عرض مشاركة واحدة
قديم 11-09-2017, 05:58 PM   #1
مؤرخ قبائل السلقا
 
تاريخ التسجيل: Apr 2010
المشاركات: 1,131
افتراضي مسائل من تاريخ الجزيرة العربية

"الجزء الأول"

"مسائل من تاريخ الجزيرة العربية" الفها وحققها الشيخ أبوعبدالرحمن ابن عقيل الظاهري وهي مسائل تاريخية ودراسات محلية خاصة في الجزيرة العربية جاءت في أبحاث ومؤلفات وروايات شفهية ومخطوطات تاريخية من باحثين عرب ومستشرقين أجانب علق عليها الشيخ بتصويباته التاريخية وتحقيق أخبارها نذكر منها بعض ماجاء فيها لعموم فائدتها .
"مقدمة المؤلف"
يقول الشيخ أبوعبدالرحمن الظاهري في مقدمة مؤلفه : لقد صدرت كتب لباحثين عرب أفادت من الوثائق فجائت ثرية متميزة بمعلوماتها ككتاب عبدالعزيز نوار عن تاريخ العراق الحديث, وكتاب تاريخ الإحساء السياسي للدكتور محمد عرابي نخلة وكلاهما ذو علاقة بتاريخ المملكة, كما صدر عن أبناء هذا البلد عدة دراسات منها كتاب الدكتور العثيمين عن نشأة إمارة اَل رشيد, وكتاب الدكتور محمد بن عبدالله السلمان عن الأحوال السياسية في القصيم, ولعل هذين الكتابين بعد أبحاث الدكتور الحميدان عن اَل جبر مقدمة طليعة للدراسات التاريخية المحلية التي تكسر حاجز الجمود على بضعة مصادر يكرر بعضها بعضاَ الى رحاب الوثائق وتاريخ البلدان المجاورة, وتاريخنا بأقلام الأجانب, والرواية الشفهية باستيعاب,والاستعمال اللامع لدلالة الشعر العامي, والتنقيب عن المخطوطات والتوسع بمراجعة المصادر المساعدة وتحليل الأخبار وتعليلها,وهذا هو فقه التاريخ الذي تأخر كثيراَ في مصادر نهضتنا الثقافية, وأوعبهم مصادر الاستاذ السلمان الذي بذل جهداَ غير عادي في تتبع المصادر, ويدلل على عظم الجهد المبذول في هذا الكتاب أن مصادره بلغت خمسمئة وخمس وستين مصدر مابين عربي وأجنبي, ومابين مخطوط ومطبوع,وهذه الكثرة في المصادر جاءت عن وعي بيَنه المؤلف بقوله:"فالمصادر الرئيسية لتاريخ نجد لايمكن اعتبارها وحدها مصادر رئيسية لموضوع البحث,فابن غنام وابن بشر في فترات تاريخهما يعبران عن وجهة نظر احد اطراف النزاع أو الخلاف في فترة هذا البحث, ولابد من معرفة وجهة نظر الاَخر عل حقيقتها ليمكن بعد ذلك الخروج بنظرة متكاملة وعادلة عن دراسة جانب مافي فترة البحث وكذا الحال مع ابن عيسى وابن ناصر وغيرهما.


والقارىء السعودي يعاني أمرَ الشكوى من جهود تاريخية لابأس بها إلا أنها أهملت التوثيق في الحواشي وذكر المصادر اَخر الكتاب,كأن حقائق التاريخ توحي اليهم وكأنهم أكبر من مصادر يرجعون اليها؟ ومن هذا كتاب "صقر الجزيرة"لأحمد عبدالغفور عطار,واَخرون ذكروا أحياناَ مصادر على أصابع اليد في اَخر كتبهم وأهملوا التوثيق في الحواشي كمعظم كتب شيخنا عبدالله بن خميس,وسبب ذلك المضي في تكرار مصادر التاريخ المحلي والقصور عن أعباء الروافد الجديدة,ولست أقصر عيب مصادر تاريخنا المحلي على أن المؤرخ يعبر عن وجهة نظر أحد الأطراف كما ورد في تعليل الدكتور, بل العيب انتشار الأمية الثقافية وقصور رؤية المؤرخ عن تاريخ عصره في الأمصار الأخرى الذي يؤثر في سير تاريخه المحلي, واكتفاء المؤرخ بجفاف سياق الحدث مجرداَ من التحليل والتفسير والتعليل, وبعضهم يبتر الحديث من سياقه ويهمل أسبابه ويصوغه في سياق اَخر لايخرج عن التجني واستسهال الثلب,فعلى سبيل المثال يعبر مؤرخوا نجد- من أمثال ابن غنام وابن بشر وابن عيسى – عن حادثة 1196هـ بالردة ونقض البيعة, لكن الدكتور السلمان- تبعاَ لسماحة الشيخ محمد بن مانع رحمه الله – يشكك في الردة والنقض! وهكذا فعل الذكير إلا أنه كان أبلغ بياناَ قال"إن اَل عريعر كان لهم شيء من النفوذ والولاية في القصيم فخاف زعيمهم أن يفقده بعد أن رأى خضوع القصيم لحكومة الدرعية وانتشار دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب فيه, لهذا أرسل الى بعض رؤساء القصيم يتهددهم ويتوعدهم بأنه سيسير اليهم إذا لم يقتلوا علماء الدعوة ومرشديها الذين عندهم فاستعجل بعضهم وقتل من عنده كما فعل أهل الخبراء وأهل الجناح, ثم لما وصل خاف أهل عنيزة وأرسلوا معلميهم الى (1) سعدون فقتلهم, إذن: فما لهذا التهويل والتشنيع على أهل القصيم من معنى ولم يرتدوا عن الإسلام, فعدم دخولهم تحت طاعة أمير أو إتباعه لايخرجهم عن دائرة الإسلام, على أن أهل القصيم لم يلبثوا بعد ذلك إلا مدة قليلة حتى دخلوا تحت طاعة إبن سعود حينما تغلَب على ابن عريعر.


يكمل الشيخ حديثه: وإذ جعلت كتاب الدكتور السلمان مثالاَ للدراسات التاريخية الرائدة,مع علمي بأن له تعليلات نادرة وانه كشف عن مصادر تعليلات اخرى جهلها من سبقه من الباحثين مثل تعليله هزيمة عبدالله بن سعود رحمه الله أمام إبراهيم باشا يكشف العدو لخطته الحربية قبل بدء المعركة,إلا أنه ثمة مؤاخذات طفيفة لاتنقص من قيمة الكتاب عدم تلافيها,ولكن تلافيها يزيد من قيمة الكتاب,فمن ذلك:تعليله اتجاه الدولة السعودية الاولى الى منطقة القصيم قبل الإستيلاء على الرياض بتعليلين,والواقع أن هذين التعليلين يضعفان بما أورده المؤلف من استنجاد أمير بريدة بابن سعود,وإذن فلا داعي لتعليل إتجاه إبن سعود الى القصيم, لأنه لم يتجه إبتداء من غير داع, وإنما المطلوب تعليل إستجابته للداعي وتعليل غرضه أهو:إنجاد الدريبي أم بسط النفوذ؟ ومن ذلك اللجوء الى الترجيح بالإحتمال العقلي قبل بذل الجهد في تحقيق النقل التاريخي وهذا لايصح في النقليات, لجأ الى ذلك في تعليل قفول (2) ثويني وفكه الحصار عن الدرعية, أهو لاضطراب في بلاده؟ أم لأن الدولة العثمانية أبعدته عن زعامة المنتفق؟

قال الدكتور السلمان: ويبدوا أن الاضطراب كان بسبب إبعاد ثويني عن الزعامة وذلك للجمع بين الرأيين,إنما مجال مثل هذا الترجيح الإحتمالي بعد النقل عن الإضطراب الذي حدث من كتب أهل العراق, وبعد تحقيق النقل عن حادثة الإبعاد, فإذا لم يوجد نقل محقق أو وجد النقل ولم يوجد مرجح متعين فحينئذِ يكون اللجوء الى الإحتمال, ومن ذلك أن يكون التعليل ناقصاَ كتعليل إستقلال إمارة عنيزة عن إمارة القصيم بأسرتي الإمارة في بريدة وعنيزة, فهذا تعليل صحيح ولكنه ناقص, بل التعليل بقوة نفوذ (3)إبن سليم, وشعور أهل المدينتين وواقعهما بانهما مؤهلتان لن تكونا قاعدتين للقصيم,وأفاض المؤلف في قضية هروب الإمام فيصل بن تركي من مصر, وتناول ماقاله المحققون من شكهم في مقتضى نص ابن بشر, ولعل مما يؤخذ على المؤلف غياب رأيه الصريح في الترجيح,وترك مجال الترجيح مع وجود المرجحات وركونه الى التوفيق بين الروايات, وهذا مافعله في اَخر حديثه عن هرب الإمام فيصل قال: ولو فرضنا صحة رواية ابن بشر لما كانت متناقضة مع القول بإخراج (4)عباس بن طوسون له, بل وربما هو الذي اتفق مع أصحاب الركائب التي نقلته ومن معه, وجعل نزوله بالحبال من أحد فرج السجن المرتفعة, وذلك من باب تغطية عمله حتى يُعتقد بأن فيصل هرب بنفسه وبحيله من خاصة, إذا صحت رواية من قال:إنه حًبس في قلعة غرب السويس وليس في القاهرة القريبة من أنظار الحكومة,ولهذا تذكر بعض الروايات أن محمد علي علم بهروب فيصل فأرسل فوة لإدراكه ومعهم عباس باشا فلم يدركوه.


قال أبوعبدالرحمن: لابد من مراجعة الوثائق التركية, ولابد من مراجعة بعض المختصين بها كالدكتور محمد عبدالله اَل زلفى, وفيما أذكر أن رجوع الإمام بترتيب من الدولة العثمانية وحكومة مصر وعثمان باشا بمكة,ويشفع تلك الوثائق مضابط من أهل نجد يطالبون بعودة الإمام فيصل, فإذا صحَ كل ذلك أصبح نص ابن بشر مرفوضاَ بإطلاق!وأما دلالة الشعر العامي عل تاريخنا المحلي, وتعميمها فقد لمست أثرها العظيم في أسفار كتابي(تاريخ نجد في عصور العامية) والشاعر العامي في المعظم الغالب مؤرخ على نهج (5) مطوع نفي إذ يقول في سمرهم: "سوالف بعصور جيل بأثر جيل – تاريخ مايجري بماضي السنين" وهذه المعالم عن تعميق تاريخنا المحلي رسمت بها مسلكي في تحرير مسائل من تاريخ الجزيرة حققتها في أوقات متباعدة, وفي النية إن شاء الله متابعة نشر ماسبق لي تحقيقه من مسائل تاريخية والله الموفق .


1- سعدون:هو الشيخ سعدون بن محمد بن غرير اَل حميد أمير الإحساء وأشهر حاكم في أسرةالعريعروفي عهده بلغ حكم بني خالد الذروة من حيث الاتساع والاستقرار واستمر في الحكم ما يربو على ثلاثين سنة وعرف عنه ولعه بالصيد والقنص ولا زال البدو يلقبونه "محيّف على البيض" أي أنه كان يمنع الناس من جمع بيض الحباري وقد وتوفي سعدون في الجندلية عام 1135هـ وهي مورد ماء معروف في الدهناء, قال فيه أحد الشعراء مادحاَ: قلنا بالمضمـى لعكـف الصـلاب -لسعدون ترثت الصخى ورثة غرير-كان غنيت لـكواتعبـت الركـاب -لا ولي رفع السمـا بليـا كسيـرياذرى الخفـرات نزهـات الثيـاب - سترهن وان حصل شـر وشريـر- نادرِ مـن نـادرِ حكمـك يهـاب -عنصلمِ عنصلِ جدك عريـر- ياحاكمها من العرين ليـا جـراب -لأيسـر الجوبـه لحـد القصـيـر-هجت البدوان من حكمـك رعـاب - من طرف حكمك غدوا نثر ونثيـر- مثل وصف البرق لا حام العقـاب - ذي تخمَر وذي تخـرم وذي تنيـر- محسـنٍ ياشيـخ قفـوي كالغـراب - بالجبل بحبس ابو موسـى أسيـر.

2- ثويني:هو الشيخ ثويني بن عبدالله السعدون شيخ قبيلة المنتفق الشهير قال عنه المؤرخ الشيخ عثمان بن سند في كتابه "مطالع السعود بطيب أخبار الوالي داود"أنه كان أحد أجواد العرب مااناخ في بابه أحد الا بلغ الارب وكان له في حكومته الأولى ايام شاهدة بانه الصارم الضرغام" وذكره العالم الشيخ خليفة بن حمد بن موسى النبهاني الطائي في التحفة النبهانية بالقول "وكان لما تولى ثويني بن عبد الله رئاسة المنتفق كما تولاها من قبله أبوه وجده وأبو جده وجه في بادئ الأمر سطوته ونفوذه نحو الأعراب المنبثين من جنوبي بغداد إلى حدود الكويت وكان يعد من أجود العرب في زمانه وأسخاهم" قلت: تسلط عليه أحد أتباعه من عبيد براك بن عريعر يقال له طعيس فقتله غيلةَ في محرم عام 1797م في الشباك وهو ماء لبني خالدقريب من البحر.

3- إبن سليم: أسرة مشيخة في عنيزة فيهم فرسان وشجعان وشعراء وكان لهم دور بارز في تاريخ نجد منذ منتصف القرن التاسع عشر الميلادي وأول من تولى منهم الإمارة فيها يحي بن سليمان بن زامل المشهور "بسليم" عام 1238هـ وذلك بعد قيامه بقتل أميرها السابق عبدالله الجمعي الذي ولاه حسين بك قائد جيوش الدولة العثـمانية إمارة عنيزة في مطلع عـام 1236هـ .

4- عباس بن طوسون هو ابن احمد طوسون باشا وحفيد محمد علي باشا والي مصر تولى عباس باشا ولاية مصر بعد وفاة عمه إبراهيم باشا عام 1848م وظل في الولاية حتى تم اغتياله عام 1854م على يد إثين من خدمه وله من العمر واحد وخمسين عام ,يذكر أن عباس باشا كان مولعاَ بالخيل وحياة البادية وكان صديقاَ للإمام فيصل بن تركي رحمه الله وللكثير من مشايخ وأمراء قبائل الجزيرة.

5- مطوع نفي:هو‏سعيدان ‏بن مساعد بن حمدان بن بنية ت:1356هـ 1935م امام وخطيب بلده نفي البلدة الواقعة شمال الدوادمي في زمنه شاعر اشتهر بالكرم والاخلاق الرفيعة بالاضافة الى امتلاكه لروح الدعابة والمرح يملك شاعرية كبيرة لهذا يطلق عليه لقب "مطوع نفي"لقد كان من حسن الحظ أن يعاصر المطوع نخبة من فحول شعراء زمانه مثل ابن سبيل والشريم والطويل والمجماج فينصب المطوع حكما بينهم لنقد شعرهم، ومن ذا الذي يقبل حكمه إذا لم يكن كفؤا لذلك,لذلك تنافس الشعراء الأربعة أيهم أحسن شعرا في الغزل وطلب من كل واحد منهم أن يختار بيتين من قصيدة غزلية له، فاختار الطويل قوله:"العين عين اللي براس الجذيبة - في ماكر عسر لها وكّرت به - والردف طعس نابيٍ ما وطي به - عقب المطر شمس العصيْر أشرقت به"وقال ابن سبيل:"ليا مشى بحجول والراس مجدول - ينقض على الأمتان شقر عثاكيل - وليا ضحك باللي كما ضيق هملول - أو قحويانٍ في مدامث غراميل"وقال ابن شريم :"ريحه كما ريح النفل في شعيبه - في حاجر حله من الوسم تشعيب - ممطور أمس وممسيٍ ما وطي به - واليوم شمس وفاح طيب على طيب"واختتم المجماج المنافسة قائلا: "راعي هدب سود مظاليل ووساع - سود هدبهن والمحاجير جملة - حبه يخج القلب مايوجع اوجاع - لاشك قلبي مودعه بيت نملة" وأصدر المطوع حكمه بأن «بيتي المجماح أنه أعذب لفظا، وأرق معنى، وأقوى سبكا.



"يليه الجزء الثاني"

التعديل الأخير تم بواسطة ابو مشاري الرفدي ; 11-11-2017 الساعة 08:07 PM
ابو مشاري الرفدي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس