06-11-2009, 12:14 PM
|
رقم المشاركة : 13
|
معلومات
العضو |
|
|
إحصائية
العضو |
|
|
|
ـ 12 ـ
32 ـ قال الكاتبُ: [ومن ذلك أن أصنام بكر في الجاهلية هي أصنام لعنزة أيضاً. يقول البكري: (وكان لبكر بن وائل صنم يقال له عوض، ويقال: بل عوض الدهر، وقد جاء فيه شعر، قال رجل من عنزة قديم يخبر أن عوضاً صنم لبكر كلها:
حلفت بمائرات حول عوض= وأنصاب تركن لدى السعير
...) والقائل هو الشاعر الجاهلي رشيد بن رميض العنزي ] ص 37 ـ 38
1 ـ كان يَنْبغي على الكاتبِ أنَّ يُشيرَ إلى أنَّ "السُّعَيْر" ـ الواردَ في البيتِ ـ صنمٌ لعنزة خاصَّةً. وهي إشارةٌ سيتعلَّقُ بها أشياءُ أخرى في هذه المسألةِ.
2 ـ على أنَّ اختصاصَ بعضِ القبائلِ بأصنامٍ زادُوا في تَعْظيمِها لا يَعْنِي أنَّ غيرَهم لا يَرَى لها قداسةً؛ فالوَثَنيَّةُ واحدةٌ، ولَوْ كان كلُّ صنمٍ له دينٌ مُسْتقلٌّ لَمَا جاز ـ كما ترى هنا ـ أنْ يكونَ لعنزة صنمٌ تختصُّ به في الوقتِ الذي تَشْتركُ فيه مع بكرٍ في صنمٍ آخرَ.
وفي الآثارِ الواردةِ عن العربِ تَجِدُ ما يُثْبِتُ أنَّ الشَّاعرَ الجاهليَّ يَذْكُرُ أصناماً ويُقْسِمُ بها وهي لا تُعَدُّ من أصنامِ قومِه خاصَّةً، فمِن ذلك: الشَّنْفَرَى الأَسْدِيُّ حين أقْسَمَ بالأُقَيْصِرِ وهو صنمٌ في مشارفِ الشَّامِ لقُضاعةَ ولَخْمٍ وجُذامٍ وعاملةَ وغطفانَ، وزيدُ الخيرِ الطَّائيُّ يُقْسِمُ بعائمٍ وهو صنمٌ لأزْدِ السَّراةِ. فلا يَبْعُدُ من هذا أنْ يكون قولُ رُشَيْدٍ العنزيِّ من هذا.
3 ـ أمَّا إذا كانتِ الأصنامُ تدلُّ على اشتراكٍ في النَّسَبِ ـ كما يَسْتدلُّ الكاتبُ هنا بهذا ـ فما بالُ عنزة تَسْتقلُّ بصنمِها "السُّعَيْر" ولا تَشْتركُ معها بكرٌ فيه؟! أكانَ هذا لأنَّ عنزة لا تَشْتركُ بنسَبٍ مع بكرٍ؟! أم لأنَّ الأصنامَ لا تدلُّ ـ أصْلاً ـ على الأنسابِ؟!
4 ـ أمَّا عبارةُ أبي عُبَيْدٍ البكريِّ التي نَقَلها الكاتبُ ففيها قُصُورٌ واضحٌ؛ فمُحَصَّلُ عبارتِه هو: ("عَوْضٌ" صنمٌ لبكرٍ، وقولُ الشَّاعرِ العنزيِّ دليلٌ على أنَّ هذا الصَّنَمَ لبكرٍ كلِّها)، فما الذي أضافَتْهُ الجملةُ الأخرى إلى الجملةِ الأولى؟! لا شَيْءَ!! فإذا كانت عنزة من بكر ـ كما يقولُ الكاتبُ ـ فعلى أيِّ شَيْءٍ دَلَّ شِعْرُ العنزيِّ؟ هل يدلُّ على أنَّ الصَّنَمَ لبكرٍ؟! ألَمْ يَقُلْ أبو عُبَيْدٍ هذا في جُمْلتِه الأولى؟! فما حاجتُه إلى الاستدلالِ بشِعْرِ العنزيِّ؟!!
والقراءةُ الصَّحيحةُ التي أراها هي: "وكان لبكرِ بنِ وائلٍ صنمٌ يُقالُ له: عَوْضٌ...، وقد جاء فيه شِعْرٌ؛ قال رجلٌ من عنزةَ قديمٌ يُخْبر أنَّ عوضاً صنمٌ لـ(ربيعة) كلِّها"، فما مُحَصَّلُ هذه القراءةِ؟ سيكونُ: ( "عَوْضٌ" صنمٌ لبكرٍ، غيرَ أنَّ شعرَ الشَّاعرِ العنزيِّ يدلُّ على أنَّ الصَّنَمَ لم يكُنْ خاصَّاً ببكرٍ ولكنَّه لربيعةَ كلِّها)، فالجملةُ الأولى هي القولُ المشهورُ في نِسْبةِ الصَّنَمِ، لكنَّ أبا عُبَيْدٍ خَطَّأ هذا القولَ حين استدلَّ بشِعْرِ العنزيِّ.
5 ـ وحتى لا يُقال: يَرْمِي بالقولِ على عواهنِه! فهذا تَحْقيقُ أمرِ صنمٍ آخرَ؛ فقد جاء في (تاج العروس): أنَّ "ذا الكَعَباتِ" بيتٌ لربيعةَ كانوا يطوفون فيه. والذي في (الأغاني): أنَّ هذا البيتَ لبكرِ بن وائلٍ. فالقولُ بأنَّ ذا الكَعَباتِ لبكرٍ وَحْدَها مُعارَضٌ بالنَّصِّ الذي يقولُ إنَّه لربيعةَ كلِّها. وكذلك "السُّعَيْر"؛ فالنَّصُّ الذي يقولُ إنَّه لبكرٍ وَحْدَها مُعارَضٌ بشِعْرِ العنزي الذي يُثْبِتُ أنَّه لربيعةَ كلِّها.
6 ـ فغايةُ الأمرِ في حديثِ الأصنامِ هذا هو: إنْ كان "عَوْضٌ" صنماً لبكرٍ وَحْدَها فقَوْلُ الشَّاعرِ العنزيِّ كقَوْلِ غيرِه من الشُّعراءِ حين يَذْكرون أصناماً ليسَتْ لأقوامِهم خاصَّةً، وإنْ كان "عَوْضٌ" صنماً لربيعةَ كلِّها فالأمرُ واضحٌ حينذاك.
33 ـ قال الكاتبُ: [ويقول ابن حبيب صاحب المحبر: (وكان المحرق بسلمان لبكر بن وائل وسائر ربيعة...)] ص 38
إذا كان هذا الصَّنَمُ لربيعةَ كلِّها فكيف يكونُ فيه دليلٌ على دخولِ عنزةَ في بكرٍ؟!!
ـ يتبع إن شاء الله ـ
|
|
|
|