عرض مشاركة واحدة
قديم 11-19-2017, 09:53 PM   #6
مؤرخ قبائل السلقا
 
تاريخ التسجيل: Apr 2010
المشاركات: 1,130
افتراضي

"الجزء الثالث"



يكمل االشيخ عبدالعزيز الرشيد روايته قائلاَ:أوصاه بذلك ونحن نعلم أن عبدالعزيز ليس بحاجة الى من يوصيه, يعلم عبدالعزيز أن مباركاَ هو الشيخ المخيف في جزيرة العرب, وهو الرجل الوحيد الذي إن تُرك وشأنه قوَض منها خيام كل أمير, ورماه بما ينزله من حالة عزه الى الحضيض الأسفل, بما له من همة وإباء وماله من عزم وحزم لإخماده,يعلم ذلك علم اليقين,فكان من جراَئه لايزال يترصد الوقت المناسب لإخماد أنفاسه ومحو إسمه من ظهر اللأرض,اما مبارك فمع اَماله البعيدة لم يفته كل مايجول في خاطر عبدالعزيز اَل رشيد نحوه, فكان لايفتأ ينظر اليه بعين الحذر,ويراقب حركاته عن كثب,ويود معاجلته بما يخضد شوكته ويقطع شأفته .

غير أنه ظل تلك المدة الطويلة بعد وفاة محمد اَل رشيد, وهو ملازم للهدوء والسكون ولم تبد منه حركة ضده,وماذاك إلا لأن أمامه من هو أولى بالإهتمام,فامامه عدو ماهر,وعدوِ قوي قريب, نوَع عليه المشاكل وأكثر عليهم التهم والإختلافات,أمامه يوسف الإبراهيم البلاء المنزل, والصاعقة المحرقة الذي لم يدع له وقتاَ يتفرغ لسواه, إذاَ فلا غرابة إذا مارأينا مباركاَ أعطى إبن رشيد إذناَ صماء, واشتغل بيوسف دونه الى أن أبطل كل حيله قام بها الأخير, ونقض كل غزلِ قد فتله,هناك رأى الوقت قد حان لتنفيذ خطته, سيما وقد علم أن يوسف حلق بجناحيه الى حائل, لإغراء إبن رشيد على حربه,إذن لم يخرج مبارك في الصريف ليرد أجزاء من الجزيرة لاَل سعود .

وذكر (1) أبوحاكمة: ولكنا ذكرنا أن مباركاَ كان يطمح أيضاَ في أن يصبح سيد الجزيرة, إذن كان طبيعياَ أن تصطدم المصالح بين الأميرين, على الرغم من وشائج القربى التي تربط اَل صباح واَل سعود,ولعلنا نذكر في هذا المقام ايضاَ سبباَ اَخر قيد تحركا ماصار يعرف بحدود الكويت, ومن ثم تطلعات مبارك فيما وراء ماصار يعرف بحدود الكويت, وذلك السبب أن الإنجليز منذ عينوا أول معتمد سياسي مقيم لهم بالكويت, جعلوا منه رقيباَ على تطلعات مبارك, وحدوا من معاداته لجيرانه في الشمال والغرب,لأنهم كانوا لايريدون أن يدخلوا في صراع مع بدو الصحراء الى الغرب من الكويت,أو جنوبها سواء كان الحاكم من اَل سعود أو من اَل رشيد,وكانت هذه سياسة تقليدية لحكومة الهند البريطانية منذ أن عقدت معاهدة 1920م مع الساحل المهادن والبحرين ومسقط .


وقال (2) حسين خلف الشيخ خزعل عن أسباب قيام الشيخ مبارك بأعباء حرب الصريف"إن الظروف والأسباب التي احاطت بالشيخ مبارك ودفته الى معركة الصريف كثيرة ومتنوعة, ولعل من أهم تلك الأسباب مايأتي :1- كان الشيخ مبارك يطمح بأن يكون هو سيد الموقف في نجد وتوابعها, ويرى أنه الشخص الوحيد الذي يتمكن من بث الهلع والعرب في نفوس اَل رشيد, فإذا مااشتبك معهم في معركة وتمكن من كسر شوكتهم, قلل بذلك من هيبتهم وعندئذِ يتوصل الى مبتغاه 2- مافتىء الأمير عبدالعزيز السعود يبدي حماساَ امام الشيخ مبارك ويظهر استعداده لاستعادة إمارة نجد, بعد أن اغتصبها ال رشيد من اَبائه ويطلب معاونته,وكان يطلعه على الرسائل التي كانت ترده من أكابر نجد ووجهائها, وعلى الأخص رسائل اَل شيخ التي كانوا يحثون بها الأمير عبدالعزيز, على استرجاع مجد ابائه ويخبرونه بأن أهالي نجد كلهم بما فيهم, أهالي القصيم تؤيد ال سعود وتتمنى اليوم الذي ينهضون فيه, لإستعادة ملكهم وتخليصهم من الذل والهوان الذي لاقوه من ال رشيد .

3- وهناك هدف اَخر للشيخ مبارك, لايقل أهمية عن سالفيه, وهو إحياء وانعاش طرق تجارة الكويت وتنمية مواردها, لأن الكثير منها يعتمد على بوادي نجد,وكانت طريق التجارة غير متيسرة من جراء الغارات, التي كانت تشنها قبائل شمر وغيرها, التابعون لأل رشيد عل القوافل التي كانت تحمل أموال التجار الخارجة من الكويت 4- كان الشيخ مبارك كثيراَ مايحرص على تأمين راحة الحجاج, الذين يسافرون عن طريق الكويت,ولم يكن طريق أؤلئك الحجاج خالياَ من الخطر, فقد كان دائماَ عرضة للسلب, وفي ذلك مافيه من الدعاية السيئة والضرر على سمعته, ولم يكن في وسعه يومئذ تأمين طرقهم لوجود ال رشيد, لهذه الأسباب وغيرها اضطر الشيخ مبارك الى القيام بتلك المعركة .

وقال(3) الإستاذ محمد سعيد كمال:"بدأ ابن رشيد بشن الغارات على الكويت, تمهيداَ للهجوم والإستيلاء عليها, فاستعان الشيخ مبارك بمحالفه (4)أبوعجيمي السعدون, رئيس عشائر المنتفق بالعراق,وكان ابن الرشيد قد وصل في غاراته الى أطراف العراق, حيث ضايق أبوعجيمي الذي أرسل يطلب النجدة من الشيخ مبارك, الذي كان إذ ذاك في الجهراء فبادر الى نجدته, حتى اضطر ابن الرشيد أن ينسحب من السماوة,ثم استنفر مبارك الصباح القبائل, فلبته مطير والعجمان وال مرة, وغيرهم من بوادي الجنوب, ثم جاء السعدون بعشائره من العراق, وانظم اليهم كثيرون منهم ال سليم أمراء عنيزة وال مهنا أمراء بريدة .

زحف هذا الجيش ومقداره عشرة الاف يقوده الشيخ مبارك, فارسل منه الفاَ الى الرياض بقيادة عبدالعزيز ال سعود, وفعلاَ احتل المدينة ماعدا الحصن حيث طوقه بالحصار, وأما مبارك فقد احتل بلداناَ كثيرة في نجد دون قتال, حيث تأخر ابن رشيد وظل يتقهقر حتى جر خصمه الى قلب القصيم, فوقف له عند الطرفية التي تبعد خمسة عشر ميلاَ من بريدة الى الشمال,وفي جوار هذه القرية مكان يدعى الصريف, اشتبك فيه الجيشان وتلاحما طيلة ذاك النهار, فكانت الوقعة من أعظم وقائع العرب الحديثة,إنهزم فيها الشيخ مبارك وخسر عدداَ كبيراَ من قومه وكثيراَ من عتاد الحرب فعاد ومن تبقى معه الى الكويت .

ثم زحف ابن رشيد الى البلدان النجدية لضمها تحت لوائه, أما عبدالعزيز فقد أخلى الرياض لما علم بوقعة الصريف, وعاد الى الكويت, وبذلك استولى ابن رشيد على جميع نجد في 26ذي القعدة1218هـ ,وكانت هذه الوقعة مثار قرائح الشعراء , فقد تنافسوا في وصفها مابين مادح لابن رشيد, وقادح في الشيخ مبارك وبالعكس,وكأنها جزء من سوق عكاظ سجل فيه الشعراء النبط أحاسيسهم, ونعود الى أوهام الوثائق فمن أهمها مانقله(5) فاسيليف من أن الجيش الكويتي حقق نصراَ وتمكن من الإستيلاء على الرياض نفسها,ومن هنا تحرك مبارك ظافراَ نحو حائل .

قال أبوعبدالرحمن: وعمدته تقرير بعيد عن الحوادث وهو "أدانوف" قنصل روسيا في البصرة,وما مرَ مبارك بالرياض ولا حائل, وقال (6)ج.ج سلدانها عن مبارك:"غادر الكويت أخيراَ في بداية شهر فبراير, تاركاَ وراءه ابنه جابر ليشرف على إدارة البلاد,وقد اصطحب معه عبدالرحمن بن فيص وعبدالعزيز ابن عبدالرحمن, وعدداَ كبيراً من رجال القبائل الذين وقفوا الى جانب عبدالرحمن, وفي 12فبراير وردت التقارير بأنهم وصلوا على مسيرة يوم واحد من الرياض, وقد تم الإستيلاء على هذه المدينة في حوالي منتصف شهر فبراير, وعرضت جميع قبائل نجد الإستسلام,وتم تعيين الشيخ عبدالعزيز بن فيصل حاكماَ على الرياض,كذلك طلب السلام أبناء الشيخ حمود أقارب ابن رشيد .

ومن الرياض زحف الشيخ مبارك الى حائل, والتقى بابن رشيد في معركة ولكنه هزم هزيمة نكراء, ووردت تقارير تفيد في بادىء الأمر بأنه قتل, وعندما سمع وزير الخارجية بذلك, أمر بضرورة توجه الكولونيل كمبول على الفور الى الكويت للتأكد من الحقائق, وإذا صدقت هذه الأنباء, فعليه أن يرسل تقريراَ عنها, واقترحت البرقية المرسلة من قنصل بريطانيا في البصرة, الى السير-"ن- اكنور"إبرام اتفاقية مع جابر, الذي كان يرحج انه سيخلف مبارك إذا كان قد قتل بالفعل,لكن قبل أن يتوجه الكولونيل كومبل الى الكويت, وصلته أنباء تفيد بأن الشيخ مبارك عاد الى الكويت في 31مارس,وتوجه الكولونيل كومبل الى الكويت, على ظهر السفينة "لورانس" وأجرى حديثاَ مع مبارك .

"يتبع"
ابو مشاري الرفدي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس