الجزء الثالث
[ اِعتزال بعض بني بكر الحرب ]

ولما بدأت علامات الحرب فى الظهور اِعتزلت عشائر من بني بكر بن وائل الحرب وكرهوا مساعدة بني شيبان فيها ومساندتهم على قتال اِخوتهم من تغلب فقد أعظموا قتل جساس كليباَ من أجل ناقة من الاِبل؟ فكفت عجل ولجيم ويشكر وذهل بن ثعلبة عن نصرتهم؟ فى حين دعت تغلب النمر بن قاسط فأنظموا اليهم وصاروا يداَ معهم ضد بكر ولحق بهم بنوعقيل بن قاسط؟ أما الحارث بن عباد بن ضبيعة بن قيس البكري فكان اوضح للبكريين اِعتزالاَ للحرب اِذ ترك القتال ومنعه الى اهله! وحل وتر قوسه ونزع سنان رمحه ولخص موقفه قائلاَ: لاناقة لي فى هذا ولاجمل وأرسلها مثلاَ؟ وقال سعد بن مالك البكري جد* طرفة بن العبد يحرض الحارث بن عباد على الحرب:
يابؤس للحــــــــرب التـــى = وضعت أراهط واستراحوا
والحرب لايبقى لصــــا(م) = حبها التخيل والمــــــــراح
اِلا الفتى الصبار فى الــ(م) = نجدات والفرس الوقــــاح
ويقول سعد بن مالك أيضاَ يعدد من امتنع عن نصرتهم من بتي بكر
اِن لجيماَ قد أبت كلــــــها= أن يرفدونا رجــــلاَ واحداَ
ويشكراَ أضحت عن نأيها= لم تسمع لها الاَن حــــامداَ
ولابنو ذهل وقد أصبحـوا= بها حلولاَ خلفاَ مــــــاجدا
وقيل أن شيبان لما جاؤوا لأستصراخ هؤلاء المعتزلين ردوا عليهم قائلين: يابني شيبان ظلمتم قومكم, وقتلتم سيدكم, وهدمتم عزكم, ونزعتم ملككم, فلانساعدك ابداَ؟ وظلت هذه العشائر على عزلتها الى ان قتل المهلهل بجير بن الحارث؟ فأنضم بعضهم الى بني شيبان وصاروا يداَ واحدةَ على تغلب فقلبوا موازين الحرب كما سيأتى شرحها لاحقاَ؟ ولايعني هذا أن الاِعتزال كان تاماَ وملزماَ لكافة أبناء العشائر المذكورة اَنفاَ؟ اِذ شارك فى الحرب منذ بدايتها أفراد من تلك الأطراف المعتزلة الى جانب شيبان أخذتهم الحمية لما رأوا انكسار قومهم وحاجتهم الى النصرة.
[ أيام الحرب ]
كانت حرب البسوس التى استمرت أربعين عاماَ على أكثر الأقوال ذيوعاَ عبارة عن عدة أيام لاتتجاوز أصابع اليدين وهى تلك الأيام التى جرت فيها المزاحفات بين الجيشين بينما كانت هناك غارات متفرقة متفاوتة فى الأهمية والتأثير فكان الرجل فيها يلقى الرجل فيتقاتلان؟ والرجلان الرجلين ونحو هذا؟ وأبرز ماذكره المؤرخون من هذه الأيام على اِختلاف فى ترتيب أزمنة حدوثها مايأتي:
1- يوم عنيزة لم يسفر فيه القتال عن تقدم أي من الطرفين ثم أنهم تفرقوا بعده وبقوا زماناَ دون قتال يُذكر2- يوم النهى وهو ماء سبق ذكره وكان رئيس تغلب فى هذا اليوم المهلهل ورئيس شيبان هو الحارث بن مرة أخو جساس ودارت فيها الدائرة لصالح بني تغلب اِلا أنه لم يُقتل فيه أحد من أولاد مرة3- يوم الذنائب وهو من أعظم الوقعات التى جرت بين الفريقين فى حرب البسوس؟ وفيه ظفرت بنو تغلب وقتلت بكراَ مقتلة عظيمة؟ حتى قتلت من قادتهم كلِ من شراحبيل بن مرة بن همام بن ذهل بن شيبان, جد *معن بن زائدة, والحارث بن مرة, أخوجساس , وعمرو بن سدوس بن شيبان. وزاد اِبن عبد ربه فى [العقد الفريد] على قتلى الذنائب من بكر كلاَ من: جميل بن مالك بن تيم الله, وأخيه عبيدالله, وسعد بن ضبيعة بن قيس, وتميم بن قيس بن ثعلبة وكان شيخاَ كبيراَ فحُمل على هودج فى القتال حتى لحقه عمرو بن مالك بن الفدوكس *جد الأخطل الشاعر فقتله 4- يوم واردات أقتتل فيه الفريقان قتالاَ شديداَ والظفر فيه كان لتغلب حيث حيث قَتل من بي شيبان قائدهم همام بن مرة؟ فمر به صديقه المهلهل فقال: والله ماقُتل بعد كليب أعزَ عليَ منك وتالله ماتجتمع بكر بعدكما على خير أبداَ؟ وقيل أن مقتل همام كان يوم القصيبات كما سياتى تفصيل ذلك لاحقاَ, ويوم واردات قُتل أيضاَ * الشعثمان؟ وهما شعثم وعبدشمس اِبنا معاوية بن عامر بن ذهل بن ثعلبة البكري, وسيار بن الحارث بن سيار, وشهد يوم واردات الى جانب البكريين الفارس المشهور*الفند الزماني وكان اِذ ذاك شيخاَ كبيراَ وهو سهل بن شيبان بن زمان بن مالك بن صعب بن بكر بن وائل وفى ذلك اليوم يدَعي الفند أنهم اِنتصروا على تغلب حيث يقول:
لقيت تغلب كعصبةِ عـــادِ = اِذ أتاهم هول العذاب صباحاَ
قد تركنا نساءهم معولاتِ= معلناتِ مع البكــاء نواحـــــاَ
وهناك قول بأن مشاركة الفند الزماني كانت يوم تحالق اللمم؟ مما يُعطي اِدعاءه النصر مصداقية أكثر5- يوم القصيبات وأُصيب فيه بنو بكر اِصابة شديدة حتى ظن العرب أنهم لن يقوموا من بعد سقطتهم فى القصيبات أبداَ؟ وقيل أن همام بن مرة ظل قائد بكر فى المعارك السابقة حتى قُتل يوم القصيبات, قتله غلام كان همام وجده مطروحاَ فرباه وسماه * ناشرة؟ فلما شبَ الغلام تبين له أنه تغلبي؟ فلما التقوا يوم قصيبات كان همام يقاتل فاْذا عطش رجع الى قربة ماء فشرب منها واضعاَ سلاحه , فوجد ناشرة من همام غفلة فطعنه بالعنزة رمح تشبه العكازة؟ ولحق بقومه تغلب وفى ذلك تقول أم ناشرة عاتبة عليه لما فعل:
ألا ضيع الأيتام طعنة ناشــرة = اناشرُ لازالت يمينك اَشــــرة
قتلت رئيس القوم بعد رئيسهم= كليبِ ولم تشكر واِنى شاكرة
وكان ناشرة هذا قد ولد فى سنة جدب شديدة فسمع همام أمه تقول للنساء اللاَئي ولَدنها اِقتلنه؟ فلما سأله عن سبب ذلك عن سبب ذلك فقالت أخاف عليه وعليَ الضيعة والعيلة؟فقال لها همام أما يكفيك لقحة حلوب وجمل ذلول؟ فقالت بلى فأمر لها بذلك وربى الولد مع أبنائه ثم تمكن رجل من بني* يشكر من قتل ناشرة بعد ذلك6- يوم قضة [تحلاق اللمم] وهو أول يوم تنتصر فيه بكر على تغلب وذلك بعد مقتل بجير وانضمام الحارث بن عباد للحرب 7- يوم عويرضات وحدث بعد تحلاق اللمم واقتتلوا فيه حتى حجز الليل بينهم وكانت الغلبة فيه لتغلب وقد أبلى المهلهل فى هذا اليوم بلاءَ جيداَ ويبدوا أنه بعد هذا اليوم قرر اِيقاف الحرب والرحيل الى اليمن8- يوم النقيمة ذكره اِبن الأثير دون تفاصيل9- يوم الفصيل وكان النصر فيه لبكر على تغلب دون تفاصيل أخرى وهناك أيام دون ذلك لم تكن فيها مزاحفة جيوش بل مجرد غارات قليلة التأثير وزاد اِبن عبدربه فى[ العقد الفريد] من أيام البسوس يوم الحنو؟ ويوم أنيق ويوم ضرية؟ وذكر الحموي فى [معجم البلدان] موقع أسود العشاريات فذكر انه جبل فى بلاد بكر بن وائل كانت به واقعة من وقائع حرب البسوس وكانت الدائرة فيه على بكر؟ فقُتل منهم *سعد بن مالك بن ضبيعة البكري؟ وجماعة من وجهاء البكريين وسبق الذكر أن سعداَ قُتل يوم الذنائب؟ والله أعلم بالصواب.
أما قادة الحروب فكان المهلهل قائد تغلب فيها على الأعم أما بني بكر فقد تراتب قادتها بين همام
والحارث ابني مرة ثم الحارث بن همام وغيرهم, وفى اَخرها تولى *الريان اليشكري قيادة بني بكر لما توسع نطاق المشاركين فى الحرب خارج اَل شيبان وكانت هذه الحروب متتابعة والمهلهل لايكتفى بنصر يحققه فيها أوقتيل من اَل شيبان يقتله ولاهدف له اِلا قوله:
أكثرت قتل بني بكر بربهم= حتى بكيت ومايبكي لهم أحــدُ
اَليتُ بالله لاأرضى بقتلهــم= حتى أُبهرج بكراَ أينما وجدوا
[ مقتل جساس ]
كان رأس جساس بن مرة موضوعاَ على رأس قائمة المطلوب قتلهم بالنسبة للتغلبيين؟ فهو قاتل كليب ومشعل الحرب ورغم ان الروايات لاتذكر شيئاَ عن مشاركته فى أيام حرب البسوس التى لم يقد أياَ منها تاركاَ ذلك لأخوته الكبار الحارث وهمام خاصة وأن أباه اِدعىَ حين جاءه التغلبيون للتفاوض أنه هرب الى جهة غير معلومة؟ ولعل جساس ظل هارباَ فترة حتى أيقن انه لن يُسلم للقتل فعاد لقومه؟ ولعله شارك فى بعض أيام الحرب حتى تمكن التغلبيون من قتله؟ وفى مقتل جساس بن مرة روايتان تقول الأولى: أنه قتُل فى غارة قادها عليه * أبونويرة التغلبي وذلك أن أبا نويرة التغلبي التقى بجساس ذات ليلة خارج ساحات القتال كما يبدوا من سياق القصة فقال له أبونويرة اِختر الصراع بالأيدي؟ أو الطعان بالرماح؟ أو المسايفة؟ [التبارز بالسيوف] فاختار جساس الصراع بالأيدي؟ وتصارعا صراعاَ تكافأت فيه قواهما حتى جاء أصحاب كل واحد منهما فوجدوهما يتصارعان ففرقوا بينهما, فجعلت تغلب بعد هذه الحادثة تطلب جساساَ أشد الطلب يريدون قتله فقال له أبوه اِلحق بأخوالك بالشام؟ فامتنع! ثم ألح عليه أبوه وسيرهُ سراَ فى خمسة رجال فلما علم المهلهل بذلك أرسل أبانويرة فى سرية تتكون من ثلاثين رجلاَ؟ فذهب أبونويرة وهو يرتجز:
اِن القتال واجـــبْ= بعد كليب الذاهبْ
أرى العدو هـارب = والتغلبيُ غالــب
فأدرك أبونويرة جساساَ فى الطريق وتقاتل الفريقان حتى تمكن جساس من قتل أبي نويرة؟ ومن معه عدا رجلين؟ كما جُرح هو جرحاَ شديداَ مات منه عدا رجلين أيضاَ, فلما سمع مرة بمصرع جساس قال: اِنما يحزنني اِن كان لم يقتل منهم أحداَ؟! فقيل له اِنه قتل بيده أبانويرة رئيس القوم وقتل معه خمسة عشر رجلاَ ماشركه منا أحد فى قتلهم وقتلنا نحن الباقين؟ فقال مرة: ذلك مما يسًكن قلبي على جساس؟ أما الرواية الثانية فتقول أن قاتل جساس هو الهجرس بن كليب وذلك بعد الصلح الذى أنهى الحرب فكان جساس اَخر فتلاها وبمصرعه أُسدل الستار على مسلسل الثارات ولذلك قصة مفادها الأَتي: أن الجليلة لما خرجت الى أهلها بعد مقتل كليب كانت حبلى منه فولدت عند أهلها غلاماَ سمته* الهجرس وقد رباه جساس فكان لايعرف أباَ غيره وزوجه اِبنته فوقع بين الهجرس ورجل من بكر كلام ذات يوم فقال له البكري مأنت بمنتهِ حتى نُلحق بأبيك؟ فأمسك عنه الهجرس ودخل الى أمه كئيباَ فسالته فأخبرها بما حدث؟فلما نام الى جانب اِمرأته وضع أنفه بين ثدييها وتنفس نفساَ تنفط مابين ثدييها من حرارته؟ فقامت فزعة الى أبيها وأخبرته فقال جساس ثائر ورب الكعبة!! ولما أصبح الهجرس أرسل اليه خاله جساس فأتاه وقال له: اِنما أنت ولدي ومني بالمكان الذى قد علمت وقد زوجتك اِبنتي وأنت معى وقد كانت الحرب فى أبيك زمناَ طويلاَ حتى كدنا نتفانى وقد أصطلحنا وتحاجزنا وقد رأيت أن تدخل فيما دخل فيه الناس من الصلح وأن تنطلق حتى نأخذ عليك مأُخذ علينا وعلى قومنا؟ فقال له الهجرس أنا فعل ولكن مثلي لاياتي قومه اِلا بلأمته؟ أي عدة سلاحه وفرسه فحمله جساس على فرسه وأعطاه لأمة ودرعاَ فلما اِقتربوا من الدم الذى تُغمس فيه الأيدي للصلح أخذ الهجرس بوسط رمحه وقال: وفرسي واِذنيه, ورمحي ونصليه, وسيفي وغراريه, لايترك الرجل قاتل أبيه, وهو ينظر اِليه؟ ثم طعن جساساَ ولحق بقومه تغلب؟ وذكر أيضاَ أن الهجرس لما عرف بحقيقة نسبه وثأره الذى يطلبه عند الخال الذى رباه قال شعراَ:
أصاب أبى خالي وماأنا بالــــذى= أميُل أمري بين خالي ووالدي
وأوردت جساس بن مرة غصةََ = اِذا مااعترتني حرَها غير باردِ
[ مقتل بجير ]
سارت الأمور لصالح المهلهل فى حرب البسوس مادام يطالب بثأر أخيه المقتول ظلماَ ولكنها انقلبت ضده عندما اِرتكب ظلماَ فاحشاَ بقتله بجير دون ذنبِ اِرتكبه!! ولعل هذا هو الدرس الأخلاقي الذى تريد الحكاية أن توصله لنا فى النهاية سواء كان هذا ماحدث فعلاَ أو ماتفتق عنه ذهن الرواة الذين أوصلوا الحكاية لنا فى العصور الأسلامية وبجير هذا هو ابن الحارث بن عباد البكري الذى اعتزل الحرب كما أسلفنا القول, وهناك قول قوي تردد فى الكثير من المراجع الموثوقة يفيد بأن بجيراَ ليس ابن الحارث بل ابن أخيه, فهو بجير بن عمرو بن مرة بن عباد أو ابن أخيه عمرو بن عباد؟ وللعلم بأن العرب كانت تسمي العم أباَ, ولعل الخلط جاء من هنا؟ وقد أُخذ بجير يوم واردات دون قتال على أحد الأقوال, وقيل أيضاَ أنه سلَ أي أُختطف؟ ولم يؤخذ فى مزاحفة حرب فقال له المهلهل: من خالك ياغلام؟ وقد نوى به الشر, فقال امرؤ القيس بن أبان التغلبي وكان حاضراَ المجلس: مهلاَ يامهلهل فاِن عم هذا وأهل بيته قد اعتزلوا حربنا ولم يدخلوا فى شىء مما نكره والله لئن قتلته ليُقتلن به رجل لايُسأل عن خاله!! فلم يستمع المهلهل لِعذل امرىء القيس وطعن بجير وهو يقول بؤبشسع نعل كليب؟ فقال بجير قبل ان يُسلم الروح: اِن رضيت بذلك بنوضبيعة بن قيس رضيت!! فقال الحارث بن عباد لما سمع بمقتل بجير: نِعم الغلام غلام أصلح بين ابنيَ وائل وباء بكليب؟ فلما نُقل له ماقال المهلهل عند طعن بجير من أنه باء بشسع نعل كليب لاأكثر عظُم عليه الأمر ودخل فى الحرب كما سيأتي لاحقاَ, وقيل أن بجيراَ خرج فى اِثر ابل له شردت فعرض له المهلهل فسأله: من خالك؟ فقال أمي أُخيذة[أي سبية] ثم كان ماكان, أما الرواية الأشهر والأكثر منطقية وهى التى اعتمدها المسلسل التلفزيوني فتقول أنه لما قُتل جساس أرسل أبوه مرة للمهلهل رسالة مفادها القول: اِنك قد أدركت ثأرك وقتلت جساساَ فأكفف عن الحرب ودع اللجاج والاِسراف وأصلح ذات البين فهو أصلح للحيين وأنكأ لعدوهم؟ فلم يجبه المهلهل!! وعندها أرسل الحارث بن عباد ابنه بجيراَ [أو ابن أخيه] الى المهلهل متوسطاَ فى الصلح وكتب معه: اِني قد اعتزلت قومى لأنهم ظلموك وخليتك واياهم, واِنك أسرفت فى القتل وأدركت ثأرك سوى ماقتلت من بكر وقد أرسلت ابني اِليك فاِما قتلته بأخيك وأصلحت بين الحيين واِما أطلقته وأصلحت ذات البين فقد مضى من الحيين فى هذه الحروب من كان بقاؤه خيراَ لنا ولكم, هذا وقد زعم الصفواني فى كتابه الملىء بالغرائب أن أم بجير هى*أم الأغر المذكورة؟ فى قصيدة الحارث وهى ابنة ربيعة أخت المهلهل ولذا سأله عن خاله ولم يكن رأَه من قبل؟ وبعد هذه الفعلة من المهلهل دخل الحارث بن عباد الحرب بقومه؟ وجمع بكراَ حوله وحول الحارث بن همام الذى تولى قيادة بكر بعد مقتل أبيه يوم القصيبات, وبدأ الحارث حربه شعراَ فدعا بفرسه النعامة فجز ناصيتها ونتف شعر ذيلها وصارت تلك سنة لمن بعده فيمن يطلب الثأر.

يتبـــــــــــــــــع


*هو طرفة بن العبد بن سفيان بن سعد بن مالك بن ضبيعة بن قيس بن ثعلبة بن عكابة بن صعب بن على بن بكر بن وائل شاعر جاهلي وأحد أصاحب المعلقات التى منها هذا البيت الخالد:
وظلم ذوي القربى أشدُ مضاضةَ = على المرء من وقع الحسام المهندِ
قيل أن اسمه عامر ولقب بطرفة لبيت من الشعر قاله فى صباه ولد فى بادية البحرين يتيماَ حوالى عام 543م كفله أعمامه الذين أساؤوا معاملته وهظموا حقوق أمه نشأ بعدها متمرداَ لاهياَ يغلب على شعره الجرأة بالقول مصحوبا باللذات والتحلل من العادات والتقاليد صاحب لهو وتمتع مما دفع قومه الى طرده والتبرأ منه اتصل بالملك عمرو بن هند ملك الحيرة وأصبح من ندمائه وجلسائه اِلا أن فطرته غلبت عليه عندما هجا الملك بأبيات من الشعر كانت سبباَ فى نهايته وقيل بل بسبب تغزله بالمتجردة أخت الملك نفسة عندما رأي وجهها معكوسا على جام من الزجاج كان في يده وعليه كأسه الفضي يشرب منه حين مرت من خلفه فراَها وهو ثمل وكانت اَية فى الجمال فقال:
ألا باء بي الضبي الذى = يبرق لي شنفاه
ولــولا الملك القاعـــد = قـد الثمني فـــاه
فرفع الملك رأسه ففهم مايعني مما أزعجه وكتم غيضه حتى بعثه برسالة هو وخاله الشاعر المتلمس لعامله فى البحرين وعمان المكعبر وقد نجا المتلمس بعد أن قرا رسالته شاباَ نصرانياَ من تغلب بينما رفض طرفة فض رسالته وعندما أعلمه المكعبر مافى الرسالة طلب منه الهرب فرفض طرفة نصيحة المكعبر ظناَ منه بأنه يريد خداعه ليستولى على الجائزة؟ وقيل ان اسم المكعبر ربيعة بن الحارث وهومن أقرباء طرفة والذى رفض قتله واعتذر للملك عن ذلك مما جعل الملك أن يرسل رجلاَ من تغلب لتنفيذ هذه المهمة وكانت اَخر أمنيات طرفة بن العبد أن يشرب خمراَ قبل أن يقتل وقال عندما ثمل:
أبامنذر كانت غروراَ صحيفتي= ولم أعطكم فى الطوع مالي ولاعرضي
فاِن كنت مأكولاَ فكن أنت اَكلي= فبعض منايا القوم أشأرف من بعــض
وكان أصغر الشعراء سناَ وأقصرهم عمراَ قتل وهو دون الثلاثين وقيل ابن ستة وعشرون عاماَ.
* هو أبا الوليد الأمير معن بن زائدة بن عبدالله بن مطر بن شريك بن عمرو بن قيس بن شراحبيل بن مرة بن همام بن مرة بن ذهل الشيباني أشهر من نارعلى علم نادرة زمانه فى الكرم والجود والحلم والشهامة أدرك العصرين الأموي والعباسي تولى عدة مناصب وولايات فى العصرين قربه الخليفة أبوجعفر المنصور وولاه اليمن لما رأى فيه من شجاعة مصحوبة بحلم وصفح وعفو عن زلات الناس وأخبار معن بن زائدة ومحاسنه مُلئت بها بطون الكتب والمراجع اِغتيل غدراَ بالحمام وهو يحتجم أثناء ولايته على سجستان عام 151هـ768م من قبل الخوارج وأخذ بثأره ابن أخيه يزيد بن مزيد.
* هو الشاعر الأخطل التغلبي أحد فحول شعراء العصر الأموي نصراني الديانة و أحد ثلاثه شعراء لم يُعرف أشعر منهم فى زمانهم وهم الأخطل وجرير والفرزدق كان فاحشاَ بالهجاء بذىء اللسان لم يسلم من لسانه حتى الأنصار رضى الله عنهم فقربه يزيد بن معاوية اليه وجعله مروان بن الحكم شاعر البلاط الرسمي فلقد ففضل الفرزدق على جرير بقول الشعر حتى طال الهجاء بينه وبين جرير الى أن مات الأخطل سنة 90هـ708م وهو غياث بن الغوث بن الصلت بن طارق بن السيحان بن عمرو بن السيحان بن الفدوكس بن عمرو بن مالك بن جشم بن بكر بن حبيب بن عمرو بن غنم بن تغلب بن وائل.
* الشعثمان هما شعثم وعبد شمس وقيل شعيث من فرسان بكر فى الجاهلية وهم إبنا معاوية بن عامر بن ذهل بن ثعلبة بن عكابة بن صعب بن على بن بكر بن وائل.
* الفند الزماني أحد فرسان ربيعة وشعرائها المشهورين لم يترجم له الكثير قليل الشعر أكثره فى الحماسة والقتال فيه شىء من الحكمة خاض أواخر حرب البسوس وكان شيخاَ كبيراَ فى السن توفى عام 530م قيل أن اسمه سهل أو شهل بن شيبان بن ربيعة بن زمان بن مالك بن صعب بن على بن بكر بن وائل.
* ناشرة التغلبي هو غلام قد رباه وكفله همام بن مرة اغتاله بعد ذلك على غفلة منه عندما علم بنسبه التغلبي وهو ناشرة بن أغواث بن قعين بن مالك بن بكر بن حبيب بن عمرو بن غنم بن تغلب بن وائل ويقال لرهطهم ريش الحباري وفيه قيل المثل أكفر من ناشرة وذكر بن حبيب أن اُمه كانت جارة لهمام يوم ولدته وسمع مقالتها ولم يكن لقيطاَ وهى هند بنت معاوية بن الحارث بن بكر بن حُبيب بن عمرو بن غنم بن تغلب بن وائل.
* قاتل ناشرة هو عباد بن جهم من بنى جهارة بن ذبيان بن كنانة بن يشكر من بكر بن وائل
* سعد بن مالك بن ضبيعة المذكور هو جد الشاعر طرفة بن العبد.
* الريان اليشكرى سيد بكر بن وائل وقائدها أواخر حرب اليسوس وهو من بنى عوف بن سعد بن عمرو بن عباد بن يشكر من بكر بن وائل.
*ابونويرة التغلبي سبق ترجمته بالجزء الأول.
*الهجرس بن كليب هو القائل بعد قتله جساس:
الم ترني ثأرتُ أبي كليباَ = وقد يُرجى المرشَح للذحول
كان متزوجاَ من سعاد ابنة خاله جساس فلما التحق بقومه زوجه المهلهل من ابنته سلمى لا تُعرف له ذرية قيل أنه قتل دون ولد.
*أم الأغرهى ابنة ربيعة وأخت كليب والمهلهل شاعرة مقله ورد لها رثاء فى غرثان أخى البراق بن روحان كما جاء فى رياض الأدب وفيها تقول:
ألافابـكي أعيُنـي لاتُمــــُلي = فلـي بمصابنا أبـداَ عـويــــلُ
فلاسلمت عشيرتنا وعادت= إذا صُرع إبن روحان النبيلُ
فقــل لنويرةَ وكلــيب مهلاَ = أقيــما إنَ خزيكـمــا طـويـــلُ
وهي من تعنيها ليلى بنت لكيز بن مرة المشهورة بليلى العفيفة 144قبل الهجرة 438م عندما
لامتها أم الأغر لجزعها على البراق:
أم الأغر دعي ملامك واسمعي= قولاَ يقيناَ لســـت عنه بمعــــــزلِ
براق سيدنا وفــارس خيــــيلنا= وهو المطاعن فى مضيق الجحفلِ
وقطعاَ هى المعنية بقصيدة الحارث بن عباد الطويلة التى يرثي بها بجير حين قال:
قل لأم الأغــــر تبكي بجيــــراَ= حِيــل بين الـرجــال والأمــــوال
ولعمري لأبكيـــــين بجيـــــراَ = ما أتى الماء من رؤوس الجبال
قتلوه بشسع نعــــل كليــــــــباً = اِن قــتل الكــريم بالشسـع غــال
والحقيقة أننا لانعلم هل أم الأغر هى زوجة للحارث كما قال سلمان الصفوانى فى كتابه[ الحروب العربية] أم لا؟ فلوكانت هى زوجته فكيف به أن لايعرف المهلهل عندما أسره وهو أخاَ لها؟ بل وكيف ببجير أن لايعرف خاله عندما سأله المهلهل عن خاله؟! اللهم إلا ان تكون زوجته ولكنها ليست أماَ لبجير فهذا ممكن وجائز وأما القول بأن الحارث بن عباد يجهل شخصية المهلهل كما جاء فى النصوص فهذا أمر مستبعد وفيه نظر؟ وإلا لماذا خص الحارث أم الأغر بقصيدته دون غيرها! فهل كان يعرفها ويجهل أخيها!!