عرض مشاركة واحدة
قديم 01-07-2011, 04:07 AM   #2
مؤرخ قبائل السلقا
 
تاريخ التسجيل: Apr 2010
المشاركات: 1,131
افتراضي


الجزء الثانى


[مقتل الناقة]

تزوج كليب بن ربيعة من الجليلة بنت مرة بن ذهل بن شيبان البكري ولاشك أن لزواجه هذا هدف سياسي فى اِبقاء التلاحم بين تغلب وبكر تحت سيادة كليب؟ ولكن تصرفات كليب وأوامره وسيطرته الكاملة على الأمور ولدت الحقد عليه من كثيرين كان أبرزهم أخو زوجته جساس بن مرة الذى كان على مايبدوا شاباَ متهوراَ فيه من نزق الشباب وفتوتهم مايمنعه من تقبل الأوامر الصارمة لكليب التى تكن فى مجملها مقبولة لدى عرب الفوا حرية الصحراء ولم يعرفوا فى حياتهم الأنصياع لملك أوسيد ويبدوا أن كليباَ أحس بما يعتمل فى صدور بعض معارضيه وخاصة أنسبائه من البكريين؟ فسأل زوجته بينما كانت تغسل رأسه وتسرحه ذات يوم من أعز وائل؟ فصمتت ثم أعاد عليها حتى أكثر عليها ولعلها أرادت اِغاضته فقالت أخواي همام وجساس! فنزع رأسه من يدها وخرج منها غاضباَ ومما زاد الطين بلة أن جساس بن مرة كان فى تلك الفترة يستضيف خالته البسوس بنت منقذ التميمية والتى كانت تملك ناقة وفصيل لها فأرسلت ناقتها والفصيل للرعي مع اِبل*جساس فى حمى كليب الذى كان مسموحاَ لأنسبائه باِدخال اِبلهم اِليه فلما راى كليب فصيل الناقة رماه بسهم فأرداه؟ فسكت اَل مرة على ذلك ولم يعاتبوا كليباَ فى الأمر وعندما لقى كليب جساساَ سأله مافعل فصيل ناقتكم؟ فقال جساس قتلته وأخليت لنا لبن أمه؟ وسكت على ذلك ولكن كليباَ لم يكتف بهذا الأستفزاز لأنسبائه فلما رأى ناقة البسوس فى حماه مرة ثانية سأل عنها فقيل له أنها لخالة جساس فقال أوقد بلغ من أمر اِبن السعدية أن يجيرعليَ بغير اِذني اِرم ضرعها ياغلام! وذهب الرعاة لجساس فأخبروه بالأمر فقال اِحلبوا لها مكيالبى لبن بمحلبها ولاتذكروا لها من هذا شيئاَ وفى روايةأخرى ان الناقة اسمها سراب كانت *لسعد بن شميس بن طوق الجرمي الذى نزل بالبسوس بنت منقذ خالة جساس وجعل ناقته ترعى مع ابل جساس فلما راَها كليب أنكرها فقال له جساس هذه ناقة جارنا الجرمي فقال كليب لاتعد هذه الناقة الى الحمى؟ فقال جساس لاترعى اِبلي مرعى اِلا وهذه الناقة معها! فقال لئن عادت لأضعن سهمي فى ضرعها فقال جساس لئن وضعت سهمك فى ضرعها لأضعن سنان رمحي فى لبتك؟ بعد حواره المستفز هذا مع جساس عاد كليب لأمرأته الجليلة فقال لها أترين أن فى العرب رجلاَ مانعاَ مني جاره؟ فسكتت فأعادها ثانيةَ ثم ثالثة! فقالت نعم أخى جساس وندمائه اِبن عمه عمرو بن أبى ربيعة؟ فذكر لها الحديث الذى جرى بينه وبين جساس اَنفاَ وعندما أراد الخروج للحمى ناشدته ألايقطع رحمه كما ذهبت الى أخيها جساس تنهاه أن يُسرح اِبله فى حمى كليب درءاَ للمشاكل وكان مرة وأولاده قد عقلوا الناقة سراب حتى لاترد الماء خوف الفتنة فلما مرت بها اِبل كليب عركت العقال وتصرعت فيه حتى حلته وتبعت اِبل كليب حتى اِختلطت بها اِلا أن محاولات الجليلة لم تنفع فى منع المقدور؟اِذ رمى كليب ضرع الناقة فقتلها ولما سمعت البسوس صراخ جارها الجرمي صاحت واذلاه!! فخرج اليها جساس قائلاَ أسكتي ولاتراعي كما قال للجرمي اِنى ساقتل جملاَ أعظم من هذه الناقة سأقتل غلالاَ؟ وكان غلال فحل اِبل كليب لم يُرى فى زمانه مثله ويبدوا أن جساساَ كان يعني بمقالته هذه قتل كليب نفسه؟ وكانت لكليب عيون بين رعيته تسمع مايقولون وتخبره فلم يهتم لماعلم بمقالة جساس وقال لقد اقتصر من يمينه على غلال؟وقيل أيضاَ أنه مما دعا كليب لفعل مافعل بالناقة أن زوجته الجليلة دخلت على أخيها جساس ولامته على ماقال لكليب فقال لها تباَ لك ياجليلة لقد جئتني عن ضيم فى جاري؟ اِن فعل ولم أقتله فأمي مثل أمه وكانت أم كليب أمةَ *جارية؟ فقالت له الجليلة اِذاَ يسلمك قومك ويخذلك أبوك اِنى لأظنك شر مولود فى وائل؟ فقال لها جساس نعم اِن لم أمنع جاري واِن منعته فخير مولود فى وائل من منع من كليب؟ فخرجت الجليلة غاضبة من عند أخيها واضطرت لأخبار كليب بما قال جساس بعدما الحَ عليها فغضب لما سمع ماقاله جساس بشأن تعييره بأمه وعزم على قتل الناقة عقاباَ له؟ وبعد أن سببت الجليلة بمقتل الناقة بانفلات لسانها جاء دور اِمراة أخرى فى اشعال الحرب فكانت البسوس تحرض جساساَ على مقتل كليب وتنشد مخاطبة جارها سعداَ الجرمي صاحب الناقة:

أيا سعدا لاتغرر بنفسك وارتحل = فانك فى قوم عن الجار أمواتِ
فدونك أذوادىاليك فـــــــــاِنني = محاذرةَ أن يغدروا ببنــــــــاتي
لعمري لو أصبحت فى دارمنقذِ = لما ضيم سعدِ وهو جاراَ لأبياتي
ولكني أصبحت فى دار غربــــةِ = متى يعدوا فيها الذئب يعدُ على شاتي


وأتى المفضل الضبي بقول اَخر عن علاقة البسوس بجساس فذكر أنها ليست خالته؟ بل أن أم جساس التميمية أمها من *غني والبسوس غنوية فجاورته لهذه الخؤلة البعيدة أما المهلهل فاِنه لما بدأ الخلاف بين كليب وجساس فى الظهور أراد أن يلطف من حدة كليب فحادثه فى الأمر فطلب منه تهدئة الأمور فغضب عليه الأخير وقال اِنما أنت زير نساء؟ والله لو قُتلت ماأخذت بدمي اِلا اللبن! فرد عليه المهلهل شعراَ:

اخِ وحريم سيءُ اِن قطعته = وسنة عزمِ هدمها لك هادم
وكل حميمِ أوأخِ ذي قرابةِ = لك اليوم حتى اَخر الدهر لائم
فأخِر فاِن الشر يحسن اَخراَ = وقدِم فاِن الحر للغيظ كاظمُ


وجاء فى كتب تفسير القراَن الكريم رواية عكرمة عن اِبن عباس رضى الله عنه حول أصل المثل القائل[ أشئم من البسوس] أن رجلاَ من بني اِسرائيل أعطي ثلاث دعوات يستجاب له فيها وكانت له امرأة يقال لها البسوس وكان له منها ولد وكانت له محبة فقالت اِجعل لى منها واحدة قال لك واحدة فماذا تأمرين قالت أدع الله أن يجعلنى أجمل اِمرأة فى بني اِسرائيل؟ فلما علمت أن ليس فيهم مثلها رغبت عنه وأرادت رجلاَ اَخر! فدعا الله عليها أن يجعلها كلبة نباحة؟ فذهبت فيها دعوتان وجاء بنوها فقالوا صارت أمنا كلبة نباحة يعيرنا بها الناس فأدع الله أن يردها الى الحال التى كانت عليها فدعا الله فعادت كما كانت وذهبت الدعوات الثلاث وهى البسوس وبها يضرب المثل فى الشؤم فيقال أشأم من البسوس؟ ويذكر ابن عباس أن هذا تفسير قوله تعالى فى سورة الأعراف(اَية175) [واتل عليهم نبأ الذى اَتيناه اَياتنا فانسلخ عنها] صدق الله العظيم, فاِن صحت هذه الرواية عن ابن عباس رضي الله عنه فلاندرى هل هناك بسوسان؟ أم أن خالة جساس لقبت بالبسوس تشبيهاَ لتلك المرأة الأسرائيلية لشؤمها فى اشعال الحرب بين العرب خاصة وأن هناك من يذكر أن اِسم البسوس الحقيقي هو الهيلة بنت منقذ ولم يلحقها اِسم البسوس اِلا بعد هذه الحادثة.


[ الغدر بكليب ]


بعد التوتر الذى أحدثه مقتل الناقة على يد كليب اَثر مرة وأولاده أن يبتعدوا بعض الشىء عن ديار كليب ربما لدرء المشكلات التى يمكن أن يسببها جساس لهم بالأضافة الى رغبتهم بالتعبيرعن غضبهم من كليب لما فعل بناقة جارهم فكان اِرتحالهم الى ماء شبيث أولاَ ولكن كليباَ غضب لأرتحالهم عنه دون اِذن فنفاهم عنه؟ ثم مروا عل ماء الأحص فنفاهم عنه أيضاَ؟ وقال لايذوقون منه قطره؟ وكذلك فغل بهم حين نزلواالجريب؟ حتى حلوا على ماء الذنائب فلحقهم كليب وقومه ومنع اَل مرة عنه عندها مر جساس على كليب وهو واقف على ماء الذنائب فقال له: أهلنا على المياه حتى كدت تقتلهم عطشاَ! فقال له كليب: مامنعناهم من ماء اِلا ونحن له شاغلون؟ فمضى جساس ومعه اِبن عمه عمرو بن الحارث حتى لحقا بكليب وهو منفرد عن حاشيته فناداه جساس قائلاَ: هذا كفعلك بناقة خالتي؟ فقال له كليب أوقد ذكرتها؟ أتراك مانعي أن أذب عن حماي؟ أما اِنى لو وجدتها فى غير اِبل مرة لأستحللت تلك الاِبل بها؟ أغضبت هذه الكلمة جساساَ وتذكر مافعل كليب بهم ورأى أن الفرصة سانحه للتخلص من هذا الطاغية الذى بغى وتجبر عليهم فانحنى عليه بفرسه وطعنه بالرمح فأصابه فى مقتل؟! عندها قال كليب وهو يتجرع الموت ياجساس اِسقني من الماء؟ فرد عليه ماعقلت استسقائك للماء منذ ولدتك أمك اِلا ساعتك هذه؟! ثم التفت كليب الى عمرو فقال له ياعمرو أغثني بشربة ماء؟ فنزل اليه عمرو وأجهزعليه؟! وقيل فى وصف حادثة القتل أيضا أن جساساَ ظل يطلب غرة كليب فلما راَه قد بعُد عن البيوت أخذ رمحه وأدركه فقال ياكليب الرمح ورائك؟ فقال له كليب اِن كنت صادقاَ فاقبل اِليَ من أمامي؟ ولم يلتفت اليه فطعنه جساس وأرداه عن فرسه فقال كليب ياجساس أعثني بشربة ماء؟ فقال له جساس تجاوزت الأحص وشبيث؟ وعند ذلك أمر جساس عمرو بن الحارث أن يجعل حول جثة كليب أحجاراَ لئلا تأكلها سباع البر وبعد فعلته هذه عاد جساس الى ديار قومه مسرعاَ على فرسه وهو يكشف عن ركبتيه؟ فقال أبوه مرة حين راَه على هذه الحال والله ماخرجت ركبتا اِلا لمرِ عظيم؟ وسأله ماورائك يابني؟ فقال جساس ورائي أني قد طعنت ُ طعنة لتشغلن شيوخ وائل بها زماناَ!! فسأله الأب مرةَ ثانية أقتلت كليب؟ فال نعم!! فقال مرة وددت أنت واِخوتك متم قبل هذا؟ مابي اِلا أن تتشائم بي أبناء وائل؟ وزاد الرواة الحكاية ملحاَ فقالوا أنه قد دار بينهما هذا الحوار الشعرى اِذ قال جساس لأبيه:

مذكرة متى مايصح منــهــــا = فتى نشبت باَخر غير صاحِ
تُنكل عن ذباب الغيَ قومـــــا = وتدعوا اَخرين الى الصلاح
تعدت تغلب ظلمــــاَ عليـنــــا = بلا جرم ِ يُعد ولا جنـــــــاح
سوى كلب عوى فى بطن قاعِ = ليمنع حمية القاع المبـــــــاح

فرد عليه أبوه مرة قائلاَ:


لئن تك قد جنيت عليَ حـرب اَ= تغص الشيخ بالماء القــــراح
جمعت بها يديك على كلــيباَ = فلا وانِ ولا رث الســــــــلاح
سألبس ثوبها وأذود عـــــنى = بها عار المذلة والفــضــــاح
وأجمل من حياة الذل مــوت = وبعض العار لايمحوه مــاح



وفى الأغانى للأصفهاني قول أن هذه المحاورة الشعرية كانت بين جساس وأخيه نظلة بن مرة؟ وفى رواية أخرى أن مرة قال لما رأى ابنه قال: لقد أتاكم جساس بداهية؟ مارأيته قط بادي ركبتيه الى اليوم؟ فلما وقف عليه سأله مالك ياجساس؟ فقال جساس طعنت طعنة يجتمع بنو وائل غدا لها رقصاَ؟ فقال مرة ومن طعنتك لأهلك الثكل؟ فقال قتلت كليباَ؟ فقال مرة بئس ماجئت به قومك؟ وذكروا أيضا أن مرة قال لجساس لما أعلمه بالخبر: اِذن نسلمك بجريرتك ونريق دمك فى صلاح العشيرة والله لبئس مافعلت فرقت جماعتك وأطلت حربها وقتلت سيدها فى شارف من الأبل والله لاتجتمع وائل بعدها ولايقوم لها عماد فى الحرب وشُغل الشعراء بتصوير حادثة مقتل كليب وأجمعوا على أنه قتل مظلوماَ؟ بذنب يسير كما صور ذلك النابغة الجعدي الشاعر المخضرم بقوله:



كليب لعمرى كان أكثر ناصراَ = وأيسر جرماَ منك ضُرج بالدم
رمى ضرع نابِ فأستمر بطعنةِ = كحاشية البرد اليماني المسهم
ومايشعر الرمح الأصم كعوبه = بثروة رهط الأبلج المتظلم
وقال لجساس أغثني بشربةِ = تفضل بها طولاَ عليَ وأنعم
فقال تجاوزت الأحص وماءه = وبطن شبيثِ وهو ذو مترسم

وقال عمرو بن الأهتم فى وصف الحادثة:



وأن كليباَ كان يظلـــم قومـــــه = فأركه مثل الذى تريانِ
فلما حشاه الرمح كف ابن عمه = تذكرظلم الأهل أي اوانِ
وقال لجساس أغثني بشربـــةِ = واِلا فخبرمن رأيت مكاني
فقال تجاوزت الأحص ومــاءه = وبطن شبيثِ وهوغيردفان


[المهلهل فى مواجهة الكارثة]


كان همام بن مرة قد اَخى مهلهلاَ وتعادها ألايكتمان بعضهما شيئاَ وبينهما هما منفردان فى البرية يشربان الخمر جاءت الى همام جارية له معها فرس فقال لها مادهاك؟فقالت له سراَ شر طويل قتل جساس كليباَ؟ وقدظعن أبوك واِخوتك وأُمرت بالمجيء اِليك بالفرس لتلحق بهم؟ ولما سأله المهلهل عما قالت الجارية لم يخبره همام حتى ذَكره المهلهل بالعهد الذى بينهما فقال همام أُخبرت أن جساساَ قتل كليبأ؟ فقال المهلهل اِستُ أخيك أضيق من ذلك؟ ومضى فى شرابه ولم يهتم للأمر! وقيل أن جساساَ كان قد مرَ بهما قبل ذلك وهو على ظهر فرسه مخرجاَ فخذيه بعد قتله لكليب مباشرةَ فقال همام اِن له للأمراَ والله مارأيته كاشفاَ فخذيه قط فى ركض؟ ثم عاد الصديقان الى شرابهما حيث قال المهلهل لهمام اِشرب فاليوم خمر وغداَ أمر وقال فى سكره:



دعيني فما اليوم مصحى لشاربِ = ولافى غدِ ماأقرب اليوم من غدِ
دعيني فاِني فى سمادير سكــــرة = بها جل همي وايستبان تجلـدي
فاِن يطلع الصبح المنير فاِنـــــني = سأغدوا الهويني غير وانِ مفردِ
وأُصبح بكراَ غارةَ صيلمــــــــيه= ينال لظاها كل شيخ وأمــــــــردِ


فشرب همام وهو حذر خائف من صحوة المهلهل؟ وأنتظر حتى سكِر المهلهل فعاد الى اهله؟ فوجد قومه يرتحلون من مواقعهم الى *(النهى) وذلك اِبتعاداَ عن قوم كليب تحسباَ لما قد يقع بعد انتشار خبر مقتله؟ أما المهلهل فاِنه رجع الى الحي سكراناَ؟ فراى قومه يعقرون خيولهم ويكسرون رماحهم وسيوفهم! فقال لهم ويحكم مالذى دهاكم؟ فلما أخبروه بالأمر وعرف أن الأمر حقيقى وواقع قال لهم: ذهبتم شر مذهب؟ أتعقرون خيولكم حين احتجتم اليها؟ وتكسرون سلاحكم حين افترقتم اليه؟ فتوقفوا عن ذلك كما ونهى النساء عن البكاء على كليب قائلاَ اِستبقين للبكاء عيوناَ تبكى الى اَخر الأبد؟ ورغم أن وجود اليمامة ابنة كليب التى كانت تحرض عمها المهلهل على الثار هو من علامات السيرة الشعبية؟ اِلا أن بعض الكتب الغير موثوقة قديما تحدثت عن ابنة لكليب تدعى أمامة قالت تحرض عمها لما رأته لاهياَ عن ثأر ابيها فى أبيات هى بلا شك من أكاذيب الرواة وانتحالاتهم:


أتلهوا بالملاهى والخمـــور = ولاتدرى بعابة الأمـــور
ولاتدرى بان كليباَ أضــحى = قتيلاَ عند جساس الغدور
فواعجباَ لجساس وعمــــرو= لقد جسرا على أمرِ كبير


ومازال المهلهل يبكي أخاه كليباَ ويندبه ويرثيه ويتوعد بكراَ شعرا ونثراَ حتى يئس قومه منه وقالوا لقد صدق كليب وهمَ مرة وبنوه بالرجوع الى الحمى بعد أن أمنوا غضبة المهلهل؟فلما بلغ ذلك المهلهل انتبه للحرب وشمر عن ذراعيه وجمع أطراف قومه ثم جز شعره وقصر ثوبه وأقسم ألايهتم بلهو ولايشم طيباَ ولايشرب خمرا أو يدهن بدهن حتى يقتل بكل عضو من كليب رجلاَ من بكر؟ ومن أشعاره يتوعد بكر:



يالبكر اِنشروا لى كليبـــــا = يالبكر أين أين الفــــــرار
يالبكر اِظعنوا ثم حلــــــوا = صرح الشر وباح السرار
سفهتْ شيبان لما التقينــــا = اِن عودْ التغلي لضــــــــار
ياكليب الخير لست براض = دون روحِ تراح منه الديار


[ترحيل الجليلة]


اٍجتمعت نساء الحي لماتم كليب فقلن لأخته رحلي جليلة عن مأتمك؟ فاِن قيامها فيه شماته وعار علينا عند العرب؟ فقالت أخت كليب للجليلة ياهذه اِخرجي عن مأتمنا فأنت أخت واترنا وشقيقة قاتلنا؟ فخرجت الجليلة واستقبلها أبوها مرة قائلاَ: ماورائك ياجليلة؟ فقالت أمنية مخدوع وربُ الكعبة... أبالبدن تدع لك تغلب دم ربها؟! ولما رحلت الجليلة قالت أخت كليب: رحلة المعتدى وفراق الشامت..ويل غداَ لأَل مرة؟ من الكرة بعد الكرة؟ فبلغ قولها الجليلة فقالت وكيف تشمت الحرة بهتك سترها وترقب وِترها؟ أسعد الله جد أختى أفلا قالت نفرة الحياء وخوف الأعتداء؟ وتختفى الجليلة بعد ذلك عن الأحداث؟ فلاتظهر اِلاعند حوارها مع اِبنها الهجرس! فالواضح أنها أقامت لدى أهلها البكريين وشهدت النكبات التى جرها عليهم مقتل كليب حتى توفيت سنة 538م على قول غير موثوق.


[ محاولة الصلح الأولى]


بعد قسم المهلهل بأخذ الثأر لأخيه قال له أكابر قومه: اِننا نرى ألا تعجل بالحرب حتى تعذر الى اِخواننا فبالله ماتجدع بحرب قومك اِلا انفك ولا تقطع اِلا كفك؟ فقال المهلهل: جدعه الله أنفاَ وقطعها كفاَ والله لاتحدَث نساء تغلب أني أكلتُ لكليب ثمناَ ولاأخذتُ له دية؟ فقالوا لابد أن تغض طرفك وتخفض جناحك لنا ولهم؟ فكرِه المهلهل أن يخلفهم فى ذلك فينفضوا عنه وهو مُقدم على حرب يريده طويلة وبل نهاية؟ فقال دونكم ماأردتم! وذكر ابن الأثير فى الكامل: أن مهلهلاَ هو الذى أرسل الوفد الذين ذهبوا الى مرة؟ فقالوا له: اِنكم أتيتم عظيماَ بقتلكم كليباَ بناقة؟ وقطعتم الرحِم وأنتهكتم الحرمه واِنا نعرض عليك خلالاَ أربع لكم فيها مخرج ولنا فيها مقنع؟ اِما أن تُحي لنا كليباَ؟ أوتدفع لنا قاتله جساساَ فنقتله به؟ أو هماماَ فاِنه كفوء له ؟ أو تمكنا فى نفسك فاِن فيك وفاء لدمه؟ فسكت مرة وقد حضرته وجوه بني بكر منتظراَ تأييدهم فيما سيتخذ من قرار! فقالوا له: تكلم غير مخذول وعند ذلك قال: أما اِحيائي كليباَ فلست قادراَ عليه وأما دفعي جساساَ اِليكم فاِنه غلاماَ طعن طعنة على عجل وركب فرسه فلا أدري أي بلاد قصد؟ وأما همام فاِنه أبوعشرة وأخوعشرة ولو دفعته اِليكم لصًيح بنوه فى وجهي وقالوا دفعت أبانا للقتل بجريرة غيره؟ وأما أنا فلاأتعجل الموت... فلاتزيد الخيل على أن تجول جولة فأكون أو قتيل؟ ولكن هل فى غير ذلك؟ هؤلاء بَني فدونكم أحدهم فاقتلوه به واِن شئتم فلكم الف ناقة تضمنها لكم بكر بن وائل؟ فغضب الوفد من جوابه وقالوا: اِنا لم نأتك لترذل لنا بنيك ؟ أي تختار لنا أرذلهم- ولاتسومنا اللبن ؟ فتفرقوا اِيذاناَ بوقوع الحرب! ولما عاد الوفد الى المهلهل وأخبروه بعروض مرة فقال: ماكان كليب بجزور نأكل له ثمناَ.

[ انتهى ]

*الحقيقة ان البسوس قد أرسلت الناقة وفصيلها للرعي مع اِبل والده مرة بن ذهل وليس مع اِبل جساس.

*هناك جرم من قضاعة وجرم من طىء وقضاعة باتفاق النسابة من قحطان وجرم هو علاف بن زبان بن حلوان بن عمران بن الحاف بن قضاعة بن مالك بن حمير بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان.

*المشهور أن كليب والمهلهل هم أخوين شقيقين وأمهما هي المرادة بنت ثعلبة بن جشم اليشكري وخالهم هو المحلل بن ثعلبة اليشكري من يشكر بن بكر بن وائل.

*غني هو بن أعصر بن قيس عيلان بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان.

*النهى مورد ماء كانت فيه الوقعة الأولى فيما بعد بين بكر وتغلب كما قال بذلك المؤرخين.

التعديل الأخير تم بواسطة ابو مشاري الرفدي ; 01-08-2011 الساعة 08:41 PM
ابو مشاري الرفدي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس