موقع قبيلة عنزه الرسمي: الموقع الرسمي لقبائل ربيعه عامه و عنزة خاصه

موقع قبيلة عنزه الرسمي: الموقع الرسمي لقبائل ربيعه عامه و عنزة خاصه (http://www.bnabar.com/vb/index.php)
-   المقالات العلميه والبحث العلمي (http://www.bnabar.com/vb/forumdisplay.php?f=98)
-   -   بداية البشر في عالم الانساب (http://www.bnabar.com/vb/showthread.php?t=454)

ذيب الشويرد 02-12-2008 03:32 PM

بداية البشر في عالم الانساب
 
تحيه خاصه للاعضاء المنتدى

تحيه بماء الورد وريحة العود لكل عضاء هذا المنتدى المبارك وعلى رأس هذا الصرح الشامخ الدكتور والأديب والباحث : عبدالله بن دهميش بن عبار العنزي بما يقوم به من بحث وتقصي حقائق عن نسب قبيلة عنزه ولايفوتني أن ختلفت معه في بعض الامور ولكن أتفق معه في الكثير من الامور وأكرر شكري له على رحابة صدره وحسن معاملته, وأعتذر من أخواني وأحبائي من غيابي الطويل عنكم , وأبتدأ معكم رحله جديده بعنوان ( بداية البشر في عالم الانساب في أول ( حلقات هذا الموضوع )


بداية الحلقه الاولى

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الاول والآخر، الباطن الظاهر، الذي هو بكل شئ عليم، الاول فليس قبله شئ، الآخر فليس بعده شئ، الظاهر فليس فوقه شئ الباطن، فليس دونه شئ، الازلي القديم الذي لم يزل موجودا بصفات الكمال، ولا يزال دائما مستمرا باقيا سرمديا بلا انقضاء ولا انفصال ولا زوال. يعلم دبيب النملة السوداء، على الصخرة الصماء، في الليلة الظلماء، وعدد الرمال. وهو العلي الكبير المتعال، العلي العظيم الذي خلق كل شئ فقدره تقديرا. ورفع السموات بغير عمد، وزينها بالكواكب الزاهرات، وجعل فيها سراجا وقمرا منيرا وسوى فوقهن سريرا، شرجعا عاليا منيفا متسعا مقبيا مستديرا. وهو العرش العظيم - له قوائم عظام، تحمله الملائكة الكرام، وتحفه الكروبيون عليهم الصلاة والسلام، ولهم زجل بالتقديس والتعظيم. وكذا أرجاء السموات مشحونة بالملائكة، ويفد منهم في كل يوم سبعون ألفا إلى البيت المعمور بالسماء الرابعة لا يعودون إليه، آخر ما عليهم في تهليل وتحميد وتكبير وصلاة وتسليم. ووضع الارض للانام على تيار الماء. وجعل فيها رواسي من فوقها وبارك فيها وقدر فيها أقواتها في أربعة أيام قبل خلق السماء، وأنبت فيها من كل زوجين اثنين، دلالة للالباء من جميع ما يحتاج العباد إليه في شتائهم وصيفهم، ولكل ما يحتاجون إليه ويملكونه من حيوان بهيم. وبدأ خلق الانسان من طين، وجعل نسله من سلالة من ماء مهين، في قرار مكين. فجعله سميعا بصيرا، بعد ان لم يكن شيئا مذكورا. وشرفه بالعلم والتعليم. خلق بيده الكريمة آدم أبا البشر، وصور جثته ونفخ فيه من روحه وأسجد له ملائكته، وخلق منه زوجه حواء أم البشر فآنس بها وحدته، وأسكنهما جنته، واسبغ عليهما نعمته. ثم أهبطهما إلى الارض لما سبق في ذلك من حكمة الحكيم. وبث منهما رجالا كثيرا ونساء، وقسمهم بقدرة العظيم ملوكا ورعاة، وفقراء وأغنياء، وأحرارا وعبيدا، وحرائر وإماء. وأسكنهم أرجاء الارض، طولها والعرض، وجعلهم
________________________________________
[ 6 ]
خلائف فيها يخلف البعض منهم البعض، إلى يوم الحساب والعرض على العليم الحكيم. وسخر لهم الانهار من سائر الاقطار، تشق الاقاليم إلى الامصار، ما بين صغار وكبار، على مقدار الحاجات والاوطار، وأنبع لهم العيون والآبار. وأرسل عليهم السحائب بالامطار، فأنبت لهم سائر صنوف الزرع والثمار. وآتاهم من كل ما سألوه بلسان حالهم وقالهم: (وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها إن الانسان لظلوم كفار): فسبحان الكريم العظيم الحليم * وكان من أعظم نعمه عليهم. وإحسانه إليهم، بعد أن خلقهم ورزقهم ويسر لهم السبيل وأنطقهم، أن أرسل رسله إليهم، وأنزل كتبه عليهم: مبينة حلاله وحرامه، وأخباره وأحكامه، وتفصيل كل شئ في المبدإ والمعاد إلى يوم القيامة. فالسعيد من قابل الاخبار بالتصديق والتسليم، والاوامر بالانقياد والنواهي بالتعظيم. ففاز بالنعيم المقيم، وزحزح عن مقام المكذبين في الجحيم ذات الزقوم والحميم، والعذاب الاليم.
أم بعد
قال كثير من علماء التفسير خلقت الجن قبل آدم عليه السلام وكان قبلهم في الارض الحن والبن فسلط الله الجن عليهم فقتلوهم وأجلوهم عنها وأبادوهم منها وسكنوها بعدهم. وذكر السدي في تفسيره عن أبي مالك عن أبي صالح عن ابن عباس وعن مرة عن ابن مسعود وعن ناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لما فرغ الله من خلق ما أحب استوى على العرش فجعل إبليس على ملك الدنيا وكان من قبيلة من الملائكة يقال لهم الجن وإنما سموا الجن لانهم خزان الجنة. وكان إبليس مع ملكه خازنا فوقع في صدره إنما أعطاني الله هذا لمزية لي على الملائكة. وذكر الضحاك عن ابن عباس أن الجن لما أفسدوا في الارض وسفكوا الدماء بعث الله إليهم إبليس ومعه جند من الملائكة فقتلوهم وأجلوهم عن الارض إلى جزائر البحور. وقال محمد بن إسحاق عن خلاد عن عطاء عن طاوس عن ابن عباس كان اسم إبليس قبل أن يرتكب المعصية عزازيل. وكان من سكان الارض ومن أشد الملائكة اجتهادا وأكثرهم علما وكان من حي يقال لهم الجن * وروى ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير عنه كان اسمه عزازيل وكان من أشرف الملائكة من أولي الاجنحة الاربعة * وقد أسند عن حجاج عن ابن جريج قال ابن عباس كان إبليس من أشرف الملائكة وأكرمهم قبيلة * وكان خازنا على الجنان وكان له سلطان سماء الدنيا. وكان له سلطان الارض * وقال صالح مولى التوأمة عن ابن عباس كان يسوس ما بين السماء والارض رواه ابن جرير وقال قتادة عن سعيد بن المسيب كان إبليس رئيس ملائكة سماء الدنيا * وقال الحسن البصري لم يكن من الملائكة طرفة عين وأنه لاصل الجن كما أن آدم أصل البشر * وقال شهر ابن حوشب وغيره كان إبليس من الجن الذين طردوهم الملائكة فأسره بعضهم وذهب به إلى السماء. رواه ابن جرير * قالوا فلما أراد الله خلق آدم ليكون في الارض هو وذريته من بعده وصور جثته منها جعل إبليس وهو رئيس الجان وأكثرهم عبادة إذ ذاك وكان اسمه عزازيل يطيف به فلما رآه أجوف عرف أنه خلق لا يتمالك * وقال أما لئن سلطت عليك لاهلكنك ولئن سلطت علي لاعصينك فلما أن نفخ الله في آدم من روحه كما سيأتي وأمر الملائكة بالسجود له دخل إبليس منه حسد عظيم وامتنع من السجود له وقال أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين، فخالف الامر واعترض على الرب عزوجل وأخطأ في قوله وابتعد من رحمة ربه وأنزل من مرتبته التي كان قد نالها بعبادته وكان قد تشبه بالملائكة ولم يكن من جنسهم لانه مخلوق من نار وهم من نور فخانه طبعه في أحوج ما كان إليه ورجع إلى أصله الناري (فسجد الملائكة كلهم أجمعون إلا إبليس استكبر وكان من الكافرين) [ الحجر: 30 ] وقال تعالى (وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس كان من الجن ففسق عن أمر ربه أفتتخذونه وذريته أولياء من دوني وهم لكم عدو بئس للظالمين بدلا) [ الكهف: 50 ]. فأهبط إبليس من الملا الاعلى وحرم عليه قدر أن يسكنه فنزل إلى الارض حقيرا ذليلا مذؤما مدحورا متوعدا بالنار هو ومن اتبعه من الجن والانس إلا أنه مع ذلك جاهد كل الجهد على إضلال
________________________________________
[ 60 ]
بني آدم بكل طريق وبكل مرصد كما قال (أرأيتك هذا الذي كرمت على لئن أخرتن إلى يوم القيامة لاحتنكن ذريته إلا قليلا. قال إذهب فمن تبعك منهم فإن جهنم جزاؤكم جزاء موفورا واستفزز من استطعت منهم بصوتك وأجلب عليهم بخيلك ورجلك وشاركهم في الاموال والاولاد وعدهم وما يعدهم الشيطان إلا غرورا. إن عبادي ليس لك عليهم سلطان وكفى بربك وكيلا) [ الاسراء: 62 ]. وسنذكر القصة مستفاضة عند ذكر خلق آدم عليه السلام * والمقصود أن الجان خلقوا من النار وهم كبني آدم يأكلون ويشربون ويتناسلون * ومنهم المؤمنون ومنهم الكافرون كما أخبر تعالى عنهم في صورة الجن في قوله تعالى (وإذ صرفنا إليك نفرا من الجن يستمعون القرآن فلما حضروه قالوا أنصتوا فلما قضى ولوا إلى قومهم منذرين * قالوا يا قومنا إنا سمعنا كتابا أنزل من بعد موسى مصدقا لما بين يديه يهدي إلى الحق وإلى طريق مستقيم * يا قومنا أجيبوا داعي الله وآمنوا به يغفر لكم من ذنوبكم ويجركم من عذاب أليم * ومن لا يجب داعي الله فليس بمعجز في الارض وليس له من دونه أولياء أولئك في ضلال مبين) [ الاحقاف: 29 ] وقال تعالى (قل أوحي إلي أنه استمع نفر من الجن فقالوا إنا سمعنا قرآنا عجبا يهدي إلى الرشد فآمنا به ولن نشرك بربنا أحدا. وانه تعالى جد ربنا ما اتخذ صاحبة ولا ولدا. وانه كان يقول سفيهنا على الله شططا. وأن ظننا أن لن تقول الانس والجن على الله كذبا. وأنه كان رجال من الانس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقا. وأنهم ظنوا كما ظننتم أن لن يبعث الله أحدا * وأنا لمسنا السماء فوجدناها ملائت حرسا شديدا وشهبا. وأنا كنا نقعد منها مقاعد للسمع فمن يستمع الآن يجد له شهابا رصدا. وانا لا ندري أشر أريد بمن في الارض أم أراد بهم ربهم رشدا * وأنا منا الصالحون ومنا دون ذلك كنا طرائق قددا * وأنا ظننا ان لن نعجز الله في الارض ولن نعجزه هربا. وأنا لما سمعنا الهدى آمنا به فمن يؤمن بربه فلا يخاف بخسا ولا رهقا. وأنا منا المسلمون ومنا القاسطون. فمن أسلم فأولئك تحروا رشدا * وأما القاسطون فكانوا لجهنم حطبا. وأن لو استقاموا على الطريقة لاسقيناهم ماء غدقا لنفتنهم فيه. ومن يعرض عن ذكر ربه يسلكه عذابا صعدا) [ الجن: 1 ] وقد ذكرنا تفسير هذه السورة وتمام القصة في آخر سورة الاحقاف * وذكرنا الاحاديث المتعلقة بذلك هنالك * وأن هؤلاء النفر كانوا من جن (نصيبين) وفي بعض الآثار من جن (بصرى) وأنهم مروا برسول الله صلى الله عليه وسلم وهو قائم يصلي بأصحابه ببطن نخلة من أرض مكة فوقفوا فاستمعوا لقراءته. ثم اجتمع بهم النبي صلى الله عليه وسلم ليلة كاملة فسألوه عن أشياء أمرهم بها ونهاهم عنها وسألوه الزاد فقال لهم (كل عظم ذكر اسم الله عليه تجدونه أوفر ما يكون لحما وكل روثة علف لدوابكم) ونهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يستنجي بهما وقال: (إنهما زاد إخوانكم) [ أي ]: الجن. ونهى عن البول في السرب لانها مساكن الجن. وقرأ عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم سورة الرحمن فما جعل يمر فيها بآية (فبأي آلاء ربكما تكذبان

ذيب الشويرد 02-16-2008 12:45 PM


متابعة الحلقه الاولى

تفاصيل ومعلومات عن أصل الجن وخلقهم



الأصل الذي خلقوا منه

لقد دلت نصوص الكتاب والسنة على أن الجن خلقوا من نار، وهذه النصوص هي المعتمدة لأن "الدليل على أن أصل الجن النار: السمع دون النقل" قال سبحانه وتعالى: ﴿وَخَلَقَ الْجَآنَّ مِن مَّارِجٍ مِّن نَّارٍ*﴾ سورة الرحمان، الآية 15.، قال ابن عباس رضي الله عنهما ("من مارج من نار") "من لهب النار"وعنه أيضاً من خالص النار"، ويذهب سيد قطب إلى أن المراد بالمارج "المشتعل المتحرك كألسنة النار مع الرياح"، ويقول سبحانه وتعالى كذلك على لسان إبليس ﴿أَنَاْ خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِى مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ *﴾ سورة الأعراف، الآية:12.، لكن قد يقال كيف يعتبر قول إبليس حجة ودليلاً مع كذبه وكفره وعصيانه؟ وأرى أن الدليل ليس في قوى إبليس ذاته ولكن في إقرار الله له، والله عز وجل لا يقر أحداً على باطل.

ويقول سبحانه وتعالى كذلك: ﴿وَالْجَآنَّ خَلَقْناهُ مِن قَبْلُ مِن نَّارِ السَّمُومِ *﴾ سورة الحجر، الآية:27.، قال فخر الدين الرازي: {معنى السموم في اللغة: الريح الحارة تكون بالنهار وقد تكون بالليل وعلى هذا فالريح الحارة فيها نار ولها لفح وأوار، سميت سموماً لأنها بلطفها تدخل في مسام البدن وهي الخروق الخفية التي تكون في جلد الإنسان يبرز منها عرقه وبخار باطنه}.

إضافة إلى هذه الآيات القرآنية جاءت السنة النبوية كذلك مشيرة إلى الأصل الذي خلق منه الجن، ﴿عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم خلقت الملائكة من نور وخلق الجان من مارج من نار وخلق آدم مما وصف لكم﴾ صحيح مسلم بشرح النووي.

هذه النصوص تغنينا عن الخوض والبحث في الأصل الذي خلق منه الجن(*) بطرح احتمالات وافتراضات تمزق فكر الإنسان -لأن هذه المسألة من القضايا التوقيفية التي لا مجال للاجتهاد فيها.

فالنصوص السابقة تثبت أنه خلق من نار، وهنا قد يثار سؤال عويص: هل بقي الجن على ناريته التي خلق منها أم تحول عنها؟ الحقيقة أن الجن ليس ناراً وإنما أضاف الله سبحانه الجن إلى النار كما أضاف الإنسان إلى التراب والطين، فالإنسان أصله من طين وهو ليس طين صرف، وإنما هو كائن حي به روح وله عقل وفيه عروق وأعصاب ولحم وعظم ...، كذلك الجن أصله نار لكن تحول عن أصله، يدلنا على ذلك الأحاديث التالية:

*﴿عن يحيى بن سعيد أنه قال: أسري برسول الله صلى الله عليه وسلم فرأى عفريتاً من الجن يطلبه بشعلة من نار كلما التفت رسول الله صلى الله عليه وسلم رآه فقال له جبريل: أفلا أعلمك كلمات تقولهن، إذا قلتهن طفئت شعلته وخر لفيه! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بلى، فقال جبريل: قل أعوذ بوجه الله الكريم وبكلمات الله التامات الاتي لا يجاوزهن برّ ولا فاجر ومن شر ما ينزل من السماء وشر ما يعرج فيها ومن شر ما ذرأ في الأرض وشر ما يخرج منها ومن فتن الليل والنهار وطوارق الليل والنهار إلا طارقاً يطرق بخير يا رحمان﴾الموطأ / الإمام مالك ص:825.، فلو كان الجن باقين على عنصرهم الناري وأنهم نار حقيقية محرقة لما احتاج هذا العفريت أن يأتي بشعلة من النار كما جاء في الحديث.

*﴿عن أبي الدرداء قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فسمعناه يقول: أعوذ بالله منك ثم قال: ألعنك بلعنة الله ثلاثاً وبسط يده كأنه يتناول شيئاً فلما فرغ من الصلاة قلنا: يا رسول الله قد سمعناك تقول في الصلاة شيئاً لم نسمعك تقوله من قبل ذلك، ورأيناك بسطت يدك، قال إن عدو الله إبليس جاء بشهاب من نار ليجعله في وجهي فقلت: أعوذ بالله منك ثلاث مرات ثم قلت: ألعنك بلعنة الله التامة فلم يستأخر ثلاث مرات ثم أردت أخذه والله لولا دعوة أخينا سليمان لأصبح موثقاً يلعب به ولدان أهل المدينة﴾ صحيح مسلم بشرح النووي.، فهذا الحديث يثبت لنا بما لا يدع مجالا للشك أن هذا الشيطان احتاج إلى النار ليجعلها في وجه النبي صلى الله عليه وسلم وأن ذاته ليست ناراً.

*﴿عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان مع إحدى نسائه فمر به رجل فدعاه فجاء فقال: يا فلان هذه زوجتي فلانة فقال: يا رسول الله من كنت أظن به فلم أكن أظن بك، فقال رسول الله: إن الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم﴾ صحيح مسلم بشرح النووي.، قال القاضي(1) وغيره: قيل هو على ظاهره وأن الله تعالى جعل له قوة وقدرة على الجري في باطن مجاري دمه وقيل هو على الاستعارة لكثرة إغوائه ووسوسته فكأنه لا يفارق دمه وقيل يلقي وسوسته في مسام لطيفة من البدن فتصل الوسوسة إلى القلب.، فلو بقيت الجن والشياطين على ناريتهم لأحرقت الإنسان إذا مسته أو اقتربت منه كما تحرق النار الحقيقية الإنسان بمجرد لمسها، بل أكثر من ذلك لو بقي الجن على ناريتهم لما استطاعوا العيش في البحار كما يعيشون في البر، فهناك نوع من الجن يسمى الجن الغواص له ممالك في البحار، وإبليس يضع عرشه على الماء للحديث الشريف: ﴿عن جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:إبليس يضع عرشه على الماء ...﴾ صحيح مسلم.، {قال القاضي أبو بكر الباقلاني ولسنا ننكر مع ذلك - يعني أن الأصل الذي خلقوا منه النار- أن يكثفهم الله تعالى ويغلظ أجسامهم ويخلق لهم أعراضاً تزيد على ما في النار فيخرجون

-----------------

(1) القاضي عياض (476هـ - 544هـ = 1038م - 1149م) هو عياض بن موسى بن عمرو اليحصبي السبتي أبو الفضل: عالم المغرب وإمام أهل الحديث في وقته كان من أعلم الناس بكلام العرب وأنسابهم وأيامهم ولي قضاء سبتة ومولده فيها ثم قضاء غرناطة وتوفي بمراكش مسموماً قيل سمه يهودي من تصانيفه "الشفا بتعريف حقوق المصطفى".

عن كونهم ناراً ويخلق صوراً وأشكالاً مختلفةً} أحكام الجان/ الشبلي ص:29.



ذكر ابتداء خلقهم

خلق الله عز وجل الجن قبل أن يخلق الإنس بمدة لا يعلم زمنها إلا الله عز وجل حيث يقول جل شأنه: ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ * وَالْجَآنَّ خَلَقْنَاهُ مِن قَبْلُ مِن نَّارِ السَّمُومِ *﴾ سورة الحجر، الآيتان:27-26.، وهذه القبلية معناها الفترة الزمنية التي عمر وسكن فيها الجن الكوكب الأرض قبل الإنسان، وقال سبحانه وتعالى كذلك: ﴿وَمَا خَلَقْتُ وَالْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ *﴾ سورة الذاريات، الآية:56.، يقول الألوسي عن هذه الآية الكريمة {ولعل تقديم الجن في الذكر لتقدم خلقهم على خلق الإنس في الوجود} روح المعاني/ م:9 ج:27 ص:20. وقد ورد عن بعض الصحابة تحديد هذه المدة منهم عبد الله بن عمر حيث يقول: {كان الجن قبل آدم بألف عام فسفكوا الدماء فبعث الله إليهم جنداً من الملائكة فطردوهم إلى جزائر البحور}. قصص الأنبياء/ ابن كثير ص:13، 1992م.

وقال تعالى: ﴿وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّى جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةٌ ج قَالُوآ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الْدِّمَآءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّى أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ *﴾ سورة البقرة، الآية:30.، هذه الآية الكريمة كذلك قد فهم منها عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أن الجن هم الذين كانوا قبل الإنسان وأنهم أفسدوا وسفكوا الدماء واتفق مع عبد الله بن عمر رضي الله عنهما في المدة التي عمر فيها الجن الأرض قبل خلق الإنس {يقول عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: "قال الله تعالى": ﴿إني جاعل في الأرض خليفة، قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء﴾ وقد كان فيها قبل أن يخلق بألفي عام الجن بنو الجن فأفسدوا في الأرض، فبعث الله عليهم جنوداً من الملائكة فضربوهم حتى ألقوهم بجزائر البحور، فلما قال الله: ﴿إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء﴾ كما فعل أولئك الجان} المستدرك على الصحيحين في الحديث/ الحاكم النيسابوري ج:2 ص:461 كتاب التفسير، تفسير سورة البقرة وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه".، ولا شك أن هذه القبلية تدعو الجن إلى الفخر على الإنسان لأنه أول من عمر وسكن الأرض



أصناف الجن

الجن ليسوا صنفاً واحداً متشابهاً في القدر والصورة ولكنهم أجناس وأصناف، فهناك من يعيش في البحار ومن يسكن في السحب ويطير في السماء، ومن هو على شكل كلاب أو حيات أو عقارب ...، ﴿عن أبي ثعلبة الخشني قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الجن ثلاثة أصناف: صنف لهم أجنحة يطيرون في الهواء وصنف حيات وصنف يحلون ويظعنون﴾ المستدرك على الصحيحين في الحديث/ الحاكم، ج:2 ص:456.، والكلب الأسود صنف من الجن، وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتل كل كلب أسود خالص السواد لأنه شيطان ﴿عن أبي قلابة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لولا أن الكلاب أمة لأمرت بقتلها فاقتلوا منها الأسود البهيم﴾ (الخالص السواد) مختصر سنن أبي داود/ المندري م:4 ص:132-133.، كما حدد النبي صلى الله عليه وسلم هذا الكلب الأسود الواجب قتله في الحديث الذي رواه مسلم عن جابر بن عبد الله قال: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتل الكلاب حتى إن المرأة تقدم من البادية بكلبها فنقتله ثم نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن قتلها وقال: ﴿عليكم بالأسود البهيم ذي النقطتين فإنه شيطان﴾ صحيح مسلم.، لكن كيف نفسّر كون الكلب الأسود من الجن؟ هذا أمر فوق مدارك البشر القاصرة عن معرفة أسرار الله في الخلق. أما الصنف الذي يكون على شكل حيات فيكون في الصحاري والفيافي، وقد يكون حتى في البيوت وتسمى هذه الحيات بجنان البيوت وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن قتلها: ﴿عن أبي السائب مولى هشام بن زهرة أنه دخل على أبي سعيد الخدري في بيته قال: فوجدته يصلي فجلست أنتظره حتى يقضي صلاته فسمعت تحريكاً في عراجين في ناحية البيت فالتفت فإذا حية فوثبت لأقتلها فأشار إلي: أن أجلس فجلست، فلما انصرف أشار إلى بيت في الدار فقال: أترى هذا البيت؟ فقالت: نعم قال: كان فيه فتى منا حديث عهد بعرس قال: فخرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الخندق فكان ذلك الفتى يستأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنصاف النهار فيرجع إلى أهله فاستأذنه يوماً فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: خذ عليك سلاحك فإني أخشى عليك قريظة، فأخذ سلاحه ثم رجع، فإذا امرأته بين البابين قائمة فأهوى إليها الرمح ليطعنه به وأصابته غيرة، فقالت له: اكفف عليك رمحك، وادخل البيت حتى تنظر ما الذي أخرجني فدخل فإذا بحية عظيمة منطوية على الفراش فأهوى إليها بالرمح فانتظمها به ثم خرج فركزه في الدار فاضطربت عليه فما يدرى أيهما كان أسرع موتاً الحية أم الفتى؟ قال: فجئنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرنا ذلك له وقلنا: ادع الله يحييه لنا، فقال: استغفروا لصاحبكم ثم قال: إن بالمدينة جناً أسلموا فإذا رأيتم ذلك منهم شيئاً فآذنوه ثلاثة أيام فإن بدا لكم بعد ذلك فاقتلوه فإنما هو شيطان﴾ صحيح مسلم/مسلم م:4 ص:1756.



أنواع الجن وهيئتهم

سبق القول بأن الجن أصناف، وهذه الأصناف بالضرورة لا تكون ثابتة وموحدة بل داخل كل صنف مراتب ودرجات وأنواع، ولكل نوع صفاته الخاصة، وقد توسع العرب في تسمية أنواع الجن توسعاً كبيراً فإن {ذكروا الجن خالصاً قالوا: جنة، فإن أرادوا أنه مما يسكن مع الناس قالوا عامر والجمع عمار، وإن كان ممن يعرض للصبيان قالوا أرواح، فإن خبث وتعزم فهو شيطان فإن زاد على ذلك فهو مارد، فإن زاد على ذلك وقوي أمره قالوا: عفريت والجمع عفاريت} أحكام الجن/ الشبلي، ص22.، وهذه الأنواع هي كالتالي مع الشيء من التفصيل:

1- العمار:

هذا النوع من الجن يعمر البيوت، فلا يكاد يخلو بيت من البيوت إلا وفيه عمار يأكلون مع أهل البيت ويشربون معهم ولا يشعر بهم أهل البيت إلا نادراً، وهم على حسب طبيعة أهل البيت، فإن كان أهل البيت من الطائعين لله الملتزمين بشرعه كان العمار على طبيعتهم ويدفعون عنهم الشر والأذى، وهذا دليل على كون أهل البيت تعمهم بركة الله عز وجل، وإن كان أهل البيت عاصين لله من أهل البدع والفجور كان العمار كذلك ولعبوا بأهل البيت كما يلعب الولد بالكرة.

ومن المعروف عند العوام في ثقافتهم الشعبية أنه عند بناء أي بيت جديد إذا أصيب العمار المشتغل بالبناء بأي أذى فإنهم يهدون ذبيحة للعمار إرضاءاً لهم والذين سيسكنون معهم في هذا البيت الذي شرع في بنائه وهذا كله شرك قال الحافظ ابن حجر:﴿روى ابن أبي الدنيا من طريق يزيد من يزيد بن جابر أحد ثقات الشامين من صغار التابعين قال: ما من أهل بيت إلا وفي سقف بيتهم من الجن وإذا وضع الغداء نزلوا فتغدوا معهم والعشاء كذلك﴾ فتح الباري شرح صحيح البخاري/ ابن حجر م:6 ص:345، كتاب بدء الخلق.

2- الشيطان:

الشيطان في اللغة مأخوذ من {شطن إذا بعد فهو بعيد بطبعه عن طباع البشر وبعيد بفسقه عن كل خير} تفسير القرآن العظيم/ ابن كثير ج:1 ص:15.، وقد يكون مشتقاً من {شاط إذا بطل وإحترق}المصباح المنير في غريب الشرح الكبير للرافعي/ الفيومي مادة شطن ص:478.، والشيطان هو كل عات متمرد من الجن والإنس والدواب والشيطان نوع من الجن خبيث شرير لا خير ولا بركة فيه يؤله سيده إبليس قال القاضي أبو يعلى: الشياطين مردة الجن وأشرارهم وكذلك يقال في الشرير: مارد وشيطان من الشياطين، وذكر ابن عقيل: أن الشياطين: العصاة من الجن وهم ولد إبليس.

3- المارد:

المارد نوع من الجن قوي وله قدرات كبيرة تميزه عن غيره يقال: مريد ومتمرد: هو الذي يبلغ الغاية التي يخرج بها من جملة ذلك الصنف جمع مردة، فالمردة هم أعتى وأقوى الشياطين وقد وصف الله عز وجل كل شيطان بأنه مريد قال سبحانه وتعالى: ﴿وَإِن يَدْعُونَ إِلاَّ شَيطَانًا مَّرِيدًا﴾ سورة النساء، الآية:117.، ويقول الله عز وجل: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي الله بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطَانٍ مَّرِيدٍ*﴾ سورة الحج، الآية:3.، قال ابن عقيل: {الشياطين العصاة من الجن وهم ولد إبلي

الفدعانيه 02-18-2008 07:59 AM

[CENTER]
مشكوووور على الموضوع

ولي عوده لقرأءته لانه موضوع كثير من الناس يجهله


اشكرك اخي مره اخرى


فدعانيه [/CENTER
]

محمد الشويرد 02-18-2008 04:35 PM

مشكوار
موضوع في قمة الروعة والجمال

ذيب الشويرد 02-19-2008 07:46 AM

فدعانيه


محمد الشويرد

شكرأ على المرور

لكم مع العلم دروس وأبحاث أنتظروا الحلقات القادمه








أخوكم : ذيب الشويرد

ذيب الشويرد 02-19-2008 03:39 PM


متابعة الحلقه الاولى ونهايته


الجن ذكر في القرآن الكريم ، كما هو الحال في ذكر الإنس ، وخلق الله الجن قبل الإنس ، وعالم الجن كبير ومعقد ، وإعداده تفوق إعداد الإنس إضعافا مضاعفة ، والفارق بيننا وبينهم أنهم يرونا من حيث لا نراهم ، إلا من كشف الله عن بصيرته أو أراد له ذلك ، وهم أهل قبائل وعشائر وديانات وطرائق ، فتجد فيهم المسلم ، والنصراني واليهودي والمجوسي ، وكذلك عبده إبليس اللعين ، ومنهم من لا دين له ، وليس هذا فحسب ، إذ الفوارق كبيرة بينهم حجما وشكلا ، وهم نقيض للإنسان الذي لا يحمل هذه الفوارق بين إفراده في هذا الصدد ، لكن عالم الجن مختلف تماما ، فقد يصل طول المارد منهم إلى مئات الأمتار ، في حين لا يتعدى طول القزم منهم المتر الواحد ، فكما نلاحظ فالفارق كبير جدا ، أضف إلى ذلك الاختلاف الواضح باللون والشكل ، إذ تتنوع الألوان فيهم فالأحمر منهم والأزرق وكذلك سود اللون في التشكيل ، وإما التنقل والحركة ، فأن منهم من يدب على الأرض قفزا فيزيده القفز سرعة وقد تقدر سرعة من يدب على الأرض منهم سبعين كيلو مترا في الدقيقة الواحدة بمقياسنا نحن البشر ، ومنهم من يطير وله سرعة تفيق سرعة من يدب على الأرض آلاف الإضعاف ، وقد تقدر سرعة من يطيرون بسرعة الضوء وكلاهما خلق الله ، رسلنا لنا ولهم والكتب السماوية الأربعة ذكر فيها الجن ، وان الله خلقهم ليكونوا عابدين مخلصين له ، ولكن وللأسف كما يحصل في عالم الإنس قد تجد المطيع ، وقد تجد الوضيع ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .



وينقسم الجن إلى قسمين رئيسيين:

القسم الأول: العفاريت،

والقسم الثاني: الشياطين.



إما العفاريت فينقسم أيضا إلى أربعة أقسام :

القسم الأول : السباب أو " السبابة " ،

والقسم الثاني : التوقيف أو " التواقة " ،

والقسم الثالث : الزوابع أو " الزوابع " ،

والقسم الرابع : شياطين العفاريت أو " الابالسه " ،

ولا بد إن نشير إلى إن العفاريت لا تعني من يدب على الأرض وان كان بعضهم يدب عليها ، ومأكل العفاريت ومشربهم قريب من مأكل ومشرب الإنس ، لكنهم يقتاتون من مخلفات وفضلات طعام الإنس ، وهز يدل أنهم اتكالي ين ، ويسكن العفاريت قرب ينابيع المياه وفي الوديان والجبال المشجرة والأحراش والبيوت المهجورة من قبل الإنس والآبار القديمة والكهوف والمغرر والسراديب ، ولهم نواحي سلوكية كثيرة منهم من يحب الإنسان ويعيش قريب منه ، ومنهم ما هو عكس ذلك ، وهم اصطحاب طرائق وكلا على طريقته ، وأصحاب الطرائق هم الارهاط وهم ضالون ويتبعون أولياء من دون الله ، إلا أصحاب الطرق التي تكون من روح الشريعة وهذه الطرق غالبا ما يكون علمائها أو شيوخها من الإنس فهم أكثر التزاما ، وللعفاريت أو للجن عامة إمكانية الولوج إلى الأرض والخروج منها ، وبإمكانهم أيضا إن يركبوا الرياح كمثل الزوابع ، ومنهم من يسكن السحاب والكواكب السيارة

وهم من يسمون " بالجن الطيار " أو " الجن العلوي " ،

ولا نريد إن ندخل في تفاصيل الجن العلوي لعدم اختلاطه أو احتكاكه بالإنسان لا بأذى ولا إلى آخره ،

ومن العفاريت من يسكنوا البحور المالحة ومعظمهم من شياطين العفاريت وهؤلاء اسم على مسمى لا يوجد بينهم من هو صالح أو حتى أليف ، ومن يسكن في البحور منهم يطلق عليهم اسم " الغواصون " ، وهؤلاء من تسخرهم كبار الشياطين لخدمة السحر والسحرة والمشعوذين ، ومن العفاريت من يطلق عليه اسم الغول وهؤلاء من يتشكل ا بالحنايا والكلاب السود والحيوانات وهم من التوقيف والسبابة .


إما القسم الرئيسي الثاني :


الشياطين وينقسم الشياطين إلى قسمين :

القسم الأول : كبار الشياطين ،

والقسم الثاني : الطواغيت ،



أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ،

بسم الله الرحمن الرحيم ،


رب أعوذ بك من همزات الشياطين ، وأعوذ بك رب إن يحضرون ،

اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن ،وأعوذ بك من العجز والكسل ،

وأعوذ بك من الجبن والبخل ، وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال ،

اللهم إني أعوذ بك من الفقر والعلية ، وأعوذ بك من كل بلية ،

اللهم إني أعوذ بك من الفقر إلا إليك ، ومن الذل إلا لك ، ومن الخوف إلا منك ، وأعوذ بك إن أقول زورا ، أو اغشي فجورا ، أو أكون بك مغرورا ، وأعوذ بك من عضال الداء ، وخيبة الرجاء ، وشماتة الأعداء ، وزوال النعمة ، وفجأة النقمة ،

اللهم إني أعوذ بك من شر الخلق وهم الرزق وسوء الخلق ،

آمين يا ارحم الراحمين .



إما بالنسبة لكبار الشياطين ،



فأطلق عليهم هذا الاسم لان صغار الشياطين هم شياطين العفاريت كما ورد سابقا ، وكبار الشياطين هم من عبده إبليس واغلبهم مردة ، وقد ذكر الشيطان المارد في القرآن الكريم ، في سورة " الصافات " ، ويختلف هؤلاء عن باقي الجن في اللون وطبيعة الخلق ، والاختلاف حتى بطريقة توالدهم وهم كثيرون ويطلق عليهم اسم " الجن الأزرق " ، ومنهم من يحمل عرش إبليس اللعين ، ومنهم من هو من خدام أسماؤه الشيطانية ، وأسماؤه كثيرة ، من ذلك ندرك ما هو السحر والسحرة والطلاسم والأسماء الشيطانية المكتوبة بالعربية ، ذات المفهوم السرياني ، وعن طريق هؤلاء الشياطين يتم الدعم الشيطاني لحلفاء إبليس في الأرض ، ولكي يصيح الساحر ساحرا أو المشعوذ مشعوذا يجب إن يكون حليف إبليس اللعين في الأرض ودسيسة بين البشر ، فأنه يدخل خلوته أربعين يوما أو أكثر ، ويبدأ بتلاوة الأسماء الشيطانية ، حتى تأتيه خدام هذه الأسماء وهي من كبار الشياطين ويطلبون منه ثمن انضمامه لحلفاء إبليس ، وغالبا ما يكون هذا الثمن معاصي كبيرة تهز عرش الرحمن لا حولا ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ،

مثل: تدنيس القرآن الكريم ، أو التبرؤ من رب العالمين ، أو الصيام عن الروح وهتك الإعراض وهتك الأرحام والى أخره ، إما إذا نفذ ما طلب منه هذا النجس ، عين حليفا جديدا لإبليس في الأرض ، وترتفع رتب الحلفاء كل ما ابتعد عن الله أكثر اقترب إلى إبليس أكثر والعياذ بالله .



إما القسم الثاني : الطواغيت ،

لقد ورد ذكر الطواغيت بالقرآن الكريم في أكثر من موقع ، وطواغيت جمع طاغوت ، والطواغيت هم خدام السحر ولكن لسحر كبار السحرة ، فهم غالبا ما يخدمون السحر القائم على المعاصي الكبار كتدنيس القرآن وآياته والعياذ بالله ، وكذلك سحر النجاسة الذي عادة ما يكون من حيض النساء ، إما الآخرون من الطواغيت فأن وظيفتهم إخراج الناس من النور إلى الظلمات ، عن طريق الوسوسة لفعل المعاصي ، أو عن طريق حكم القرين وتفعيل وسوسته الشيطانية ، فهم يسحبون الإنسان صاحب النفس المريضة من عبادة الله إلى عبادة إبليس والمشي على ما يرضيه ، ومعظم الطواغيت يسكنون قرب الدم وفي البحور وهم من الجن الذي يسمى " الجن الأحمر " فهم يتغذون على الدم وعازتا ما يكونون بقرب من يذبح القرابين كالكهان أو إلى أخره ، واعلم أخي القارئ إن إبليس يسكن البحر وله فيه عرشا يحمله ثمانية من كبار الشياطين ، قاتل الله إبليس وإتباعه ومن صار على دربه إلى يوم الدين اللهم آمين ، فطاغوت كلمة تطلق على طواغيت الجن والإنس ، فمن كان مشركا ومؤذيا لعباد الله ، ومخرجا الناس ون النور إلا الظلمات فهو طاغوت ، قاتل الله طواغيت الجن والإنس فهم ضالين ،



وما لهم على عباد الرحمن من سلطان ، يقول الله تعالى :

بسم الله الرحمن الرحيم

{ إن عبادي ليس لك عليهم سلطان إلا من اتبعك من الغاوين 43 } سورة " الحجر " . صدق الله العظيم الستار وبلغ الرسالة نبيه المصطفى المختار صلى الله عليه وعلى اله وصحبه



الشيطان وعداؤه للإنسان الحمد لله الذي أمرنا باتباع صراطه المستقيم، وحذرنا من اتباع وساوس وغوايات الشيطان الرجيم فقال: >ياأيها الذين آمنوا لاتتبعوا خطوات الشيطان، ومن يتبع خطوات الشيطان فإنه يأمر بالفحشاء والمنكر< سورة النور آية 21 . وقال تعالى : >يابنى آدم لا يفتننكم الشيطان كما أخرج أبويكم من الجنــــــة..< سورة الأعراف آية (27). لقد حذرنا الله سبحانه وتعالى من الشيطان وغوايته وبين لنا أنه العدو الأول لآدم وذريته حيث كاد لآدم عليه السلام، قال الله تعالى: >وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس أبى واستكبر وكان من الكافرين، وقلنا ياآدم اسكن أنت وزوجك الجنة وكلامنها رغداً حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين، فأزلهما الشيطان عنها فأخرجهما مما كانا فيه، وقلنا اهبطوا بعضكم لبعض عدو، ولكم في الأرض مستقر ومتاع الى حين، فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه، إنه هو التواب الرحيم< سورة البقرة الآيات 34-37 . لقد كاد إبليس لآدم فأغراه وزوجه حواء بالأكل من الشجرة، وجادلهما من باب الخوف على زوال ماهما فيه من النعمة والرغبة في الخلود، وجعل يقسم بالله إنه لهما من الناصحين: >فوسوس لهما الشيطان ليبدي لهما ما ووري عنهما من سوءآتهما وقال ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين، وقاسمهما إني لكما لمن الناصحين، فدلاهما بغرور، فلما ذاقا الشجرة بدت لهما سوءآتهما وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة وناداهما ربهما الم أنهكما عن تلكما الشجرة وأقل لكما إن الشيطان لكما عدو مبين..< سورة الاعراف الآيات (20-22 ). لقد حمل الشيطان على عاتقه مهمة إضلال البشر وإخراجهم من النور الى الظلمات، >قال رب بما أغويتني لأزينن لهم في الارض ولأغوينهم أجمعين، إلا عبادك منهم المخلصين< سورة الحجر الآيات (39-40) . فالشيطان هو عدو الانسان الحقيقي حتى تقوم الساعة، وهو لايفتأ يحرص على إغواء المؤمنين وإخراجهم من الطاعة الى العصيان بأساليب عديدة ومتنوعة، وقد تكون غواية الشيطان دفعة واحدة، وقد تكون على مراحل وخطوات، تزين للناس الشر وتبعدهم عن الخير. فخطوات الشيطان التي سلكها في افساد الناس واغوائهم وايقاعهم في الفواحش، والتغرير بهم ليخرجهم من الهدى والطاعة الى الكفر والعصيان متعددة. أهمها (صوته) وفي هذا يقول الله تعالى: >واستفزز من استطعت منهم بصوتك< سورة الإسراء، الآية 64 . فما هو صوت إبليس؟ إن صوت إبليس ليس بالضرورة أن يكون على حقيقة الصوت المعروف، وإنما يتمثل في أصوات اعوانه وجنده، إن صوته يتمثل في كل داع يدعو الى معصية الله تعالى، فالذي يدعو الناس الى الكفر والإلحاد هو صوت ابليس، والذي يدعوهم الى المعاصي والمنكرات هو صوت إبليس. ومن وسائل ابليس في الشرور والآثام (خيله ورجله) كما قال تعالى: >وأجلب عليهم بخيلك ورجلك< سورة الإسراء الآية 64 فما خيل ابليس ورجله؟ إنها كل راكب وماش في معصية الله، فالذين يسعون في الأرض من أجل معصية الله كالسرقة والزنى والقتل والإفساد بين الناس هم من خيل ابليس ورجله، والكفار الذين يقاتلون المؤمنين هم من خيل إبليس ورجله، وكل من حرض مسلما على قتال أخيه وإيقاع الضرر به فهو كذلك من خيل إبليس ورجله، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام: >لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض< رواه احمد والبخاري ومسلم. ومن وسائل إبليس في اغراق بني آدم في الحرام أن يشاركهم في اموالهم كما قال تعالى: >وشاركهم في الاموال< سورة الاسراء آية 64 . فما هو المال الذي يشارك فيه إبليس الناس؟ إنه كل مال اكتسب بالحرام وأنفق في الحرام، فالمال الذي يؤخذ بالسرقة أو الغش أو القمار أو الربا أو الرشوة أو الاحتيال هو مال ابليس فيه شريك، والمال الذي ينفق في قتال المؤمنين أو صدهم عن الإيمان والهدى هو مال ابليس فيه شريك، ولهذا قال سبحانه وتعالى: >إن الذين كفروا ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله، فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة ثم يغلبون، والذين كفروا الى جهنم يحشرون، ليميز الله الخبيث من الطيب ويجعل الخبيث بعضه على بعض فيركمه جميعا فيجعله في جهنم، أولئك هم الخاسرون< سورة الأنفال الآيات 36-37 . والمال الذي ينفق في الموبقات كالزنى وشرب الخمر أو أي امر محرم هو مال ابليس فيه شريك، >إنما الخمر والميسر والانصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون< سورة المائدة آية 90 . ومن وسائل ابليس في جرّ بني آدم الى ارتكاب الفواحش والمحرمات أن يشاركهم في الأولاد، كما قال سبحانه وتعالى: >وشاركهم في الأموال والأولاد< سورة الإسراء آية 64 . ومن هم الأولاد الذين يشارك فيهم إبليس؟ إنهم الاولاد الذين عصي الله فيهم بعدم تعهدهم وتنشئتهم وتربيتهم التربية الاسلامية، فلم يؤمروا بصلاة ولا بصيام، ولم يصطحبوا إلى مسجد، او يوجهوا لخير. ومن طرق إبليس في إغواء الناس أن يزين لهم المنكرات ويعدهم الوعود الكاذبة ويمنيهم الأماني الباطلة، كما قال سبحانه وتعالى: >يعدهم ويمنيهم، ومايعدهم الشيطان الا غروراً< سورة النساء آية 120 . ومع شدة عداوة إبليس للإنسان وحرصه على اغوائه واضلاله، إلا أن الله تعالى لم يجعل له سلطاناً على عباد الله المتقين المخلصين: >إنه ليس له سلطان على الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون< سورة النحل آية 99 . كما أنه من رحمة الله تعالى الواسعة بعباده أن فتح باب التوبة لمن يقع بالمعاصي، فباب التوبة والانابة مفتوح في الليل والنهار، قال الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم: (إن الله تعالى يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس من مغربها) رواه احمد ومسلم. وينبغي أن يعلم كذلك بان من صفات إبليس التخلي والتبروء من أتباعه، فهو يدعو الناس الى اتباعه وطاعته وبعد ذلك يتبرأ منهم في الدنيا والآخرة، قال تعالى: >كمثل الشيطان إذ قال للإنسان اكفر، فلما كفر قال إني بريء منك إني أخاف الله رب العالمين< سورة الحشر آية 16 . وقال تعالى: >فلما تراءت الفئتان نكص على عقبيه وقال إني برىء منكم إني أرى ما لا ترون إني أخاف الله، والله شديد العقاب< سورة الانفال آية 48 . فيا ايها الانسان كن على حذر دائم ويقظة مستمرة من عدوك الشيطان ومن مكره وخداعه، وخير وسيلة للنجاة من الشيطان ومكائده هو التحصن بالإيمان بالله والتوكل عليه والاستعاذة به وامتثال أوامره واجتناب نواهيه، وتجنب السبل والمواقف التي تساعد الشيطان في التغلب عليك، مثل الجلوس مع القوم الظالمين الذين لا يذكرون الله تعالى: >وإما ينسينك الشيطان فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين< سورة الأنعام آية 68 . ومن مكر الشيطان وخداعه المجادلة بغير علم، يقول تعالى: >ومن الناس من يجادل في الله بغير علم ويتبع كل شيطان مريد< سورة الحج آية (3). ومثل التناجي بالباطل: >إنما النجوى من الشيطان ليحزن الذين آمنوا وليس بضارهم شيئاً الا بإذن الله، وعلى الله فليتوكل المؤمنون< سورة المجادلة آية 10 . ومثل ذلك تزيين التبذير والاسراف، قال تعالى: >إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين< سورة الإسراء آية 27، وقول الكذب، قال تعالى: >هل انبئكم على من تنزل الشياطين، تنزل على كل أفاك أثيم< سورة الشعراء آية 221 -222 . وقد بين لنا رب العالمين سبحانه وتعالى وكذلك الرسول محمد صلى الله عليه وسلم العديد من الوسائل التي نستطيع من خلالها التغلب على الشيطان ووسوسته، ومن بين هذه الوسائل: - الاستعاذة بالله تعالى في كل وقت من شرور الشيطان وهمزاته، قال الله تعالى: >وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله، إنه سميع عليم< سورة الاعراف آية (200 ). - ومن وسائل التغلب على الشيطان لزوم ذكر الله تعالى ودوام الصلة مع القرآن الكريم، حيث جاء في الحديث الشريف: >وآمركم بذكر الله تعالى، فإن مثل ذلك كمثل رجل خرج العدو في أثره سراعاً ، حتى إذا أتى على حصن حصين فأحرز نفسه منهم، كذلك العبد، لا يحرز نفسه من الشيطان الا بذكر الله تعالى< رواه الترمذي. وكما جاء في الحديث الشريف: >يعقد الشيطان على قافية رأس أحدكم - اذا هو نام - ثلاث عقد، يضرب كل عقدة مكانها: عليك ليل طويل فارقد.. فإن استيقظ فذكر الله انحلت عقدة، فإن توضأ انحلت عقدة، فإن صلى انحلت عقده كلها فاصبح نشيطاً طيب النفس، وإلا أصبح خبيث النفس كسلان< رواه البخاري. - ومن هذه الوسائل أيضاً الصوم حيث جاء في الحديث: >إن الشيطان ليجري من ابن آدم مجرى الدم فضيقوا مجاريه بالجوع والعطش<، إحياء علوم الدين: ج3 ص 89 . - ومنها كذلك صحبة الأخيار فإنهم يذكرون بالله تعالى وبطاعته، والشيطان بعيد عن الجماعة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: >الشيطان يهم بالواحد والاثنين فاذا كانوا ثلاثة لم يهم بهم< رواه البزار.


. وفي الحلقه القادمه : بداية البشر في عالم الانساب

مشعل العبار 02-19-2008 04:02 PM

متابع وأرجو ابلاغ سلامي الى انور المشعان

محمد الشويرد 02-20-2008 03:50 PM

بارك الله فيك وكثر الله من امثالك على النقل الأجمل من رائع
اللهم اعنا على طاعتك وشكرك وحسن عبادتك
فلا تحرمنا من جديدك
تقبل تحياتي

ابونواف الشويرد 02-22-2008 04:21 AM

الله يعطيك العافية أخوي ذيب الشويرد......... موضوع جدير بالمتابعة

ذيب الشويرد 02-24-2008 12:38 PM

بداية البشر في عالم الانساب

الحلقه الثانيه

وروى عكرمة عن ابن عباس أن الله تعالى خلق خلقاً، فقال: اسجدوا لآدم، فقالوا: لا نفعل، فبعث عليهم ناراً فأحرقتهم؛ ثمّ خلق خلقاً آخر، فقال: إني خالق بشراً من طين، فاسجدوا لآدم، فأبوا، فبعث الله تعالى عليهم ناراً فأحرقتهم، ثمّ خلق هؤلاء الملائكة فقال: اسجدوا لآدم، قالوا: نعم، وكان إبليس من أولئك الذين لم يسجدوا.
وقال شهر بن حوشب: إن إبليس كان من الجن الذين سكنوا الأرض وطردهم الملائكة، وأسره بعض الملائكة فذهب به إلى السماء، وروي عن سعيد بن مسعود نحو ذلك.
وأولى الأقوال بالصواب أن يقال كما قال الله تعالى: (وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس كان من الجن ففسق عن أمر ربه) الكهف: 18 : 50 وجائز أن يكون فسوقه من إعجابه بنفسه لكثرة عبادته واجتهاده، وجائز أن يكون لكونه من الجن.
ومرّة الهمداني، بسكون الميم، والدال المهملة، نسبة إلى همدان: قبيلة كبيرة من اليمن.

[تحرير] ذكر خلق آدم عليه السلام
ومن الأحاديث في سلطانه خلق أبينا آدم عليه السلام، وذلك لما أراد الله تعالى أن يطلع ملائكته على ما علم من انطواء إبليس على الكبر ولم يعلمه الملائكة حتى دنا أمره من البوار وملكه من الزوال فقال للملائكة: (إني جاعل في الأرض خليفةً، قالوا: أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء) البقرة: روي عن ابن عباس أن الملائكة قالت ذلك للذي كانوا عهدوا من أمره وأمر الجنّ الذين كانوا سُكان الأرض قبل ذلك فقالوا لربهم تعالى: أتجعل فيها من يكون مثل الجن الذين كانوا يسفكون الدماء فيها ويفسدون ويعصونك ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك؟ فقال الله لهم: (إني أعلم ما لا تعلمون) يعني من انطواء إبليس على الكبر والعزم على خلاف أمري واغتراره، وأنا مبد ذلك لكم منه لتروه عياناً، فلما أراد الله أن يخلق آدم أمر جبرائيل أن يأتيه بطين من الأرض، فقالت الأرض: أعوذ بالله منك أن تنقص مني وتشينني، فرجع ولم يأخذ منها شيئاً وقال: يا ربّ إنها عاذت بك فأعذتها، فبعث ميكائيل، فاستعاذت منه فأعاذها، فرجع وقال مثل جبرائيل، فبعث إليها ملك الموت فعاذت منه، فقال: أنا أعوذ بالله أن أرجع ولم أنفذ أمر ربي، فأخذ من وجه الأرض فخلطه ولم يأخذ من مكان واحد وأخذ من تربة حمراء وبيضاء وسوداء وطيناً لازباً، فلذلك خرج بنو آدم مختلفين.
وروى أبو موسى عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أنه قال: (إن الله تعالى خلق آدم من قبضة قبضها من جميع الأرض فجاء بنو آدم على قدر الأرض، منهم الأحمر والأسود والأبيض، وبين ذلك، والسهل والحزن، والخبيث والطيّب)، ثم بلّت طينته حتى صارت طيناً لازباً ثم تركت حتى صارت حمأً مسنوناً ثم تركت حتى صارت صلصالاً، كما قال ربّنا، تبارك وتعالى: (ولقد خلقنا الإنسان من صلصال من حمأ مسنون)، الحجر:15 : 26 واللازب: الطين الملتزب بعضه ببعض، ثمّ تُرك حتى تغيّر وأنتن وصار حمأً مسنوناً، يعني منتناً، ثمّ صار صلصالاً، وهو الذي له صوت.
وإنما سمّي آدم لأنه خلق من أديم الأرض، قال ابن عباس: أمر الله بتربة آدم فرفعت، فخلق ادم من طين لازب من حمأ مسنون، وإنما كان حمأ مسنوناً بعد التزاب فخلق منه آدم بيده لئلا يتكبّر إبليس عن السجود له، قال: فمكث أربعين ليلة، وقيل: أربعين سنة، جسداً ملقىً، فكان إبليس يأتيه فيضربه برجله فيصلصل، أي يصوِّت، قال: فهو قول الله تعالى: (من صلصال كالفخار) الرحمن: 55 : 14، يقول: منتن كالمنفوخ الذي ليس بمصمت، ثم يدخل من فيه فيخرج من دبره ويدخل من دبره ويخرج من فيه، ثم يقول: لست شيئاً، ولشيء ما خلقت، ولئن سلطت عليك لأهلكنك، ولئن سلطت عليّ لأعصينك، فكانت الملائكة تمرّ به فتخافه، وكان إبليس أشدّهم منه خوفاً.
فلما بلغ الحين الذي أراد الله أن ينفخ فيه الروح قال للملائكة: (فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين) الحجر: 15 : 29؛ فلما نفخ الروح فيه دخلت من قبل رأسه، وكان لا يجري شيء من الروح في جسده إلا صار لحماً، فلما دخلت الروح رأسه عطس، فقالت له الملائكة: قل الحمد لله، وقيل: بل ألهمه الله التحميد فقال: الحمد لله رب العالمين، فقال الله له: رحمك ربك يا آدم، فلما دخلت الروح عينيه نظر إلى ثمار الجنة، فلما بلغت جفوه اشتهى الطعام فوثب قبل أن تبلغ الروح رجليه عجلان إلى ثمار الجنة، فلذلك يقول الله تعالى: (خلق الإنسان من عجل) الأنبياء: 21 : 37، فسجد له الملائكة كلهم إلا إبليس استكبر وكان من الكافرين، فقال الله له: يا إبليس ما منعك أن تسجد إذ أمرتك؟ قال: أنا خير منه لم أكن لأسجد لبشر خلقته من طين، فلم يسجد كبراً وبغياً وحسداً، فقال الله له: (يا إبليس ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي)، إلى قوله: (لأملأنّ جهنم منك وممن تبعك منهم أجمعين) ص: 38 : 75 - 58، فلما فرغ من إبليس ومعاتبته وأبى إلا المعصية أوقع عليه اللعنة وأيأسه من رحمته وجعله شيطاناً رجيماً وأخرجه من الجنة. قال الشعبيّ: أُنزل إبليس مشتمل الصّمّاء عليه عمامة أعور في إحدى رجليه نعل.
وقال حميد بن هلال: نزل إبليس مختصراً فلذلك كره الاختصار في الصلاة، ولما أنزل قال: يا ربّ أخرجتني من الجنة من أجل آدم وإنني لا أقوى عليه إلا بسلطانك، قال: فأنت مسلّط، قال: زدني، قال: لا يولد له ولد إلا ولد لك مثله، قال: زدني، قال: صدورهم مساكن لك وتجري منهم مجرى الدم، قال: زدني، قال: أجلب عليهم بخيلك ورجلك وشاركهم في الأموال والأولاد وعدهم.
قال آدم: يا ربّ قد أنظرته وسلّطته عليَّ وإنني لا أمتنع منه إلا بك، قال: لا يولد لك ولد إلا وكّلت به من يحفظه من قرناء السوء، قال: يا ربّ زدني، قال: الحسنة بعشر أمثالها وأزيدها، والسيئة بواحدة وأمحوها، قال: يا ربّ زدني، قال: (يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً) الزمر: 39 : 53، قال: يا رب زدني، قال: التوبة لا أمنعها من ولدك ما كانت فيهم الروح، قال: يا ربّ زدني، قال: أغفر ولا أبالي، قال: حسبي، ثمّ قال الله لآدم: إيتِ أولئك النفر من الملائكة فقل السلام عليكم، فأتاهم فسلّم عليهم، فقالوا له: وعليك السلام ورحمة الله، ثمّ رجع إلى ربّه فقال: هذه تحيّتك وتحيّة ذريتك بينهم.
فلمّا امتنع إبليس من السجود وظهر للملائكة ما كان مستتراً عنهم علّم الله آدم الأسماء كلها.
واختلف العلماء في الأسماء فقال الضحّاك عن ابن عباس: علمه الأسماء كلها التي تتعارف بها الناس: إنسان ودابّة وأرض وسهل وجبل وفرس وحمار وأشباه ذلك، حتى الفُسْوة والفُسَية، وقال مجاهد وسعيد بن جُبير مثله.
وقال ابن زيد: عُلّم أسماء ذرّيته، وقال الربيع: علم أسماء الملائكة خاصة، فلما علمها عرض الله أهل الأسماء على الملائكة فقال: (أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين) البقرة: 2 : 31 إني إن جعلت الخليفة منكم أطعتموني وقدّستموني ولم تعصوني، وإن جعلته من غيركم أفسد فيها وسفك الدماء، فإنكم إن لم تعلموا أسماء هؤلاء وأنتم تشاهدونهم فبأن لا تعلموا ما يكون منكم ومن غيركم وهو مغيب عنكم أولى وأحرى، وهذا قول ابن مسعود ورواية أبي صالح عن ابن عباس.
وروي عن الحسن وقتادة أنهما قالا: لما أعلم الله الملائكة بخلق آدم واستخلافه و(قالوا: أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء؟) البقرة: 1 : 30 و(قال: إني أعلم ما لا تعلمون) البقرة: 2 : 30، قالوا فيما بينهم: ليخلق ربّنا ما يشاء فلن يخلق خلقاً إلا كنا أكرم على الله منه وأعلم منه، فلمّا خلقه وأمرهم بالسجود له علموا أنّه خير منهم وأكرم على الله منهم، فقالوا: إن يكُ خيراً منّا وأكرم على الله منا فنحن أعلم منه، فلمّا أعجبوا بعلمهم ابتلوا بأن علمه الأسماء كلها ثمّ عرضهم على الملائكة فقال: (أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين)، البقرة:2 : 31 إني لا أخلق أكرم منكم ولا أعلم منكم، ففزعوا إلى التوبة، وإليها يفزع كل مؤمن، ف (قالوا: سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا، إنك أنت العليم الحكيم) البقرة: 2 : 32، قالا: وعلمه اسم كل شيء من هذه: الخيل والبغال والإبل والجن والوحش وكل شيء.

ابونواف الشويرد 02-24-2008 07:30 PM

الله يبارك فيك أخوي ذيب الشويرد........... وننتظر البقية .

عبدالعزيز خلف الضبيب 03-04-2008 01:48 AM

مجهود رائع استاذ ذيب
يعطيك العافية

بــدرسليمان 03-08-2008 11:34 PM

ماعليك قصور الموضوع جميل يستحق الشكرعليه

بندر ناصر التيسي 04-05-2008 05:51 PM

مشكور على الموضوع

ذيب الشويرد 04-30-2008 03:17 PM



بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

متابعة الحلقه الثانيه ( ونرجوا المعذره من الاخوان أثابهم الله وسدد خطاهم وأصلح بالهم الي صلاح هذه الامه .






أجمع أهل الاثر أن آدم عليه السلام خلق يوم الجمعة، لست خلون من نسيان وكساه الله لباسا من ظفره، وأسجد له ملائكته فسجدو إلا إبليس وكان ملكا على الارض يصعد إلى السماء متى شاء فأبى من السجود لآدم، وقال أنا كنت خليفتك على الارض وهو من تراب كنت أطؤه، وأنا من نار وهو من طين، فلي عليه الفضل من كل جانب، وأفضله بالاجنجة التي أغشى بها اقطار الارض في اقل من لمح البصر، فلما امتنع من السجود أبلسه الله ولعنه. وخلق حواء وألبسها لباسه واسكنها الجنة لثلاث ساعات مضت من ذلك اليوم واباحهما جميع ما في الجنة الا الشجرة التي نهاهما عنها، وهي على قول اكثر اهل العلم البر، وكانت الحبة بقدر الاترجنة فألقتهما الحية، وكانت من أحسن دواب الجنة، وكانت ذات قوائم. ولما رأى آدم ما أعطيه من الكرامة اشتاق إلى الخلود فطمع فيه إبليس، فاحتال حتى ادخله الجنة. فخاطب حواء فيها وقال (مانها كما ربكما عن هذه الشجرة الا ان تكونا

[ ملكين أو تكونا ] من الخالدين، وقاسمهما اني لكما لمن الناصحين) ولم يزل بحواء حتى اكلت من الشجرة واطعمت منها لآدم فأكل، فلما اكلا منها انكشف لباسهما عنهما إلى اطراف اصابعهما وبدت لهما سوآتهما، وهرب آدم في الجنة يمينا وشمالا لا يدري ما يصنع، فتعلقت به شجرة الا ترج وحبسته بناصيته ومعه حواء، فطفقا يأخذان من ورق الجنة ويستتران بها فقال الله عزوجل قد جعلت هذه الشجرة غذاء لكما ولذريتكما، يعني الشجرة التي اكلا منها عاصيين فاهبطوا جميعا انتما وابليس والحية فان بعضكم لبعض عدو. ونزع الله من الحية قوائمها فهبطوا، فكان مقام آدم في الجنة مع حواء ثلاث ساعات، مقدار مائتين وخمسين سنة من ايام الدنيا، وهو ربع يوم من أيام الآخرة الذي هو ألف سنة. فأهبط آدم على جبل سرنديب وعليه الورق المخصوف من الجنة، فلما جف الورق وذهبت رطوبته تقطع وسقط فنسفته الريح وطرحته إلى كل جهة فنبت منه بأرض الهند أنواع الطيب والافاويه، والتمر الذي لا يوجد إلا هناك، وفيه العود ودواب المسك، وحوله أصناف اليواقيت والماس، وفي بحره مغايص اللؤلؤ. وسمى الله آدم عبد الله وكناه أبا محمد وكان طويلا جعد الشعر أحسن من خلق الله تعالى، فلما نزل إلى الارض نقص من لونه وحسنه وطوله. وكان يتكلم بالعربية فحول الله عزوجل لسانه إلى السريانية، وانتزع منه ما علمه ثم رده الله سبحانه وتعالى بعد توبته إليه. وأهبط حواء على جدة وبيدها قبضة من جوهر الجنة فتناثر منه من يدها شئ فكانت الجواهر منه، ونقص أيضا من حسنها وبهائها وأهبط إبليس ومعه قبضة من النار وعصا من بعض شجر الجنة يقال إنه
العوسج ويقال إنها كانت من آس الجنة، وهي التي صارت إلى موسى عليه السلام وأنزل معه ثلاثين قضيبا من ثمار الجنة وجعلها إكليلا على رأسه، منها عشرة ظاهرة القشور وهي: الجوز واللوز والبندق والفستق والخشخاش والبلوط والقسطل وجوز الهند والرمان والموز وعشرة لها نوي وهي الخوخ والمشمش والاجاص والتمر والزعور والغبيرا والقراصيا والشاه بلوط والنبق والمقل وعشرة لا قشور لها نوى وهي، التفاح والسفرجال والكمثري والعنب والتوت والاترج والخرنوب والخيار والبطيخ والبر (1) وكان أول ما خلق الله تعالى في الارض الكمثرى وتاب الله سبحانه وتعالى على آدم عليه السلام بعد مائة سنة: أتاه جبريل عليه السلام وعلمه الكلمات، وهي لا إله إلا أنت عملت سوءا فاغفر لي وأنت خير الغافرين وقيل في طوله إنه كان يبلغ السماء فلما أهبط إلى الارض. جعل طوله مائتين وسبعين ذراعا، وعلم استخراج الحديد وسبكه وعمل الزبدة والمطرفة والكلاليب والمدية وآلات الارض وما يحتاج إليه من جميع الآلات. وعلم ما يأكله من دواب الارض، وما يجتنبه وأمر بالمسير إلى مكة، وكان موضع قدمه عمرا وما بينهما مفاوز، وأتى جدة فوجد بها حواء تبكي فقال لها هذا عملك (2). وقيل له إيت الكعبة فطفت بها، فمشى إليها فتلقته الملائكة بالابطح فقالوا له حياك الله يا آدم، لقد طفنا قبلك هذا البيت بألفي عام ولسنا بأول من حجه وعلمه جبريل عليه السلام المناسك، وأنزلت عليه إحدى عشرون

صحيفة، وفرض عليه الصلاة والزكاة والاغتسال من الجنابة والوضوء، وزرع، وحصد، وطحن، وخبز، ثم قيل هذا دأبك أنت وذريتك، فقال يا رب ما بلغت هذا إلا بشق النفس فقيل له هذا بخطيئتك. وعوقبت حواء بعشر خصال، وجع العذرة، ووجع الولادة، وطول الحمل والحيض، وحزن الموت، وقناع الرأس، وملكة الرجال للنساء، وأن تكن تحت الرجل عند الجماع، والولولة عند المصيبة، ورقة القلب عند الحزن - جمع بين آدم وحواء بجمع وتعارفا وعوقب آدم بنقصان طوله، وتغير حسنه، وخوفه من السباع، وكانت تخافة، وحتم عليه وعلى ذريته بالموت، و حفظت عليه أعماله، وكلف النظر في رزقه والتعب فيه. وعوقبت الحية بقص جناحيها وعدم يديها ورجليها ومشيها على بطنها وشق لسانها، وخوفها من الناس وعدواتهم لها، وجعل من التراب غذاؤها، وإن طلبت أن تقتل أخرجت للناس لسانها. وإن آدم غشي حواء فولدت له قابيل وتوأمته قليما، وكان كذلك يولد له توأمين في كل بطن. ثم ولدت له هابيل وتوأمته لبوذا فشغل قابيل بالحرث، وشغل هابيل برعي الغنم، ثم أمره أن يزوج هابيل من أخت قابيل فضربها وقال أنا أحق بأختي منه، فأمرهما أبوهما أن يقربا قربانا فأيهما تقبل قربانه كان أحق بأخت قابيل، فرضيا بذلك. وقرب هابيل أسمن كبش كان عنده، وقرب قابيل من أرذل ما كان عنده من الغنم وكان ذلك بينهما يوم الجمعة، وجاءت النار إلى القربان، وأخذت الكبش الذي كان لهابيل، وحملته ولم تقبل قربان قابيل، فأغضبه ذلك وعزم على قتل أخيه بعد منصرفهما من منى، فلم يدر
________________________________________
[ 75 ]
كيف يقتله فتصور له إبليس لعنه الله في صوره إنسان، وأخذ طائرا ففشخ رأسه بحجر فقتله، وحمله معه حتى غاب عن عينه فاغتفل قابيل هابيل حتى نام عند غنمه، وهي ترعى فحمل حجرا فطرحه على رأسه فقتله فأصبح من النادمين، وطال تحسر آدم عليه السلام على ابنه هابيل وعلى الجنة فأنزل الله تعالى له خيمة من خيام الجنة من ياقوتة حمراء وضعت مكان الكعبة ولمائتين وثلاثين سنة من مهبط آدم ولد له شيث وهو هبة الله وتوأمته، فتقول أصحاب التواريخ: إنه ولد له مائة وعشرون بطنا، وأمر آدم عليه السلام بكتب الصحف، وعلم اللغات كلها، وعلم الاسماء التي قهر بها الجان والشياطين وعلم حساب الازمنة وسير الكواكب وسأل ربه أن يريه الدنيا وما يكون فيها من خير وشر، فمثلت له برا وبحرا فنظر إليها والى ملوكها وسكانها من ولده، وصور الانبياء وما يكون في العالم ويدور فيه من خير وشر إلى انقضائه ولما كثر ولده وولد ولده بعثه الله إليهم وأمره أن يأمرهم بما أمره الله به وينهاهم عما نهاه عنه، ويقال إنه أرسل وهو ابن تسعمائة سنة وسبعين سنة. ولما أراد الله سبحانه وتعالى أن يتوفاه أمره ان يسند وصيته إلى ابنه شيث ويعلمه جميع العلوم التي علم بها ففعل، وكان سبب وفاته عليه السلام أنه انصرف من الفلاحة موعوكا (1) فحم ومرض إحدى وعشرين يوما والملائكة تختلف إليه. ويقال إنه اشتهى قطفا من عنب الجنة فوجه بعض ولده يسأل له ذلك ممن لقيه من الملائكة، فلقيه جبريل عليه السلام فعزاه في ابيه وقال ارجع فان اباك قد مات. وكان سنه يومئذ تسعمائة وثلاثين سنة، وقالوا تسعمائة


[ 76 ]
وخمسين سنة بعد ما وهب لداود منها خمسين سنة وأتاه جبريل عليه السلام بكفن وحنوط من الجنة وعلم شيث كيف يغسله ويكفنه، وقيل هذه سنة لكم في موتاكم بعده، وحمل إلى غار الكنز في جبل أبي قبيس فدفن فيه، وكانت وفاته عليه السلام يوم الجمعة، ومات وولده وولد ولده أربعون ألف بيت ورفعت مع موته الخيمة الياقوت التي كانت بموضع الكعبة. وحزنت عليه حواء حزنا شديدا وبقيت بعده سنة ثم ماتت، عليه السلام والرحمة، وصلى عليها شيث ودفنها إلى جانب آدم صلى الله عليه وسلم وعلى جميع النبيين والمرسلين. ذكر شئ من أخبار ولده كان قابيل ولد آدم عليه السلام، وأول من عصا وقتل وكفر ولما قتل أخاه هرب عن ذلك الجبل بأخته وبنى قرية يقال لها خلوا وسكنها، وقابيل أول من عبد النار، وقيل إنه أشقى البرية وإن عليه نصف عذاب الخلق، وقيل إنه متى سفك دم بغير وجه حق كان شريكا لصاحبه فيه. شيث بن آدم بعثه الله إلى ولد أبيه وأنزل عليه سبعا وعشرين صحيفة عليه وعلى أبيه، وأمره ببناء البيت هو وولده بالحجاز، وأمره بالحج والعمرة، وكان أول من اعتمر، وأمر بجهاد ولد قابيل إلا أنه لا يبرح بين تهامة ومكة. وولد الانوش بن شيث عليها السلام وهو بكره ووصيه، ومن ولد أتركين (1) ابن شيث يغوث ويعوق ونسر وسواع وود، فكان هؤلاء النفر
________________________________________
1) لعل الصواب انوش. (*)
________________________________________
[ 77 ]
قوما صالحين، فلما ماتوا حزن عليهم أبناؤهم حزنا شديدا فتمثل لهم إبليس وصور لهم صورهم من المرمر، وجعلها في بيوتهم ليتذكروا (1) بها ويتأنسوا ويخف حزنهم عليهم، فلما ملكوا ونشأ غيرهم صور عندهم إبليس أنها آلهة وأن آباءهم كان يعبدونها واستهواهم فعبدوها، وكان عمر شيث سبعمائة سنة وإثنا (2) عشرة سنة، وولد له وهو ابن مائة وخمسين سنة. وأوصى إلى ابنه قينان وقد كان علمه الصحف وبين له قسمة الارض، وما يكون فيها، وأمره باقامة الصلاة وأيتاء الزكاة والحج، وبجهاد ولد قابيل ففعل ما أمره به أبوه، ومات قينان وله سبعمائة سنة وعشرون سنة. وأوصى إلى ابنه مهلايل ووصاه بما أوصاه به، وكان عمر مهلايل ثمانمائة سنة وخمسة وسبعين سنة. وأوصى إلى ابنه بوارد وعلمه الصحف وعلمه قسمة الارض، وما يحدث في العالم ودفع إليه كتاب سر الملكوت الذي علمه مهلاييل (3) الملك لآدم عليهما السلام وكانوا يتوارثونه مختوما لا ينظرون فيه. وولد لبوادر وهو ابن مائة سنة ابنه خنوخ، ويقول بعض اهل التاريخ إنه تم للعالم في وقته ألفان وستمائة سنة واربع سنين. وخنوخ هو ادريس النبي عليه السلام ونبأه الله تعالى وسمي إدريس لكثرة درسه لكتاب الله عزوجل، وسنن الدين وأنزل الله سبحانه وتعالى عليه ثلاثين صحيفة فكملت الصحف المنزلة يومئذ ثلاثين صحيفة، وعهد بوارد إلى خنوخ ورفع إليه وصية أبيه وعلمه العلوم التي كانت عنده ودفع إليه مصحف السر فلم يدفعه بعد شيث غير ادريس عليهما السلام. وفي بعض الاخبار انه أول من كتب [ من ولد ] آدم عليه السلام. وقال آخرون إنه لم يخل قط جيل ولا امة من الكتابة لان ادريس بدت (*)
________________________________________
[ 78 ]
فيه النبوة وعلم عدة خطوط وامر بجمع المصاحف وتركها في الهيكل وامر بني آدم وغيرهم بدرسها، وفي بعض الاخبار انهم كانوا يلبسون القمص من فاخر الحرير والخز وغيرهما من الملونات والمنسوجات بالذهب والمنظومات بالجوهر ويلبسون التيجان. وقد كانت حواء أمرت بالنسج والمغزل، فغزلت القطن والكتان والوبر ونسجت وكست أولادها، وقد لبس آدم عليه السلام من غزل حواء. ويقال إنه لما ولد إدريس عليه السلام ضعف أمر عبادة الاصنام من أولاد قابيل، وسقط عظيم من أصنامهم الذين كانوا يعبدونه ويعتكفون عليه ويذبحون، وكان ملكهم يومئذ يمحويل، فاجتمعوا إليه ليتداولوا فيما ظهر لهم، فجاءهم إبليس في صورة شيخ قد كثر شيبه، وكان الشيب عندهم عجيبا لانهم لم يكونوا رأوه، إذ لم يكن قبل ذلك شيب ولا ظهر لهم إلا بعد نوح عليه السلام بعد الطوفان. وقيل أول من شاب إبراهيم عليه السلام، فقال يا رب ماهذا ؟ قال وقار، قال اللهم زدني وقارا. ويقال إنه أتاهم ابليس في صورة روحاني له جناحان، فقال لملكهم يمحويل إنه قد ولد الآن لمهلاييل ولد يكون عدوا للالهة وعدوا للملك، وسبب فسادها ولذلك أصابكم ما أنتم به مشغولون، فقال يمحويل فهل تقدر على هلاكه ؟ قال سأحرص على ذلك. فوكل الله بادريس ملائكة يحفظونه، فإذا أتاهم ابليس ومن معه من جنوده منعوهم منه وظهر في وقته كوكب من كواكب الذوائب أقام ظاهرا نيفا وثلاثين يوما، فجعله أبوه سالما الهيكل، وعلمه الصحف، وكان حريصا على دراستها وعلى الصوم والصلاة حتى شب فنبأه الله عزوجل على رأس أربعين سنة، فأتاه وراييل الملك يعلمه علم الفلك والكواكب وسعودها ونحوسها وصور الدرج والبروج
وقيل انه أول من نظر في النجوم بعد آدم عليه السلام. وفي التوارة ان أدريس عليه السلام احسن خدمة الله فرفعه الله تعالى إليه. ولما رأى ادريس بني قابيل في المعاصي وعبادة الاصنام سأل الله ان يرفعه إليه، وان يطهره من خطاياه فأجابه إلى ذلك، وأوحى الله إليه ان يلازم الهيكل هو وشيعته اربعين يوما وأوصى ادريس إلى ابنه متوشلخ لان الله أوحى إليه ان اجعل الوصية في ابنك متوشلخ فاني سأخرج من ظهره نبيا يرتضي فعله. فقيل انه رفع إلى السماء السابعة، وقيل إنه كانت له قصة مع ملك الموت، وقد سأل الله ان يذيقه طعم الموت، ثم سأل الله ان يريه رضوانا ويدخله الجنة، ففعل. ولم يخرج من الجنة، ورفعه الله وهو ابن مائة وخمسين سنة. وأما متوشلخ فأقام مع أخوته وبني أخيه، أمام الهيكل يعبدون الله تعالى والنقباء السبعون معهم ولما رفع الله تعالى ادريس عليه السلام كثر الاختلاف بعده والتنازع وأشاع عليه ابليس أنه هلك، وأنه كان كاهنا أراد الصعود إلى الفلك فأحرق، وحزن عليه ولد آدم المتمسكون بدينه حزنا شديدا، وأظهر ان صنمهم الاكبر أهلكه فزاد في عبادة الاصنام وتحليتها والذبائح لها، وعملوا عيدا لم يبق احد إلا حضره وكانت لهم يومئذ سبعة أصنام يغوث ويعوق ونسر (1) وود وسواع ومزية وضمر، وسنذكرها عند ذكر المتعبدات. وانقطع الوحي بعد إدريس عليه السلام، ومات اولئك النقباء، فكلما مات واحد منهم صور بنوه وأهله صورته في بيت لهم ليذكروه ويستغفروا

له، وكان متوشلخ أراد فساد تلك الصور فامتنعوا عليه، فلما حضرته الوفاة أوصى إلى ابنه لمك ومعنى لمك الجامع، وعهد إليه أبوه ودفع إليه الصحف والكتب المختومة التي كانت لادريس عليه السلام، وكان عمر متوشلخ تسعمائة سنة. وانتقلت الوصية إلى لمك وهو ابو نوح عليهما السلام، وقد كان رأى أن نارا أخرجت من فيه، فأحرقت العالم ورأى وقتا آخر كأنه على شجرة في وسط بحر لا غير. ولما ولد له نوح عليه السلام ذكر العلماء والكهان ذلك ليمحويل الملك وعرفوه أن العالم يهلك في زمانه وأنه يكون طويل العمر. وقد كانوا رأوا أنه طوفان يغرق الارض، فأمر يمحويل أن يبنيا له المعاقل على رءوس الجبال، بنيانا عاليا ليتحصنوا بها، فعملوا منها سبعة معاقل بعدة الاصنام التي كانت لهم وعلى أسمائها، وزبروا عليها شيئا من علومهم ويقال إن الملك عملها لنفسه خاصة. وكبر نوح عليه السلام فنبأه الله عزوجل وهو ابن خمسين سنة وارسله إلى قومه، وكان من نعته أنه آدم رقيق البشرة، في رأسه طول، عظيم العينين رقيق الساعدين والساقين، كثير لحم الفخذين طويل اللحية عريضها، طويل، جسيم وكان حيا بعد ادريس عليهما السلام، وهو من أهل العزم من الرسل. وفي بعض الاخبار أن عمره ألف ومائتين وخمسين سنة، وأنه لبث في قومه يدعوهم إلى الايمان ألف سنة إلا خمسين عاما كما قال الله تعالى، وقال من ينكر طول الاعمار على مذهب الفلاسفة ان حياته لبنيه، وكانت شريعته التوحيد والصلاة والصيام والحج ومجاهدة اعداء الله من ولد قابيل، وأمر بالحلال ونهى عن الحرام، ولم يكن فرضت عليه احكام ولا مواريث ولا حدود، وأمر أن يدعو الناس إلى الله تعالى، ويحذرهم عذابه، ويذكرهم آلاءه.

وعلى رأس مائتي (1) سنة من عمره هلك يمحويل ملك الكفرة وملك بعده ابنه الدرمشيل، فشدد في عبادة الاصنام، وأعلى أمرها، وجمع الناس إليها، وأخذهم بالتعبد لها، فأظهر نوح عليه السلام دين الله عزوجل، وكان يدور [ في ] محالهم وأسواقهم وهيا كلهم يدعوهم إلى الله تعالى وكانوا (2) يطوون ذلك عن مليكهم، ويزجرون مع ذلك نوحا ويهددونه، ويهولون عليه، إلى أن جلت قصته، وعظم أمره، وتحاماه الناس، وتخاطبوا في أمره، إلى ان اتصل ذلك بمليكهم (3) فأحضره وانتهره، وتقدم إليه أن لا يعاود. ويقال إن الذي فعل هذا يمحويل، وإنه حبسه، وبعد ثلاث سنين من حبسه هلك يمحويل. وولي الدرمشيل، فأخرجه من الحبس، وتقدم إليه أن ينتهى عن إفساد الدين وسب الآلهة، فكان لكل صنم من أصنامهم الكبار عيد في وقت من أوقات السنة يحضرون وينحرون له ويطوفون به، فحضر عيد يغوث، فاجتمع الناس إليه من كل مكان، فأتاهم نوح عليه السلام، فقام في وسطهم وناداهم أن قولوا لا إله إلا الله، فوضعوا أصابعهم في آذانهم، وأدخلوا رؤوسهم تحت ثيابهم وسقطت الاصنام عند ندائه عن كراسيها، فوثبوا عليه فضربوه وشجوه، حتى سقط على وجهه وسحبوه إلى قصر الملك حتى ادخلوه عليه، وكان في مجلس مزخرف بأنواع الالوان، وبدائع التصاوير والاصباغ، مفروش برفيع الحرير، على سرير مصفح بالذهب، منظوم بالجوهر. فلما مثل بين يديه قال له: الم اعهد اليك وانهك عن التعرض لشئ من امور الآلهة، و [ ان ] تدعوهم إلى ما لا يعروفونه، وزاد امرك حتى سجدت

الآلهة، والقيتها عن كراسيها، ومواضع شرفها وعزها ؟ من علمك ذلك ؟ ومن اين وصل اليك ؟ فقال له نوح عليه السلام وهو مخضوب بدمائه: لو كانت آلهة لما سقطت، فاتق الله يا درمشيل، ولا تشرك بالله فانه يراك ! فقال له الملك، فكيف قدرت أن تخاطبني بهذا الخطاب ! فأمر بحبسه إلى أن يحضر عيد الصنم الآخر، فيذبحه له تقربا به إليه، وأمر برد الاصنام على كراسيها. وأن الدرمشيل رأى رؤيا هالته في أمر نوح عليه السلام، فأمر باخراجه وتخلية سبيله، وأخبرهم أنه مجنون لا حرج عليه. وكان في زمانه سويدين الكاهن فعرفهم بأمر الطوفان، وقرب زمانه، وكان يأمر بقتل نوح عليه السلام والله يعصمه منهم. فولد لنوح بعد خمسمائة سنة من عمره سام وبعده حام وبعده يام وبعده يافث، وطال أمر نوح معهم فلم يؤمن به إلا نفر يسير من العالم، وقيل له أنؤمن بك، واتبعك الارذلون (1). وقيل كانوا من أهل صنعته، وكان صلى الله عليه وسلم نجارا، ومضت لهم ثلاثة قرون، قرن بعد قرن، ونوح عليه السلام يذكرهم ويدعوهم إلى الله تعالى فلا يزدادون إلا طغيانا وعتوا و تجبرا واستكبارا، وقتل من كان اتبعه فكان يدعوهم إلى الله سبحانه فأوحى الله إليه (إنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن) فحينئذ يئس منهم ودعا عليهم، فقال (رب لا تذر على الارض من الكافرين ديارا). وأمر نوح عليه السلام بعمل السفينة وقد قطع الله عن قومه النسل، وكثر عليهم القحط، وقلت عمارتهم وكانوا يستعينون على عبادتهم بأصنامهم ولا تنفعهم

سامي العبار 05-07-2008 10:00 AM

كتبت فوفقت ..طرحت فأبدعت ..

ماطرحته روعه وأناملك الأروع .. تسلم يمينك

الله يعطيك عــــ1000ـــافية ..

ماقرأته يثير الإعجاب .. ويزيد العقل تفكير وفكرة

الباحث/ ذيب اشويرد ..

بالله لفظك هذا سال من عسلٍ .. أم قد صببت على افواهنا العسلَ

مشكور وماقصرت ..

ابنكم / ســامي

ذيب الشويرد 06-18-2008 12:40 PM

بسم الله الرحمن الرحيم
أخواني أحبائي : لنتابع مسيرة الحلقه الثانيه في علم بداية اليشر في عالم الأنساب "

________________________________________
[ 83 ]
وابتدأ نوح بعمل السفينة، أقام في قطع خشبها من الساج وفي عملها ثلاث سنين، ثم صنع المسامير وأعد كل ما يحتاج إليه ونصبها في رجب، وأمر أن يجعل طولها ثلاثمائة ذراع، وعرضها خمسين ذراعا، وعمقها سبعين ذراعا. ويقال إنه لم يدر كيف يعملها فأتاه جبريل عليه السلام، وأمره أن يعملها على صورة الدجاجة وكانوا يهزؤن منه وهو يصنعها فيضحكون منه، ويرمونه بالحجارة وجعل بابها في جنبها، فأقامت بعد أن فرغ منها في البر سبعة أشهر إلى أن أخذ من أصحاب نوح الذين كانوا معه ثلاثة رجال فذبحوا الاصنام تقربا ليندفع عنهم القحط فيما زعموا، فحق عليهم العذاب. وأمر نوح عليه السلام أن يحمل فيها من كل زوجين اثنين من جميع الحيوان، وكانت الطبقة السفلى للدواب والانعام والوحوش، والثانية للطعام والشراب، والثالثة لهم وكانوا ثمانين نفسا نوح وبنوه عليه السلام سام وحام ويافث، وأهله وناسه، وحملت الملائكة تابوت آدم عليه السلام من خشب فيه جسده، وكان معهم في السفينة، وكان التابوت بتهامة، وكان معه في السفينة (1). وركب معه المؤمنون من ولد أبيه وجده إدريس عليه السلام، فلما نزلوا من السفينة بنوا قرية وسموها سوق ثمانين، فهي اليوم تعرف بذلك هناك. ويقال أنه لما اتصل الخبر بدرمشيل، أن نوحا قد ركب السفينة وحمل زاده قال وأين الماء الذي يحملهم ؟ فركب في عدة من أصحابه وسار إلى السفينة، وقد أجمع (2) على إحراقها، فنادى نوحا عليه السلام فاستجاب له، فقال وأين الماء الذي يحمل سفينتك ؟ قال هو يأتيك في مقامك هذا، فقال وهذا أعجب، إنك تقول إنه يكون في أرض يبس ماء غمر يحمل مثل هذه السفينة، انزل منها أنت ومن معك وإلا أحرقتكم أجمعين، فقال له نوح عليه
________________________________________
1) هكذا وقع التكرار بالمعني في الاصول. 2) في ب: جمع، والاصح ما ذكرناه (*).
________________________________________
[ 84 ]
السلام ما أكثر اغترارك بالله عزوجل، فعجل الايمان، واخلع أنداد الله تعالى تسلم وترشد، وإلا فالعذاب بين يديك. فهو في محاورته إذ أتاه من أخبره أن امرأة كانت تخبز في تنور لها، فنبع الماء منه، فقال وما عسى أن يكون من ماء نبع من تنور فقال له نوح عليه السلام ويحك إنه علامة السخط، وكذلك أوحى إلي ربي وآية ذلك ان الارض تتخلخل من جميعها فأزل فرسك من موضعه، فان الماء ينبع من تحت قوائمه، فأزال الملك فرسه من موضعه، فإذا الماء ينبع من تحت قوائمه، فسار إلى موضع آخر فكان كذلك، وعادت رسله تخبره أن الماء كثر وفار، فرجع إلى داره ليأخذ أهله وولده ويمضي إلى المعاقل التي كان عملها لنفسه وقيل إن علم الطوفان كان عندهم إلا أنه لم يأت وقته. لما أراد الله تعالى وكان قد جعل في تلك المعاقل طعاما، فاراد الصعود إلى الجبال، فإذا الصخور تنحط على رؤسهم من أعلى الجبل، وانفتحت أبواب السماء بما لا يعلم قدره إلا الله تعالى من الماء، فساروا لا يدرون أين يتوجهون ويقال انه كان الماء حارا منتنا ويقال إن يام بن نوح ممن سار إلى السفينة مع الدرمشيل، فناداه أبوه (يا بني اركب معنا، ولا تكن مع الكافرين، قال سآوي إلى جبل يعصمني من الماء) مع الملك وأصحابه (قال لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم) وقد كان رأى التنور يفور وقيل إن السفينة أقامت في الماء خمسين ومائة يوم، وقال قوم من أهل الاثر إنها أقامت أحد عشر شهرا، وقال آخرون كان الطوفان في رجب ووقفت على الجودي في المحرم وفي التوارة أن الله تعالى آلى على نفسه أن لا يعذب أمة بعدها بالغرق
________________________________________
[ 85 ]
وكان بين مهبط آدم عليه السلام وبين الطوفان وفور الماء أربعون يوما، فأمر نوح أن تفتح أبواب السفينة، ثم أرسل الغراب لينظر له فمضى ولم يعد إليه، فدعا عليه أن يكون مباعدا، وأن يكون رزقه في الخوف. ثم ارسل الحمامة فرجعت وقد انصبغت رجلاها بالطين، فدعا لها أن تكون إلفا لبني آدم ومنقارها ورجلاها مصبوغة من يومئذ، ولم تكن كذلك قبل ثم أرسلها بعد أيام فرجعت وفي مناقرها ورقة خضراء من الزيتون، وقيل كانت من عشب الارض. وفي التوراة أن الارض جفت في سبعة وعشرين من الشهر الحادي عشر، ولما تغيب الماء ووقفت السفينة على الجودي أوحى الله تعالى إلى نوح عليه السلام أن يخرج من السفينة هو ومن معه، فأخرج البهائم والهوام. وقالوا هم الاسد أن يعبث في السفينة فصاح به نوح عليه السلام، فألقى الله الحمى في جسده، وأن النجو آذاهم فلطم الفيل فعطس خنزيرا، فالتقط ذلك النجو [ فهو ] يعيش منه، وأن الفأر آذاهم فلطم الاسد فعطس هرا. ونزل نوح عليه السلام من السفينة وبنوه سام وحام ويافث ويحطون، وهو الذي ولد له في السفينة، ولما خرجوا ليستقروا على الارض بنوا قربة سموها سوق ثمانين فسكنوها، فقال لهم الله اكثروا واملاوا الارض واعمروها فقد باركت فيكم، ورفعت اللعنة عن الارض، وآذنت بركاتها وأخرج ثمرها وكلوا مما رزقناكم حلالا طيبا، واجتنبوا الاوثان والميتة والدم ولحم الخنزير وما ذبح لغير الله، ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق. ووجه نوح التابوت الذي فيه جسد آدم عليهما السلام إلى غار الكنز بمكة فدفن فيه. ولما كثر ولد نوح عليه السلام قسم الارض بينهم، فدب إبليس إليهم ليرمي بينهم العداوة والبغضاء فقال لبني حام ويافث إن اباكم أعطى ساما وولده خير
________________________________________
[ 86 ]
الارض ومنعكم منها وأعلاهم عليكم، ولم يزل بذلك فيهم حتى قتل بعضهم بعضا. فالآن نبدأ بذكر بني نوح عليه السلام وأنسابهم وتفرقهم في البلدان، وما ولد كل واحد منهم من الامم، فنبدأ بذكر حام، وبعده بذكر يافث، وبعده بذكر يحطون، وبعده بذكر سام، متصلا بالعرب والانبياء صلوات الله عليهم اجمعين. حام بن نوح عليه السلام يقول أهل الاثر إن نوحا عليه السلام دعا عليه بتشويه الوجه وسواده، وأن يكون ولده عبيدا لولد سام. فولد له بعد كنعان كوش، فكان أسود، فهم أن يقتل امرأته فمنعه سام، وذكره دعاء أبيه عليه فغضب، ونزع الشيطان بين الاخوة وحمل بعضهم على بعض، وكان آخر أمر حام أن هرب إلى مصر، وتفرق بنوه، ومضى على وجهه يؤم المغرب حتى انتهى إلى السوس الاقصى، إلى موضع يعرف اليوم بأصيلا، وهو آخر مرسى تبلغه مراكب البحر من نحو الاندلس إلى ناحية القبلة، وليس بعده للمراكب مذهب. فيقال ان بنيه اغتموا لمكانه، وندموا على تركه، فخرجوا على أثره يطلبونه في النواحي التي قصدها، فيقال ان منهم طوائف وقعت عليه، فكانوا معه إلى ان مات وقطنوا ذلك البلد وسكنوا به وهم أصناف السودان، فكل طائفة من ولده بلغت موضعا في طلبه فانقطع خبره عنهم أقاموا بذلك الموضع وتناسلوا فيه، ولم يصل إليه إلا بنوه فقط. ولما مات حام خرج بعضهم من ذلك الموضع فأقاموا بمكان البربر، وكان عمر حام أربعمائة سنة واحدى واربعين سنة.
________________________________________
[ 87 ]
ولما مات دفنه (1) بنوه في صخرة منقوبة في جبل أصيلا. ذكر كنعان بن حام هو أكبر ولد حام وهو أول من غير دين نوح عليه السلام، وألقى العداوة بينه وبين بني جده من الجبابرة والكنعانيين الذين كانوا بالشام، ويقال فراعنة مصر منهم، وجالوت منهم الذي قتله داود عليه السلام فهؤلاء العمالقة، لان العمالقة هم من ولد حام، ومن هؤلاء الكنعانيون الذين قاتلهم موسى عليه السلام، ويوشع بن النون (2) من بعده، وهم الذين عنى الله عزوجل بقوله (ان فيها قوما جبارين) وكانت خلقهم عظيمة. وفيما يقال ان كنعان الاصغر رتبهم في ناحية الشام والجزيرة ومن ولده فوسطن وصبرا ونهما وسمساوس، ومن ولده نبيط، والنبيط هو السواد وقيل سموا بذلك لانهم استنبطوا الارض وعمروها وكانوا اصحاب عمارة وتدبير. ومن ولد سودان بن كنعان امم منهم الاشبان والزنج وأجناس كثيرة تناسلت بالمغرب نحو سبعين جنسا، وهم مختلفون في افعالهم، ولهم ملوك. ومنهم أجناس يلبسون الجلود وهم عراة، ومنهم من يتزر بالحشيش، ومنهم قوم يعملون لرؤوسهم قرونا من عظام الدواب، وعندهم فأر ابيض يأكلونه ويسمونه من السماء. ويتزوج الواحد منهم عشرة نسوة يبيت كل ليلة عند اثنتين منهن، فان جامعهن على ما تحب وإلا طلقهن الملك بعد ثالثة. وربما اجدبوا، فإذا ارادوا ان يستسقوا جمعوا عظاما فكوموها كالتل،
________________________________________
1) في ب: دفنوه، وفي جائزة عربية على لغة ضعيفة. 2) المعروف في كتب التاريخ أنه يوشع بن نون. (*)
________________________________________
[ 88 ]
ثم اضرموها بالنار، وداروا حولها ورفعوا ايديهم إلى السماء، وتكلموا بكلام فينزل المطر ويسقوا. فإذا اعرس احدهم لطخوا وجهه بشئ يشبه الحبر، ثم اجلسوه على تل، وجلسوا على تل واجلسوا المرأة بين يديه وجعلوا قصبا مثل القبة، وستروها بشئ من الحشيش، واقاموا حولها ثلاثة ايام يشربون نبيذ الذرة ويلعبون، ثم ينصرفون ويأخذ الزوج امرأته ويسير بها إلى موضع سكناه. ويلبسون حلق النحاس في ايديهم وآذان نسائهم، ويحمل إليهم الكرداونية التي تصبغ بالحمرة يلبسونها ولا يلبسها منهم إلا الملك. ولهم شجرة عظيمة يعملون لها عيدا في كل سنة يجتمعون عندها، ويلعبون حولها حتى يسقط عليهم ورقها فيتبركون به ويزينون المرأة بحلق النحاس والودع في شعرها. ومن ولد سودان الكركر وبهم سميت المملكة، التي هي اعظم ممالك السودان وأجلها قدرا، وكل ملك لهم يعطي ملك الكركر حق الطاعة، وتنسب إلى الكركر ممالك كثيرة. ومملكة عانة وملكها ايضا عظيم الشأن، ويتصل ببلاد معادن الذهب وبها منهم امم عظيمة، ولهم خط لا يجاوزه من صدر إليهم فإذا وصلوا إلى ذلك الخط جعلوا الامتعة والاكسية علية وانصرفوا، فيأتون اولئك السودان، ومعهم الذهب فيتركونه عند الامتعة وينصرفون، ويأتي اصحاب الامتعة فإن ارضاهم وإلا عادوا ورجعوا فيعود السودان، فيزيدونهم حتى تتم المبايعة كما يفعل التجار الذين يبتاعون القرنفل من اهله سواء [ بسواء ]، وربما رجع التجار بعد زوالهم (1) مختفين فوضعوا النيران في الارض، فيسيل الذهب فتسرقه التجار. ثم يهربون لان الارض كلها ذهب عندهم ومعدن ظاهر، وربما فطنوا
لهم فيخرجون في آثارهم، فإن أدركوهم قتلوهم. وفي صحاريهم معادن الاشبار سسم ويكبر حتى يظهر مثل الحصى الظاهر في الرمل وكل ما يحصل للتجار من الذهب يضربونه بمدينة سجلماسة، وهي مدينة كبيرة فيها أربعة (1) جوامع وشارع يسار منه نصف يوم، وفيها نخيل كثير وفيها يضربون الدنانير. وتحت يد ملك عانة عدة ملوك وممالك كلها فيها الذهب ظاهر على الارض يستخرجه اهله، ويعملونه مثل اللبن. ومن الاجناس المشهورة (2) منهم ملك الدهدم يسار إليها من كركر على شاطئ البحر مغربا من هؤلاء ويحارب بعضهم بعضا، ويأكلون الناس، ولهم ملك كبير تحت يده ملوك، وفي بلدة قلعة عظيمة في صورة امرأة يتأهبون لها ويحجون إليها. ومملكة الزغاوة واسعة كبيرة، منها على النيل مما يحاذي النوبة، ويحاربون النوبة. ومملكة توان وهي كبيرة، ويسار فيها يوما واحدا (3) فيوجد فيها مومياء (4) في ابيار غير انها تتحرك مثل الزئبق، وهذه الآبار (5) في بقعة واحدة مقدارها نصف ميل بنوا عليها حصنا وهم يستعملون المومياء. ويقال البقعة بمغرا من الصحراء، وممالك النوبة وهم من ولد نوبا بن قوط ابن مصر بن حام لانهم لما صار جدهم إلى مصر مع مصر مات مصر وبقي بنوه فتولى امره بعده قبطم وثبت القبط بمصر، وهو من اولاد قبطم بن مصر. ووجه قبطم اخوته يسعون في البلاد لطلب ممالك وعيش، فخرج نوب بن قوط بأهله وولده وسار على عبر النيل فملكوا هنالك.

ويقال لمدينتهم العظمى دنقله، وبلادهم بلاد نخل وزرع ومقدار اتساعها شهران، وهم نصارى على دين اليعقوبية. ويكون هؤلاء مملكة النوبة من ناحية الصعيد، وهم أوسع ملكا وأعظم خطرا وأصفى لونا، ومسيرة ملكهم ثلاثة أشهر ومدينتهم العظمى يقال لها دخلولة وهم أيضا نصارى وملكهم جليل، ولهم لباس وأساورة والذهب وأيضا عندهم يظهر على الارض، ولهم ايضا نخل وكرم وهم أجناس كثيرة ولهم ملوك وبلدهم واسع. مملكة البجة: وهي تلي النوبة وهي أيضا ممالك عديدة، وهم بين النيل والبحر وفي كل مملكة ملك، فأول ممالك البجة من حد السودان وهي آخر عمل المسلمين، والمسلمون يعملون عندهم في المعادن، ووراء ذلك ممالك ومدن. وتتصل بهم الحبشة وهم من ولد حبش بن كوش بن حام، وأكبر ممالكهم مملكة النجاشي وهو على دين النصراينة، واسم مدينتهم الكبرى كفر، ولم تزل العرب على قديم الايام تأتي هذه المملكة للتجارات. وتتصل بمملكة الحبشة مملكة الزنج، وهم على البحر المالح، ولهم ممالك واسعة، وهم من ولد سودان بن كنعان، ولهم أيضا ملوك عدة وممالك، واسم ملكهم الاكبر كوخه يكون بموضع يقال له نكد، وهو على البحر، يحدون أسنانهم حتى ترق، وهم كبار الافواه نظاف الثغور على كثرة أكلهم السمك. ولهم افيلة يبيعون انيابها من تجار البلدان التي تقرب منهم، ولهم الجزائر التي يخرج منها الودع ويتحلون به، ويبيعونه، وهم أجناس كثيرة، ولهم ممالك.

وأما الكوكة فهم أمة لهم أربعة أملاك ملكوا إلى أيلة الحجاز وبنى كل واحد منهم مدينة سماها باسمه، وجعلوا سائر الارض خيما، وقسموها على ثلاثين كورة مقسومة على اربعة أعمال لكل عمل ثمانون كورة، ولكل عمل ملك يجلس في مدينة على منبر من ذهب، وفي كل عمل بربا وهو بيت الحكمة، وهيكل لاحد الكواكب وفيه أصنام ذهب مرتبة له. وكانت الاسكندرية لهم واسمها راقودة وجعلوا لها خمس عشرة كورة (1) وجعلوا فيها كبار الكهنة ونصبوا في هياكلها من أصناف الذهب أكثر مما في غيرها، وكان بها مائة صنم من ذهب، وقسموا الصعيد ثمانين (2) كورة على أربعة اقسام. وكان عدد [ مدن ] مصر الداخلة في كورها ثلاثين مدينة فيها جميع العجائب والكور مثل اخميم وقفط وقوص والفيوم. ذكر يافث بن نوح وأما ولد يافث بن نوح فقال اصحاب التاريخ ان جميع اللغات اثنان وسبعون لغة منها سبع وثلاثون في ولد يافث: وثلاث وعشرون في ولد حام، واثنتا عشرة في ولد سام، فذكروا ان ولد يافث من ظهره سبعة وثلاثون لكل واحد منهم لغة يتكلم بها هو ونسله. وكان في قسم ولد يافث أرمينية وما جاوزها إلى الابواء، فمنهم الاشبان والروس والبرجمان والخرز والترك والصقالبة ويأجوج ومأجوج وفارس ومزنان وأصحاب جزائر البحر والصين والبغار وأمم لا تحصى. ذكر يأجوج ومأجوج فأما يأجوج ومأجوج فانه لا يقدر على استقصاء ذكرهم لكثرة عددهم،
وقد زعم ان مقدار ربع الارض مسيرة مائة وعشرين سنة. فذكروا أن تسعين منها ليأجوج ومأجوج واثني عشر للسودان، وثمانية للروم، وثلاثة للعرب، وسبعة لبقية الامم. وسمى أصحاب التاريخ يأجوج ومأجوج أربعين أمة مختلفي الخلق والقدود، في كل امة منها ملك ولهم زي ولغة، فمنهم من طوله الشبر والشبران وأطول من ذلك، ومنهم المشوهون، ومن يفترش إحدى أذنيه ويتغطى بالاخرى، ومن له ذنب وقرن وأنياب بارزة، ومنهم من مشية وثب ويأكلون الحيتان والناس والخشاش والطير كله والرخم والحدأة، وبعضهم يغير على بعض. ومنهم من لا يتكلم إلا همهمة وفيهم شدة وبأس، وأكثر طعامهم الصيد، وكانوا يغيرون على الامم التي تليهم ويخربون بلدانهم، حتى عمل ذو القرنين السد وهم يستفتحونه آخر الزمان كما قال الله عزوجل. وربما أكل بعضهم بعضا، والزلازل عندهم كثيرة، وذكر أن عندهم أمم تعرف المناسك. وسئل النبي صلى الله عليه وسلم عن يأجوج ومأجوج هل بلغتهم دعوتك ؟ فقال " جزت ليلة أسري بي عليهم فدعوتهم فلم يستجيبوا ". ذكرالصقالبة وأما الصقالبة فهم عدة أمم، فمنهم النصارى، و [ من ] يقولون بالمجوسية ويعبدون الشمس، ولهم بحر حلو يجري من ناحية الشمال إلى الجنوب، ولهم أيضا بحر يجري من المشرق إلى المغرب حتى يتصل ببحر آخر يجئ من ناحية البلغر، ولهم أنهار كثيرة، وهم كلهم في ناحية الشمال، وليس لهم
________________________________________
[ 93 ]
بحر مالح لان بلدهم بعيد عن الشمس، فماؤهم حلو، وما قرب من الشمس مالح، وما جاوزهم من الشمال لا يسكن لبرده وكثرة زلازلة، وأكثر قبائلهم مجوس يحرقون أنفسهم بالنار ويتعبدون لها. ولهم مدن كثيرة وبلاد، ولهم كنائس فيها أجراس معلقة يضربونها كالنواقيس. ومنهم أمة بين الصقابة والافرنج على دين الصابئين، يقولون بعبادة الكواكب، ولهم عقول وصناعات لطيفة من كل فن، وهم يحاربون الصقالبة وبرجان والترك. ولهم سبعة (1) أعياد في السنة بأسماء الكواكب، وأجلها عندهم عيد الشمس. ذكر اليونانيين وأما اليونانيون فهم الروم الاولى من ولد يونان بن يافث بن نوح وهم حكماء الامم، ولهم النجامة، والحساب، والهندسة، والطب، وصناعات المنطق، والصناعات اللطيفة، وكل حكم مذكور. وكانت الاندلس والاسكندرية ومن جاورهم من الامم يدينون بطاعتهم إلى أن غلب عليهم رومي بن ديقطون من ولد عيصو بن إسحاق بن ابراهيم عليهما السلام، لان عيصو لما فارق أخاه يعقوب سار إلى العدوة القريبة، وهي مساكن الروم اليوم فغلب عليها، وهم الذين بنوا رومية وإليهم تنسب وهم بنو الاصفر. وكان آخر ملوك اليونانين ايلاوبطره (2) بنت بطليموس صاحب كتاب


[ 94 ]
الحكمة والطلسمات، ثم رجع الملك إلى الروم، وقد كان ملك قبلهما منهم كثير. ومنهم الحكماء الذين تكلموا في علم الفلك والهندسة والطب والحساب والموسيقي والمرائي العجيبة والطلسمات والحيل والروحانية والزيجات (1) وكل حكمة. وكان أبقراط منهم وأبقراط الثاني وهرمس وسقراط وأفلاطون وأرسطاطاليس واقليدس وجالينوس وجماعة يطول الكتاب بذكرهم. ذكر الصين وقطع قوم من بني عامر بن يافث إلى ناحية الصين، وكان زعيمهم قد عمد إلى مراكب على حكاية سفينة جده نوح عليه السلام فركب هو وأهله وولده فيها، وقطع البحر إلى الصين، فعمروه وبنوا المدن وعملوا الحكم ودقاق الصناعات ولطيفها، وأثاروا معادن الذهب فيها، وملكوا ثلاثمائة سنة. وملك بعده ابنه صاني مائتي سنة، وبه سمي الصين، فجعل جسد أبيه في تمثال ذهب، وأقاموا يطوفون به وهو على سرير من ذهب، فصار ذلك رسم كل ملك يملكهم، وصوروا صورهم في هياكلهم، وهم على دين الصابئين ثم عبدوا الذرة، بعد ذلك اقتداء بالهند ومن ذلك عبدوا ملوكهم، وكانوا يجعلون أجسادهم في تماثيل ذهب ويسجدون لها. ومنهم حكماء تكلموا في الفلك والطب والصنعة وكثير من علوم الهند، وبلد الصين واسع يقال إن فيه ثلثمائة مدينة ونيفا عامرة سوى القرى والرساتيق وبها عجائب كثيرة، ومن خرج في البحر قطع سبعة (2) بحار
________________________________________
1) في ب: ولجزيات. 2) في ب: سبع. (*)
________________________________________
[ 95 ]
لكل بحر منها ريح ولون سمك ليس لما يليه. أولها بحر فارس وملكهم اليوم اليعقوفز وهو في مدينتهم العظمى التي يقال لها انصوا، وبينها وبين خانقوا التي تتراءى لها مراكب التجار ثلاثون يوما. ومن سيرتهم أن عمال الملك وأصحاب خراجه وجيوشه خدم، وذلك أن المرأة إذا لم تكن محصنة وأرادت الفجور رفعت أمرها إلى الملك تذكر حالها فيدفع إليها خاتم نحاس من خواتم الملك فجعلته في عنقها ولبست المصبغات، وعملت ما شاءت علانية، وإذا ولدت الذكور خصوا واستعملهم الملك في داره واعماله وان ولدت أنثى كانت على رسم امها. وأهل الصين بيض إلى الصفرة فطس، ومن سنتهم أن احدهم إذا تظلم إلى الملك من بعض عماله كشف عن أمره، فان كان صادقا أنصفه وعاتب ظالمه، وإن كان كاذبا ضرب بالخشبة ضربا شديدا لاجترائه على عمال الملك بالكذب. ومن سنتهم أنه إذا أراد خادم من خدم الملك شيئا ضرب جرس كبير يدخل الناس دورهم، ويخلون له الطرقات لئلا يرونه. ومن سنتهم ان تقسم المدينة قسمين، فيكون الملك واهل بيته وعماله وحشمه في القسم الواحد، والعامة والرعية واسواقهم في النصف الآخر، لا يدخل احد منهم إلى ناحية الملك. ومن سنتهم ان يورثوا الانثى أكثر من الذكر، ولهم عند حلول الشمس الحمل عيد كبير يأكلون فيه ويشربون سبعة أيام. واشرف حليهم من قرون الكر كند، وهو الموشان، لانها إذا استوت ظهر فيها صور عجيبة مختلفة فيتخذون منها مناطق تبلغ المنطقة اربعة آلاف مثقال من ذهب.

غريب 06-23-2008 10:41 PM

اللة يعطيك العافية ياذيب الذيابة على هالموضوع وشكراً
مشششششششششششششششششششششششششششكوووووووووووووووووور

العبدلي 73 12-29-2008 10:02 PM

بصراحه موضوع شيق ويستاهل المتابعه واشكر الاخ الباحث ذيب على هالمجهود الطيب ونفع الله كل من قراء هذه البحوث .


الساعة الآن 01:44 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd 

vEhdaa 1.1 by NLP ©2009