثُ صَفَحاتٍ أيضاً!!

ـ يتبع إن شاء الله ـ

ابن شمسي 06-11-2009 12:25 PM

ـ 31 ـ


62 ـ قال الكاتبُ: [تبدأ هذه المرحلة بهجرة معظم عشائر ربيعة المتحالفة من العراق إلى خيبر وقد حملت اسم عرب عنزة أو بني وائل بدلاً من اللهازم أو بكر أو ربيعة] ص 68

1 ـ يقولُ هنا: إنَّها هاجرَتْ وهي (تَحْمِل) اسْمَ عنزة. لكنَّه يقولُ في ص 71 و 74: إنَّ هذا الاسْمَ ظَهَرَ في خيبر!! وهذا تناقضٌ صارخٌ!!

2 ـ فإنْ كانت قد هاجرَتْ وهي تَحْمِل اسْمَ عنزة فقد ناقَضَ الكاتبُ نَفْسَه وأثْبَتَ ما نَفَاهُ مراراً مِن (اختفاء) الأسْماءِ القديمةِ للقبائلِ الرَّبَعِيَّةِ!!

3 ـ وإنْ كانت لَمْ تُهاجِر باسْمِ عنزة أو بني وائلٍ فما الاسْمُ الذي هاجرَتْ به؟! وما الذي جَعَل هذه القبائلَ تَسْتبدلُ هذا الاسْمَ الجامعَ عند نزولِها خيبر مباشرةً ليَصِيرَ اسْمُها عنزة قبل سنة 560 هـ بعد مرورِ زَمَنٍ قصيرٍ جِدَّاً على هِجْرتِها ـ كما قال الكاتبُ في أحدِ قَوْلَيْهِ!! ـ؟!

4 ـ ويقولُ الكاتبُ في ص 78: إنَّ رئاسة حِلْفِ اللَّهازمِ كانت لبني عِجْلٍ [ثم تحولت الرياسة (كذا!) فيه لعنزة التي قادت جموع ربيعة البدوية للهجرة إلى... الحجاز]. فليس لهذا الكلامِ إلا مَعْنيَان:

أ ـ إمَّا أنَّه يَقْصد بـ(عنزة) هنا عنزة بن أسد، فيُناقِضُ الكاتبُ كلامَه السَّابقَ حول (اختفاءِ) الأسْماءِ الرَّبَعِيَّةِ القديمةِ!!

ب ـ وإمَّا أنَّه يَقْصد بـ(عنزة) هنا الاسْمَ الجديدَ لقبائلِ ربيعةَ!! فماذا سيكون مَعْنى العبارةِ؟؟!! ومَنِ الذي انتقلَتْ إليه الرِّئاسةُ بعد بني عِجْلٍ؟! ومَن الذي (قادَ الجموعَ الرَّبَعِيَّةَ)؟! وكيف يُفْهَمُ: أنَّ عنزة (= ربيعة) صارَتْ قائداً لعنزة (= ربيعة)؟؟!!

ـ يتبع إن شاء الله ـ

ابن شمسي 06-11-2009 12:25 PM

ـ 32 ـ




63 ـ قال الكاتبُ: [القبائل القيسية والعامرية التي ورثت ديار ربيعة في العراق وتمكنت منها. وهذا لا يحصل إلا بانتقال قبائل ربيعة عن ديارها. وربيعة كما هو معروف من أهل البأس والمنعة طوال تاريخها وما كانت لترضى أن تغتصب ديارها وبلادها. مما يدل على انتقالها من بلادها التي ورثها غيرهم] ص 68

أ ـ قولُه: القيسية والعامرية... لا مَعْنَى له!! فبنو عامرٍ هم القَيْسِيَّةُ، ولَمْ يكن معهم غيرُهم من قيسِ عَيْلانَ حتى نقولَ ـ مُعْتذرِين للكاتبِ ـ: العَطْفُ هنا من ذِكْرِ الخاصِّ بعد العامِّ. فلَمْ يَبْقَ إلا الجَهْلُ بالأنسابِ والتَّخْليطُ وتَطْويلُ الكلامِ بما لا مُحَصَّلَ فيه!!

ب ـ وقولُه: هذا لا يحصل إلا بانتقال ربيعة عن ديارها... قَوْلُ مُغالِطٍ؛ فإنَّ هذا الأمرَ قد يَحْصُلُ بأسبابٍ أخرى كالضَّعْفِ عن حمايةِ ديارِهم من الطَّارئين عليها وكالدُّخولِ في الفلاحين وأهلِ القُرَى وزوالِ العَصَبِيَّةِ.

ج ـ هذا إذا أخذنا المسألةَ بالرَّأي، أمَّا إذا حَكَّمْنا النُّصوصَ التَّاريخيةَ فهي شاهدةٌ على نزولِ القَيْسِيَّةِ بالغَلَبَةِ وأنَّ ربيعةَ انْدَرَجَتْ في الفلاحين غيرَ مَن هاجَرَ منهم.


ـ يتبع إن شاء الله ـ

ابن شمسي 06-11-2009 12:26 PM

ـ 33 ـ



64 ـ قال الكاتبُ: [ظهر هذا المسمى (كذا!) الجديد في خيبر في نهاية القرن الخامس] ص71

أ ـ أشَرْنا سابقاً إلى تناقض الكاتبِ في تحديدِ هذا الظُّهورِ في خيبر؛ فهنا يقول: نهاية الخامس! لكنَّه قال في ص 67: [في نهاية القرن السادس]!!

ب ـ وتحديدُه وجود عنزة (أي: ربيعة كما يَرَى) في خيبر بنهايةِ القرن الخامس خطأ صِرْفٌ؛ لأنَّ ربيعةَ مذكورةٌ في العراقِ في أوَّلِ القرنِ السَّادس!!

ج ـ وقولُه الآخرُ بوجودِها في نهايةِ القرنِ السَّادس خطأ آخرُ؛ لأنَّ عنزة مذكورةٌ في خيبر قبل منتصف القرنِ السَّادس!!

د ـ هذا إذا جارَيْنا الكاتبَ فجَعَلْنا عنزة اسْماً جديداً لقبائل ربيعةَ المهاجرةِ من العراقِ، أمَّا إذا نَظَرْنا إلى المسائلِ بعيداً عن عَيْثِ الكاتبِ فسيَبْدو لنا أمورٌ هي:

1 ـ أنَّ عنزة التي وُجِدَتْ في خيبر هي عنزة بنُ أسدِ بنِ ربيعةَ. وليسَتْ اسْماً جديداً لقبائلَ ربيعةَ. وسيأتي ما يُؤكِّدُ ذلك من نصوصٍ تاريخيَّةٍ ودلائلَ لا يَعْلق فيها شَكٌّ.

2 ـ أنَّ دخولَ عنزة بنِ أسدٍ في الحجازِ كان أبْعَدَ بكثيرٍ مِمَّا قَدَّرَ الكاتبُ، فهذا الدُّخولُ كان بين النِّصْفِ الثَّاني من القرنِ الثَّالثِ والنِّصْفِ الأوَّلِ من القرنِ الرَّابعِ (250 هـ/ 350 هـ)، ويَشْهَدُ على ذلك نَصَّان تاريخيَّانِ:

أ ـ نَصُّ الهَمْدانيِّ عن الحروبِ بين عنزة وبني حَرْبٍ في آخرِ القرنِ الثَّالثِ أو أوَّلِ القرنِ الرَّابعِ، وكانت هذه الحروبُ قريباً من المدينةِ النَّبَوِيَّةِ، وانتهت الحروبُ بجلاءِ عنزة إلى خيبر.

وهذا النَّصُّ مِمَّا تغافَلَ عنه الكاتبُ فلَمْ يأتِ عليهِ في كتابِه أبداً كأنَّه لَمْ يُوجَد! وأنا أعلمُ أنَّ الكاتبَ قد شَرِقَ بهذا النَّصِّ من قبلُ وعَيَّ به، فاتَّخَذَ من خطأ الأكوع ـ محقِّقِ كتابِ الهَمْدانيِّ ـ مَخْرجاً؛ فقد قال الأكوع في هامشِ تَحْقيقِه: "عنزة... هو عنزة بن ربيعة بن عمرو بن عوف"، وهذه قبيلةٌ أزْدِيّةٌ، فرَمَى الكاتبُ بهذا النَّصِّ إلى الأزْدِ واستراح منه!!

وما قالَهُ الأكوع ـ مع أنَّه لَمْ يَسْتنِد إلى شَيْءٍ في تَحْديدِه ـ خطأ واضحٌ؛ فعنزة التي ذَكَرَها الهَمْدانيُّ رحلَتْ بعد هذه الحروبِ إلى خيبر، ولا يُخْبِرنا التَّاريخُ بأنَّ قبيلةً نَزَلَتْ خيبر اسْمُها عنزة إلا هذه القبيلةُ الرَّبَعِيَّةُ!

ب ـ قال ابنُ خَلْدون: إنَّ بني هلالٍ حين دَخَلُوا مِصْرَ ثم إفريقيا كان معهم أحياءٌ من العربِ كبني فَزَارَةَ وأشْجَعَ وبطونٍ من هوازن كبني جُشَم وبني ثور وسَلُول، وبني عَدْوانَ وبني طَرُودٍ من فَهْمٍ، وعنزة بن أسد. وهذه قبائلُ وبطونٌ كلُّها ـ عدا عنزة ـ من قَيْسِ عَيْلانَ، وديارُها في الحجازِ مُجاورةً لبني هلالٍ، فحين سارُوا إلى مِصْرَ سارُوا معهم. وأوَّلُ دخولِ بني هلالٍ وأحلافِها إلى مِصْرَ كان بعد سنة 360 هـ وبالتَّحْديدِ في العَقْدِ الثَّامنِ من القرنِ الرَّابعِ، أمَّا دخولُهم إفريقيا فكان سنة 442 هـ.

فعلى هذا تكونُ عنزة بنُ أسدٍ في الحجازِ في القرنِ الرَّابعِ من غيرِ ما شَكٍّ.

ـ يتبع إن شاء الله ـ

ابن شمسي 06-11-2009 12:26 PM

ـ 34 ـ



65 ـ قال الكاتبُ: [أول من أشار إلى ذلك هو نصر السكندري (كذا!) المتوفى سنة 560 هـ والذي ذكر أن قبيلة عنزة تسكن غرب الجزيرة العربية أو حرة النار أو حرة خيبر] ص 71

وهذا خطأ؛ فأقدَمُ مَن أشارَ إلى نزولِ عنزة في أعراضِ خيبر هو أبو محمَّدٍ الهَمْدانيُّ المتوفى سنة 334 هـ أو بعدها، فذلك قَرْنٌ كاملٌ قبل الاسكندري!

66 ـ قال الكاتبُ ـ بعد أنْ أوْرَدَ أبياتَ ابنِ المقرِّب العيونيِّ في خبرِ آلِ الطَّيَّارِ وعنزة في خيبر ـ: [وهي بداية سيطرة قبيلة عنزة على خيبر وزروعها] ص 72

وهذا عَجَبٌ من العَجَب!! وأَعْجَبُ من ذاك أنَّ الكاتبَ يَصِفُ هذه بأنَّها معروفةٌ!! ثم يَخْرُجُ منها بهذا الاستنتاجِ الغريبِ!!

وعنزة ـ في هذا الخبرِ ـ قُتِلُوا قَتْلاً ذريعاً، قُتِلَ منهم أربع مئةٍ، وأَخْرَجَهم آلُ الطَّيَّارِ من خيبر، فأين السَّيْطرةُ ـ أو بدايتُها ـ التي يدَّعيها الكاتب؟!

67 ـ قال الكاتبُ عن المقريزي: إنَّه أورد [بعض أخبار قبيلة عنزة في الحجاز، وأول خبر أورده عنهم كان في سنة 568 هـ...] ص 73

أخطأ الكاتبُ خطأ فاحشاً في نَقْلِ هذا الخبرِ؛ فهذه الحادثةُ وقعَتْ سنة 666 هـ وليسَتْ في سنة 568 هـ كما قال!! والفارقُ بينهما قَرْنٌ بأكملِه!

ـ يتبع إن شاء الله ـ

ابن شمسي 06-11-2009 12:27 PM

ـ 35 ـ



68 ـ قال الكاتب: [قبيلة عنزة الوائلية بعد أن تركت عين التمر وديار ربيعة في العراق طاب لها المقام في الحجاز، ومع ذلك فهي لم تنقطع عن بلاد الشام أو برية نجد؛ كونها قبيلة بدوية تتبع مواقع القطر ومناطق الرعي وكان لها حلفاء في تلك المناطق تتبادل معهم المنافع التجارية والسياسية]، ثم قال في الهامش: [تذكر الكثير من المصادر النجدية أخبار (كذا) متناثرة عن قبيلة عنزة تؤكد العلاقة القوية بين شيوخها وبين آل عريعر أمراء بني خالد وحكام الأحساء قديماً، وهذه العلاقة أشبه بحلف استراتيجي بين الطرفين] ص 73

تكاثرتِ الأحداثُ هنا على الكاتبِ فصارَ يَضْرِبُ في كلِّ وادٍ على غير هُدَى!

1 ـ فلو قال الكاتبُ: إنَّ عنزة بعد نزولِها الحجازَ لَمْ تنقطع صِلاتُها بالعراقِ... لكان هذا قولاً مقبولاً عقلاً، بمعنى: أنَّ هؤلاءِ القوم نَزَلُوا بلاداً جديدةً ولَمْ ينقطعوا عن بلادِهم القديمةِ.

لكنَّ الذي لا يُجِيزهُ عقلٌ ولا يطَّرِدُ مع سياقِ الأحداثِ أنْ يقولَ الكاتبُ: إنَّ عنزة نَزَلُوا بلاداً جديدةً هي الحجازُ ولَمْ ينقطعوا عن بلادٍ جديدةٍ أخرى هي الشَّامُ ونجدٌ!

ألَمْ يَقُلِ الكاتبُ عن ربيعةَ في عَصْرِ بني أميَّةَ في ص 47: [هذه العوامل جعلت ربيعة تستقر في العراق وتنطوي على نفسها ولا تتوسع في ديارها خصوصاً باتجاه الشام]؟! إذاً... الشَّامُ ليسَتْ من منازلِ ربيعةَ كما يقول الكاتبُ. وأيُّ عُذْرٍ يتمَحَّلُهُ الكاتبُ لنفسِه هنا يُوقِعُه في تناقضاتٍ لا آخرَ لها، فإنْ كانت ربيعةُ في الشَّامِ فماذا حَلَّ بهم حين هاجرتِ جموعُ ربيعةَ من العراقِ إلى الحجازِ: أَهاجَرُوا معهم أمْ بَقُوا في شامِهم؟! وما كان اسْمُهم: أسماؤُهم الرَّبَعِيَّةُ القديمةُ أم صارَ اسْمُهم عنزة؟!

وكذلك الشَّأنُ في نجدٍ؛ فالكاتبُ يُنْهِي كلَّ وجودٍ لربيعةَ في نجدٍ، ولا يُعَرِّجْ على هذه البلادِ أبداً في كتابِه منذ نهايةِ حروبِ الرِّدَّةِ، وهو تجاهلٌ كإقرارٍ بأنَّ ربيعةَ لَمْ تَبْقَ في نجدٍ بعدها! فإنْ كان ذلك... فما بالُ الكاتبُ يقول: إنَّ عنزة بعد نزولِها الحجازَ لَمْ تقطع صِلاتِها بنجدٍ؟! فإنْ كان نزولُها نجداً أمراً حادثاً بعد نزولِها الحجازَ فلِمَ لا تُحَدِّثْنا عن هذا النُّزولِ: كيف كان؟ ومتى كان؟ وإنْ كان نزولُها نجداً أمراً سابقاً لنزولِها الحجازَ فما بالُكَ طَوَيْتَ ذِكْرَ هؤلاءِ النَّجْدِيِّين من ربيعةَ طِوالَ هذه القرونِ منذ حروبِ الرِّدَّةِ حتى نزولِ عنزة في الحجازِ في القَرْنِ السَّادسِ؟!

2 ـ وأعجَبُ من ذلك أنْ يُورِدَ الكاتبُ أحداثاً وَقَعَتْ في القَرْنِ الثَّاني عشر الهجري فيَجْعَلَها شاهداً على الحالِ في القَرْنِ السَّادس!! فآلُ عريعر ـ حلفاءُ عنزة الاستراتيجيين كما قال ـ كان ابتداءُ دولتِهم في أواخرِ القَرْنِ الحادي عشر. أَيَصِحُّ أنْ تكونَ أحداثُ القَرْنِ الحادي عشر والثاني عشر دليلاً على أشياءَ مُدَّعاةٍ في القَرْنِ السَّادس؟!

ـ يتبع إن شاء الله ـ

ابن شمسي 06-11-2009 12:27 PM

ـ 36 ـ



69 ـ قال الكاتب: [عنزة اليوم هي اسم يشمل كل بطون ربيعة القديمة، حيث انصهرت في بعضها كحلف ربعي قوي... شأنها في ذلك شأن معظم قبائل الجزيرة العربية التي هي عبارة عن تجمعات قبلية متحالفة] ص 74

لكنَّ الكاتبَ عاد ففرَّقَ بين شأنِ عنزة وشأنِ القبائل الأخرى! فقال عن عنزة في ص 89: [لو كانوا ينتسبون لجد واحد مشهور لما انقسموا إلى جذمين، واكتفوا بذلك الجد وانتسبوا إليه جميعاً كحال معظم القبائل اليوم]، فلا ندري ما يريد: هل القبائل العربية متحالفةٌ أم مِن أصلٍ واحدٍ؟!

ثم هل تَسَمِّي القبائل باسمٍ واحدٍ دليلٌ على أنَّها من أصلٍ واحدٍ؟! يقول الكاتبُ في ص 102 عن قبيلة شَمَّر: [لماذا نسبت كل هذه البطون والعشائر المتحالفة إلى شمر وهو ليس جداً لها؟]، فيُقِرُّ الكاتبُ هنا بأنَّ الاسْمَ الواحدَ لا يَعْني اتحادَ الأصْلِ، وهذا يُناقضُ ما قالَهُ قبلُ مِن انتسابِ معظم القبائل إلى جدٍّ واحدٍ بدليلِ اتحادِ الاسْمِ! وانتسابُ القبائلِ إلى جدٍّ واحدٍ يُناقضُ أيضاً ما قالَهُ قبلُ عن تكوُّنِ القبائلِ من الأحلافِ!

فحيثُما تلفَّتَ هنا فلَنْ تَجِدَ غيرَ التَّناقضِ والاضطرابِ!!

70 ـ قال الكاتبُ: [يقول المؤرخ المعروف محمود شاكر رحمه الله] ص 77

وَقَعَ الكاتبُ هنا في وَهْمٍ كبيرٍ؛ فالمؤرخُ الذي يَنْقلُ عنه لا يزالُ حَيَّاً، وقد خَلَطَ الكاتبُ بينه وبين محمود محمد شاكر رحمه الله، فالمؤرخُ الذي يَنْقُلُ عنه سوريٌّ مقيمٌ في الرياضِ منذ سنواتٍ طوالٍ، أما المتوفَّى فهو الأديبُ العلامةُ المصريُّ المتوفَّى بالقاهرة عام 1418 هـ.

ويتأكَّدُ لك هذا الخَلْطُ حين يقول في ص 165: [العلامة محمود شاكر يرحمه الله المؤرخ والمحقق المعروف والأديب وصاحب التاريخ الإسلامي وله العديد من البحوث والتحقيقات التاريخية والأدبية]، فالمتوفى والمحققُ والأديبُ وصاحبُ التَّحقيقاتِ الأدبيةِ: هو المصريُّ رحمه اللهُ، وصاحبُ "التاريخ الإسلامي" والتَّحقيقاتِ التَّاريخيةِ: هو السوريُّ!

ـ يتبع إن شاء الله ـ

ابن شمسي 06-11-2009 12:28 PM

ـ 37 ـ



71 ـ قال الكاتبُ عن حلف اللَّهازم: [كانت الرياسة فيه لعجل بن لجيم ثم تحولت الرياسة فيه لعنزة التي قادت جموع ربيعة البدوية للهجرة إلى الموطن الأول لها وهو الحجاز] ص78

مَنْ "عنزة" هذه التي ترأَّسَتْ ربيعةَ؟! هل هي عنزة بن أسد أم غيرُها؟

إنْ كانت هي عنزة بن أسد فقد ناقَضَ الكاتبُ نفسَه! إذْ يقولُ في ص 66: [الأسماء الربعية التي اعتدنا عليها في الجاهلية وصدر الإسلام كبكر وتغلب واللهازم وعجل ولجيم وقيس بن ثعلبة وذهل وحنيفة اختفت تماماً، باستثناء بني شيبان... إلا أنه اختفى أيضاً بعد ذلك. ونجد أن اسم ربيعة طغا على هذه القبائل في القرون الهجرية الأولى واختفى هو الآخر بحلول القرن الخامس الهجري]، فجميعُ أسماءِ القبائلِ الرَّبَعِيَّةِ قد اختفَتْ ـ كما يقولُ الكاتبُ ـ قبل هِجْرَتِها إلى الحجازِ، وعنزة بن أسد من هذه الأسماءِ المندثرةِ كما أوْضَحَ الكاتبُ مرَّةً أخرى حين قال في ص 81: [ظهور قبيلة عنزة الحالية في خيبر في القرن السادس الهجري تزامن معه اختفاء المسميات القديمة كلها تقريباً في ديار ربيعة كبكر وتغلب واللهازم وحنيفة وعبد القيس وضبيعة والنمر بن قاسط وعنزة بن أسد نفسها]، فكيف تكون عنزة بن أسد قد اختفت ويَزْعم في الوقتِ نفسِه أنَّ رئاسةَ اللَّهازم قد آلَتْ إليها وأنَّها قادَتْ ربيعةَ إلى الحجازِ؟!

وإنْ كان اسْمُ عنزة اسْماً جديداً اتَّخذته القبائلُ الرَّبَعِيَّةُ، اسْماً جديداً يُطْلقُ على قبائلِ ربيعةَ كلِّها، ولا صلةَ له بعنزة بن أسد القديمةِ، فحينئذٍ سنُعِيدُ ما كتَبْناه في فقرةٍ سابقةٍ فنقول: ماذا سيكون مَعْنى هذه العبارةِ؟؟!! مَنِ الذي انتقلَتْ إليه الرِّئاسةُ بعد بني عِجْلٍ؟! ومَن الذي (قادَ الجموعَ الرَّبَعِيَّةَ)؟! وكيف يُفْهَمُ: أنَّ عنزة (= ربيعة) صارَتْ قائداً لعنزة (= ربيعة)؟؟!!

72 ـ قال الكاتبُ: [من الخطأ البين الاعتقاد بأن قبيلة عنزة اليوم هي قبيلة عنزة بن أسد القديمة فقط لا غير، وهذا أمر ينافي المنطق والنصوص التاريخية، والمستفيض عند العامة والخاصة] ص 79 ـ 80

1 ـ أمَّا (المنطق) هنا فمِن المنطق حقّاً ألا نَتكلَّمَ فيه!

2 ـ وأمَّا المستفيضُ فشأنٌ آخرُ!

3 ـ أمَّا النُّصوصُ التَّاريخيةٌ فهي التي تَحْكُمُ هنا. فهذا ابنُ فضل الله العُمَريُّ المتوفى سنة 749 هـ يقولُ في تفصيلِ قبائلِ ربيعةَ: [أمَّا عنزة بنُ أسد بن ربيعة فمنه: بنو عنزة، وهم أهلُ خيبر]، ويقولُ ابنُ خَلْدون المتوفى سنة 808 هـ: [ومِن أسدٍ: عنزةُ و جَدِيلةُ ابنا أسد، فعنزةُ بلادُهم في عين التَّمْرِ في برِّيةِ العراقِ على ثلاثةِ مراحلٍ من الأنبارِ، ثم انتقلُوا عنها إلى جهاتِ خيبر فَهُم هنالك].

ـ يتبع إن شاء الله ـ

ابن شمسي 06-11-2009 12:29 PM

ـ 38 ـ



73 ـ قال الكاتبُ: [كما أن القبيلة لا تحتفظ بشيء من مسميات الماضي فيما يتعلق بعنزة القديمة... كجلان وهميم وجسر وجشم وهزان وغيرها] ص 80

1 ـ وهي كذلك لا تَحْتفظ بشيءٍ من "مسمَّيات الماضي" لبكرِ بنِ وائلٍ أو لتغلب!

2 ـ أمَّا الأسماءُ التي رَدَّدها الكاتبُ ووَصَلَها ببكرٍ أو بتغلبَ مثل: "بنو وهب" و"ضنا بشر" و"ضنا مسلم"... فلَوْ أغْضَيْتَ عن هذه الدَّعْوَى بلا دليلٍ فإنَّكَ سَتَجِدُها ناقضةً لبُنْيانِ الكاتبِ:

فهو يُؤَكِّدُ مراراً: [أن الأسماء الربعية التي اعتدنا عليها في الجاهلية وصدر الإسلام كبكر وتغلب واللهازم وعجل ولجيم وقيس بن ثعلبة وذهل وحنيفة اختفت تماماً، باستثناء بني شيبان... إلا أنه اختفى أيضاً بعد ذلك. ونجد أن اسم ربيعة طغا على هذه القبائل في القرون الهجرية الأولى واختفى هو الآخر بحلول القرن الخامس الهجري] ص66، ويُؤَكِّدُ في ص 81 على أنَّ: [ظهور قبيلة عنزة الحالية في خيبر في القرن السادس الهجري تزامن معه اختفاء المسميات القديمة كلها تقريباً في ديار ربيعة كبكر وتغلب واللهازم وحنيفة وعبد القيس وضبيعة والنمر بن قاسط وعنزة بن أسد نفسها]، فهو بين أمرَيْن:

أ ـ الإقرارُ باختفاءِ الأسماءِ القديمة: فيَنْقُضُ دَعْواه الآتيةَ في ص 91 و 95 حول "ضنا بشر" و"ضنا مسلم" إذْ زَعَمَ [أن هذين العلمين لا بد أن يكونا في صدر الإسلام في القرن الأول الهجري على الأقل]! وما قالَه عن "بني وهب" فهو عنده [بطن معروف من بطون بني حنيفة]!

ب ـ الإقرارُ ببقاءِ الأسماءِ القديمةِ أو بعضِها: فيَنْقُضُ دَعْواه السَّابقةَ حول "اختفاء الأسماءِ الرَّبَعِيَّةِ القديمةِ"!

3 ـ فعلى هذا... يكونُ تفسيرُ عَدَمِ وجودِ أسماءِ بطونِ عنزة بنِ أسدٍ مَبْنِيَّاً على ما سيَنْتهي إليه الكاتبُ:

فإنْ قال باختفاءِ الأسماءِ الرَّبَعِيَّةِ القديمةِ فيكون اختفاءُ أسماءِ بطون عنزة القديمة كذلك.

وإنْ قال ببقاءِ بعضِ الأسماءِ الرَّبَعِيَّةِ القديمةِ فتكونُ عنزة هي عنزة بنُ أسدٍ وليسَ اسْماً حادثاً في القَرْنِ الخامسِ أو السَّادسِ.

ـ يتبع إن شاء الله ـ

ابن شمسي 06-11-2009 12:30 PM

ـ 39 ـ



74 ـ قال الكاتبُ: [انتسب لقبيلة عنزة اليوم معظم قبائل ربيعة من الأولين والآخرين، وهو أمر طبيعي في ظل هيمنة عنزة وانتشارها على سائر قبائل ربيعة في هذا العصر] ص 82

لكنَّ الكاتبَ قد قال قبل صفحةٍ واحدةٍ: [ظهور قبيلة عنزة الحالية في خيبر في القرن السادس الهجري تزامن معه اختفاء المسميات القديمة كلها تقريباً في ديار ربيعة كبكر وتغلب واللهازم وحنيفة وعبد القيس وضبيعة والنمر بن قاسط وعنزة بن أسد نفسها]، "هيمنة وانتشار" أم "اختفاء" أيُّها الكاتبُ؟!

75 ـ قال الكاتبُ: [لا يمكن لهذه القبائل الربعية العظيمة أن تفقد أو تضمحل أو تترك صفاتها العربية الأصيلة كالفروسية واللسان العربي كما يتكهن البعض. حتى وإن حدث ذلك فقد يحدث مع أفراد قلائل أو بعض البطون. ولكن الغالبية منهم اندمجوا مع أخوتهم في البادية وانتسبوا إليهم كما هي عادة العرب] ص 82

الكاتبُ هنا يَنْتقِدُ نَصَّ ابنِ سعيدٍ الذي أوْرَدَهُ في الصَّفْحةِ السَّابقةِ.

1 ـ وقد سَبَقَ في الفقرة 58 نَقْضٌ لهذه الاعتراضاتِ التي يقولُها الكاتبُ على كلامِ ابنِ سعيدٍ.

2 ـ و[اللسان العربي] لا شأنَ له هنا! إنَّما ابنُ سعيدٍ في قولِه: [لَمْ يَبْقَ مَن يَرْكبُ الخيلَ وفيه عَرَبِيَّةٌ وحِلٌّ وتِرْحالٌ] يَعْنِي بالعَرَبِيَّةِ: البَدَاوةَ.

3 ـ ويُصِرُّ الكاتبُ على "بقائِهم في الباديةِ" و"اندماجِهم" مع "إخوتِهم"، لكنَّ أطرافَ الفكرةِ تَنْتشِرُ عليه فصارَ دليلُه على أوَّلِ الفكرةِ مُبْطِلاً لآخرِها!

فهو يَسْتشهِد بقَوْلِ ابنِ سعيدٍ عن اضمحلالِ ربيعةَ وقبائلِها المشهورةِ، كقَوْلِه: [لَمْ يبْقَ الآنَ من ربيعةَ طائلٌ، على ما كان فيها من الكثرةِ والعظمةِ، وتفرَّقتْ قبائلُها وبطونُها في الحواضرِ والقراراتِ،... وبكرٌ وتغلبُ دَخَلُوا في الفلاحين وامَّحَى عنهم اسْمُ العربِ]، وقَوْلِه: [لَمْ يَبْقَ الآنَ لحنيفةَ باليمامةِ ولا غيرِها باقيةٌ]، وقَوْلِه عن عِجْلٍ: [وليس لهم في الباديةِ قائمةٌ]. وواضحٌ من هذه النُّصوصِ أنَّ ابنَ سعيدٍ عَقَدَ بين اضمحلالِ ربيعةَ والدُّخولِ في الحواضرِ والفلاحةِ، بحيثُ يكونُ هذا سبباً لتلك.

فجاء الكاتبُ ليَقْتبِسَ من نصوصِ ابنِ سعيدٍ ما فيها عن زوالِ اسمِ ربيعةَ واضمحلالِ قبائلِها المشهورةِ، ثم عادَ سريعاً ليَنْفِيَ ما قالَه ابنُ سعيدٍ عن مشاهدتِه وسؤالِه وبحثِه الدَّائبِ.

فإذا سأَلَ القارئُ: ما السَّبَبُ في اضمحلالِ ربيعةَ وبطونِها ـ إذا لَمْ تَقْبل بعِلَّةِ تَرْكِ البداوةِ كما قال ابنُ سعيدٍ ـ؟! فسيَجِدُ حينذاك إجابةَ الكاتبِ خفِيَّةً بين سطورٍ مبعثرةٍ يقولُ فيها: [كانت الرياسة فيه لعجل بن لجيم ثم تحولت الرياسة فيه لعنزة] ص 78، و: [انتسب لقبيلة عنزة اليوم معظم قبائل ربيعة من الأولين والآخرين، وهو أمر طبيعي في ظل هيمنة عنزة وانتشارها على سائر قبائل ربيعة في هذا العصر] ص 82.

ولَنْ يَجِدَ القارئُ إجابةً إذا سأَلَ: كيف "تحوَّلت" رئاسةُ اللَّهازمِ إلى عنزة؟ وما الدَّليلُ؟ وهل "هيمنة" عنزة على "معظم ربيعة" اليوم و"انتشارها" تُعَدُّ دليلاً على "هيمنتها" و"انتشارها" في القَرْنِ الخامسِ؟ فجميعُ ورقاتِ الكتابِ صامتةٌ عند هذه تحديداً!

76 ـ قال الكاتب: [يحسن بنا هنا أن نورد كلاماً نفيساً لعلامة الجزيرة حمد الجاسر رحمه الله حول هذا الأمر وهي إجابة واضحة منه على هذا التساؤل] ص 82 ـ 83، وبعد إيرادِ كلامِ الجاسر علَّقَ الكاتبُ قائلاً: [ولا تعليق على كلام الشيخ حمد الجاسر رحمه الله فهو كلام نفيس ويوضح بعضه بعضاً، ويجيب على السؤال بالكامل] ص86

1 ـ جاء في مقدِّمة الكاتبِ: [والحقيقة أنه رغم كثرة الكتب التي تناولت قبيلة عنزة سواء من المؤرخين العرب أو المستشرقين إلا أن تلك الكتب لم تعطِ وصفاً أو تفصيلاً دقيقاً لتاريخ عنزة أو مكوناتها. لأنها كتب ظهرت في وقت واحد تقريباً. ولهذا فإن الكثير من الأسئلة لا تجد جواباً لدى المحققين فيما يتعلق بأسباب هجرة عنزة أو بني وائل من ديارهم في عين التمر إلى الحجاز أو فيما يتعلق باختفاء مسميات القبائل الربعية القديمة وطغيان اسم عنزة عليها] ص 9

وهذه الأسئلةُ التي لَمْ يَجِدْ لها الكاتبُ أجوبةً عند المحقِّقين من العربِ والمستشرقين على كَثْرَةِ ما كَتَبُوا هي بعينِها الأسئلةُ التي أجابَ عليها الجاسر بكلامِه النَّفيس ـ على حدِّ وَصْفِ الكاتبِ ـ؛ فالجاسر يقولُ: [من عادةِ الأُسَرِ المتحضِّرةِ الانتسابُ إلى قبيلةٍ ذاتِ كيانٍ ومقامٍ بين القبائلِ البَدَوِيَّةِ مِمَّن يَجْمعُها جدٌّ واحدٌ ولَوْ كان بعيداً، ولَمْ يَبْقَ في الجزيرةِ مَمَّن يتَّصِفُ بهذه الصِّفةِ من القبائلِ الرَّبَعِيَّةِ سوى قبيلةِ عنزة]. فالكاتبُ قد ناقَضَ نَفْسَه!

2 ـ قُلْتُ في مقدِّمةِ هذا النَّقْدِ: إنَّ الكاتبَ يتجاهَلُ عامداً الوجودَ الرَّبَعِيَّ في جزيرةِ العربِ من عَصْرِ بني أميَّةَ إلى أنْ تَنْتَقلَ عنزة (=ربيعة) من عين التمر إلى خيبر في القَرْنِ الخامسِ (أو السَّادس!). ومِن هذا التَّجاهُلِ إعراضُه عن وجودِ عنزة في الحجازِ قبل القَرْنِ الخامسِ كما جاء في نصوصِ الهَمْدانِيِّ وغيرِه.

غير أنَّ الكاتبَ وَقَعَ من حيثُ يَدْرِي ولا يَدْرِي في هذا الذي حاصَ عنه كثيراً؛ حين نَقَلَ "النَّصَّ النَّفيس" لحمد الجاسر وفيه: [يَظْهرُ أنَّها بعد الحروبِ التي وَقَعَتْ بين ربيعةَ تفرَّقَتْ، فلَحِقَ بعضُ فروعِها في بني وائلٍ الذين انحدروا إلى شرق البلادِ، وبَقِيَتْ فروعٌ حول المدينةِ وفي منطقة خيبر وفي اليمامة]. وما كان حَقُّ القارئ على كاتبٍ سيُجيبُ على "أسئلةٍ لا جوابَ لها عند المحقِّقين" أنْ يُخفِيَ عنهم بعضَ ما يتفلَّتُ من تحت نصوصِه!

ـ يتبع إن شاء الله ـ


الساعة الآن 10:58 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd 

vEhdaa 1.1 by NLP ©2009