عشنا دقائق مع هذه القصيدة ولكننا عشنا دهر فقد نقلنا الأخ الشاعر محمد سوعان الربيع إلى الحياة قبل نكون مخضرمين فقد رسم لوحة من الذكريات القديمة التي نحاول نتجاهلها لأنها تدل على أننا قطعنا شوطاً من الزمن ونحن لا زلنا نتشبّث بالشباب أقول هذا تعبير عن شخصي وليس عن الجميع وقد ذكرني بأحد قصائدي التي مضى عليها حقبة من الزمن حيث كنت في حد الوطن الجنوبي وكنت اناجي أحد الطيور ومنها هذا المقطع :

أمس العصر عديت في راس ما بان *** أهيـم وأصعـد عـالـيـات الـروابــي
وشاهدت لي طيـر يرفـرف بجنحـان *** وبديت أسأل الطير من وجد مابـي
أبي انشدك يا طير عن حال الأوطان *** هـي أمحـلـت ولا ربـيـع وخصابـي
مـا تبـدلـن يـا طيـر وتـصيـر إنسـان *** عـطـني جنـاحيـنك ودونـك ثـيـابـي
أعطيك عـفشي والحفيظة والأموان *** وأعـطيـك كامـل راتبـي وأنـتـدابـي
قصـدي أسافـر صـوب حيي وحيـان *** أفوج مـوجـات الشـمـال بـعــبـابـي
قال أتـرك النوهـات والوجد يا فـلان *** حـاشـى جـنابـك مـا يـبدل جـنـابـي
مارأسمع أبي أخبرك في كل ما كان *** أسمع وخـذ مـني صحيح الخطابـي
كان أنت تنشدني عـن الربع شفقـان *** مـن دون ديـرتهـم وسيع الرحابـي
مـن دونهم حالـت صحاري وريعـان *** ريـدا أيتـزاوم فـي رباهـا السرابـي
أتـلا خبـرهـم غـربـوا عـقب مقطـان *** بـيـن الحـزوم النـايـفـه والشعـابـي
وديـارهـم صارت خبـاري وغـدران *** ونبـت الكما والعشب بيـن الطنابـي
وشفت البيوت الشامخه تقل ضلعان *** وسـط الخمايـل شامخـات القطابـي
والطيـر مـا يقدر على النطق بلسان *** مـا يـلفـظ الكـلـمـة ولا هـو يـنـابـي
كـلام ابـن عـبـار صـاغـه بـقـيـفــان *** مني سـوأل الطيـر ومني الجوابـي